اقيت لهم الله ورسوله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد.
هذه الرسالة خاصة جداً جداًوهي ليست إلا للفئة الطامحة للصف الأول في هذه الأمة صف الصديقين وموضوع هذه الرسالةهو (الخزينة الربانية)،
قد يتوهم البعض حينما يسمع لأول وهلة عنوان الخزينة الربانية أتي أتكلم عن انفاق الأموال لآدخار الحسنات للآخرة وأن نفع هذه الخزينة أُخروياً فحسب، لا ولكني سأتكلم عن الخزينة التي ادخر فيها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أموالهم فربت فيها في الدنيا وعاد نفعها على ذرياتهم بعد موتهم في الدنيا أيضاً،فأعطني سمعك وقلبك رعاك الله وهلم معي نتجول جولة سريعة ننظر فيها حال من يتعاملون مع هذه الخزائن الربانية ، نبدأ أولاً بصديق الأمة الأكبر حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكل ماله انفاقاً على الجيش في سبيل الله، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ماذا أبقيت لأهلك؟ فقال "أبقيت لهم الله ورسوله" ،استحلفكم بالله أن تتأملوا هذه الكلمات بدقة ماذا قال الصديق؟! قال "أبقيت لهم الله ورسوله"،وماذا تعني كلمة أبقيت لهم الله ورسوله؟ أي أبقيت لهم خزائن الله المليئة بالخير والبركة من الأموال والأزواج والأولاد والصحة والألفة والمودة والعيش الطيب والحماية من الفتن والأوبئة، فانظروا ماذا أنفق الصديق ؟!وماذا أبقى؟! لا وجه للمقارنة، ولكن تُرى لماذا فعل الصديق ذلك ولم يبق لأهله ولو بعض المال؟! لأنه يعلم مع من يتعامل انه يتعامل مع ملك كريم لاتنفذ خزائنه، إنه وضع أمواله في خزينة غير قابلة للكسر أو السرقة، وهذه الخزانة لا تحافظ على الأموال فحسب بل تنميها الحسنة بعشر أمثالها بمعنى الجنية بعشر جنيهات والمائة بألف والألف بعشرة آلاف، ولكن هناك فئة خاصة يتعاملون مع هذه الخزينة بأرباح أعلى من ذلك بكثير على حسب درجة اليقين والأخلاص وقيمة المال عند منفقه، فهناك من يتعامل مع هذه الخزينة على ربح 0 70 ضعف وليس عشر أضعاف فقط قال تعالى "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة"
ولكن مازال هناك أضعاف أكثر من ذلك بكثير وهنا أبهمها الله لأن الأرقام لا تستطيع أن تحصي ما يعطيه الله للعبد فقال"والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم"البقرة261
انظروا إلى كلمة والله واسع عليم!!، وتفكروا لماذا ختم الله الآية بهذين الإسمين من اسمائه الحسنى خاصة؟؟!! إنه سبحانه وتعالى يطلق لنفسك الطمع في كرمه بأنه واسع الفضل والعطاء، والملك العليم بما أنفقت، وبنيتك في الإنفاق، وهل ادخرت غير هذا المال لأهلك. عجبتُ جداً عندما سمعت عن حوار مع أغنى رجل في العالم تسأله المحاورة" كم تملك من المال؟" فرد عليها قائلاً" تسألين عن حجم ثروتي قبل أن تسألي أم بعد ما سألتي؟!" انظروا الرجل الكافر كم أعطاه الله من الثروة! هو نفسه لا يستطيع حصرها، حتى إنها لتزداد تزايدا ًلحظياً.هذاعطاءالله للكافر الذي لم ينفق في سبيله درهما فكيف عطاؤه لمن أنفق ماله
لا تنسوا أخواني
بأنكم ستواجهون الباري عز وجل
((من أين أكتسبت مالك وفيما أنفقته((
فعلى المسلم أن يكون سنداً لإخوانه ، عوناً لهم على نوائب الدهر ، ومصائب الزمان ، ولا يتركهم فقراء محتاجين ، وهو يتقلب في نعيم الدنيا ومتاعها ، بل الواجب عليه أن ينفق ما آتاه الله من المال في وجوه البر ، وأعمال الخير ، ينفقها في سبيل الله ، فهناك أبواب لا حصر لها في الإنفاق ، حتى يكون يوم القيامة تحت ظل صدقته ، قال صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسراً ، أو وضع له ، أظله الله في ظله " [ أخرجه مسلم وغيره ] ، ومعنى الحديث : أن من كان له دين على شخص ، فحل موعد السداد ولم يكن المدين مستطيعاً للسداد ، فأنظره وتركه ، وأعطاه مهلة أخرى للسداد ، أو أنقص له من الدين الذي عليه لعله يسدد جزءاً منه ، ويسامح عن الباقي ، فإن الله يظله يوم القيامة تحت ظل عرشه ((.فلعل الله تعالى أن ينفعنا بما سمعنا وقرأنا ، ونسأله سبحانه أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى اللهم على سيدنا محمدوالحمد لله رب العالمين))
(دولت عبدالحميد على الدين مدنى)قسم فلسفة-مجموعه5