مناقشة موضوع تنمية الذات
مقدمة :
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، ولكنه قد طغى عليه شهوات الحياة فتغير منه حتى ترده أسفل سافلين ، فكيف يتحدى الإنسان هذه الشهوات ، ويغير من واقعه المرفوض ليبلغ الأمل المنشود ؟!
فإن المسلم الحق يتميز بسمات معينة تؤهله لحمل معاني الخيرية التي فضَّل الله عزَّ وجلَّ هذه الأمة على غيرها بتحقيقها ، قال تعالى : ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾[آل عمران:110] وقال جلَّ وعزَّ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾[البقرة: 143].
ومن أهم السمات التي يتميز بها المسلم : سمة الجدية ، فالمسلم جادّ في أقواله ، جاد في أفعاله ، جاد في تصرفاته ، جاد في مظهره ، جاد في مخبره ، جاد في علاقاته وتعاملاته مع الناس ، جاد في عبادته ومعاملته مع الله ، جاد حتى مع نفسه ، فلا يجاملها ولا يطريها ، وإنما يحاسبها ويؤذيها ويعاتبها ويأخذ عليه العهود والمواثيق .
أولا تعريف الذات :
ذات الإنسان هي انعكاس لكل ما بداخله وهي تمثل وجهته في الحياة وقدراته وطموحاته, إي أنها تمثل نظرة الإنسان عن نفسه وقدراته ومهاراته ذات الإنسان هي نتاج الخبرات التي يمر بها .
فالذات هي الطابع الخاص للإنسان و مستوى الأداء مع مدى تأثره بالبيئة المحيطة به,بمعني أخر اعتقاد الشخص المكون عن نفسه أو تقييمه لنفسه من حيث إمكانياته ومنجزاته وأهدافه ومواطن قوته وضعفه وعلاقاته بالآخرين ومدى استقلاليته واعتماده على نفسه
والذات تتشكل تلقائيا نتيجة لعلاقة الفرد بالمجتمع والبيئة.
والذات لديها قابلية كبيرة للخلق و الإبداع واخذ الطابع الخاص بها, فالذات البشرية هي ذات متفاعلة ، تتعامل وتتفاعل مع الذوات الأخرى.
تؤثر في غيرها وتتأثر أيضا,ولذالك يتفاوت تقدير الإنسان لذاته.
قد يشعر الإنسان بذاته دون الحاجة لتقييم الآخرين له وذالك من خلال تقبله لنفسه ورضاه عنها مما يجعله يشعر بالسعادة .
وقد يشعر الإنسان بذاته ولكن من خلال انعكاس اثر سلوكه وتصرفاته على سلوك الآخرين وانطباعاتهم . فبذالك يتصور نفسه ، ويقيمها ، من خلال تقييم الآخرين له.
ثانياً صناعة الذات:
هي الفكرة التي تحدونا نحو هدف نسعى إليه بعزيمتنا , و نعرف أننا حقّقنا نجاحنا إذا استطعنا أن نصل إلى ما نريد .. إلى ذلك الهدف .. إلى ذلك النجاح ..
ما احترق لسانٌ بقوله نار , و لا اغْتَنى فقيرٌ بقوله ألفَ دينار , قُل ألف دينار إلى الأسبوع القادم لن تجد في جيبك و لا حتى ديناراً واحداً , قل نار إلى الشهر القادم لن يحترق لسانك , و لكن قل فِكرتك بعد أن تُعمِلها في ذِهنك , تحدَّثْ بها ثم اكتُبها , ثم خطِّط لتنفيذِها , ثُم انطلق بعزيمة , ستُحقِّق ذاتك , سَتصِل إلى ما تُريد و ستكون كما تُريد.
الحياة تجربة و صناعة الذات فكرة تخلق الأمل و الأمل لا بد أن يحذوه العمل وبذلك نستطيع أن نكون و نستطيع أن نحقق ذواتنا .
