منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور ياسر عبدالله

إسلامـــــــي - تربـــــــــوي - تعليـــــــمي - إجتماعــــــي- تكنولوجـــــــي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نداء القرآن إلى عباد الرحمن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عمرو عوض عبد الموجود
عضو فعال
عضو فعال



عدد المساهمات : 44
تاريخ التسجيل : 24/03/2011

نداء القرآن إلى عباد الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: نداء القرآن إلى عباد الرحمن   نداء القرآن إلى عباد الرحمن Icon_minitimeالخميس 5 مايو 2011 - 0:43

نداء القرآن
إلى
عباد الرحمن





تأليف :
الفقير إلى عفو ربه ومولاه
ناصر بن يحيى الحنيني







ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض










الفصل الأول
حياة الإيمان الصحيح
نداء من رب العالمين من الرب الرحيم الرحمن .....
نداء من قلب محب مشفق ناصح .........
نداء إلى كل طالب للحق مريد للسعادة في الدنيا والآخرة....
نداء إليك يا أخي يا من تعظم أمر مولاك ويا من امتلأ قلبه محبة وتعظيماً وخضوعاً وعبوديةً لله الواحد القهار ...
إن الذي أقدمه بين يديك في هذه الرسالة هو في الأصل نداء من رب العالمين حيث قال سبحانه :يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون البقرة آية :[21]
نداء من الله إلى كل مخلوق على هذه البسيطة بأن يتدبر في الكون حوله وسوف يصل إلى نتيجة واحدة وهي الإيمان الصحيح بأن الله سبحانه وحده الخالق الرازق المدبر لهذا الكون وعليه فهو وحده الذي يستحق العبادة دون ما سواه ( ) .
وهذا النداء هو واجب أوجبه الله على المسلمين حيث أمر بالنصيحة ومحبة الخير لكل مسلم فقد قال  : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وإن أعظم نصيحة وأعظم أمر يحبه المرء لنفسه و لإخوانه المسلمين :النجاة والفوز يوم القيامة يوم تتطاير الصحف ويعرض الخلق على الله ؛يوم ينقسم فيه الخلق إلى أشقياء وسعداء –جعلنا الله وإياك من أهل السعادة في الدنيا والآخرة-وهي السعادة الأبدية التي لا توازيها سعادة والفوز الذي لا يدانيه؟ فوز .
*السبب الرئيسي في السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة :
إن أعظم سبب للسعادة والنجاة يوم القيامة إخلاص العبادة لله تعالى وحده دون ما سواه كما قال جل وعلا : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون الأنعام-[82].
أي أن هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا به شيئاً وحققوا الإيمان الصحيح الذي يريده الله منهم هم الآمنون يوم القيامة ، وهم المهتدون في الدنيا والآخرة.( )
الحقيقة الكبرى :
وأنت أخي المسلم تؤمن بكتاب الله وسنة رسول الله  فاسمع وتدبر قول ربنا جل وعلا إذ يقول عن هذه الحقيقة الكبرى :وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون  الذاريات –آية :[ 56].
فما خُلقنا إلا لنوحد الله في العبادة ولا نصرف منها شيئاً لغير الله ؛فإذا عرفت هذه الحقيقة حق المعرفة كانت بداية الخير وعلامة توفيق ورشاد من ربك لك فاحمد الله على هذه النعمة التي حرمها كثير من البشر في هذه الدنيا .
الإيمان الصحيح :
أخي المسلم .... أختي المسلمة :
كم هو جميل أن يعيش الإنسان حياة الإيمان الصحيح حياة النقاء والصفاء والإخلاص ،الحياة التي يعلق الإنسان قلبه وحياته كلها بالله فلا يلتفت إلى غيره في حال نعمته أو عند حاجته وفاقته .
هذه الحياة هي التي يشعر معها بأحلى وألذ وأسعد وأبهى المشاعر والأحاسيس التي يعجز القلم عن تسطيرها ويعجز اللسان عن وصفها فهذه الحياة تعطيك الشعور بأمور كثيرة منها :
-حياة الإيمان الصحيح :حياة الحرية الحقيقية :
من الأمور التي فطر الله الخلق كلهم عليها حتى البهائم محبة الحرية وبغض وكره العبودية للبشر والمخلوقين ، إن من يكون عبداً لله وحده وينعم بهذه العبودية يأبى أن يكون عبداً لغير الله ويشعر ويتلذذ بطعم الحرية فلا يدعوا ويرجوا ويخاف ويستعين بأحدٍ من البشر كائناً من كان ؛ لأنه يعلم أنه لاحق لأحد بهذه العبادات كلها إلا الله سبحانه وتعالى ، ومن عبد غير الله وذل لغير الله عاش أتعس حياة وأذلها كما قال جل وعلا : ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجلٍ هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون  الزمر –آية [29].
فالله سبحانه ضرب لنا هذا المثل الواضح الذي تدركه عقولنا وفطرنا ولا يمكن لأحدٍ أن يتجاوزه وخلاصته : أن الله ضرب مثلاً يبين حال المؤمن الإيمان الصحيح الموحد لربه الذي لا يعبد غير الله ولا يرجوا غير الله ولا يدعوا غير الله وحال المشرك الذي شتت نفسه وصار عبداً لهواه وشهوته وعادات اقتبسها من آبائه وأجداده وللأولياء والقبور والأضرحة فهذا الأخير مثله مثل عبدٍ أسياده كثير يتنازعونه في العبودية فهو ذليل مشتت بخلاف الأول المخلص الخالص لربه وسيده ومولاه وهو المؤمن الذي يعيش حراً عزيزاً بين الناس لا تسجد جبهته إلا لله ولا يمد يده إلا لله فهل يستوون ؟ الجواب : لا والله ...
-حياة الإيمان الصحيح حياة العز والرفعة والشجاعة والكرامة:
إن من يعيش على معنى الإيمان الصحيح الذي أمره الله به فهو يعيش حياة العزة فلا يذل ولا يخضع لغير ربه ولا يدعوا ولا يرجوا ولا يخاف إلا من الله يعيش قوي القلب رابط الجأش يعلم أن من ابتغى العزة بغير هذا الطريق طريق الإيمان الصحيح أذله الله كما قال جل وعلا عن المنافقين : أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً النساء [139]، والله سبحانه قد أخبر بهذه الحقيقة فقال : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمونالمنافقون –آية [8].
وقال سبحانه مبيناً طريق العزة بأوضح عبارة :من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعاً فاطر [10].
قال مجاهد في تفسير هذه الآية :"  من كان يريد العزة  بعبادة الأوثان ، فإن العزة لله جميعاً"أ.هـ( )

