من نعم الله علي الإنسان أن خلقه فأحسن صورته وجعله سيدا علي بقية الكائنات يقول تعالي: " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك" "الانفطار".
لقد جاء في الحديث الشريف عن عطاء بن أبي رباح قال قال لي ابن عباس: ألا اريك امرأة من أهل الجنة؟ قال: قلت بلي قال: هذه السوداء أتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع واتكشف فادع الله لي قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك" قالت: لا بل اصبر فادع الله أن لا انكشف أو لا ينكشف عني قال: "فدعا لها" أخرجه الإمام أحمد في مسنده كتاب: ومن مسند بني هاشم باب: مسند عبدالله بن عباس رقم الحديث: .3240
فهذه رأت في الإعاقة والصرع أحد أشكالها منحة تأخذ بيدها إلي الجنة فصبرت علي البلاء رغم شدة وطأتها علي نفسه ولذلك فقد طلبت من الرسول صلي الله عليه وسلم أن يدعو لها ألا تتعري حتي ولو كان الحرج والإثم مرفوعين عنها إذا تعرت حال صرعها.
ولا يفعل كل معوق فعل هذه المرأة الصالحة فالسنة حفظت لنا قصة الرجل الأعمي الذي جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فخيره بين أن يصبر وبين أن يدعو له فاختار الرجل أن يدعو له فعلمه النبي صلي الله عليه وسلم كلمات دعا بهن فرد الله عليه بصره.
فعن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني قال: "إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذاك فهو خير" فقال: "ادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في "أخرجه أحمد في مسنده كتاب: مسند الشاميين باب: حديث عثمان بن حنيف رقم الحديث: 17240" وبهذا فقد عني الإسلام برعاية أصحاب العاهات عناية كبيرة ونظر إليهم كأفراد أسوياء لهم ما لغيرهم من الحقوق وعليهم ما علي غيرهم من واجبات بل وقدم لهم خدمات كثيرة وتيسيرات كبيرة تتمثل في بناء مؤسسات خاصة لرعايتهم وتقديم الخدمات في المجالات الصحية والتعليمية والحياتية.
ويجب أن تتضافر جهود المجتمع والدولة في تحقيق التكافل والعيش الأفضل لمثل هولاء المحتاجين حتي يشعروا بالرحمة والتعاون والعطف وأنهم محل العناية والاهتمام الكامل في نظر الدولة والمجتمع علي السواء.
أما العناية بالعميان والصم والبكم فيجب أن تتركز بفتح مدارس ومعاهد خاصة بهم لتعليمهم وتدريبهم علي الحرف اليدوية وجعل كل الوسائل الإيضاحية والسمعية والبصرية واللمسية تحت تصرفهم ليشعروا بشخصيتهم وكيانهم.
وأما العناية بالمعتوهين فتتركز بتهيئة الجو المناسب لتعليمهم وتربيتهم وأما العناية بضعاف البنية وذوي العيوب الكلامية وأصحاب الأمراض المزمنة فتتركز في إزالة ضعفهم وعاهاتهم وعيوبهم بالعلاج الناجح والغذاء الصالح والوسائل الطبية والصحية اللازمة.
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهييء لنا من أمرنا رشدا وقل ربي زدني علما ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين.