*مناقشة دقيقة لموضوع حيات البيوت :

وبعد أت تكلمنا عن تشكل الجن داخل البيوت وإثارة الشغب واصدار الأصوات ورمى الأحجار على سكان البيت فقد آثرت أن أ تناول جزئية حيات البيوت بنوع من التفصيل حتى يتضح الأمر وهو أن الإنسان قد يرى الثعبان في مكانين لا ثالث لها إما داخل البيت وإما خارج البيت فإن كان خارج البيت فهذا يقتل لعموم الأحاديث الآمرة بذلك حتى ولو كان الرجل يصلى ورأى الحية أو العقرب فعليه بقتلها كما في حديث النبى صلى الله عليه وسلم الذى يرويه سالم عن ابن عمر –رضى الله عنهما أنه سمع النبى يخطب على المنبر يقول : (اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفتين و الأبتر ، فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحمل )رواه البخاري وأبو داود والترميذى.
أما ان كانت الحية داخل البيت فهذا هو موضوعنا وداخل البيت فلها حالتين :-
** وإما متحركة: فهذه تقتل وهى تجرى إن استطعت إدراكها.
** أما الساكنة: فهى موضوع البحث وذلك لأن الجن عندما يتشكل في صورة حية يكون أضعف ما يكون فلذلك يلجأ إلى السكون والركود فتجده ملتفاً في مكان ما داخل البيت فهذا هو الذى عليك انذاره بالصيغ السابقة تنذره ثلاث مرات فإن ذهب و إلا فاقتله لأنه طالما لم يذهب فهذا كما يقول ابن تيمية (والجن يتصورون في صور شتى فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنياً فتؤذن ثلاثاً فإن ذهبت فيها و إلا قتلت وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنسان في صورة حية تفزعهم بذلك )
والذى يدل على أنه يكون حين تشكله في صورة الحية ساكناً حديث الفتى الأنصارى روى مسلم في صحيحه : عن أبى السائب مولى هشام بن زهرة أنه قال : دخلت على أبى سعيد الخدرى فوجدته يصلى فجلست أنتظره حتى قضى صلاته فسمعت تحريكاً تحت سرير في بيته فإذا حية فقمت لأقتلها فأشار أبو سعيد أن اجلس فلما أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت :نعم قال : إنه قد كان فيه فتى حديث عهد بعرس فخرج مع رسول –صلى الله عليه وسلم – إلى الخندق فبينما هو إذا أتاه الفتى يستأذنه ،فقال : يارسول الله ائذن لى أحدث بأهلى عهداً فأذن رسول الله -" صلى الله عليه وسلم "- وقال : (خذ عليك سلاحك فإنى أخشى عليك بنى قريظة ) فانطلق الفتى إلى أهله فوجد امرأته قائمة بين البابين فأهوى إليها بالرمح ليطعنها وأدركته غيرة فقالت : لا تعجل حتى تدخل وتنظر ما في بيتك فدخل فإذا هو بحية منطوية على فراشه فركز فيها رمحه ثم خرج فنصبه في الدار فاضطربت الحية في رأس الرمح وخر الفتى ميتاً فما يدرى أيهما كان أسرع موتاً الفتى أم الحية ؟ فذكر ذلك لرسول الله -" صلى الله عليه وسلم "- فقال : (إن بالمدينة جناً قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنون ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان )رواه مسلم ومالك وأبو داود 0
والذى يؤكد أن الحية من الجن دائماً تكون ساكنة بطيئة الحركة هو قول ابن تيمية (فإن كانت حيات البيوت قد تكون جنياً فتؤذن ثلاثاً فإن ذهبت فيها و إلا قتلت وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنسان في صورة حية تفزعهم بذلك )
ومن هذا الكلام يتضح أنك عندما تجد حية في البيت ساكنة في ركن ما فإنك تنذرها بأحد صيغ الإنذار السابقة الذكر فإن كانت جنية - فإن الحية- سوف تسمع الإنذار وتفهم مضمونه وتنصرف وهنا عليك أن لا تتعرض لها بأذى أما إذا قلت: الإنذار واستمرت على حالها فهى واحد من اثنين وكلاهما يقتل : 1-حنية أصرت على العدوان فمن حقك ألا تقتلها بعد الإنذار 0
2-حية حقيقية فعليك بقتلها لعامة النصوص الآمرة بقتل الحية 0
وهذا الكلام في كل الحيات إلا في نوعين اثنين إذا شاهدتهم داخل البيت فعليك بقتلهم دون إنذار وذلك لأن الجن لا يتشكل بهما وانما شرع الإنذار حتى نتجنب قتل الجن المسالم الذى لم يقصد العدوان وهذه الصورتين هما كما أخبر النبى -" صلى الله عليه وسلم "- حيث قال في الحديث الذى يرويه سالم عن ابن عمر –رضى الله عنه -: أنه سمع النبى -" صلى الله عليه وسلم "-يخطب على المنبر يقول : (اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفتين و الأبتر فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحمل )رواه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم.
فكل الحيات إذا وجدتها في بيتك ساكنة لا تتحرك فعليك بإنذارها فإن انصرفت و إلا فاقتلها على سكونها هذا إلا نوعين وهما ذا الطفتين و الأبتر فيقتلان على كل حال ساكنين أو متحركين داخل البيت وخارجه ليس لها أى إنذار وذلك لأن الجن لا يتشكل فيها.

