منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور ياسر عبدالله

إسلامـــــــي - تربـــــــــوي - تعليـــــــمي - إجتماعــــــي- تكنولوجـــــــي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رمضان والريادة الايمانية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علاءمحمدحسين خلف الله
عضو ملكي
عضو ملكي
علاءمحمدحسين خلف الله


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 16/05/2010
العمر : 42

رمضان والريادة الايمانية Empty
مُساهمةموضوع: رمضان والريادة الايمانية   رمضان والريادة الايمانية Icon_minitimeالجمعة 12 أغسطس 2011 - 19:44

بقلم: محمد عبده

المسلم متميز في كل شيء، ومن أخص تميزه أنه مُتقن لعمله، ماهر به، رائد في مجاله، سابق في أدائه.



المسلم لا يرضى بغير الريادة والتميز في كل أعماله، وللأسف الشديد فإننا متى تكلمنا عن التميز والريادة فإن أفهامنا وعقولنا تنطلق صوب الريادة والتميز في أمور الدنيا، (التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي)، وعلى الرغم من أن هذا أمر ضروري وأساسي فإن هذا ليس هو ما أعنيه الآن.



ماذا أعني؟

إن ما أعنيه هو أن تنتقل همتنا وعزيمتنا بنفس قوتها وإصرارها نحو التميز في وظائفنا وأعمالنا إلى التميز في أداء الوسائل الإيمانية، وأخص بحديثي هنا فئة الدعاة الذين تصدروا لحمل لواء الدعوة، وحملوا على عاتقهم هداية الناس، وصدّروا أنفسهم لقيادة الأمة.



أعني أن يتميز الدعاة في الأداء الكيفي قبل الكمي، فيجب مع حرصهم على أداء الصلاة أن يحرصوا على أدائها بقلوبهم قبل جوارحهم، يستعدون إليها قبل أن يأتي وقتها، ويحرصون على الأذكار قبلها وبعدها، ويؤدون نوافلها القبلية والبعدية.



فليكن شهر رمضان شهر القرآن هو طريقك إلى الريادة الإيمانية التي تزيدك قربًا من مولاك وأنسًا بخالقك.



العلاقة مع القرآن نموذج

ومن المحطات المهمة التي لا غنى عنها لمن أراد التصدر للريادة وقيادة الأمة أن تكون له علاقة مُميزة مع القرآن، صلة به لا تنقطع، وعلاقة معه لا تنفصل، أن يكون هو الصاحب والرفيق، علاقة متجددة لا يكاد ينتهي من قراءة سورة في الورد اليومي حتى يشتاق لقراءتها في المرة المقبلة.



تربطه علاقة خاصة ببعض سوره، يحن إليها ويشتاق لتلاوتها، تدمع عينه كلما طالع آياتها، وتهزه مواعظها من الأعماق هزًّا كلما أعاد قراءتها، تزجره آيات الوعيد فيها وتطمئنه آيات البشارة بها، تجعله يعيش بين الخوف والرجاء بين الرغبة والرهبة، تأخذه آياتها بيديه كلما ضلَّ، وتذكره إذا نسي، وتُنبهه إذا غفل.



آيات القرآن تجعل القلب حيًّا يقظًا وقَّافًا عند حدود الله، يرجو رحمته ويخشى عذابه، لا يتجرأ على ذنب ولا يُصر على معصية، أوابًا دائم الاستغفار، محافظًا على الأذكار.



وقد يقول قائل: فما بالنا نقرأ القرآن ونحافظ على وردنا اليومي، ولا يزال القلب غافلاً، والعقل ساهيًا، نقرأ ولا نتأثر، نتلو ولا نطبق!!.



قد يكون هذا صحيحًا ولكن علينا أن نبحث عن السبب، وحتى لا نتسرع في الإجابة سأضع بين يديك أخي القارئ بعض آيات القرآن والتي تحدثت عن القرآن وأثره، سأحاول أن لا أنقل لك كلام البشر على الأقل في هذا الجزء، وعندما أقول آيات القرآن أعني كلام الله.



- القرآن يزيد الإيمان: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً): (الأنفال: من الآية 2).



- القرآن يشفي من أمراض القلوب: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) (يونس: 57).



- القرآن نور وهداية: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) (المائدة).



- القرآن يُبصر صاحبه بالطريق إلى الله: (هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: من الآية 203).



- القرآن يهدي صاحبه إلى الرشد من القول والفعل: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2)).



