(3)العد ل

بقلم: جمال ماضي

﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾

1- ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ﴾.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ﴾ (المائدة: من الآية 8)؛ يعني: ابذلوا كل طاقاتكم.. كل نشاطكم، كل عضلاتكم، كل علمكم، كل جاهكم، كل مالكم، كل طلاقة لسان، كل قدراتكم، كل ذكائكم، كل مكانتكم، كل أحوالكم، كل مواهبكم.. هذا كله يوظَّف لله تعالى بالفرار إلى الله.



2- ﴿شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾.. نعم نفعل كل ذلك شهداء بالقسط، وتأمل معي هذا المشهد النبوي؛ فقد أراد أحب رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع عند النبي في امرأة سرقت، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشدَّ الغضب وقال: "وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".



3- ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ معناها: لا يحملنَّكم بغضُ قوم على ألا تعدلوا، والمخاطِب هو الله والمخاطَب هم المؤمنون.. ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا﴾ (المائدة: من الآية 8).



4- ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾.. جاء رجل إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، أتحبني؟! (وكان الرجل فاجرًا)، فقال عمر: والله لا أحبك، فقال الرجل: وهل يمنعك بغضبك لي من أن تعطيني حقي؟ قال: لا والله, حقك واصل إليك, أحببتك أم كرهتك.



5- ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)﴾.. أنتم أقرب إليَّ بالعدل مع الآخرين، وهم أقرب إليَّ بالتوبة حين تعدلون معهم والله مطلع خبير.



6- مفهوم العدل: إعطاء كل ذي حق حقه، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، من غير تفريق بين أحد.



ثمار العدل

- حاجتنا إلى العدل.. استقرار واطمئنان المجتمع، وحافز على العمل والإنتاج، ونماء العمران، وكثرة الخيرات والأرزاق، والثقة بين أفراد المجتمع.. يقول ابن خلدون: "اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهبٌ بآمالهم في تحصيلها واكتسابها؛ لما يرونه حينئذٍ من أن غايتها ومصيرها انتهابها بين أيديهم, وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب والعمران".



ولذلك فالبديل في المجتمع إذا اختفى العدل الثورات والفوضى، مثل: غضبة الانتفاضة أمام الظلم الصهيوني, وغضبة الشعوب المحتلة ضد محتليها, وثورات الشعوب لرفع الظلم الواقع عليها.



- جزاء العادلين.. عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين (العادلين) عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن, وكلتا يديه يمين؛ الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا" (صحيح مسلم)، وعن أبي هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة، عدل ساعة أفضل من عبادة ستين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها.. يا أبا هريرة، جور ساعة في حكم أشد وأعظم عند الله من معاصي ستين سنة" (ضعيف الترغيب).



أفكار ذكية

1- العدل بين الأولاد: يقول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".



2- خصوصية البنات: عن أنس قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين (بنتين صغيرتين) حتى تبلغا؛ جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا"، وضم أصبعه كنايةً عن قرب الجوار في الجنة.



3- طاعة الوالدين: يكفي أنَّ الله قرن طاعتهما بطاعته سبحانه وتعالى بعد التحذير من الشرك؛ فقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (النساء: من الآية 36).



4- العدل بين الأولاد: في الهدية والعطية والهبة والمحبة والصدقة، أو التمييز بينهم في أمور الحياة.



5- العدل في القول: لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ (الأنعام: من الآية 152).



6- الآن عدلت: قال الحسن: جاء ابن لأحد الأصحاب فربت على كتفه وأجلسه على فخذه، فلما جاءت ابنته ربت على كتفها وأجلسها الأرض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فهلاَّ على فخذك الأخرى"، فحملها على فخذه الأخرى فقال صلى الله عليه وسلم: "الآن عدلت".



7- العدل فيما ترعاه: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعيَّة، يموت يوم تموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة" (متفق عليه).