مصطلحات الصوفية
إِن لكل فن من الفنون أو علم من العلوم كالفقه والحديث والمنطق والنحو والهندسة والجبر والفلسفة اصطلاحات خاصة به، لا يعلمها إِلا أرباب ذلك العلم، ومن قرأ كتب علم من العلوم دون أن يعرف اصطلاحاته، أو يطلع على رموزه وإِشاراته، فإِنه يؤول الكلام تأويلات شتى مغايرة لما يقصده العلماء، ومناقضة لما يريده الكاتبون فيتيه ويضل.
وللصوفية اصطلاحاتهم التي قامت بعض الشيء مقام العبارة في تصوير مدركاتهم ومواجيدهم، حين عجزت اللغة عن ذلك. فلابد لمن يريد الفهم عنهم من صحبتهم حتى تتضح له عباراتهم، ويتعرف على إِشاراتهم ومصطلحاتهم. قال بعض العارفين: نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقنا[20]. وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني : سمعت سيدي علياً الخواص رضي الله عنه يقول: إِياك أن تعتقد يا أخي إِذا طالعت كتب القوم، وعرفت مصطلحهم في ألفاظهم أنك صرت صوفياً، إِنما التصوف التخلق بأخلاقهم، ومعرفة طرق استنباطهم لجميع الآداب والأخلاق التي تحلَّوْا بها من الكتاب والسنة[21].
وإِن كلام الصوفية في تحذير من لا يفهم كلامهم ولا يعرف اصطلاحاتهم من قراءة كتبهم ليس من قبيل كتم العلم، ولكن خوفاً من أن يفهم الناس من كتبهم غير ما يقصدون، وخشية أن يؤولوا كلامهم على غير حقيقته، فيقعوا في الإِنكار والاعتراض، شأن من يجهل علماً من العلوم. لأن المطلوب من المؤمن أن يخاطب الناس بما يناسبهم من الكلام وما يتفق مع مستواهم في العلم والفهم والاستعداد[22]. فمن هذه المصطلحات[23].:
الأنس: قال الجنيد: هو ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة.
الاتصال: وهو أن ينفصل العبد بسره عما سوى الله، فلا يَرَى بسره - بمعنى التعظيم - غيرَه، ولا يسمع إلا منه.
التجريد: وهو أن يتجرد العبد بظاهره عن الأعراض، وبباطنه عن الأعواض.
الوجد: هو ما صادف القلب من فزع، أو غم، أو رؤية معنى من أحوال الآخرة، أو كشف حالة بين العبد والله.
التواجد: هو ظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ومن قوي حاله تمكن فسكن.
الغيبة: أن يغيب عن حظوظ نفسه فلا يراها، وهي قائمة معه، موجودة فيه، غير أنه غائب عنها بشهود ما للحق.
الجمع: جمع الهمة: وهو أن تكون الهموم كلها هما واحدا وهو الله