عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم
( ارحموا ترحموا , واغفروا يغفر لكم , ويل لأقماع القول , ويل للمصرين اللذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون ) [1]
الشخصية المسلمة والشخصية الإيجابية وجهان لعملة واحدة , وما زال المسلمون قديما وحديثا يقولون : "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" فالشخصية المتدينة لا تنفصل أبدا عن الإيجابية , بمعني أنه لا يمكن أن يكون الإنسان متعبِّدا وفي الوقت نفسه مُخلا بحياته العملية الطيبة , هذا لا يكون أبدا ... إن الشخصية السوية لا تنفصم إلى واقع عقدي تعبدي وواقع عملي مغاير , والترابط واضح جدا في اثنتين وثمانين آية من كتاب الله حيث يقول الله سبحانه وتعالى {الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} آمن وعمل صالحا هذا شرط أساسي، العمل هو برهان الإيمان وهذا العمل الذي هو برهان الإيمان يجب أن يكون صالحا
قال المناوي : ( ارحموا ترحموا ) لأن الرحمة من صفات الحق التي شمل بها عباده فلذا كانت أعلاماً اتصف بها البشر فندب إليها الشارع في كل شيء حتى في قتال الكفار والذبح وإقامة الحجج وغير ذلك ( واغفروا يغفر لكم ) لأنه سبحانه وتعالى يحب أسمائه وصفاته التي منها الرحمة والعفو ويحب من خلقه من تخلق بها ( ويل لأقماع القول ) أي شدة هلكة لمن لا يعي أوامر الشرع ولم يتأدب بآدابه ، والأقماع الإناء الذي يجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع ، شبه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئاً مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجتازاً كما يمر الشراب في القمع ( ويل للمصرين ) على الذنوب أي العازمين على المداومة عليها ( الذين يصرون على ما فعلوا ) يقيمون عليها فلم يتوبوا ولم يستغفروا ( وهم يعلمون ) حال أي يصرون في حال علمهم بأن ما فعلوه معصية أو يعلمون بأن الإصرار أعظم من الذنب أو يعلمون بأنه يعاقب على الذنب" (2)