لذا من المهم للتربية أن تتيح للمرء مجال معرفة الأصول الطبيعية للصحة السليمة ، أي أن تعلم طريقة تحقيق الصحة بكل معنى الكلمة . وتتألف هذه الطريقة من استهلاك الغذاء الصحيح ، وخلط أنواع الطعام خلطاً سليماً ، وطهيه بالطريقة المناسبة ، بالإضافة إلى الحرص على تناوله كما ينبغي .
بالنتيجة ، يستطيع المرء أن يكتشف بنفسه كل المعارف الأساسية والضرورية لحياة الإنسان الإجتماعية ، ويتقنها ، لأن ملكة التمييز تتبع عملية تطورها الطبيعي . إن لم يتلقوا ، لسوء الحظ ، هذه التربية هم ضحايا الإنتقاء الطبيعي . إن من لم يتلقوا ، لسوء الحظ ، هذه التربية هم ضحايا الإنتقاء الطبيعي ولن يعرفوا سوى المعاناة والمصاعب في العالم ، أي ظلام البذرة والبرعم . ومع مرور الزمن ، سيسقط الكثيرون تحت وطأة الإحباط وتزداد تعاستهم ، ومن ثم تتجلى هذه التعاسة في تحولهم إلى مجرمين وعبيد ومرضى . إن التعساء والأرقاء هم العبء الثقيل على المجتمع المتمدن ، ويمكن أن يصبحوا سبباً للحرب . إن المسؤولية عن وجود التعاسة تعود إلى تدني قدرة التمييز عند الآباء والمربين . غير أن هذه الصعوبات والمعاناة هي المحك الذي لا غنى عنه لمن يمتلكون ملكة التمييز الأسمى ، لأن هذه الآفات الإجتماعية وحدها تستطيع تحويل الإحباط إلى إرادة .
قال فرنسوا بريلا سافاران : " أنت ما تأكله " . ومن دراستي لطب الشرق الأقصى والسنوات الإثنتين والخمسين التي قضيتها في تدريسه ، تتعمق قناعتي ، بكل ما في الكلمة من معنى ، بصحة هذه الكلمات ، وقد توصلت إلى الإستنتاج التالي : إذا كانت التغذية عادلة فإن الإنسان عادل .
مع ذلك لم أملك أن أعرف ماهية التغذية الصحيحة عبر مسيرة التطور على مدى البلايين الثلاثة من السنوات الغابرة على الأرض . لكن المعجزات حصلت ، الواحدة تلو الأخرى في أوساط الذين مارسوا نظام الماكروبيوتيك الغذائي ، والذين شفيتهم بواسطته ، وقد أنجبوا أطفالاً رائعين . وحتى النساء اللواتي لم يستطعن الإنجاب يوماً ، أنجبن صبياناً وبناتاً وفقاً لرغبتهن . وكان الوضع بلا مشقة وسريعاً للغاية . والأطفال في صحة ممتازة وكانت تنشئتهم سهلة جداً ، ولم يصابوا إطلاقاً بنزلات البرد . وكل من يشاهدهم يصاب بالدهشة . هكذا اكتشفت من دون معلم مبدأ علم الأجنة .
لا أعرف شيئاً يهمّ الحياة البشرية والمجتمع أكثر من نظام التغذية الذي تتبعه الأم أثناء فترة الحمل . إنها فترة التكوين الأساسية لحياة الإنسان . إنها الفترة التي تتكثف فيها عملية التطور على مدى البلايين الثلاثة من السنوات الغابرة ! ولا أرى شيئاً يؤثر في حياة الإنسان أكثر من هذه التغذية أثناء فترة الحمل . هذا كل ما ينبغي قوله حول التربية الأساسة للإنسان في فترة الحمل .
إن التربية الفيزيولوجية والبيولوجية لمرحلتين الطفولة والشباب تتمتع بأهمية قصوى عقب الفترة الجنينية . وإذا قدم المرء التغذية الماكوبيوتيكية إبتداءً من هذه السن سيكون له صبيان وبنات وبنات تتوافر فيهم شروط الصحة السبعة . كما أن من يلبي هذه الشروط يحقق بنفسه ، ومن أجل نفسه ، حياة سعيدة . إذ يصبح مستقلاً يدرس بمفرده . والمرأة من هذا النوع ستكون قادرة على تأسيس أسرة سعيدة ، تكرس نفسها لبناء مجتمع وبلد ينعم بالسعادة والصحة . وإذا كانت هناك امرأة واحدة من هذا النوع بين كل عشرة آلاف امرأة ، يصبح بلدهن بلد حرية وسلام . وإذا وجدت في العالم عشرة بلدان فقط من هذا النوع فسوف يعم السلام في الأرض إلى الأبد ، ويشهد المرء اختفاء الفظائع والقتل الجماعي والحروب البربرية ( التي لا وجود لها بين الحيوانات ) .
المرسل راندا سعيد احمد جاد