من دروس الإمام الجعفرى بالأزهر الشريف
فى شرح قول النبى – -صلى الله عليه وآله وسلم- :
" إتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن "
(رواه الحاكم والترمذى واحمد)
اللهم صل على خير الأنام . . اللهم صل على النبى المصطفى أفصح الناس لسانًا ، وأظهرهم بيانًا ، وأقواهم حجة، وأوضحهم محجة، صلاة ترضيه وترضى بها عنا يارب العالمين.
قال سيدنا على – كرم الله وجهه – (هذا جدنا رضى الله عنه) :
"التقوى : الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل ".
نحن لا نعرف معنى التقوى !!
أن يكون الرجل خائفًا من ربه . . اللهم ارزقنا خوفًا منك يحجزنا عن معصيتك، والخوف لا يتأتى إلا بعد العلم ، بعد أن يعلم الإنسان أن الله حاضر ، وأن الله معه ، وأن الله يسمعه ويراه . .
وابن آدم من غير معرفة الله يكون أقل من البهيمة . . فالإنسان الذى لا يعرف ربه يكون أقل من البهيمة . . يخاف من الله – تعالى – كما قال :
(وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) لأن من لا يعلم يمكن أن يعمل شيئًا يستوجب الغضب ، وهو لا يدرى . .
(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً)
قال شيخنا أبو البركات الدردير رضى الله عنه :
وغلب الخوف على الرجــاء (وسر لمولاك بلا تنــــاء)
فالعلماء قالوا : هل الإنسان يغلب الخوف أم الرجاء ؟ !
إذا كان صحيحًا ، يغلب الخوف على الرجاء ، وإذا كان مريضًا يغلب الرجاء على الخوف .
وقال بعضهم : يجعل الخوف والرجاء كجناحى الطائر . . وهذا رأى الإمام مالك . .
الخوف من الجليل : الخوف من الله . .
متى يكون الإنسان خائفًا من الله ؟ وكيف يعرف أنه خائف منه ؟
إذا نفسه حدثته بالمعصية ، فتذكر أن الله ناظر إليه، فتركها حياءً من الله، فهذا اسمه خائف من الله .
الملائكة يخافون من الله ، وأما نحن فنضحك غير خائفين من الله تعالى !! – النبى – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول :
" عجبت لغافل وليس بمغفول عنه ، وعجبت لمن يضحك بملء فيه، وهو لايدرى أرضى الله عليه أم سخط ؟ ! .
فكيف تضحك إذا علمت أن الله – تعالى – غضبان ؟ !!
ومن أجل علامات الخوف من الله : ترك المعصية من أجل الله تعالى . . وتذكر أن الله معه ناظر إليه . .
معرفة الله – تعالى – لها باب لا بد أن تذكره : (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)
فاذكروه بها . .
فالصوفية قالو : " لا إله إلا الله " تنقل النفس من أمارة بالسوء إلى لوامة . . وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
وقال سبحانه :
(أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
فذكر الله تعالى – يعلم القلوب معرفة الله – تعالى – كما يعلمها الخوف منه سبحانه. ويجلوا صدأ الذنوب وسوادها، ويحييها من مواتها .
قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم :
" إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاؤها ذكر الله "
ويقول عليه الصلاة والسلام :
" مثل الذى يذكر ربه والذى لايذكر ربه : مثل الحى والميت ".
إذا كنت تريد أن تموت قبل موتتك ، أترك ذكر الله تعالى ! !
قال الله تعالى :
(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)
فإن كنت تريد أن يكون لك اتصالا بالملأ الأعلى ، وتكون من الموردين ، فاذكر الله سبحانه .
يوجد فى الدنيا ناس موردون فأعمالهم ترفع الى عليين ، وفيه مكان آخر اسمه سجين . . فالأعمال القبيحة كلها تذهب الى هذا المكان . . .
وهناك كلام وعمل مباح لا ثواب ولا عقاب . . .
إذن . . فإلى أين يذهب الإنسان الكامل ، وهو فى الدنيا يعمل العمل الصالح . . " إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ "
وأفضل ما يرفع كلام الله، لأن افضل كلام كلام الله تعالى !! فأقرأ ولو " قل هو الله أحد" . . ولو الفاتحة . .
قال صلى الله عليه وآله وسلم :
" (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن .
ما دام أنت قاعد يرفع منك إلى الله أفضل كلام وأطيبه . . لا يوجد تأخير ولا تقصير ، وفى الحديث الشريف :
" من قرأ (قل هو الله أحد) مائة مرة فى الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة من النار" .
(اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) .
أفضل الكلام كلام الله الرحمن ! .. (الرَّحْمَنُ *عَلَّمَ الْقُرْآنَ *خَلَقَ الإِنسَانَ *عَلَّمَهُ الْبَيَانَ *)
الرحمن !! من الرحمن ؟ ! . . ومعنــاه : الذى يعطى النعم الكبيرة . والرحيم : الذى يعطى النعم الصغيرة . .
(وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ )
إن كانت عندك نعمة كبيرة فمن الله ! ، وإن كانت عندك نعمة صغيرة فهى من الله أيضًا!. .
