بسم الله الرحمن الرحيم
الاسلام ليس جماعات اسسها بشر وانما الاسلام جماعه واحدة اسسها سيد البشر :
إن الاعتصام بحبل الله وتوحيد الله كانا هما الأساس الذي أقام عليه النبي دعائم الوحدة، وكان الحجر الأساس لبناء هذه الوحدة هو ما دعا إليه النبي الناس من الإذعان والخضوع لله موحدين لا مشركين (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) 52 المؤمنون
إن سعادة الأمة ورفعتها لا تكون إلا عن طريق وحدتها والتئام شملها، كما أن شقاءها وتلاشي عظمتها وذهاب ريحها إنما ينشأ عن اختلاف الكلمة وتضارب الأفكار وتباين المقاصد، ومن أجل هذا أراد الرسول ص من المسلمين أن يقيموا وحدتهم الإسلامية على أساس يجعلهم متحدين متوافقين في كل شيء: في العقيدة والعبادة والاتجاه والمقصد واللغة والوطن والأخلاق والثقافة والزي والعادات والتقاليد والدفاع المشترك والتضامن والتكافل حتى تصبح الأمة يدًا واحدة تحقيقًا لقول الرسول: "المسلمون أمة واحدة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم على يد من سواهم
ولم تكن الوحدة التي دعا إليها النبي ص مجرد شعار رفعه ليجمع حوله قبيلته أو قومه أو مجرد نظرية قومية لتحقيق طموحات شخصية، بل كانت عقيدة آمن بها ودعا إليها وأرسى مبادئها بكل الوسائل، وهنا تتجلى عبقريته ص في بناء الوحدة، وإذا أردنا اليوم بناء وحدة إسلامية وإنسانية فلابد من تلمس خطى النبي في هذا الاتجاه.
لقد كان التوحيد وإرساء العقيدة الصحيحة هما الأساس الذي أقام عليه النبي صرح الوحدة، فوحدة العقيدة هي الحجر الأساس لبناء الوحدة، وهنا كان أول ما دعا إليه النبي هي كلمة التوحيد التي يدخل بها الفرد إلى الإسلام ومجتمع المسلمين ثم جاءت شعائر الإسلام لتؤكد معنى الوحدة، ففي الصلاة يتعلم المسلمون معنى الوحدة ومعنى الجماعة ومعنى الصف الواحد المتآلف المستوي، وفي هذه الصلاة يتجه المسلمون على مدار اليوم والليلة إلى قبلة واحدة، فالمسلمون في الشمال والجنوب والشرق والغرب كلهم يتجهون إلى الكعبة (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) (البقرة:144)
واعتبر الرسول البلاد الإسلامية كلها وطنًا واحدًا، فأوجب على المسلمين أجمعين حمايتها والدفاع عنها والعمل على إسعاد أهلها ومنع الجور والظلم عنهم، حتى إنه لم ينه عن البر بغير المسلمين إذا لم يقاتلوا المسلمين الموجودين في بلادهم، وهو ما يعرف اليوم بحق المواطنة.
ولم يكتف الرسول بهذا، بل عمل على غرس بذور الحب المتبادل في قلوب المسلمين وأحكام روابط الإخوة العامة فيما بينهم، ونهاهم عن كل ما من شأنه أن يولد الضغائن والعداء في النفوس أو يدعو إلى التحاسد. وجاءت الأحاديث تؤكد هذه المعاني فقال ص: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يكذبه. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"، ويقول: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، ويقول: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" ويقول: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، "ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء"، ويقول: "ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى، قال: هم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرءاء العيب".
إن معنى الوحدة الذي أكدته آيات القرآن وأحاديث النبي ومارسه النبي في حياته يبني أمة واحدة متحدة على الفكرة الواحدة والشعيرة الواحدة والقبلة الواحدة والقيادة الواحدة، وحدة بناها على الأساس المتين الذي يجمع ولا يفرق، أساس التوحيد وإخلاص العبودية لله سبحانه وتعالى.. إن هذه الوحدة لهي المخرج مما يعانيه المسلمون اليوم من هوان وذلة، وما تفرق المسلمون اليوم إلا من بعد ما جاءتهم الأفكار الوضعية واتبعوا السبل وترك سبيل الله، فوجهوا سهامهم إلى صدور إخوانهم ونسوا وصية نبيهم في حجة الوداع: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".
ألم يحدث أن تقاتلت دول إسلامية سنين طويلة، واستنزفت قواها ودمرت ثرواتها وخربت اقتصادها؟ ألم يحدث أن كثيرًا من المسلمين يضرب بعضهم رقاب بعض؟ إن لم يكن بالسلاح فبالكلمة والطعن والغمز واللمز والغيبة والنميمة! ماذا ترى في الحوارات التي تجرى على معظم الفضائيات؟ أليس هو السباب الذي نهى عنه الرسول الله صلى الله عليه وسلم
إن كثيرين يدعون إلى العصبية إن لم يكن بلسان المقال فبلسان الحال، وليس هذا من هدي الإسلام ولا من تعاليم النبي ص الذي أرسله الله رحمة للعالمين.
إن الله سبحانه وتعالى، دعا الناس جميعاً إلى التعارف والتآلف.. (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (13 الحجرات)، وإذا كان هذا بين شعوب مسلمة وغير مسلمة فإنها بين المسلمين بعضهم بعضًا أوجب وآكد. إن التحديات التي تواجه المسلمين اليوم لتوجب عليهم وتفرض عليهم أن يتوحدوا، فالوحدة فريضة إسلامية ، ولا خلافة لا تقوم إلا إذا تحققت الوحدة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لذلك على المسلمين أن يتوحدوا ويعتصموا بحبل الله جميعًا ولا يتفرقوا.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم المرسلين والمبعوث رحمه للعالمين
الاسم :مى محمد احمد حسن
الشعبة :اللغة الفرنسية
الدبلومة العامة التربوية لنظام (العام الواحد)