-حياة الإيمان الصحيح حياة الأمن والاستقرار والهداية :
إن من علق قلبه بربه وعلم أن ربه رحيماً بعباده وأحسن الظن به لا يدعوا إلا الله و لا يخاف إلا من الله أمن وشعر بلذة الراحة في قلبه وبدنه كما قال جل وعل: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون الأنعام-[82].
-التمسك بالإيمان السليم والتوحيد الخالص علامة الهداية والتوفيق :
لقد بين الله في كتابه في ندائه لعباده أن علامة رضا الله عن العبد وعلامة هدايته أن يشرح صدره للهدى والإيمان الصحيح وعلامة الضلال والبعد عن الصراط المستقيم والمنهج القويم الضيق والحرج في الصدر فقد قال سبحانه وهو أحكم الحاكمين:
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيِّقاً حرجاً كأنما يصعَّد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنونالأنعام [125].
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى : فمن يرد الله أن يهديه ... قال : "يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به "أ.هـ( )
وقال أيضاً عن قوله تعالى : ومن يرد أن يضله ...قال :"فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء ، فكذلك لا يستطيع أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه "أ.هـ( )
وقال ابن جريج في قوله تعالى :ضيقاً حرجاً  قال : "بـلا إله إلا الله حتى لا تستطيع أن تدخله ، كأنما يصعّد في السماء من شدة ذلك عليه "أ.هـ( )
أخي المؤمن لا أظنك تريد أن تكون ممن ضاق صدرهم بـلا إله إلا الله بل عليك أن تكون ممن ينشرح صدره حينما يعلم معناها وما تدل عليه حتى تسابق المؤمنين في العمل بمقتضاها فيشرح الله صدرك للإيمان الصحيح والتوحيد الذي يريده الله منا كما قال جل وعلا في محكم التنزيل :ولكنّ الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون الحجرات
[7]،جعلنا الله وإياك من عباده الراشدين ومن عباده المؤمنين الموحدين وثبتنا وإياك على الإيمان إلى قيام الساعة.
-حياة الإيمان الصحيح حياة النصر والتمكين للأمة كلها :
إن مما تعانيه الأمة اليوم تسلط الأعداء عليها في كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها ؛فالسؤال الكبير الذي لابد لكل مسلم مؤمن بالله يغار على هذه الأمة وحرماتها أن يسأل : ما المخرج وما الملاذ ؟؟وما طريق النصر على الأعداء؟
الجواب : في نداء القرآن لعباد الرحمن ....اسمع وتدبر وتفكر في قوله سبحانه وتعالى –الذي لايخلف وعده –إذ يقول :وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقونالنور-آية [55].
فهذه الآية العظيمة تضمنت أموراً عدة :
أولاً : أن هذا وعد حق وصدق من ربنا جل وعلا إن نحن طبقنا الشرط الذي طلبه منا ، والوعد : أن يستخلف على الأرض المؤمنين الصادقين ، ويمكن لهم دينهم ، ويجعلهم آمنين مطمئنين .
ثانياً : الشرط الذي به يتحقق للأمة النصر والتمكين والأمن في ربوعها هو تحقيق الإيمان الصحيح : عبادة الله وحده دون ما سواه  يعبدونني لا يشركون بي شيئاً  .
ثالثاً :كيف تنصر الأمة وفي ربوعها يعبد غير الله من الأولياء والقبور والأضرحة ، كيف تنصر الأمة وهي تعلق قلبها بغير الله لكي ينصرونها ، بل العجب أنها تعلق قلبها بأعداء الله الذين أمرنا الله أن نتخذهم أعداء وهم اليهود والنصارى كما قال جل وعلا في نداء إلى أصحاب الإيمان الصحيح : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم أن الله لا يهدي القوم الظالمين المائدة [51].
كيف تنصر الأمة وهي تُحْكم غير شرع الله وتتحاكم إلى غير دين الله ، لابد أن يطبق الشرط حتى يحصل المشروط كيف نريد الأمن والنصر والتمكين و لم نحقق هذه الأمور نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
رابعاً : أن من حقق هذه الشروط في نفسه وحقق الإيمان الصحيح فلم يعبد غير الله ولم يلتفت إلى ما انتشر بين الناس من دعاء غير الله ؛؟؟؟حتى ولو كانوا ممن ينسبون إلى العلم والدين (لأن الذين يدعونهم من دون الله كلهم من خلق الله) لأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فضلاً عن أن يملكوا لغيرهم ذلك ؛ فإذا وحّد الله ولم يشرك به شيئاً نال من التمكين والأمن بقدر ما وحد ربه ولم يشرك به أحداً، ولو عاش وحده على هذا الإيمان الصحيح يعمل به ويدعوا الناس إليه .
-الإيمان الصحيح وتوحيد رب العالمين سبب مغفرة الذنوب واستحقاق شفاعة النبي  ودخول جنة رب العالمين:
جاء في الحديث الصحيح أن أبا هريرة قال للنبي : (من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال  :من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه)( )
وجاء عنه  أنه قال : (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )( )
وجاء كذلك في الحديث الصحيح أن الله عز وجل قال : (..ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرة )( )
فهذه من أعظم ثمار الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص أنه يكفر الذنوب والخطايا ،ومن لم يكن مخلصاً في إيمانه وتوحيده لله لا يدخل الجنة ولا تغفر ذنوبه ؛ فيا عبد الله يا من توجهت للقبور وأهلها وتوجهت للمخلوقين وعلقت قلبك بغير الله أعلم أن أعظم الحرمان والخسارة أن تحرم مغفرة الذنوب ودخول جنة رب العالمين .
س:كيف يصبح الإنسان مؤمناً إيماناً صحيحاً تقبل به أعماله الصالحة عند الله؟
إن المؤمن إذا أراد أن يحيا حياة الإيمان الصحيح :
لابد أن يحقق معنى شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله وذلك بمعرفة معناها والعمل بما تدل عليه واستكمال شروطها والبعد عن ما يناقضها.