إذا النجاح الذي نحصل عليه ينطلق من خلال فكرة نصنعها نحن و نمضي نحن في تحقيقها.
ثالثاً كيف تبني ذاتك :
إن صح أن للمسلم معركة، فهي معركة بناء الذات، إنها معركة المسلم مع نفسه، وهي معركة سلمية في أساسها، إنها صراع ذاتي لاستعادة الهوية، ورسم معالم الشخصية، وظهور هذه المعالم الشخصية للفرد المسلم والمجتمع المسلم.
كل ما يريده الإسلام هو أن نبني أنفسنا من الداخل، أن نوجد فيها الخير والعزم والإرادة، وأن نجعل صراعاتها خارج النفس لا داخلها، أن تكون حرب الدنيا المهلكة حربًا خارج النفس لا داخلها، فليس المسلم شخصا يضبط طبيعته، يقهرها مرة وتقهره مرة، ولكن طبيعته تضبط شخصها فهي قانون وجوده.
لماذا الدعوة لبناء ذات المسلم؟
لأن فشل الإنسان في بناء ذاته يعني فشله في اتخاذ قراراته بوعي، وإخفاقه في القدرة على الفعل.
إن الحرية هي القدرة على الفعل والتأثير في الآخرين، ومتى ما أصبح الفرد قادرا على امتلاك ناصيته فإنه سيملك إرادة الفعل والقدرة على التأثير.
لقد عبَّر القرآن الكريم عن ذلك تعبيرًا بديعًا حين قال تعالى مبيِّنًا حكمة بعث محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ".
كيف نبني ذواتنا؟؟
يقوم بناء الذات على نقطتين أساسيتين:
1- تأسيس.
2- إلغاء.
1- التأسيس
يكون عبر إيجاد الوعي كحاجة من الحاجات الأساسية في بناء الشخصية والخبرة والكفاءة، وهذا يأتي من روافد عدة:
أ- متابعة الأحداث يوميًّا وباستمرار.
ب- القراءة كنزٌ لا يفنى.
ج- المشاركة في البرامج المنظمة والدورية.
د- إعداد الدراسات والأبحاث.
ه- توجيه المواسم والمناسبات الدينية والاجتماعية.
و- اكتب فليس المرء يولد كاتبًا.
2- الإلغاء
مرحلةٌ تسبق وتتواكب وتلي مرحلة التأسيس، وهي في كل أحوالها مبنيةٌ على قيام المسلم بتفريغ قلبه ونفسه من كل داءٍ أو علةٍ أو مرض.
إن على المسلم أن:
أ- يراجع نفسه باستمرار، ويلاحظ سلوكياتها، ويقوِّمها.
ب- يحاسب نفسه بدقةٍ مع كل خطأٍ يخطئه أو هفوةٍ يقع فيها، من أين أتت؟ ولِمَ وقعت؟ وألا يترك الأمر للظروف.
ج- يتخلَّص من أمراض السلبية والإهمال والكسل والجهل والرجعية أيًّا كان شكلها أو موضوعها.
د- يثق في دينه وينتمي له، ويتخلى عن التبعية لأي كيانٍ أو جهةٍ غير دينه وربه تعالى.
وأخيرا:
إننا نحب ذاتنا من خلال تكوين قناعات قوية عن النفس بالرضاء فارضي عن نفسك تجد ذاتك هي أفضل ذات ,فكن ذاتك بكل تفصيلها وافخر بما وهبك الله من مزايا ابحث عنها داخلك وطورها ثم حاول أن تواصل مع الذوات الأخرى دون فرض ذاتك بالقوة, تحلى بالمرونة وتقبل كل الذوات ولكن ليس لدرجة أن تتأثر بالذوات الأخرى فيجب أن تعتز بطابعك الخاص.
ويجب أن تكون انجح وافصل إنسان إن أردت أن تثبت ذاتك في الحياة.
اعداد الطالبة . سحر عبد المؤمن
دبلومة نظام العام الواحد
مجموعة رقم 5
شعبة تجارة