الذبح و الإستعانة بالجن محرمة

الذبح و الإستعانة بالجن محرمة .
قال يحيى بن يحيى :قال ابن وهب : استنبط بعض الخلفاء عيناً وأراد إجراءها وذبح للجن عليها لئلا يغور ماؤها فأطعم من ذلك أناسا ،فبلغ ذلك ابن شهاب ،فقال أما أنه قد ذبح ما لا يحل له ،وأطعم الناس ما لا يحل لهم ،نهى رسول الله -" صلى الله عليه وسلم "-عن أكل ما ذبح للجن وعلى اسمهم .لقط المرجان صـ 134 قال العلامة القاضي بدر الدين بن عبد الله الشبلي :ونقلت عن خط العلامة شمس الدين بن عبد الله محمد بن أحمد الحنبلى قال :وقد وقعت هذه الواقعة بعينها في مكة سنة إجراء العين بها فأخبرنى إمام الحنابلة بمكة وهو الذى تم إجراؤها على يده وتولى مباشرتها بنفسه خليفة بن محمود الكيلانى قال:لما وصل الحفر إلى موضع ذكره ،خرج أحد الحفارين من تحت الحفر مصروعا لا يتكلم فمكث طويلا ً فسمعناه يقول :يا مسلمون لايحل لكم أن تظلمونا ؟
قلت : أنا له وبأى شىء ظلمناكم ؟ قال :نحن سكان هذه الأرض ولا والله ما فيهم مسلم غيرى وقد أرسلونى إليكم يقولون لاندعكم تمرون بهذا الماء في أرضنا حتى تبذلوا لنا حقنا ؟
قلت :ما حقكم ؟ قال :- تأخذون ثورا فتزينونه بأعظم زينة وتلبسونه وتزفونه من داخل مكة حتى تنتهوا به إلى هنا فاذبحوه ثم اطرحوا لنا دمه وأطرافه ورأسه في بئر عبد الصمد وشأنكم وبباقيه ، إلا فلا ندع الماء يجرى في هذه الأرض أبدا
قلت :-نعم افعل قال :وإذا بالرجل قد أفاق يمسح وجهه وعينه ويقوا :"لا إله إلا الله ،أين أنا ؟"
قال :وقام الرجل ليس به قلبة ،فذهبت إلى بيتي فلما أصبحت ونزلت أريد المسجد إذا برجل على الباب لا أعرفه فقال :الحاج خليفة هنا ؟قلت :وما تريد به ؟قال حاجة أقولها له ،
قلت : قل لى الحاجة وأنا أبلغها له، فإنه مشغول قال لى :قل له إنى رأيت البارحة في النوم ثورا عظيما قد زينوه بأنواع الحلى واللباس وجاءوا به يزفونه حتى مروا به على دار الخليفة فوقفوا إلي أن خرج ورآه وقال :نعم هو هذا ، ثم اقبل به يسوقه والناس خلفه يزفونه حتى خرج من مكة فذبحوه وألقوا رأسه وأطرافه في البئر.
قال:فعجبت من منامه وحكيت الواقعة والمنام لأهل مكة وكبرائهم فاشتروا ثورا وزينوه وألبسوه وخرجنا به حتى انتهينا إلى موضع الحفر فذبحناه وألقينا رأسه وأطرافه ودمه في البئر التى سماها .
قال:ولما كنا قد وصلنا إلى ذلك الموضع كان الماء يغور فلا يدرى أين يذهب أصلا ؟ ولا تدرى له عينا أصلا؟ قال:فما هو إلا أن طرحنا ذلك في البئر . قال:وكأننى بمن أخذ بيدى وأوقفنى على مكان وقال : احفروا هذا.
قال :فحفرنا وإذا بالماء يموج في الموضع وإذا طريقه منقوره في الجبل يمر تحتها الفارس بفرسه فأصلحناها ونظفناها فجرى الماء فيها تسمع هديره فلم يكن إلا نحو أربعة أيام وإذا بالماء بمكة ،وأخبرنا من حول البئر أنهم لم يكونوا يعرفون في البئر ماء .
قلت : وهذا الأمر هو الذبح للجن محرم باتفاق العلماء وأرى أن المحور الذى قامت من أجله عملية الذبح هى الرؤية التى شاهدها الرجل ،وكان ينبغى في هذه الرؤيا أن يستشار فيها علماء تفسير الأحلام .