- القرآن هو البرهان والدليل لطريق الالتزام: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (175)) (النساء)



- القرآن هو النعمة الكبرى التي غفل عنها الكثيرون: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)) (العنكبوت).



أخي القارئ هذا ما أثبته القرآن لنفسه، وهذا ما أراد الله لنا أن نعلمه عن القرآن، فإذا كان هذا هو كلام الله وهو أصدق القائلين وهو رب العالمين، إذن فلو قيل إننا نقرأ ونحافظ على التلاوة بشكل دائم ودوري ولكننا لا نتأثر أو لا نتغير، وإذا تأثرنا فهو تأثر لحظي ووقتي ولا يدفعنا لتغيير فكر أو طبع، فليس أمامنا في هذه الحالة إلا أن نراجع أنفسنا وطريقة تعاملنا مع القرآن.



دعنا نعترف بالحقيقة:

لقد كان من المفترض ونحن نتحدث في مقامنا هذا مقام الريادة والتميز في العلاقة مع القرآن أن نتحدث عن التطبيق العملي لآي القرآن، والتجاوب والتفاعل مع مواعظه، وخشوع القلب عند تلاوته، واستجابة الجوارح لتوجيهاته.



ولكن الواقع يشهد أن هناك شريحة كبيرة من الناس علاقتها بالقرآن منقطعة لا يكاد يقرأه إلا على فترات متباعدة.



وشريحة أخرى قد اهتمت بالكم لا بالكيف، وهي عادة عند الكثيرين في عصرنا هذا فهم يريدون الكثير من أي شيء لا يعنيهم جودة، ولا يهمهم تميز، وهذه الشريحة تقرأ بغرض الأجر والمثوبة.



وهناك شريحة لا يزال حبها للقرآن في القلب ولكنها لا تملك من الوقت ما يجعلها تفرد له وقتًا مخصصًا فتراها تقرأ بلا تدبر، وقد تكون قراءتها في الشارع أو المواصلات.



وشريحة أخرى لا تقرأ ولكنها تسمعه ترتيلاً وتجويدًا من القراء أصحاب الأصوات العذبة.



هذا هو الواقع في التعامل مع القرآن، وهذا بلا شك تعامل قد يجمع لصاحبه الثواب العظيم، ولكنه تعامل لا يُثمر إيمانًا حقيقيًّا في قلب صاحبه، وكيف يحدث هذا التغيير والقارئ لا يعي ما يقول، ولا ينتبه لما يقرأ، فهو إما متسرعًا يريد الانتهاء من جزئه اليومي حتى لا يتراكم عليه جزءين في اليوم التالي؟.



وإما أنه يقرأ وهو مشغول البال، شارد الذهن، وهو في هذه الحالة لا يدري ما يقرأ.



كيف ينتفع شخص قرأ هذه الآيات وقلبه مشغول، وعقله شارد غير موجود، اسمع لقوله تعالى وهو يشترط الاستماع مع الإنصات لمن قُرئ عليه القرآن: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا) لماذا؟ (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف).



هل يستجيب الشاردون؟:

أخي القارئ.. هل يستجيب شارد لنداء؟ وهل يسمع الصم الدعاء؟!.



أخي.. هل جربت أن تحدثت يومًا إلى شارد سرحان؟ بالتأكيد أن ذلك قد حدث!!، فهل أجابك؟ هل تأثر بما تقول إن كنت تنصحه؟ وهل أجابك إن كنت تدعوه؟



بالتأكيد أن ذلك لم يحدث منه!!، وبالتأكيد أنه لم يعي شيئًا مما حدثته به على الرغم من أنه يسمع صوتك ويجلس بجوارك ولربما كنتما وجهًا لوجه.



وبالتأكيد أنه حين انطلق لتنفيذ ما قلته طلب منك إعادة ما قلته ثانية.



والقرآن الكريم هو كلام الله الذي يخاطب به عباده فمن قرأه وهو شارد سرحان فلن يعي من الخطاب شيئًا، وعليه أن يُعيد القراءة إن أراد أن يفهم ماذا يقول الله له!!.



نعم قد يؤجر ويُثاب على ما يقرأ ونحن لم ننكر ذلك فهذه مسألة أخرى، وإنما حديثنا هنا عن التميز في طريقة التعامل مع القرآن حتى يُحدث تغييرًا حقيقيًّا.



الخلاصة:

وما أود أن أخلص إليه من حديثنا السابق أن المتصدر لقيادة الأمة وريادتها يجب أن تتميز علاقته بالقرآن، فيتعامل مع آياته كما كان يتعامل معه الجيل الأول الذي قاد الأمة ونشر الدعوة.