*وصف ذا الطفتين و الأبتر :
ذا الطفتين : تثنية طفية بضم الطاء المهملة وسكون الفاء وهى خوصة المقل والط في خوص المقل شبه به الخط الذى على ظهر الحية 0
قال ابن عبد البر –رحمه الله - : يقال إن ذا الطفتين جنس من الحيات يكون على ظهره خطان أبيضان 0
الأبتر : هو مقطوع زاد بن النضر شميل أنه أزرق اللون لا تنظر إليه حامل إلى ألقيت وقيل الحية القصيرة الذنب 0(الصواعق الحارقة صـ111)
ومن هنا نفهم أن هذين النوعين من الحيات يقتل بدون سابقة إنذار لأنه لا يتشكل الجن بصورتهما هذه بل يتشكل بصور مختلفة غيره من الحيات سواء الأسود وغيره 0

*العلة من قتل ذا الطفتين و الأبتر :
والعلة كما في النص الحديث (فانهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل ).
قال الإمام النووى : أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت الحمل غالباً وقد ذكر مسلم في روايته عن الزهرى أنه قال يرى ذلك من سمهما وأما يلتمسان البصر ففيه تأويلان ذكرهما الخطابى وآخرون 0
أحدهما : معناه يخطفان ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه لخاصة جعلها الله تعالى في بصريهما إذا وقع على بصر الإنسان ويؤيد هذا الرواية الأخرى في مسلم يخطفان البصر والرواية الأخرى يلتمعان البصر 0
الثانى : أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش و الأول أصح وأشهر0

قال العلماء :و في الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على عين إنسان مات من ساعته والله أعلم 0(الصواعق الحارقة صـ112)

*مناقشة المدة (ثلاث مرات )أم (ثلاث أيام ):
لقد وردت أحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل قوله (إن بالمدينة جناً قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان ).
ومن هنا نفهم أن الجن إذا بدأ في المشاغبة وأحسست بأنه يظهر مرة ويختفي مرة ويصدر أصواتاً ويرمى أحجاراً وغيرها من هذه المشاهد فأنت تبدأ معه بالإنذار ثلاثة أيام فإن انتهى و إلا فابدأ معه بأسلوب الماء المقروء عليه آيات القرآن والدعاء كما هو مبين في طريقة العلاج الثانية للجن وطردهم وإحراقهم حتى يخرجوا ويرحلوا عن بيوت الإنس 0
ولكن إذا كنت في موقف لا يحتمل ثلاثة أيام مثلا وجدت ثعباناً ملتفاً في حجرتك فلا يعقل أنك ستظل ثلاث أيام تنذره ولكن ماذا ستفعل ؟ الذى ستفعله هو أنك ستكرر الإنذار ثلاثة مرات فإن انصرف تتركه يرحل فهذا جنى قد فهم الإنذار واستجاب لك وإن لم ينصرف فإما هو مصر على العدوان أو هو حية حقيقة وكلاهما يقتل في هذه الحالة.
وقد ورد عند أبى داود عنه – صلى الله عليه وسلم _ (إن الهوام من الجن فمن رأى في بيته شيئاً فليحرج عليه ثلاث مرات فإذا عاد فليقتله فإنه شيطان) ولكن الحديث ضعيف أخرجه أبوداود وضعفه الألبانى في السلسلة الضعيفة .