ذنوب لا يكلم الله أصحابها ولا يزكيهم :
=====================
وردت نصوص كثيرة ترهب من ذنوب توعد الله من ارتكبها بأن لا يكلمه في يوم القيامة ولا يزكيه ، وله عذاب أليم .
فمن هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ، وهم الأحبار والرهبان والعلماء الذين يكتمون ما عندهم من العلم إرضاءً لحاكم ، أو تحقيقاً لمصلحة ، أو طلباً لعرض دنيوي ، ككتمان الأحبار والرهبان ما يعرفونه من كتبهم من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنكارهم لنبوته ، مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم .
وقد قال الله في هؤلاء : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ - أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) [ البقرة : 174-175 ]
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ) [ البقرة : 174 ] . " وذلك لأنه تعالى غضبان عليهم ، لأنهم كتموا وقد علموا ، فاستحقوا الغضب ، فلا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، أي لا يثني عليهم ، ولا يمدحهم ، بل يعذبهم عذاباً أليماً " (1) .
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار " رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة ، وابن حبان في صحيحه ، والبيهقي ، ورواه الحاكم بنحوه . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .
وفي رواية لابن ماجة قال : " ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجوماً بلجام من نار " (2) .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ومن الذين يغضب الله عليهم يوم القيامة ، فلا يكلمهم ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم الذين ينقضون ما عاهدوا الله عليه ، ويشترون بأيمانهم ثمناً قليلاً ، فيحلفون الأيمان الكاذبة تحقيقاً لكسب دنيوي تافه ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ آل عمران : 77 ] .
وقد ساق ابن كثير أحاديث كثيرة تتعلق بهذه الآية :
منها الحديث الذي رواه مسلم وأهل السنن وأحمد عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله ، ولا ينظر إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم " .قلت : يا رسول الله ، من هم ؟ خسروا وخابوا .قال : وأعاده رسول الله ثلاث مرات .
قال : ( المسبل ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ، والمنان ) .
ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله – عز وجل – وهو عليه غضبان " .
ومنها ما رواه البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلاً أقام سلعة له في السوق ، فحلف بالله لقد أعطي فيها ما لم يعطه ، ليوقع فيها رجلاً من المسلمين ، فنزلت هذه الآية ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) [ آل عمران : 77 ] .
ومنها ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : رجل منع ابن السبيل فضل ماء عنده ، ورجل خلف على سلعته بعد العصر ، يعني كاذباً ، ورجل بايع إماماً ، فإن أعطاه وفى له ، وإن لم يعطه لم يف له " وقال الترمذي : حديث حسن صحيح (3) .
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم : رجل حلف على سلعته : لقد أعطي بها أكثر مما أعطى وهو كاذب ، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، ورجل منع فضل ماء ، فيقول الله يوم القيامة : اليوم أمنعك فضلي ، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك " (4) .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ومن الذنوب التي توعد الله عليها بعدم تكليم صاحبها ، وعدم نظره إليه ، وترك تزكيته ، غير ما تقدم ، الشيخ الزاني ، والملك الكذاب ، والعائل ( أي الفقير ) المستكبر ، والعاق لوالديه ، والمرأة المتشبهة بالرجال ، والديوث ، ومن أتى امرأته في دبرها ، ومن جر ثوبه خيلاء .
ففي صحيح مسلم وسنن النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكبر " (5) .
وفي مسند أحمد وسنن النسائي ، ومستدرك الحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ، والديوث " (6) .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه "
رواه في ((شرح السنة)) (7) .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه بطراً " (8) .
وفيهما أيضاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " (9) .
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر منها شيئاً تخيلاً لم ينظر الله إليه يوم القيامة " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (10) .