وحدة العمل الإسلامي ضرورة حركية
وفضلاً عن كون وحدة العمل الإسلامي فريضة شرعية ، فإنها ـ كذلك ـ ضرورة حركية وبشرية لأسباب كثيرة ، منها :
( 1 ) إن التغيير الإسلامي المنشود يستلزم تضافر القوى الإسلامية جمعاء في مسيرة واحدة ، وضمن خطة واحدة ، وتشرذم هذه القوى وعدم توحدها من شأنه تعطيل هذه العملية وتأخير الانقلاب الإسلامي ، وبالتالي تمكين القوى الجاهلية من الاستمرار والاسترسال في قيادة المسلمين بشرًا وأقطارًا .
فالتغيير الإسلامي عملية شاقة ، ودحر القوى الجاهلية عن مواقعها ليس بالأمر السهل ، وتحقيق قوامة الإسلام على المجتمع ـ فكرًا وسلوكًا ونظامًا ـ يفرض تلاحم القوى ضمن إطار وحدة ( اندماجية ) لا تنسيقية .
( 2 ) والتواطؤ الدولي على الإسلام وعلى الحركة الإسلامية يفرض بالتالي وحدة المواجهة والتصدي .. فالدول الغربية يجمعها ( حلف شمال الأطلسي ) ، وأوروبا تتعاون فيما بينها ضمن إطار ( السوق الأوروبية المشتركة ) ، ودول المنظومة الاشتراكية يجمعها ( حلف فرصوفيا ) ، واليهود يلتقون ضمن ( المنظمة الصهيونية العالمية ) .
فإذا كانت القوى العالمية المعادية للإسلام المتآمرة على العالم الإسلامي تتعاون فيما بينها وتوحد جبهاتها ، أفلا يحسن بالقوى الإسلامية في العالم الإسلامي أن تتداعى إلى وحدة فيما بينها ، كي لا تكون لقمة سائغة ، وكي لا تسهل تصفيتها وسحقها ؟! .
فلو لم تكن وحدة العمل الإسلامي فريضة شرعية من حيث المبدأ ، لأصبحت كذلك حفاظًا على المصير الإسلامي ، وصونًا للمسيرة الإسلامية من التعطل والتنكيل والإبادة .
( 3 ) ثم إن القوى والأحزاب المحلية المعادية للإسلام باتت تجمعها اليوم جبهات على امتداد العالم الإسلامي ، هذه الجبهات لا تفتأ تدرس وترصد وتخطط وتستعد على كل صعيد ، أفيحسن بالقوى الإسلامية ـ حيال هذا الواقع ـ أن تبقى مشرذمة مفككة ؟ أم يجدر بها أن تتعالى فوق كل الاعتبارات والأسباب التي تحول دون وحدتها وتلاحمها ؟ .
إن مصيرًا مشتركًا رهيبًا ينتظر كل القوى الإسلامية ما لم تبادر إلى نسيان النفس والذات ، وتخرج من دوامة النفس والذات ، لتلتقي جميعًا على الله ، وعلى مصلحة الإسلام العليا .
والمطلوب من الجميع وقفة جريئة من النفس ، صادقة مع الله ، مجردة من الأنانية والعصبية والحزبية وحب الذات ..