مثَلُكَ فيما أنفقت ...كمثل هذا الراعي

يحكي أن أحد ولاة الموصل على عهد العثمانيين قد بنى جامعاً ضخماً في حي باب الأبيض من مدينة الموصل ، وخصص الوالي لذلك الجامع شيخاً من الشيوخ ، ليكون إمام الجامع وخطيبه .

ولما اكتمل بناء الجامع ، وأصبح عامراً بالمصلين ، سأل الوالي يوما من الأيام شيخ الجامع :"ما عسى أن يكون لي من أجر عند الله تعالى لقاء تشييدي هذا الجامع الكبير ؟"
وأطرق الشيخ إمام المسجد طويلا، ثم قال للوالي:"لابد لي من مراجعة الكتب ؛حتي أستطيع ان أقدم لك الجواب ".
وضرب الشيخ للوالي موعداً أن يحضر مساء اليوم التالي ؛ ليسمع جواب سؤاله .

ولم يكن الوالي مستقيما في عمله ، ولا نزيهاً ، وكان ظالماً قاسياً يصادر أموال الناس ظلماً ، ويحب المال حبا جماً ، ويكتتنزه حلالاً وحراماً ..

وقدم الوالي الجامع في اليوم المضروب ، وهو يتوقع أن يسمع من الشيخ ......مايحب أن يسمع ، لا ما يجب أن يسمع، وذهبت به أمانيه كل مذهب ، فعاد إلى الشيخ مستبشراً مساء اليوم الموعود مؤملا أن يفضي إليه بالجواب الذي يشرح الصدر...

وكان الشيخ من علماء الرحمن لا من علماء السلطان ، وكان ذلك الوالي يطربه سماع ثناء علماء السلطان فتوقع أن يسمع ثناء ً جديداً كالمريض الذي يريحه المخدر ولا يشفيه ..

أخذ الشيخ بيد الوالي إلى باب الجامع ، ووقفا جنباً إلى جنب ، وكانت الشمس تنحدر رويدا إلى المغيب ..
وكان سكان الحي ممن يقتنون الأغنام في بيوتهم ... يوكلون أمر رعايتها ورعيها الي أحد الرعاة ، يأخذها من الصباح ويرجعها في المساء كل يوم ... وما هي الا لحظات حتى أقبل الراعي على الحي ..يهش بعصاه على الأبقار والأغنام وهي في قطيع كبير ... حتي أوصلها إلى أصحابها ...وعاد الى أهله يتوكأ على عصاه ...

أما الشيخ والوالي ما زالا يتحدثان عند باب المسجد ... فابتسم الشيخ وهو يرى القطيع ينفض عن الراعي ليرجع الي بيوت مالكيه ...وقال للوالي:"مثلك عند الله في جزاء ما أنفقت في بناء هذا الجامع ، كمثل هذا الراعي ، فاذا كان لك شيء في القطيع من الأبقار والأغنام ، عدت بها إلى أهلك ، وإلا تفرقت أبقار وأنعام القطيع ... وعادت كل واحدة منها إلى دار صاحبها ، وعدت أنت صُــفر اليدين .."""

وازدادت ابتسامة الشيخ اتساعاً ... وازداد وجه الوالي تقطيباً وعبوساً ... وعاد الشيخ إلى المسجد للصلاة ... وعاد الوالي إلى بيته غضبان أسفا ... لكنه فهم أن أجره عند الله في بناء الجامع هو بمقدار ما قدمه في بنائه من ماله الخاص الحلال ، أما ما قدمه من ماله الحرام فيعود أجره إلى أصحابه ......يوم تعود الحقوق إلى أهلها ذاتياً يوم الحساب ......

بارك الله فيكى أسماء

وجعله فى ميزان حسناتك

بارك الله فيك
ونفع بعلمك

اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك واغننى بفضلك عمن سواك
جزاكم الله خير الجزاء واحسنه

» رأى العلماء فيما يحدث فى مصر
» رُب إمرئ حَتفُه فيما تمناهُ
» الاجتهاد فيما تبقي من شهر رمضان
» فيما يفني الانسان حياته؟!
» لماذا لاتستثمر نعم الله تعالى فيما خلقت له؟!