وسـِّــــــــــــــع الدااااائرة

وسع الدائرة

الطفل في السادسة من عمره تسأله من وهبك كل جميل سيقول الله

وتسأله من سبَّب لك كل قبيح سيقول الشيطان

يكبر الطفل فتسأله نفس الأسئلة فيكاد يجيب نفس الإجابات

تلك إذا ً فطرة دينية فلسفية بحته ...

***

الرجل في الخامسة والعشرين من عمره تسأله لماذا لا تعمل حتى الآن وتتواكل على غيرك

سيجيب بكل ما هو معتاد من شاب مثله عاطل يتربع على كرسي " الكافية "

فيقول الظروف الراهنة والبطالة والاقتصاد السيئ والحال المتدهور

ويضع كل عرقلة في حياته على شماعة الظروف والأحوال المناخية والملوخية السيئة ...

فيصبح مجرد " قشة " تتقاذفها رياح الهموم والغموم والكروب والأحزان

تلك إذا نظرة أفقية رأسية ضيقة بحته ....

***

هل تعرف – عزيزي القارئ – ما سبب ذلك ؟؟

وما سبب تلك الظلمات التي تغطي سواد عين ذلك الشاب ؟؟

هل تدرك لماذا يعيش عاطلا ً مهموما ً مغموما ً ؟

أنا أعلم أنك تعلم ! ولكن فذكَّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ..

***

النملة التي تعيش داخل شق صغير في أرض ٍ أو في حائطٍ أو في صخرةٍ

تنظر للدنيا على أنها تلك الصخرة أو ذلك الجدار لا أكثر ولا أقل ...

لا تهدف من حياتها إلا تلك " الفتفوتة "

التي تطعم بها نفسها وصغارها .. ثم لا شيء بعد ذلك

ولك أن تيقن وتتأكد أنها معذورة في هذا التصور فذلك أقصى مدى تذهب إليه ...

أما صاحبنا الشاب ذو الــ " توينتي فايف 25 " من عمره

ينظر للدنيا من ثقب إبرة ويثق بأنه لن ينجح ولن يفلح إلا لو تخطى فيل كبير ذلك الثقب

ولذلك يعيش كالنملة في تصورها وكالحمار بأسفاره ..

يعيش سجين محصور ومنغلق داخل شق نفسه يتحرك داخل شق نفسه

ينظر للأمور من ذلك الثقب ويدور في حلقة مفرغة من الهموم الذاتية

تبدأ منذ ميلاده وتنتهي عند وفاته

ثم تكون حياته في النهاية مجرد تحصيل حاصل

أو بالأحرى حاصل ضرب ( صفر × صفر )

حبيبي في الله ..

لا تنظر لأمور حياتك من ثقب تلك الإبرة ووسع دائرة بصرك وبصيرتك وعقلك

ودر الأمور بإيجابية ..

فأنت تعلم أن مشكلتك ستحل وستفرج إن شاء الله

وأن نظرتك تلك ما هي إلا نظرة من ثقب إبرة موجودة داخل درج في إحدى الغرف

في إحدى الشقق وشقتك هي واحدة من عشرات مثلها في الشارع

والشارع واحد من مئات الشوارع في المدينة التي هي محافظة

في دولتك التي بدورها مجرد قـُطر في قارة كبيرة

ومثلها سبع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء أسمها

الكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب أخرى تدور حول الشمس

ومجموعة الكواكب كلها بشمسها تدور في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس

وغيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أنا ولا أنت ولا صديقك

نعرف له وصفاً ولا شكلاً

وكل هذا يسمى بالسماء الأولى التي بدورها إحدى سبع سماوات

لم تطلع عليها عين ولم تطأها قدم

ومن فوقها يستوي رب العرش ذو الجلال والإكرام

يدبر كل تلك الأكوان من أكبر مجرة لأصغر ذرة

تخييييل ؟؟ كيف ينظر ذلك الشاب لحياته

نعم أعلم أنك أكبر من كل تلك التخيلات السلبية التي يعيشها هو

لأنك غيره لأنك الإيجابي المسلم

الذي وهبه الله العلم والأدب والخيال والأدوات والحيل والذكاءات

وأنك الذي ستمشي على تراب القمر

وستضع الكاميرات على أرض المريخ

وستصنع ملابسك من مواد كوكب المشترى

فلنخرج سويا ً من جحورنا ومن ثقب الإبرة الذي يحيط بأعيننا

ولنخرج من الهموم الذاتية ونحمل هموم القدس والعرب

ثم نتخطى ذلك الحمل إلى حمل أكبر وهو رقي الإنسانية كلها

ثم بعدها إلى الوصول إلى الله وجنانه

فنتحرر من كل تلك القيود في تلك الدار الزائلة ....