الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا في رحمتك في عبادك الصالحين .
إنَّ طبيعة رسالة الإسلام هي الاستقامة. فهي قائمة كحد السيف لا عوج فيها ولا انحراف، ولا التواء فيها ولا ميل. الحق فيها واضح لا غموض فيه ولا التباس. ولا يميل مع هوى ولا ينحرف مع مصلحة. يجده من يطلبه في يسر وفي دقة وفي خلوص.
وهي لاستقامتها ـ بسيطة لا تعقيد فيها ولا لف ولا دوران. لا تعقد الأمور ولا توقع في إشكالات من القضايا والتصورات والأشكال الجدلية. وإنما تصدع بالحق في أبسط صورة من صوره، وأعراها عن الشوائب والأخلاط، وأغناها عن الشرح، وتفصيص العبارات وتوليد الكلمات، والدخول بالمعاني في الدروب والمنحنيات! يمكن أن يعيش بها ومعها البادي والحاضر، والأمِّي والعالم، وساكن الكوخ وساكن العمارة؛ ويجد فيها كل حاجته؛ ويدرك منها ما تستقيم به حياته ونظامه وروابطه في يسر ولين.
وهي مستقيمة مع فطرة الكون وناموس الوجود، وطبيعة الأشياء والأحياء حول الإنسان، فلا تصدم طبائع الأشياء، ولا تكلف الإنسان أن يصدمها، إنما هي مستقيمة على نهجها، متناسقة معها، متعاونة كذلك مع سائر القوانين التي تحكم هذا الوجود وما فيه ومن فيه.
وهي من ثم مستقيمة على الطريق إلى الله، واصلة إليه موصلة به، لا يخشى تابعها أن يضل عن خالقه، ولا أن يلتوي عن الطريق إليه. فهو سالك درباً مستقيماً واصلاً ينتهي به إلى رضوان الخالق العظيم.
لا إله إلا الله ، وما دام قد ثبت أنه هو الإله الواحد، فما الذي يمنعك أيها الإنسان أن تخضع لمراده منك؟
إذن فقول الحق بعد ذلك: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } هو أمر منطقي جدا يجب أن ينتهي إليه العاقل، ومع ذلك رحمنا الله سبحانه وتعالى فأرسل لنا رسلا لينبهونا إلى القضية السببية، والمسببة، والمقدمة والنتيجة { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ}.
فكل الأنبياء والرسل الذين ارسلهم الله للبشرية حملوا الإسلام وختم بهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى :
وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ َ
[البقرة132]
قال تعالى :
قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
[البقرة136]
قال تعالى :
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
[آل عمران52]
ولكن هل هناك اديان أخرى ؟ نعم
قال تعالى :
{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}
[الكافرون: 6]
إن معنى ذلك أن هناك دينا لغير الله فيه خضوع واستسلام، وفيه تنفيذ لأوامر، ولكن ليس دينا لله، ولا دينا من عند الله. إن الدين المعترف به عند الله هو الإسلام فقط.