الفصل الثاني :
المعنى الصحيح
لشهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله
*المعنى الصحيح لشهادة أن لا إله إلا الله :
أي لا معبود بحق إلا الله : أي أن كل ما يعبد من دون الله باطل سواءً من الأنداد والأصنام والأولياء والجن والملائكة والأنبياء وحتى نبينا محمد  .
فإن هذه العبادات كلها باطلة ولا يجوز صرفها للمخلوقين بل المستحق أن تصرف له هذه العبادات هو الله سبحانه وعلى سبيل المثال فإن المؤمن الصحيح الإيمان الذي :
-لا يدعوا إلا الله : ممتثلاً ومطبقاً ومستجيباً لنداء ربه في القرآن : وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً الجن [18] , فإذا احتاج مالاً رفع كفه إلى مولاه مخلصاً بقلبه يرجوا الخير منه لأن الذي بيده خزائن السموات والأرض هو الله وحده دون ما سواه .
إذا وقع في مشكلة أو مأزق علم أن له رباً رحيماً رؤوفاً يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء كما قال سبحانه : أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء النمل [62].
ولماذا يدعوا غيره وربه ومولاه الغني عن عباده يقول له :  وقال ربكم ادعوني استجب لكم غافر[60].
-ولا يتوكل إلا على الله وحده :مستجيباً لنداء ربه في القرآن : فاعبده وتوكل عليه هود[123]وهي من أعظم صفات المؤمنين حيث قال الله :وعلى الله فليتوكل المؤمنونآل عمران[122].
ويتوكل على الله لأنه هو الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون  وتوكل على الحي الذي لا يموت  الفرقان [58].
-ولا يخاف إلا من الله : لأنه يعلم أن الذي ينفع ويضر هو الله ، وأن الذي يعطي ويمنع هو الله سبحانه ، وأن الذي يسعد ويشقى هو الله ، وأن الذي بيده الحياة والموت وبيده آجال العباد وأرزاقهم هو الله سبحانه وحده دون ما سواه موقناً مؤمناً بنداء القرآن :
 وإن يمسسك الله بضرٍ فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير  الأنعام [17]،ولهذا فهو مستجيب لنداء القرآن :إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين آل عمران [175].
وهو على يقين بأن ما سوى الله عاجز ضعيف حقير لا يستطيع دفع الضر عن نفسه فضلاً عن أن يدفع عن غيره أو ينفع غيره .
والله سبحانه قد أخبر في كتابه عن هذه الحقيقة فقال جل شأنه:قل هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون الشعراء[72-73].
وقال سبحانه : والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون النحل [20-21].
فيا عبد الله يا من أنعم عليك بنعمة العقل كيف تلغي عقلك وتفكيرك وتدعوا أمواتاً لا يسمعون دعاءك وتفعل فعل الذين سُلِبت عقولهم ، إني أظن بك خيراً وأنك تربأ بنفسك عن هذه الأعمال التي تنقص من قدرك في الدنيا وتخسر فيها آخرتك عند لقاء المولى .
وبين الله عجز من يُدعى من دون الله بأوضح عبارة فقال : قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون الزمر[38].
مقارنة عجيبة وتحدٍ أعجب يبهر العقول ويوقظ الألباب التي تريد الحق والهدى فماذا بعد الحق إلا الضلال .
وبين سبحانه مؤكداً ومقرراً بدون أدنى شك ولا ريب أن من تدعونهم من دونه لا يملكون كشف الضر بل هم عاجزون أتم العجز فقال سبحانه : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً الإسراء[56].