فيقرأ القرآن بقلب خاشع، وعقل حاضر، يقف عند كل أمر فيه فيجتهد أن يأتيه، ويتوقف عند كل نهي فيه فلا يقربه.



القرآن وسيلة تميز :

وتأكيداً على ما نقول، فإن هذا القرآن عزيز، يُعز الله به من أراد فهو وسيلة لرفعة أقوام ووضع آخرين "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوام ويضع آخرين" (1).



وهذا القرآن يتمايز به الناس في الآخرة وترتفع به منازلهم في الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت تُرتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" (2).



وهذا القرآن يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة يقول صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" (3).



المهارة في القراءة.

للأسف الشديد قد تجد خطيبًا مفوهًا، يكاد يقتلع الناس من أماكنهم من شدة الحماسة التي يبثها في نفوس الحاضرين، ولكنه لا يستطيع الاستشهاد بآية، ولو استشهد قد لا يُجيد قراءتها، وهذا بلا شك لا ينبغي أن يكون من المتصدرين لقيادة الأمة وريادتها، لذا فالمتصدر لهذه المهمة يجب أن يكون رائدًا في تلاوته للقرآن، وماهرًا في قراءته، عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"(4)، وفي رواية "والذي يقرؤه وهو يشتد عليه له أجران".



الإقبال على القرآن:

ومن الريادة والتميز في التعامل مع القرآن الإقبال عليه والتمسك به والمحافظة عليه بورد يومي منتظم لا ينقطع يقول صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن مأدبة الله في أرضه فاقبلوا مأدبته..." (5).



تعاهد القرآن:

ومن الريادة تعاهد القرآن وتثبيت حفظه بدوام تلاوته قال صلى الله عليه وسلم "إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت" (6)، وزاد في مسلم "وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه".



فضائل السور:

المسلم الذي يسعي للريادة والتميز تربطه علاقة قوية ببعض آي القرآن وسوره والتي لها فضل عن غيرها، لذا فالمحافظة عليها والمداومة على تلاوتها من أعمال المتميزين، وكيف يفرط فيها وهي مفاتيح خير، ومغاليق شر، ومن كنوز العرش ومن أعظم الآيات، ومن العواصم من الفتن، ومن المشفعات حتى المغفرة، ومن مذكرات الآخرة؟!.



كيف يفرط في قراءة سورة البقرة وهي التي تطرد الشياطين من البيوت يقول صلى الله عليه وسلم "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة" (7).



وكيف يُفرط فيها وفي أخذها البركة وفي تركها الحسرة يقول صلى الله عليه وسلم "اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" (8).



كيف يترك المتصدر للقيادة والزعامة وريادة الأمة قراءة آية الكرسي، وقد جاء في فضلها أنها أعظم آي القرآن، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟" قال: قلت الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر: "أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟"، قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال : فضرب على صدري وقال: "ليهنك العلم أبا المنذر" (9).



وكيف يترك قراءة سورة الكهف أو عشر من أولها أو عشر من آخرها وهي عاصمة من الدجال، يقول صلى الله عليه وسلم: "من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من الدجال" (10).



وكيف لا يقرؤها وهي نور له يوم القيامة "من قرأ الكهف كما أنزلت كانت له نوراً يوم القيامة"(11).



وكيف يفرّط في قراءة سورة الملك وهي السورة التي تشفع لصاحبها حتى يُغفر له: "إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك (12).



وكيف يفرّط في سورة التكوير وهي السورة التي تذكره بالآخرة وتجعل يوم القيامة أمامه رأي العين يقول صلى الله عليه وسلم "من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين فليقرأ "إذا الشمس كورت" و"إذا السماء انفطرت " و"إذا السماء انشقت" (13).



ريادة الأوائل في التعامل مع القرآن

المداومة على القراءة:

ودوام القراءة وحسن الصلة بالقرآن هي الأمر الذي يجب أن يحرص عليه كلُّ من تصدر للقيادة وإمامة الناس ودعوتهم، ولقد كان رسول الله صلى اله عليه وسلم أحرص الناس على حزبه الذي اعتاد على قراءته.



احتبس النبي صلى الله عليه وسلم عن الوقت الذي اعتاد أن يخرج على الصحابة يحدثهم فيه، فسُئل: احتبست عنا الليلة في الوقت الذي تأتينا فيه!! فقال: "إنه طرأ عليّ حزبي من القرآن فأحببت أن لا أخرج حتى أقرأه" أو قال "حتى أقضيه".



