استخدام الإنس للجن .

استخدام الإنس للجن .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات :-
الحالة الأولى:أن يستخدم في طاعة الله ،كأن يكون له نائبا في تبليغ الشرع ؛إذا كان له صاحب من الجن مؤمن يأخذ عنه العلم ،ويتلقى منه ،وهذا شئ ثبت أن الجن قد يتعلمون من الإنس ،فيستخدمه في تبليغ الشرع لنظرائه من الجن ، أو في المعونة على أمور مطلوبه شرعا ؛فهذا لا بأس به ،بل إنه قد يكون أمراً محموداً أو مطلوباً ، وهو من الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ والجن حضروا النبى -" صلى الله عليه وسلم "- وقرأ عليهم القرآن ،وولوا إلى قومهم منذرين ،والجن فيهم الصلحاء والعباد والزهاد والعلماء ،لأن المنذر لابد أن يكون عالماً بما ينذر ،عابداً مطيعاً لله ـ سبحانه ـ في الإنذار.
الحالة الثانية: أن يستخدمهم في أمور مباحة ،مثل أن يطلب منهم العون على أمر من الأمور المباحة ،قال :فهذا جائز بشرط أن تكون الوسيلة مباحة ،فان كان محرمة ؛صار حراماً، كما لو كان الجنى لا يساعده في أموره إلا إذا ذبح له أو سجد له أو ما أشبه ذلك . ثم ذكر ما ورد أن عمر تأخر ذات مرة في سفره ،فانشغل فكر أبى موسى ،فقالوا له :إن امرأة من أهل المدينة لها صاحب من الجن ،فلو أمرتها أن ترسل صاحبها للبحث عن عمر ،ففعل ،فذهب الجنى ثم رجع ،فقال :إن أمير المؤمنين ليس به بأس ،وهو يسم إبل الصدقة في المكان الفلانى ؛فهذا استخدام في أمر مباح .
الحالة الثالثة :-أن يستخدمهم في أمور محرمة ؛كنهب أموال الناس وترويعهم وما أشبه ذلك فهذا محرم ثم إن كانت الوسيلة شركا صار شركا وإن كانت وسيلته غير شرك صار معصية ،كما لو كان هذا الجنى الفاسق يألف هذا الإنسى الفاسق ويتعاون معه على الإثم والعدوان فهذا يكون إثما وعدوانا ولا يصل إلى حد الشرك
ثم قال: ان من يسأل الجن او يسأل من يسال الجن ،ويصدقهم في كل ما يقولون فهذا معصيه وكفر ،والطريق للحفظ من الجن هو قراءة آية الكرسى ،فمن قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ،ولا يقربه الشيطان حتى يصبح ،كما ثبت ذلك عنه () وهى : {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }البقرة255 ما حكم سؤال الجن وتصديقهم فيما يقولون ؟
قال عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى :أن من يسال الجن أو يسأل من يسأل الجن على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام ،وأما إن كان ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهذا جائز ثم استدل له ثم ذكر ما روى عن أبى موسى الأشعرى أنه أبطأ عليه خبر عمر رضى الله عنه وكان هناك امرأة لها قرين صاحب من الجن فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة (الرد المبين .ص206)
قلت : وهذا الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يوضح فيه أنواع المعاملة بين الإنس والجن ، وهذه المعاملة لا تتسني للإنس إلا إذا كان الجن متلبسا بأحد ما وحينها تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وتأمره بالتوبة إلى الله وتدعوه للإسلام وهكذا كل الأوامر الشرعية ، أو تأمره بشيء مباح مثل قولك له : ارحل من هذا البيت , واسكن في الجبال ،حتي يبتعد من الشخص المصاب .
وإما أن يكون الجن في حالة تشكل كاملة ، وجاع ليستفتي كما حدث مع الإمام " طاووس" فارجع إليه في الباب الأول إذا أردت الزيادة ، وهذه هي الحالات التي يستطيع الإنسان أن يخاطب فيها الجن ويسمع منه ،علما بأن هذه الأشياء من النوادر جدا ولكن ذكرها الإمام "ابن تيمية" من باب التعليم وذكر الحكم .
أما غير هذه الحالات فهي من باب السحر وتعامل السحرة مع الجن حيث يستخدمونهم في الأشياء المحرمة سواء كانت تفريق أو إمراض الناس أوسرقة أموالهم وأكلها بالباطل فكل هذا حرام لا يجوز. والله أعلم.