-الآية التي قطعت الشرك من أصوله وعروقه :
إن من يتدبر كتاب الله ويقرأ كلامه المعجز البليغ ليعجب من أساليبه البليغة في بيان وتوضيح فساد طريق الباطل والضلال بحجج يعترف بها كل عاقل ولا يمكن معها أن يكابر ، ومن هذه الأساليب ما عبر الله به عن فساد مسالك من أشرك مع الله ورجا النفع والضر من غيره من الأولياء والصالحين وأصحاب القبور وغيرهم من الأنداد فقال سبحانه :قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ومالهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له  سبأ [22-23].
ولابن القيم تعليق نفيس في موضعين من كتبه يبين ويوضح المقصد من هذه الآية :
الموضع الأول:
*قال -رحمه الله -:"فتأمل كيف أخذت هذه الآية على المشركين بمجامع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك وسدتها عليهم أحكم سد وأبلغه ، فإن العابد إنما يتعلق بالمعبود لما يرجوا من نفعه ؛وإلا فلو لم يرج منه منفعة لم يتعلق قلبه به ، وحينئذٍ فلا بد أن يكون المعبود مالكاً للأسباب التي ينفع بها عابده ، أو شريكاً لمالكها أو ظهيراً أو وزيراً ومعاوناً له أو وجيهاً ذا حرمة وقدر يشفع عنده ؛فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة من كل وجه وبطلت ؛انتفت أسباب الشرك وانقطعت مواده فنفى سبحانه عن ألهتهم أن تملك مثقال ذرة في السموات ...."أ.هـ( ).
الموضع الثاني :
*وقال في موضع آخر –رحمه الله -:" فنفى سبحانه المراتب الأربع نفياً مرتباً ، متنقلاً من الأعلى إلى ما دونه ، فنفى الملك ، والشركة ، والمظاهرة ، والشفاعة التي يظنها المشرك ، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك ، وهي الشفاعة بإذنه .
فكفى بهذه الآية نوراً ، وبرهاناً ونجاةً ، وتجريداً للتوحيد ، وقطعاً لأصول الشرك ومواده لمن عقلها .
والقرآن مملوء من أمثالها ونظائرها ، ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته ، وتضمنه له ، ويظنونه في نوع وفي قوم قد خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثاً ..." أ.هـ( ) .
فذكر سبحانه في هذه الآية أصول الشرك الأربعة وهدمها وهي:
-الأصل الأول :إثبات أن آلهتهم لا تملك من الأمر شيئاً فكيف تكون معبودة من دون الله المالك لكل شيء ، وهذا الأصل يقر به المشركون إذا رجعوا إلى أنفسهم (أعني إثبات الملك لله ).
-الأصل الثاني: إثبات أنه لا شريك مع الله سبحانه في هذا الملك –والمشركون مقرون بتفرده في الملك-فإذا كان ليس له شريك ومن ضمن ما نفى أن يكونوا شركاء لله في هذا الملك هو : معبوداتهم ،فإذا لم تكن ولا حتى شريكة لله في ملكه بطل أن تكون آلهةً تستحق العبادة.
-الأصل الثالث: إثبات أنه لا معاون ولا ظهير مع الله لأنه سبحانه القوي القاهر المستغني عن كل أحد-وهذا مما هو مستقر في الفطر ويقر به المشركون- وآلهتهم ليست كذلك معاونة ولا ظهيرة فكيف تصح عبادتها من دون الله القوي القاهر الغني عما سواه .
-الأصل الرابع: نفي أن تكون هناك أي شفاعة من دون إذنه ، وأول من تنفى عنهم الشفاعة هو من أشرك مع الله ، وكل من دعا أحداً من دون الله وعبد غير الله فلا شفاعة له لعدم تحقق الشروط في شفاعته وهي : الإذن للشافع ، والرضى عن المشفوع .
شهادة أن لا إله إلا الله تشتمل على ركنين أساسيين :
الركن الأول : الإثبات : أي إثبات الوحدانية في الألوهية لله سبحانه وصرف كل العبادات له سبحانه وهو قولنا (إلا الله ).
الركن الثاني : النفي وهو قولنا (لا إله ) أي لا يعبد مع الله أحد وتعني الكفر بكل ما يعبد من دون الله والبراءة منه ومن أهله.
الأدلة على هذين الركنين من كتاب الله وسنة رسول الله :
قال الله جل وعلا : فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لانفصام لها والله سميع عليم البقرة [256] ، والعروة الوثقى هي شهادة أن لا إله إلا الله .
وقال  : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل )( )
فدلت هذه النصوص الشرعية على أن إيمان العبد وإسلامه لا يكون صحيحاً إلا بأمرين : الأول : أن يفرد الله بعبادته فلا يعبد مع الله أحداً .
الثاني : أنه لابد أن يكفر ويتبرأ من الطاغوت وهو( كل ما عبد من دون الله) و يتبرأ من كل ملة ودين غير دين الإسلام ويتبرأ منه ومن أهله ولا يكون في قلبه إلا حب الله ورسوله وحب ما يحبه الله ورسوله.
فلا يجوز أن يكون في قلبك حب لمن أبغضهم الله وأبعدهم كاليهود والنصارى والكفار على اختلاف مللهم ودياناتهم ومذاهبهم ممتثلاً ومستجيباً لنداء ربك في القرآن لأولياء الرحمن حيث قال : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة .. الممتحنة [1].
وقال أيضاً :يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم  المائدة [51] ولا أظنك تريد أن تكون من هؤلاء الذين كفرهم الله وأبعدهم وطردهم من رحمته .
واعلم أيها المبارك أنه يجب عليك أن تكفر بأديانهم وتعتقد بطلانها وعدم قبولها عند الله ولا يجوز لك أن تعتقد صحتها أو أن يسوغ لأحدٍ أن يتدين بها لله عز وجل لأن ربك ومولاك يقول : ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين 
آل عمران [85] ,والله سبحانه قد بين أن الدين الذي يقبل هو دين الإسلام لا غير فقال سبحانه :إن الدين عند الله الإسلام  آل عمران [19].
السؤال الكبير :أإله مع الله  النمل [60].
لقد وجه الله في القرآن نداءات للناس تهز الوجدان والضمير وهي أسئلة يجيب عليها كل عقل سليم وكل فطرة مستقيمة ، ولا يمكن لأحد أن ينكرها إلا من طمس الله بصيرته واتبع هواه ولا يريد الحق ولا النور الذي جاء به رسول الله ، ومن فتح عقله وفكره واستجاب لنداء ربه سوف يوفق ويسدد لمعرفة الخير والحق من ربه كما قال جل وعلا : إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ق[37] , واسمع إلى هذه النداءات والأسئلة مِنْ ربك ومولاك حيث يقول :
السؤال الأول :
أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون  النمل [60].
والمعنى : أن الله الذي خلق السماء والأرض وأنزل من السماء الماء وفيه الرزق والخير لنا فأنبت به البساتين التي تبهج العيون والنفوس من جمال منظرها وطيب رائحتها ولا يستطيع أحد أن ينبتها سوى الله سبحانه وكل هذا نقر به ونعترف فلماذا نجعل مع الله إلهاً آخر ندعوه ونرجوه ونخافه ؟إن هذا هو الظلم العظيم والذنب الكبير إن الشرك لظلم عظيم  لقمان[13].
السؤال الثاني :
أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاُ أ إله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون  النمل [61].
والمعنى : من الذي جعل الأرض قارّةً ساكنة لا تميد ولا تضطرب ولا تتحرك بأهلها فإنها لو كانت غير مستقرة لما طاب فيها العيش فكان من رحمة الله بنا أن جعلها على هذه الهيئة والصفة وزيادة على ذلك يسر لنا الماء العذب الذي به تستقيم مصالح العباد من خلال جري الأنهار وجعل في هذه الأرض الجبال رواسي تثبت الأرض حتى لا تتزلزل بنا.
ومن نعمته علينا أنه لم يجعل المياه تختلط مالحها بحلوها بل جعل بينهما حاجزاً حتى يستفيد منها الخلق في مشربهم ومأكلهم ولا تفسد عليهم حياتهم .
بعد هذا كله أيصح أو يعقل أيها الناس أن يعبد غير الله صاحب هذه النعم والأفضال الكبيرة علينا إن هذا لأمر عجيب .
السؤال الثالث :
أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أ إله مع الله قليلاً ما تذكرون النمل [62].
الله سبحانه المدعو عند الشدائد والمرجو عند النوازل ، فمن الذي لا يلجأ إليه عند الشدائد ومن الذي لا يرجوه عند النوازل ؟ الجواب لا أحد ؛ بل جميعنا في حاجة إلى الله ولا نستغني عنه فلماذا يُدعى غيره ويُرجى غيره أوَ يقدر على كشف الضر والبأس غيره ؟ لا والله .

