الإيجابية: هي اتخاذ الوضع الأفضل في الظرف الأسوء!
هي سلوك فاعل نحو الإصلاح، وآفتها الجبن والكسل!
الإيجابية مطلب قرآني:
تحدث القرآن الكريم عن فضيلة الإيجابية في مواضع كثيرة بألفاظ مثل المسارعة والمسابقة والمنافسة، مثل قوله - تعالى -: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات) [الأنبياء: 90]، وقوله- تبارك وتعالى -: (وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) آل عمران: 114، وقوله - جل وعلا -: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدِّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133]، وقوله: (سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [الحديد 22]، وقوله: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين: 26]، إضافة إلى قصص الإيجابيين أمثال مؤمن آل فرعون في سورة غافر الذي وقف ينصر جماعة موسى - عليه السلام - أمام طغيان النظام الفرعوني المستبد، ومثال الرجل الصالح في سور يس الذي جاء من أقصى المدينة يسعى لنصرة أنبياء الله المستضعفين، ومثال تلك الجماعة التي أنكرت على أصحاب السبت فسادهم في سورة الأعراف وكان شعار هذه الجماعة المؤمنة هو الإعذار إلى الله، حيث لما قال السلبيون (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا)..قال الإيجابيون: (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف: 164].
ومثال قصة هدهد سليمان في سورة النمل ذلك الهدهد الذي طار إلى مملكة سبأ في جنوب الجزيرة العربية تاركًا سليمان في الشام، بغير تكليف أو تنفيذ لأمر صادر، ليأتي بخبر عظيم إلى القيادة أدى إلى دخول أمة بأكملها في دين الله..
الإيجابية سنة مهجورة!
وقد بينت السنة النبوية أهمية هذه القيمة الإسلامية العظيمة، فيقول- صلى الله عليه وسلم -: " إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها " [صحيح، أحمد، عن أنس].. فبين أن يكون المسلم إيجابيًا حتى قيام الساعة.. وحتى آخر رمق في حياته.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ... " الحديث [مسلم، عن أبي سعيد].. فبين أن يكون المسلم إيجابيًا على الفور، حيث الفاء هنا في " فليغيره" للسرعة، حيث الإسراع في تغيير المنكر واجب كما أن تغيير المنكر نفسه واجب آخر.
ويقول أيضًا: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ فِي أسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا، وَهَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجُوا جَمِيعًا " [البخاري، النعمان بن بشير]. فهذا الحديث الكريم رسالة واضحة إلى هؤلاء الذين اتخذوا من كلمة " وأنا مالي " شعارًا لهم، حيث ناموا عن الحق، وتركوا الباطل يكبر حتى أوشك على إهلاك الجميع.
كيف تكون إيجابيًا؟
إذا أردت أن تتحلى بهذا الخلق الإسلامي فعليك بأربع:
الأولى: الاستعاذة بالله - تعالى - من الكسل والجبن صباًحًا ومساءً فتقول:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" [البخاري، أنس]، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الدعاء وهو في طريقه لفتح خيبر.
الثانية: مقاومة الكسل والجبن عمليًا بالتحرك السريع في إنجاز الفرائض والواجبات والمستحبات.
الثالثة: الثقة بالنفس، فلا إيجابية صادرة من شخص مائع مهزوز.
الرابعة: حب الاقتحام والمغامرة، فالشخص الإيجابي هو الشخص المبادر الذي يقتحم صفوف الباطل، وأسوار الواقع المظلم.
قل ولا تقل:
وإذا أردت أن تنضم إلى صفوف الإيجابيين وجماعتهم، فاحذر أن تكون من الفئة التي سماها الله " المعوقين " فقال: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لمإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلاً) [الأحزاب: 18].
قل: (1) سوف أسعى وأحاول (2) إن شاء الله سننجح (3) أستطيع أن أوظفإمكانياتي لاتقل: (1) لا أستطيع (2) أنا متأكد أننا ناجحون (3) ما باليد حيلة.
فقد قال النص الكريم: (1) " استعن بالله ولا تعجز" (2) (إلا أن يشاء الله) (3) (فتوكل على الله).
ومن الإيجابية أن تشارك في تغيير المنكر الذي تراه أمامك لو بشطر كلمة.
ومن الإيجابية أن تشارك في إصلاح مجتمعك ووطنك ومدينتك، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا..
ومن الإيجابية أن تدلي برأيك في قضايا الأمة على المستويين العام والخاص، العالمي والمحلي.
ومن الإيجابية أن تدعم المخلصين من أبناء وطنك ممن حملوا قضية الإصلاح على عاتقهم.
إن هؤلاء المصلحين أمامك في كل الميادين (في المحليات.. في البرلمان.. في الصحافة... إلخ.