وأخرج أبو نعيم في الحلية(1/258) عن أبي سلمة قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى رضي الله عنه "ذكرنا ربنا عز وجل فيقرأ".



وأخرج أحمد في الزهد عن عثمان رضي الله عنه قال: ما أحب أن يأتي عليَّ يوم ولا ليلة إلا أنظر في كتاب الله، يعني القراءة في المصحف.



وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أديموا النظر في المصحف.



العمل بالقرآن:

وجدير بمن تصدر للريادة والقيادة أن يكون رائدًا في تطبيق آي القرآن وتعاليمه وأخلاقه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد كان خلقه القرآن وكان قرآناً يمشي على الأرض.



وهكذا كان صحابته صلى الله عليه وسلم، يقول عبد الله بن مسعود: إنا صعُب علينا حفظ ألفاظ القرآن وسهُل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به.



وكان بن عمر يقول: "كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن هذه الأمة يرزقون القرآن منهم الصبي والأعمى، ولا يُرزقون العمل" (14).



وقد تعلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزورًا.



معايشة القرآن:

والمتصدر لقيادة الأمة وزعامتها لا ينبغي أن يكون كالعامة يقرأ بلا تدبر ولا خشوع ولا استحضار قلب، بل عليه أن يُقبل عليه بقلب خاشع وعقل واعٍ وجوارح مستعدة للعمل والتطبيق، يقول الحسن: كان عمر رضي الله عنه يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط ويبقى في البيت حتى يُعاد للمرض.



وأتى تميم الداري المقام فاستفتح الجاثية فلما بلغ "أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) (الجاثية) جعل يرددها وهو يبكي حتى أصبح.



وعن عبادة بن حمزة عن أبيه قال: بعثتني أسماء رضي الله عنها إلى السوق، وافتتحت الطور إلى قوله تعالى: (وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)، فذهبت إلى السوق رجعت وهي تكرر: (وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ).



تفجير الطاقات:

ويجب على من يتقدم لقيادة الأمة أن يكون رائدًا في تطبيقه لآي القرآن، فلا ينبغي أن يتوقف عند مجرد التلاوة، فالقرآن عندما يتم التعامل معه بالطريقة الصحيحة يفجر الطاقات بداخله.



يقول سالم مولى أبي حذيفة بعد أن أعطاه الصحابة لواء المهاجرين يوم اليمامة: بئس حامل القرآن أنا- يعني إن فررت- فقطعت يمينه فأخذه بيساره، فقطعت فاعتنقه إلى أن صرع (15).



التميز في قراءة القرآن:

بلا شك أن الطريق للتميز والريادة في مجال سيحتاج من صاحبه إلى جهد مضاعف، وكذلك فإن التعامل مع القرآن كي يتحقق بطريقة سليمة تعود على صاحبها بالتغيير لا بدَّ أن يصبح التدبر وسيلته في ذلك.



وحينما نُقبل على التدبر يجب أن نعلم أننا مأمورون بذلك يقول الله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) (ص: من الآية 29) " ويقول تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)) (محمد).



كيف يكون التدبر:

هذا ومن الوسائل التي تعينك أخي القارئ على التدبر ومعايشة القرآن حتى يُثمر ذلك إيمانًا في القلب وتغييرًا في السلوك ما يلي:



(1) الانشغال بالقرآن:

ومعنى ذلك أن تكون علاقتنا بالقرآن أقوى من أية علاقة، وأن يكون الوقت المخصص له مقدمًا على غيره من الأعمال، جاء اثنان من التابعين لعبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- بصحيفة فيها كلام حسن يريدان منه الاطلاع عليه، فما كان منه إلا أن نادى على الخادم ليحضر الطست ثم سكب عليها الماء وجعل يمحوها بيده ويقول: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) (يوسف: من الآية 3)" فقالوا له انظر فيها، فإن فيها حديثًا عجبًا، فجعل يمحوها ويقول: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره (16).



(2) التهيئة الذهنية والقلبية:

ذكرنا أن من أسباب عدم حدوث التغيير المطلوب في السلوك والأخلاق رغم محافظة البعض على التلاوة والقراءة شرود الذهن وانشغال العقل، لذلك فإنه حتى تتم الفائدة يجب أن يهيئ المكان والزمان قبل البدء في القراءة؛ فيكون وقت نشاط لا وقت كسل، ومكانًا هادئًا لا مكان تملؤه الشواغل والصوارف والأصوات العالية التي تشوش على الذهن.