يقول النبى المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم :
" ليسأل أحدكم ربه حاجته أو حوائجه كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع وحتى يسأله الملح "
لا تسألن بنى آدم حاجـــــة وسل الذى أبوابــه لاتحجــب
فالله يغضب إن تركت سؤالــه وبنى آدم حين يسأل يغضــب
" روى أن سيدنا عليا – رضى الله عنه – كان يطوف بالكعبة فإذا هو برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يامن لا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا يغلطه السائلون، ويا من لا يتبرم بالحاح الملحين : ارزقنى برد عفوك وحلاوة رحمتك ... فقال له الإمام على : ياعبد الله أعد دعاءك هذذا ... قال : وقد سمعته ؟ ! قال نعم . . قال : فادع به فى دبر كل صلاة، فوالذى نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء ومطرها ، وحصباء الأرض وترابها لغفر لك أسرع من طرفة عين "
ويقول النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- :
" سلوا الله من فضله، فإن الله – عز وجل – يحب أن يسأل "
ومن اعتقد أن الله – تعالى – يغضب عند سؤاله – أو يغفل ، أو يتأخر، كفر . . وقد ورد فى الحديث :
" إذا قال العبد : يارب . . يارب ، قال الله : لبيك عبدى . . سل تعطه ".
فكر فى نفسك ! إنك عندما تتوب، تتوب إلى ارحم الراحمين :
(وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)
وفى الحديث :
" ثلاثة يضحك الله إليهم يوم القيامة :
الرجل إذا قام من الليل يصلى، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال "
فالرجل الذى يقوم من الليل يصلى، يدخل تحت قوله سبحانه :
(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً) وقوله (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ)
هل النائم طوال الليل مثل من يصلى ؟ ! كلا . .
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً)
وهذا – القيام بالليل – يسير على من يسره الله عليه . . إذا إن كل عمل خير فى الدنيا صعب، ولكن إذا يسره الله – تعالى – على العبد صار سهلاً . . إياك أن تجعل الجماعة تفوتك !! كم من أناس يتسابقون الخيران! فسارع ودوام على الخيرات !!
فإن كنت فارســًا فكن كعلى وإن كنت شاعرًا فكن كابن هانى
(والعمل بالتنزيل) : القرآن نزل من عند الله – تعالى - (تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) والعمل بالقرآن من التقوى ، وترك العمل بالقرآن ليس من التقوى . . بالقرآن كله : بأوامره ونواهيه . . فلو تركت أمرًا سئلت عنه . . إياك أن تظن أنك لست مراقبًا من ربك . . أو انه غافل عنك . . يقول النبى – صلى الله عليه وآله وسلم :
" عجبت لغافل وليس بمغفول عنه ؟
القلم يكتب كل شئ ليلاً ونهارًا : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ)
وربنا – سبحانه – يقول : (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً)
القرآن كلما تلى وسمعه المؤمن زاده ايمانًا .. هذه خصوصية فى القرآن ، لأنه كلما قرئ زادهم إيمانًا .
وكلمة (إيمانًا) أى : تصديقًا بأن الساعة آتية وأن الله يبعث من فى القبور، زادهم تصديقًا بأن الجنة للمؤمنين .
من علامات القرآن يا غافل أنه كلما تلى على المؤمن زاد الإيمان فى قلبه .
(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
وأما إذا كان يسمع القرآن وقلبه لآه ، فلا . .
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ )
استمع وأنصت يزدد إيمانك !!
الله !! وكتابه !! ورسوله !! ماذا بعد هذا فى الدنيا ؟ !!
لاشئ . .
تأتى للقرآن . . يقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم :
" من أراد أن يتكلم مع الله ، فليقرأ القرآن ".
تأتى لأى كتاب حديث : إذا قرأت حديثه ، كأنه جالس أمامك، وتسمع كلامه لاتغفل عنه . .
الصحابة رضى الله عنهم – كان شغلهم بالله وبتلاوة القرآن، وبمحبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وسماع كلامه . .
فأنت عندما تحافظ على الكتاب والسنة تكون متشبهًا بالصحابة – رضى الله عنهم – بعض الناس يظنون أن النبى – صلى الله عليه وآله وسلم – واحد مثل الناس فى كل شئ، ولو فتحوا الأقفال لرأوا العجب العجاب !!
سيدنا جبريل – عليه السلام – مخلوق ، وهو موجود فى السماء السابعة . .
والنبى – صلى الله عليه ,آله وسلم – أفضل مخلوقات الله تعالى . .
سيدنا موسى مات، وسيدنا إبراهيم مات !! كيف صلى بهم فى اليقظة فى بيت المقدس، ثم إذا صعد إلى السماء وجدهم فى السماء . !!
هذه اسمها الخوارق للعادات، جميع كتب السنة روت هذه الأحاديث، وأنه كان فى حال اليقظة : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى )
هذه سيرهم ، ونبينا – صلى الله عليه وآله وسلم – يجرى عليه ما جرى عليهم ، ..
يقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم :- " ... وقد رأيتنى فى جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلى، فإذا رجل ضرب – أى خفيف اللحم – جعد كأنه من رجال شنوءة – قبيلة من قبائل العرب ، وإذا عيسى ابن مريم قائم يصلى ، أقرب الناس به شبهًا عروة بن مسعود الثقفى، وإذ1ا إبراهيم قائم يصلى، اشبه الناس به صاحبكم – يعنى نفسه – فحانت الصلاة فأممتهم "
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : " ما من أحد يسلم على – وفى رواية عند قبرى – إلا رد الله على روحى حتى أرد عليه السلام ".
العلماء قالوا : الموت : إخراج الروح من الجسد، والحياة رد الروح إلى الجسد. . بعض الناس يقولون : النبى مات ويعتقد أنه ساوى الخلق فى ذلك . ولكن الله – سبحانه - خصه بخصائص لا تكون لغيره .
ربنا – سبحانه- يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) ، (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ )
هذه عنايات من الله – سبحانه – للنبى صلى الله عليه وآله وسلم .!!
قال صلى الله عليه وآله وسلم : " بعثت بجوامع الكلم ، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم رايتنى أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت فى يدى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]