فإن التربية المزيفة والخارجية عديمة الفائدة . وعلى الرغم من أن الحيوانات لا تذهب إلى المدرسة .، فإنها تتطور على نحو كامل ورشيد . إنها تحيا حياة حرة بلا مرض ولا قلق ولا فقر ولا متع مخزية . وبدلاً من مواصلة نظام التعليم الحالي ، من الحكمة اكتشاف طريقة لمساعدة الجميع على رفع مستوى ملكة التمييز لديهم ، وتغيير طريقة تفكيرهم بصورة تجعلهم يكنون التقدير والإمتنان العميقين لرؤسائهم وأصدقائهم وأعدائهم على السواء . وعندما نمتلك مثلل هذا الموقف ، لا يعود مهماً ما نفعله . فنحن سعداء في أي وقت وفي أي مكان ، من دون الجرائم والحروب التي يمارسها الإنسان اليوم . فالبذرة الصغيرة ، التي لا تملك لا القوة ولا السلاح ، تقبل حالات الظلام والضغط والبرد والرطوبة . وعوضاً عن الشكوى ولوم الآخرين ، فإنها تفيد من هذه الحالات كمصادر للطاقة . إنها تداس بالأقدام وتؤكل من الحشرات والديدان ، ولكنها ، مع كل صعوبة ، تقوي نفسها وتتطور أكثر فأكثر .
وهكذا يستطيع المرء أن يعيش حياة حرة ، وفي حال سلام مع نفسه ، إذا قبلها كما تفعل البذرة في الأرض . وبالمقابل ، إذا بحث عن السهولة المزيفة والراحة والمتعة والمساعدة والثروة والأمن ، أو إذا كان لديه تصور أبيقوري للحياة – في المعنى المنحط الراهن للكلمة – فإنه سيُضعف حيويته الطبيعية .
لذا من المهم للتربية أن تتيح للمرء مجال معرفة الأصول الطبيعية للصحة السليمة ، أي أن تعلم طريقة تحقيق الصحة بكل معنى الكلمة . وتتألف هذه الطريقة من استهلاك الغذاء الصحيح ، وخلط أنواع الطعام خلطاً سليماً ، وطهيه بالطريقة المناسبة ، بالإضافة إلى الحرص على تناوله كما ينبغي .
بالنتيجة ، يستطيع المرء أن يكتشف بنفسه كل المعارف الأساسية والضرورية لحياة الإنسان الإجتماعية ، ويتقنها ، لأن ملكة التمييز تتبع عملية تطورها الطبيعي . إن لم يتلقوا ، لسوء الحظ ، هذه التربية هم ضحايا الإنتقاء الطبيعي . إن من لم يتلقوا ، لسوء الحظ ، هذه التربية هم ضحايا الإنتقاء الطبيعي ولن يعرفوا سوى المعاناة والمصاعب في العالم ، أي ظلام البذرة والبرعم . ومع مرور الزمن ، سيسقط الكثيرون تحت وطأة الإحباط وتزداد تعاستهم ، ومن ثم تتجلى هذه التعاسة في تحولهم إلى مجرمين وعبيد ومرضى . إن التعساء والأرقاء هم العبء الثقيل على المجتمع المتمدن ، ويمكن أن يصبحوا سبباً للحرب . إن المسؤولية عن وجود التعاسة تعود إلى تدني قدرة التمييز عند الآباء والمربين . غير أن هذه الصعوبات والمعاناة هي المحك الذي لا غنى عنه لمن يمتلكون ملكة التمييز الأسمى ، لأن هذه الآفات الإجتماعية وحدها تستطيع تحويل الإحباط إلى إرادة .
قال فرنسوا بريلا سافاران : " أنت ما تأكله " . ومن دراستي لطب الشرق الأقصى والسنوات الإثنتين والخمسين التي قضيتها في تدريسه ، تتعمق قناعتي ، بكل ما في الكلمة من معنى ، بصحة هذه الكلمات ، وقد توصلت إلى الإستنتاج التالي : إذا كانت التغذية عادلة فإن الإنسان عادل .
مع ذلك لم أملك أن أعرف ماهية التغذية الصحيحة عبر مسيرة التطور على مدى البلايين الثلاثة من السنوات الغابرة على الأرض . لكن المعجزات حصلت ، الواحدة تلو الأخرى في أوساط الذين مارسوا نظام الماكروبيوتيك الغذائي ، والذين شفيتهم بواسطته ، وقد أنجبوا أطفالاً رائعين . وحتى النساء اللواتي لم يستطعن الإنجاب يوماً ، أنجبن صبياناً وبناتاً وفقاً لرغبتهن . وكان الوضع بلا مشقة وسريعاً للغاية . والأطفال في صحة ممتازة وكانت تنشئتهم سهلة جداً ، ولم يصابوا إطلاقاً بنزلات البرد . وكل من يشاهدهم يصاب بالدهشة . هكذا اكتشفت من دون معلم مبدأ علم الأجنة .
لا أعرف شيئاً يهمّ الحياة البشرية والمجتمع أكثر من نظام التغذية الذي تتبعه الأم أثناء فترةل .
المرسل إيمان أحمد على محمد
كلية الأداب -دبلومة العام الواحد