يقول ابن سرين ((ومن ذبح ثورا فإن كان سلطانا قتل عاملا من عماله أومن ثار عليه وإن كان من بعض الناس فهو إنسان وظفر به ممن يخافه ))
قلت :وهذا هو رأى أحد علماء التفسير (ابن سرين ) أن ذبح الثور في المنام من بعض الناس يكون ظفر به ممن يخافه والناس تخاف من الجن أى معناه " أن الناس عندما ذبحت الثور في المنام فإن هنا المنام له تفسير" ولكن ما هو تفسيره ؟عندما نسأل الناس مم تخافوا؟ قالوا: أردنا أن نحفر بئرا فهددتنا الجن فخفنا من تهديدهم . فجاءتهم هذه الرؤيا حتى يطمئنوا وهى أنهم ذبحوا ثورا في المنام ومعناها أنهم ظفروا بمن يخافون منهم وهم الجن ولكنهم أخطأوا في فهم الرؤيا ،وهذا ناتج عن جهل الناس بعلم تفسير الأحلام ،فهو علم نظرى كغيره من العلوم النظرية له قوانينه الخاصة به ولا يتسنى لأحد أن يقول فيه برأيه وبدون علم.
قال رسول الله () : (لعن الله من ذبح لغير الله ) " رواه مسلم "
وعن أبي هريرة أن رسول الله "" نهي عن ذبائح الجن "ـ ولقد صدرت فتوى عن اللجنة الدائمة للافتاء بالمملكة العربية السعودية ما نصه :الذبح للجن شرك بالله سبحانه وتعالى ،ولو مات فاعله عليه بدون توبة لكان خالداً مخلدا في النار ،والشرك لايصح معه عمل لقوله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الأنعام88 وقالوا :الذبح لغير الله من الجن أو غيرهم شرك أكبر يخرج من الإسلام .
قلت :ولقد سئل (ابن عثيمين )عن رجل ضم الحمام إلى أحد الحجرات ويريد أن يذبح ذبيحة ويلطخ بدمها مكان الحمام الذى تم ضمه ظنا منه أن ذلك يطرد الشياطين ؟
فرد عليه الشيخ ابن عثيمين بأن هذا الفعل محرم وأن الدم نجاسة والشياطين تحب النجاسة إذن فهذا الدم يجذب الشياطين ولا يطردها.
ويقول الشيخ وحيد عبد السلام بالى (وما زال الذبح للجن حتى الأن يقوم به الكهنة والسحرة الذين يتصلون بالجن فمن ذلك أننا نرى الجهال يذهبون إلى هؤلاء السحرة ليحلوا سحرا أو ليعالجوا مصروعا أو ما شابه ذلك فيطلبون منهم حيوانات بأوصاف معينة ثم يذبحونها ويلطخون المريض بدمها ثم يأمرون برميها في البئر وأن لا يذكر اسم الله عليها أثناء الرمي وهذا هو الذبح للجن المنهى عنه وإن لم يتلفظ الذابح باسم الجن ( وإنما الأعمال بالنيات ) الوقاية صـ40
وأما عن الاستعاذة ،قال تعالى حاكيا عن الجن أنهم قالوا {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنس يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً }الجن6
قال ابن كثير (أى كنا نرى أن لنا فضلا على الإنس لأنهم كانوا يعوذون بنا إذا نزلوا واديا أو مكانا موحشاً مثل البرارى وغيرها ،كما كانت عادة العرب في جاهليتهم يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم بشئ يسوؤهم ،كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار وحماية رجل كبير وذمامه وخفارته ،فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقا أى "خوفا وارهابا وذعرا ورعباً "حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذا بهم .
كما قال قتادة : فزادوهم رهقا أى " إثما وازدادت الجن عليهم بذلك جرأة .
قال :السدى كان الرجل يخرج بأهله فيأتى الأرض فينزلها فيقول :أعوذ بسيد هذا الوادى من الجن أن أُضر أنا فيه أو مالي أو ولدى أو ماشيتى .
قال قتادة : فإذا عاذ بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك.
روى ابن أبى حاتم عن عكرمة قال : كان الجن يفرقون " أى يخافون "من الإنس كما يفرق الإنس منهم وأشد .
فكان الإنس إذا نزلوا واديا هرب الجن فيقول أحدهم :نعوذ بسيد أهل هذا الوادى ،فقال الجن :نراهم يفرقون منا كما نفرق منهم فدنوا من الإنس فاصأبوهم .
قال الشيخ وحيد عبد السلام بالى في كتابه الوقاية : و الاستعاذة بالجن شرك وقد أبدلنا الله خيرا منها ،فعن خولة بنت حكيم قالت :سمعت رسول الله () يقول ( من نزل منزلاً فقال :أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك ) رواه مسلم.
وروى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال :كان رسول الله ()إذا سافر فأقبل الليل قال: (يا أرض ربى وربك الله ،أعوذ من شرك وشر من فيك وشرما يدب عليك ،أعوذ بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ،ومن ساكن البلد ومن والد وما ولد )حسنه الحافظ.
قال الخطابى :قوله (ساكن البلد )هم الجن الذين هم سكان الأرض ،والبلد من الأرض ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء ولا منازل ،قال: ويحتمل أن يكون المراد بالوالد إبليس وما ولد الشياطين .
قال النووي :و الأسود الشخص ،فكل شخص يسمى أسود .
قال القرطبى :ولاخفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر و شرك .