عموم بعثة محمد (ص) إلي الجن و الإنس
لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في أن الله تعالي أرسل محمداً إلي الإنس والجن ؛ وبه فسر حديث الصحيحين (( بعثت إلي الأحمر و الأسود ))(3). لقط المرجان (41)
قلت : والمقصود بقوله (ص) (( الأحمر و الأسود )) هو الجن و الإنس حيث أن الجن خلقوا من النار والنار يغلب عليها اللون الأحمر ، و الإنس خلقوا من الطين والطين يغلب عليه اللون الأسود .
وروي وثيمة بن موسى ، من حديث ابن عباس ، عن النبي () أنه قال (( أرسلت إلي الجن و الإنس وإلي كل أحمر وأسود )) وقال ابن عبد البر : لا خلاف في أن محمداً رسول الله إلى الإنس والجن بشيراً ونذيراً ، وهذا مما فضل به علي الأنبياء .لقط المرجان صـ41
وقال إمام الحرمين في (( الإرشاد )) : قد علمنا ضرورة أنه () ادعي كونه مبعوثاً إلي الثقلين.لقط المرجان صـ42
وقال الشيخ أبو العباس : أرسل الله تعالي محمداً () إلي جميع الثقلين : الإنس والجن ، وأوجب عليهم الإيمان به وبما جاء به ، وطاعته ، وأن يحلوا ما حلل ، ويحرموا ما حرم ، وأن يحبوا ما أحب ، ويكرهوا ماكره .. وإن كل من قامت عليه الحجة برسالة محمد () من الإنس والجن فلم يؤمن به ؛ استحق عقاب الله كما يستحق أمثاله من الكافرين الذين بعث إليهم الرسل ، وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة ؛ والتابعين ، وأئمة المسلمين وسائر طوائف المسلمين : أهل السنة والجماعة ، وغيرهم (لقط المرجان صـ42
. وفي التنزيل وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ{29} إلي قوله ((أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ))، [ الأحقاق : 29 - 32 ] وقوله تعالي قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً{1} السورة بكمالها ، فأمر أن يقول ذلك ليعلم الإنس بأحوال الجن وأنه مبعوث إليهم (لقط المرجان صـ42
وأخرج ابن جرير ،والطبراني ،وابن مر دويه ،عن ابن عباس في قوله : ((وإذا صرفنا إليك نفر من الجن )) الآية ،قال :كانوا تسعة نفر من أهل نصّيبين ؛فجعلهم رسول الله -" صلى الله عليه وسلم "-رسلاً إلي قومهم 0 (3)لقط المرجان ص42
وأخرج ابن أبي شيبة ،وأحمد بن منيع ،والحاكم ،وصححه ،وابن مردويه ،وأبو نعيم والبيهقي ،كلاهما في ((دلائل النبوة )) عن ابن مسعود ، قال:هبطوا علي النبي وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا : أنصتوا وكانوا تسعة ،فأنزل الله : ((وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن)) إلي قوله : ((في ضلال مبين )) الأحقاف:29-32 ) (4)لقط المرجان ص 42 وأخرج الشيخان ،عن مسروق قال :سألت ابن مسعود :من آذن النبي ()بالجن ليلة استمع الجن للقرآن ؟قال آذنت بهم شجرة . رواه البخاري ومسلم
آذن :أي أعلم وأخبر .
قلت::والمعني هنا من أعلم وأخبر رسول الله بالجن ،قال أعلمه وأخبره بهم شجرة . قال السهيلي في التفسير :أنهم كانوا يهوداً ،ولذلك قالوا : ((من بعد موسى ))ولم يقولوا من بعد عيسي .لقط المرجان ص43 وأخرج الواقدى وأبو نعيم في(( الدلائل )) عن أبي جعفر قال :قدم الجن إلي رسول الله -" صلى الله عليه وسلم "-في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة . لقط المرجان ص43
وأخرج ابن أبي حاتم ،عن مجاهد ،في قوله تعالي : ((وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن )) قال:كانوا سبعة :ثلاثة من أهل حران ، وأربعة من أهل نصّيبين ،وكانت أسماؤهم :حسي ومسي وشاصر وماصر و الأرب ونيان و الأحقب . لقط المرجان ص 43