السؤال الرابع :
أمّن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته أ إله مع الله تعالى الله عما يشركون النمل [63].
الله عز وجل من رحمته بالخلق جعل لهم دلائل في السماء والأرض تدلهم وتهديهم في سيرهم وسفرهم حتى لا يضلوا ,كالشمس والقمر والنجوم كما قال سبحانه  وعلامات وبالنجم هم يهتدون النحل[16]،وكما قال: وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر  الأنعام [97] , ويرسل الرياح لتسوق السحاب بالمطر ليبشر بها عباده المحتاجين للمطر والماء , أفيُدعى غير الله سبحان الله وتعالى عما يشركون .
السؤال الخامس :
أمّن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أ إله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين النمل [64].
الله سبحانه القوي القادر الذي يستطيع أن يبدأ الخلق من العدم ويعيدهم بعد ما يميتهم وكله هين عليه ولا يعجزه شيء كما قال سبحانه : وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه  الروم [27].فهل بعد هذا يُلتفت إلى غير الله ويُعبد غير الله ؟ فهاتوا برهاناً ودليلاً وحجةً على شرككم بالله وعبادتكم غيره ، ولن تستطيعوا إلى ذلك سبيلاًً.

المعنى الصحيح لشهادة أن محمداً رسول الله :
معنى شهادة أن محمداً  رسول الله الذي إذا فهمها العبد وعمل بها أصبح محققاً لهذه الشهادة والتي لا يقبل إسلامه وإيمانه إلا بها .
وشهادة أن محمداً رسول الله تتضمن أموراً عدة :
1. الإيمان برسالته وأنها من عند الله حقاً وصدقاً :
كما قال جل وعلا : يا أيها الذين أمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله والكتاب الذين أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً النساء [136].
2. الإيمان بعموم رسالته للجن والإنس وللعرب والعجم :
كما قال سبحانه : قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً  الأعراف [158].
وكما قال جل وعلا : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً  سبأ [28].
3. الاعتقاد بختم رسالته ونبوته :
فهو خاتم الأنبياء والمرسلين ورسالته خاتمة الرسالات وهي الناسخة والمهيمنة على ما قبلها من الرسالات ولا يقبل من أحد ديناً إلا الدين الذي جاء به محمد وببعثته ورسالته بطلت كل الرسالات فلا شرع إلا شرعه ولا دين إلا دينه .
قال سبحانه : ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين الأحزاب [40].
4. طاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر :
كما قال جل وعلا : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهواالحشر[7].
وكما قال سبحانه : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم النساء [59].
وكما قال جل وعلا :  من يطع الرسول فقد أطاع الله  النساء [80].
وطاعته  مستقلة فلو جاء أمر عن رسول الله  ولم يرد في كتاب الله لو جب الإيمان به وطاعته في ذلك ، فقد جاء في الحديث الصحيح عنه  : ( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته ..
فالرسول طاعته إيمان وحق واجب ومن أنكر ذلك لم يكن مسلماً ولا مؤمناً .
5. تصديقه فيما أخبر :
لأنه  لا ينطق عن الهوى بل هو وحي من الله ولا يقول إلا حقاً وصدقاً كما قال جل وعلا : وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى النجم[3-4].
6. اتباعه والعمل بسنته في كل ما شرع الله عز وجل :
لا يقبل أي عمل لأي إنسان إلا بشرطين :
الأول : أن يكون خالصاً لوجه الله كما قال سبحانه : وما أمروا ألا ليعبدوا الله مخلصين له الدين  البينة[5]، وكما قال : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى) ( )
الثاني : أن يكون على وفق ما شرع رسول الله  فلا يقبل العمل إلا إذا كان على هدي النبي فلا طريق إلى عبادة الله إلا من طريقه ومن تعبد بغير ما شرع الله فهو مردود عليه كما قال  : (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد) وفي رواية: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ( )
فمن ظن أنه إذا زاد في العبادة أو في السنن الثابتة عن رسول الله أنه مأجور فهو على خطر عظيم لأن الله أكمل به الدين وأتم به النعم فالذي يتعبد الله بعمل لم يسنه الرسول كأنه يستدرك على الله ورسوله, أو يتهم رسول الله  بأنه لم يبلغ الدين حق البلاغ .
فيا عبد الله يا من رضيت بالله رباً مشرعاً وبرسول الله نبياً وهادياً وبالإسلام ديناً ومنهجاً إياك أن تعبد الله بأي طاعة لم يأذن بها الله ورسوله فإنك إن فعلت وقعت في البدعة جاءت نصوص الشرع بذمها والتحذير منها.
7. محبته  وتقديمها على محبة النفس والأهل والولد والمال والناس أجمعين:
إن المحبة الحقيقية لا تكون باللسان فقط بل لا بد أن تكون مستقرة في القلوب وتصدقها الأعمال وليعلم أن محبته واجبة ومن لم يحبه فهو منافق غير مؤمن الإيمان الصحيح .
قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين (( )
وأبرز علامة وأصدقها هو اتباعه  في كل شؤون الحياة كما قال جل وعلا : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم  آل عمران[31].
ومن علامة محبته التفقه في سنته ونشرها وتعليمها وتربية الناس عليها , بدأً من أهل بيتك ومن حولك , ودراسة سيرته ومنهج دعوته واتخاذها القدوة والنبراس في حياتنا ودعوتنا ، إن هذا هو البرهان الحقيقي على صدق محبة النبي  .
8. تقديم قوله ورأيه على كل قول ورأي :
كما قال الله سبحانه :يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله الحجرات [1].
والواجب على كل مؤمن إذا بلغه عن رسول الله  أمراً وحكماً أن يعمل به ويقدمه على كل أمراً وحكم فيقدمه على رأي الناس وهواه وشهوته وكذلك على قول البشر وحتى من ينسب للعلم إن كان ممن يميز بين المسائل والأحكام فإنه لا يجوز لأحد إذا استبانت له سنة رسول الله  أن يعدل عنها لقول أحدٍ كائناً من كان .
9. تحكيم سنته في كل شؤون الحياة :
كما قال جل وعلا : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً النساء[65].
وهذه آية عظيمة توضح للمؤمن عظم منزلة تحكيم سنته وشرعه  والله سبحانه أقسم بنفسه بأن الإيمان منفي عمن لم يحكم سنته  وكفى به واعظاً .

-أساس التوحيد وأصل الإيمان الصحيح: ( تعظيم الله وتعظيم رسوله ):
أيها المؤمن الموفق اعلم رحمني الله وإياك أن الأساس الذي يجب أن يتربى عليه المؤمنون والصفة التي تحلى بها صفوة الخلق وهم رسل الله و النبيون إنها صفة تعظيم الله ورسوله وتعظيم أمرهما وتقديمهما على كل أحد لم يكن في قلوب الأنبياء ولا الصحابة الكرام- الذين تربوا على يد محمد  -أعظم من الله ولا من رسوله ؛ ولهذا استطاعوا أن يسودوا العالم كله في أقل من ربع قرن من الزمان –رضي الله عنهم وأرضاهم -.
أيها الموفق : لقد نعت الله المؤمنين بأخص صفاتهم فقال سبحانه : إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا النور [51].
لقد حصر وصفهم بهذه الصفة المبادرة في الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله وهو دليل تعظيم الآمر في قلوبهم وهو الله ورسوله.
وقال سبحانه مبينا بصيغة الحصر والقصر كذلك أن هذا هو قول المؤمنين و ديدنهم فقال : وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم الأحزاب [36].
أي لا مشورة ولا اختيار ولا رأي إذا حكم وقضى رب العباد ، فلا رأي للقبيلة ولا للعشيرة ولا للزوجة ولا للأقارب ولا للعادات ولا للناس أجمعين مع حكم الله وشرعه وأمره .
فيا من تستحي من الناس أو تخاف منهم أن يلمزوك بالألقاب لأنك تركت الشرك ووسائله من تعظيم للقبور وتمسحٍ بها أو دعاء غير الله من الأولياء والأنبياء أو لأنك تركت دعاء آل بيت النبي  الكرام كعلي  أو فاطمة رضي الله عنها أو زينب ابنته رضي الله عنها أو الحسن  أو الحسين  -المقتول ظلماً- كل هؤلاء مع محبتنا لهم وأنهم مكرمون مرضي عنهم مبشرون بالجنة لكن لا يجوز لنا أن ندعوهم من دون الله فهذا هو الشرك الذي حذرنا الله ورسوله منه وأنه هو الذي يحبط الأعمال ويخلد فاعله في نار جهنم .
والله سبحانه قد وجه النداء لأوليائه في القرآن أن يقدموا قول الله وقول رسوله على كل أحد من العلماء وغيرهم فلن ينجيك أمام الله أن تقول قد أفتاني العالم الفلاني أو فلان وفلان بل عليك أن تعمل بما جاءك عن الله وعن رسوله خاصةً أمور الإيمان والتوحيد الذي جاءت الآيات والأحاديث فيها صريحة واضحة يفهمها كل أحد منا فالله سبحانه يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله  الحجرات [1].
فكيف بمن يتوجه بأخص العبادات كالدعاء والذبح والنذر وغيرها لغيره سبحانه .
فهذه حجة الله عليك قد قامت فالبدار البدار بالتوبة وترك كل ما يغضب مولاك .
ولا يشفع لك عند الله أن كان منتشراً في بلدك وعامة الناس عليه فعليك بطريق المؤمنين الموحدين الذين يعظمون الله ورسوله ويعظمون أمرهما ويقدمونهما على كل أحد .
وكيف بمن يقدم القانون الوضعي وحكم القبيلة ورأي الناس ويعرض عن شرع الله ودينه وما حكم الله به .
أيها المبارك إن الأمر جد خطير ولا تقل الناس كلهم على هذا أنج بنفسك فالله سبحانه قد أخبر وهو أعلم بخلقة : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون  يوسف[106].















الفصل الثالث :
الأضرار الخطيرة لمن ترك حياة الإيمان الصحيح

أيها الأخ المبارك : لا أريد أن أسبب لك الضيق والحرج ولكن من محبتي لك وحرصي على أن يجنبك الله كل سوء : اعلم أن من لم يحيا حياة الإيمان الصحيح ولم ينعم بنعمة التوحيد وإفراد الله بالعبادة فهو معرض لمخاطر عظيمة من أبرزها :
1-الذي يشرك مع الله أحداً ولم يحقق التوحيد والإيمان الصحيح فإن الجنة عليه حرام :
إن هذا الحكم حكم به جبار السموات والأرض وإله العالمين وخالق الجن والإنس أجمعين حيث يقول في محكم التنزيل وهو أصدق القائلين :
 إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار المائدة [72].
فيا خسارة من عاند وأصر ولم يغير واقعه وحاله واتبع ما كان عليه الآباء والأجداد وما تهواه نفسه ولم يعظم أمر مولاه سبحانه .
2-المشرك خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين :
والله سبحانه قد أخبر بهذه الحقيقة في غير ما آية فقد قال سبحانه :
 إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أبداً  البينة [6].
وقال سبحانه : فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين الشعراء [113].
وقال  : (من مات وهو يدعوا لله نداً دخل النار ) وفي رواية: (من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار)( )
3-الذي يشرك مع الله أحداً ولم يحقق التوحيد والإيمان الصحيح لا يقبل الله من أي عمل:
سواءً كان صلاةً أو صياماً أو زكاةً أو حجاً أو جهاداً أو أي عمل مادام أنه لم يترك عبادة ودعاء ورجاء غير الله من الأولياء والجن والصالحين وحتى نبينا محمداً  لا يجوز أن يدعى أو يستغاث به من دون الله ومن أراد التقرب إلى الله فعليه باتباع أمره وأمر رسوله .
إن هذا الحكم هو نداء من الله وتنبيه لأشرف الخلق محمد  -وهو إمام المؤمنين وقائد الموحدين – حيث قال الله له في كتابه الكريم : ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين  الزمر [65].
وقال سبحانه :ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون الأنعام [88].
فمن أشرك مع الله ولو كان شيئاً يسيراً فعمله غير مقبول وهو عليه مردود .
4-الذنب الذي لا يغفر وهو الظلم العظيم أن تشرك بالله عز وجل :
أيها المؤمن المبارك احذر كل الحذر من الشرك ووسائله المؤدية إليه فالشرك ذنب كبير وظلم عظيم .
تصور أن من أشرك مع الله بأي أنواع الشرك كأن يتقرب إلى غير الله من الأولياء والصالحين والجن وغيرهم بالذبح أو بالدعاء وطلب تفريج الكربات أو طلب المغفرة منهم أو غيرها مما هو من خصائص الله ومما لا يجوز صرفه لغير الله فذنبه لا يغفر إلا بأن يتوب ويقلع عن الشرك ويجدد توحيده وإيمانه.
قال الله عز وجل عن هذه الحقيقة العظيمة : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء[48].
والله عز وجل قد وصف هذا الشرك ونعته بالظلم العظيم فقال جل وعلا : إن الشرك لظلم عظيم  لقمان [13].
وسئل النبي  : (أي الذنب أعظم ؟ فقال : (أن تجعل لله نداً وهو خلقك ) ( )
فهل ترضى لنفسك أن تقابل سيدك ومولاك وأنت متلبس بهذا الذنب العظيم والجرم الخطير .
5-الشرك هو الإثم العظيم والضلال البعيد :
لقد وصف الله هذا الشرك الذي وقع فيه فئام من هذه الأمة أمة محمدٍ  بأنه إثم عظيم وضلال بعيد ، وكفى به من وصف تنفر منه القلوب المؤمنة الصادقة التي تعظم ربها وتخاف من سوء العاقبة ؛ فقد قال سبحانه : ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً النساء [48].فهذا الإثم العظيم .
وقال سبحانه : ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً النساء [116].وهذا الضلال البعيد .
وقال سبحانه –مبينا سوء حال من دعا غيره -: يدعوا من دون الله مالا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير الحج[13-14].
6-إلقاء الرعب والخوف في قلب المشرك :
إن من التفت لغير الله وطلب الأمن والسعادة من غير مولاه عاش في رعب وخوف وعدم استقرار كما تقدم ، وقد أخبر الله بهذا الأمر صريحاً فقال سبحانه :
سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله  آل عمران [151].
الله أكبر لقد وضح السبب وبانت العلة في إلقاء الرعب في قلوبهم لأنهم أشركوا بالله فيا خسارة من تعامل مع غير الله و يا بؤس من التفت إلى غيره سبحانه .
وبين في موضع آخر سبحانه أن من دعا غير الله ليحصل له الأمن يحصل له ضد ذلك ويتسلط عليه من دعاه ويعيش في رعب وخوف.
قال سبحانه : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً الجن[6].قال ابن كثير في تفسير قوله فزادوهم رهقاً  :" أي خوفاً وإرهاباً وذعراً حتى تبقوا أشد منهم مخافةً وأكثر تعوّذاً بهم ..."أ.هـ( )
7-براءة الله ورسوله من الشرك والمشركين :
إن من العقوبات الخطيرة التي تلحق من دعا غير الله أو ذبح لغيره أو استغاث بغيره أو صرف أي نوع من أنواع العبادات لغيره سبحانه أن الله سبحانه يتبرأ منه ولا يبالي في أي وادٍ هلك والعياذ بالله .
يقول سبحانه : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله  التوبة [3].
8-الأنبياء جميعاً تبرءوا من الشرك وأهله :
فهل تريد أن تلحق بركبهم وتحشر في زمرتهم فالزم طريقهم –حشرنا الله وإياك معهم-
قال سبحانه آمراً نبيه بأن يتبرأ من الشرك ويعلنها صريحة بأنه على ملة إبراهيم وهي ملة التوحيد الخالص : قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين  البقرة [135].
وقال أيضاً آمراً الأمة كلها : قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين آل عمران [95].
وقال سبحانه : قل إنما هو إله واحد وإنني بريء من المشركين الأنعام[19].
وقال إبراهيم-عليه السلام - لقومه : فلمّا أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون  الأنعام [78].
وقال هود-عليه السلام- لقومه : قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون هود[54].
ولا عجب في ذلك فإن الأنبياء دينهم وعقيدتهم واحدة ،وإن اختلفت شرائعهم .( )
9-الشيطان يتسلط على المشرك وليس على الموحد:
الله سبحانه بيّن في كتابه أن المؤمن الإيمان الصحيح الموحد لربه الذي صرف كل عباداته لربه سبحانه وتعالى فإن الشيطان لا يستطيع أن يتسلط عليه ولا أن يهيمن عليه ، وبالمقابل فإن المشرك الذي التفت إلى غير الله وحقق ما يريده عدو الله منه فإن الله يتركه لعدوه يتسلط عليه وهذا أحد عواقب الشرك في الدنيا .
قال الله تعالى عن هذه الحقيقة مع المؤمن : إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون  النحل [99].
وقال تعالى عن موقف الشيطان من المشرك : إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون النحل [100].
10- الشرك نجاسة لا يطهرها إلا الإيمان الصحيح:
قال سبحانه عن المشركين : ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا  التوبة [28].
فقد دلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك ، وأن المؤمن طاهر كما صح عن النبي  قال : (إن المؤمن لا ينجس) ( )
11-العقوبات الربانية على الأمم من أعظم أسبابها الشرك بالله :
الله سبحانه بين أن سبب تدمير الأمم السابقة بالعقوبات هو أنهم مشركين .
والشرك بكل أنواعه : شرك العبادة والتقرب لغيره أو شرك دعاء أصحاب القبور أو شرك الطاعة والاتباع والتعبد لله -في الحلال والحرام وسائر نواحي الحياة- بغير ما أذن الله فيه من الشرائع الأرضية والقوانين الوضعية.
قال سبحانه :قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين الروم[42].
12-المشرك تجتمع عليه خسارتان في الدنيا والآخرة :
بين الله في كتابه العظيم عظم الغبن والخسارة لمن أشرك وكفر بالله ودعا غير الله وذلك أنه لا يحقق له مطلوبه وفي الآخرة يكفر من دعاهم به وبشركه الذي فعله .
قال سبحانه :والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير  فاطر[13-14].
فالله سبحانه صور حال من يدعى من دون الله بأنه لضعفه وعجزه أنهم لا يملكون من السموات والأرض شيئاً إلا بمقدار هذا القطمير (والقطمير هو اللفافة التي تكون على نواة التمر )( )فخسارته أنه يدعوا من لا يستطيع أن يحقق له مطلوبه لأنه فقير ضعيف هذا في الدنيا ، أما في الآخرة فيتبرءون منكم فجمع الله للمشرك بين خسارتين في الدنيا والآخرة.
وقال سبحانه : ومن أضل ممن يدعوا من دون الله لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين  الأحقاف[6-7].
وقال أيضاً : واتخذوا من دون الله آلهةً ليكونوا لهم عزاً * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً مريم [81-82].
13-ضرب الله الأمثال الشنيعة لمن أشرك مع الله ودعا غيره :
لقد صور القرآن بشاعة من دعا غير الله بأبشع وأشنع الصور من خلال ضرب الله الأمثال لذلك وعلى سبيل المثال :
أ‌- ضرب الله مثلاً لمن أشرك بالله ودعا غيره كمن يسير في طريق مهلكة وهو في حيرة لا يعرف طريق الخلاص والنجاة :
قال سبحانه : قل اندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين الأنعام[71].( )
ب‌- ضرب الله مثلاً بأن من يدعوا غير الله ويشرك به لا ينال شيئاً ممن دعاه لا في الدنيا ولا في الآخرة كمن يريد أن يقبض الماء بيده فلا يستطيع فكيف يبلغ فاه؟
قال سبحانه : له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال  الرعد[14].
قال علي بن أبي طالب :"كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده وهو لا يناله أبداً بيده فكيف يبلغ فاه "أ.هـ( )
ت‌- ضرب الله مثال الإيمان بالسماء التي تحفظ الإنسان فإذا ترك الإيمان ووقع في الشرك سقط وخر فتتخطفه الطيور والآفات فتمزقه وتصيبه بالأذى والضرر في دينه ودنياه :
قال سبحانه: ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق الحج [31].
قال الشيخ السعدي –رحمه الله -:"...فالإيمان بمنزلة السماء محفوظة مرفوعة .
ومن ترك الإيمان بمنزلة الساقط من السماء عرضة للآفات والبليات فإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاء ، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطتفه الشياطين من كل جانب ، ومزقوه ، وأذهبوا عليه دينه ودنياه ، وإما أن تأخذه عاصفة شديدة من الريح فتعلو به في طبقات الجو فتقذفه بعد أن تتقطع أعضاؤه في مكان بعيد جداً"أ.هـ( )
والأمثلة التي ضربها الله للموحدين والمشركين كثيرة ولكن المقام لا يكفي لبسط كل ما يتعلق بهذا الأمر .













الفصل الرابع :
الشرك ومظاهره في العالم الإسلامي

ثبت عن النبي  أن الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ومن مظاهر الغربة عودة بعض مظاهر الجاهلية التي كان النبي فيها غريباً .
ولعلي أذكر أبرز مظاهر الشرك المعاصرة وهي على سبيل الإجمال :
1. أظهرها وأشهرها دعاء الأموات والغائبين والاستغاثة بهم لكشف الضر أو طلب النفع وقضاء الحاجات كطلبهم شفاء المرضى والتوسعة في الرزق ونحو ذلك ، والله سبحانه قد عد هذا من أجلى صور الشرك والكفر والخروج من ملة الإسلام فقال سبحانه: ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين  يونس [106] وبين الظلم في الآية الأخرى فقال : إن الشرك لظلم عظيم ق [13].
2. التبرك والتمسح على عتبات القبور والأضرحة وبعض الأحجار والأشجار وهذا شرك لأنه يعتقد النفع بهذه الجمادات التي لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً فضلاً عن أن تملك لغيرها ذلك ، والرسول  أنكر على أصحابه الذين كانوا حديثي العهد بالكفر وفي بداية إسلامهم لما قالواله: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) وهي شجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم رجاء بركتها فظن من جهل خطورة هذا الفعل أنه جائز فقال لهم النبي مبيناً حكم هذا الفعل: (سبحان الله هذا كما قال قوم موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم) ( ) فعد هذا الفعل كمن يعبد غير الله وهو كفر لاشك فيه.
3. الذبح لغير الله للجن والأولياء وعلى عتبات القبور والله عز وجل قد أمر أن تكون كل العبادات له ومنها الذبائح والنسك فقال : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين  الأنعام [163] والرسول  قال: (لعن الله من ذبح لغير الله ).
4. الحكم بغير ما أنزل الله وهو نوع من أنواع الشرك لأن التحاكم نوع من العبادات التي لا تصرف إلا لله كما قال جل وعلا : إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه  يوسف[40] فعدّ الحكم عبادة ، وقال في الآية الأخرى : ولا يشرك في حكمه أحداً الكهف [26] ، والتشريع حق خالص لله فمن شرع لعباد الله ما لم يأذن به الله فهو مشرك في الربوبية والألوهية وهو من أغلظ أنواع الشرك والعياذ بالله .
5. الغلو في الصالحين أو في الأئمة المتبوعين واعتقاد العصمة لهم وإعطاؤهم بعض خصائص الرب كمن يعتقد في بعض الأولياء أنه يتصرف في الكون كما يقول بعضهم: ( يا عبد القادر يا جيلاني يا مص
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اميرة عبدالفتاح احمد
عضو برونزي
عضو برونزي
اميرة عبدالفتاح احمد


عدد المساهمات : 209
تاريخ التسجيل : 04/05/2011

نداء القرآن إلى عباد الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: رد: نداء القرآن إلى عباد الرحمن   نداء القرآن إلى عباد الرحمن Icon_minitimeالثلاثاء 7 يونيو 2011 - 17:04

جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك

تقبل مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نداء القرآن إلى عباد الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نادي عباد الرحمن الاسلامي
» صفات عباد الرحمن.....متى يمتثلها الدعاة؟؟؟؟؟
» ملتقى محبات القرآن وتيسير الرحمن "للنساء فقط"
» دعاء ختم القرآن الكريم مكتوبا للامام عبد الرحمن السديس امام الحرم المكى,,.
» القارئ الشيخ فارس عباد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور ياسر عبدالله :: ملتقى أهل الإيمان والمكتبة الإسلامية :: ملتقي أهل الإيمان ومكتبة المعارف الإسلامية :: كتب وموسوعات إسلامية-
انتقل الى: