اهمية الانفاق فى العمل التطوعى
فاطمة محمد عبدالله الشعبة اجتماع
إن الإيمان الذي يدعو إليه الدين الإسلامي ليس إيمانا ذهنيا مجردا ولا إيمانا خاملا سلبيا، ولذلك تجد القرآن يقرن دائما الإيمان بالعمل الصالح، لأنه ثمرته اللازمة ونتيجته التي لا تنفك عنه، فإذا تخلف عنه انتفت عنه حقيقة الإيمان، والآيات الدالة على ذلك كثيرة جدا، كقوله تعالى {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} التي تتكرر في القرآن، وتقرن دوما الإيمان بالعمل الصالح. و{الصالحات}: «كلمة جامعة من جوامع القرآن تشمل كل ما تصلح به الدنيا والدين، وما يصلح به الفرد والمجتمع، وما تصلح به الحياة المادية والحياة الروحية معا» (5)، فالإيمان عمل وجهد وحركة وإنتاج، وبهذا التعريف جاءت السنة المطهرة، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري: «الإيمان بضع undefinedوستون شعبة...»، وشعب الإيمان هذه تشتمل على جماع ما فيه صلاح الدنيا والآخرة.
ومما يدل على مكانة العمل الصالح أنه ذكر في القرآن الكريم قريبا من مائة مرة، يدعو إليه، ويرغب به، ويحض عليه، ويثني على أهله العاملين المجدين، وكذلك السنة دعت إلى العمل الصالح، وهو بمعناه العام يشمل شرع الله كله، أمرا ونهيا وإرشادا، وقد ورد مفهوم العمل الصالح في كتاب الله بأسماء وألفاظ شتى من أشهرها: البر، والتقوى، والخير، والطاعة، والإحسان، والحسنة، والهدى، والعبادة، والخيرات، والاستقامة وغيرها، وجميعها بمعنى العمل الصالح (6)، فالبر على سبيل المثال عرفه الله تعالى وعدد مجالاته، فقال {ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (البقرة: 177).
والعمل التطوعي هو جانب مهم وأساسي من العمل الصالح، أما من حيث دلالته ودرجته من الإيمان، فهو ذروته السامقة، لأن صاحبه يتطوع به من تلقاء نفسه دون إلزام أو إجبار، والتطوع هو ميدان السبق الذي يظهر السابقين، ويميزهم عن أصحاب اليمين.