(3) سلامة النطق والقراءة الهادئة:

إن فهم القرآن بالعقل وتأثر القلب به يحتاج إلى سلامة نطقه وهدوء أثناء تلاوته، وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، عن حفصة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدًا قط حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي قاعدًا يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها"(17).



(4) التركيز في القراءة وعدم السرحان:

وكما ذكرنا أن التأثير كي يتم يجب أن نفهم ما نقرأ ونعي ما نتلو، ومن هنا جاءت النصوص القرآنية تدعو إلى الإنصات وليس الاستماع فقط حتى تتحقق الفائدة يقول تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)) (الأعراف).



بل استنكرت الآيات على الآخرين عدم تدبرهم للقرآن وحرمان أنفسهم من الخير العظيم المترتب على تدبرهم له (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)) (محمد).



التجاوب مع القراءة:

وهو أمر يأتي طبيعيًّا إذا التزمت أخي القارئ بما سبق ومعنى التجاوب أنه ستمر علينا آيات فيها أسئلة مثلاً قوله تعالى: (أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)؟" فنقول: لا إله إلا الله، وآيات تطالب بالاستغفار كقوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ)، فنقول: أستغفر الله العظيم.



يقول حذيفة: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة فمضى، فقلت يركع عند المائتين، فمضى فقلت يصلي بها في ركعة، فمضى فافتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع" (18).



(5) ترديد الآيات التي تؤثر في القلب:

ومما ينبغي المحافظة عليه أثناء التلاوة الوقوف على الآيات التي تؤثر في القلب وترديدها ما أمكن، فإن التأثر بها دليل على زيادة الإيمان في القلب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح وهو قوله تعالى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)) (المائدة)



أخي القارئ ...إذا تم التعامل مع القرآن بهذا الأسلوب المتميز، والرغبة في الاستفادة منه أجرًا وتأثرًا فإنه بلا شك سيثمر تغييرًا ملحوظًا، وستُبنى علاقة قوية مع الله من خلال القرآن ولِمَ لا وهو كلام الله وخطابه للناس أجمعين؟!: "إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه فليقرأ القرآن" (19).


استبيان الريادة في التعامل مع القرآن



أخي القارئ أجب على الاستبيان وراجع نفسك



1- صحيح، رواه مسلم، وأورده الألباني ح رقم 2239.

2- صحيح، أورده الألباني في السلسلة الصحيحة ح رقم 2240.

3- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع ح رقم 1165.

4- صحيح، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1412.

5- أخرجه السيوطي.

6- صحيح، رواه البخاري ومسلم، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1445.

7- صحيح، رواه مسلم والترمذي والنسائي، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1458.

8- سبق تخريجه.

9- صحيح، رواه مسلم وأحمد وأبو داود، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1471.

10- صحيح، رواه مسلم واللفظ له وأبو داود والنسائي وعندهم عصم من فتنة الدجال، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1472.

11- صحيح، رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1473.

12- حسن، رواه الترمذي وأحمد وابن ماجه والنسائي، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1474.

13- صحيح، رواه الترمذي، وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح رقم 1476.

14- الجامع لأحكام القرآن 1/31 نقلاً من كتاب الإيمان أولاً للدكتور مجدي الهلالي.

15- الإصابة في تمييز الصحابة 3/13.

16- فضائل القرآن لأبي عبيد ص 73.

17- صحيح، رواه النسائي والترمذي، وأورده الألباني في سنن النسائي ح رقم 1658.

18- صحيح، رواه النسائي، وأورده الألباني في صحيح سنن النسائي ح رقم 1664.

19- أخرجه السيوطي، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دموع تائبة
عضو ملكي
عضو ملكي
دموع تائبة


عدد المساهمات : 2108
تاريخ التسجيل : 21/11/2010

رمضان والريادة الايمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضان والريادة الايمانية   رمضان والريادة الايمانية Icon_minitimeالسبت 13 أغسطس 2011 - 2:35

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رمضان والريادة الايمانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كل عام والامة الاسلاميه بالف خير ودى زينه رمضان تعالوا نشوف زينه رمضان عشر نجمات تزين بها رمضان
» رمضان شهر الد عاء
» رمضان جنة
» شهر رمضان
» شهر رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور ياسر عبدالله :: ملتقى أهل الإيمان والمكتبة الإسلامية :: ملتقي أهل الإيمان ومكتبة المعارف الإسلامية :: ملتقى العلماء والدعاة وطلبة العلم-
انتقل الى: