بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد لفت إنتباهي مايحدث في كثير من المنتديات بين اخواننا أهل السنة والجماعة من خلافات في
وجهات النظر حول بعض المسائل والكتابة عنها بين مؤيدٍ ومخالف ونقل فتاوى متناقضة لجهابذة
علماء أهل السنة والجماعة وقد يرى المطلع على ماينشرأحياناً فتاوى متناقضة ولنفس المفتي حتى وصل بهم
الأمرإلى الشتم والتبديع والهمز واللمز الذي قد ينول شيئاً منها علماؤنا علماء أهل السنة والجماعة رحمهم الله
وبارك لنا في من كان حياً منهم في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن
قال تعالى: (شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ) [آل عمران: 18].
قال ابن كثير في تفسيره: "قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته فقال: (شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ) وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام0
وقال الله تعالى: (يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ) [المجادلة:11].
قال الطبري: "يرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين الذين لم يؤتوا العلم بفضل علمهم درجات إذا عملوا بما أمروا به".
وقال تعالى ((أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)) (9)سورة الزمر
فيأتي من يأتي من شباب المسلمين_من العامة أو طلبة العلم_ الذين هم أمل هذه الأمة بعد الله عز وجل فيتبارزون بفتاوى جهابذة العلم وعلى سبيل االمثال لا الحصر:-
1- الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
2- الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
3- الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
4- وأيضاً بعض مُحَدِثي هذا العصر الحديث
بين مُؤيدٍ ومُخَالف وهامزٍ ولامز وإنا لله وإنا إليه راجعون مما يسبب الفرقة والتعصب ورغم ضآلة
علمي وقلة معرفتي ولكني لا أراها إلا من خطوات الشيطان وهمزات الشياطين ومدعاةً للفرقة والعياذ بالله قال تعالى
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) النور
21
وقال الله تعالى: ( وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) ) ( سورة المؤمنون )
وقال تعالى{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (ال عمران 103
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تحاسدوا، ولاتناجشوا، ولاتباغضوا، ولاتدابروا،
ولايبع بعضكم على بيع بعض،وكونوا عباد الله إخواناً0المسلم أخو المسلم لا يَظْلِمُهُ،ولايَخْذُلُهُ،
ولا يَكْذِبُهُ،ولايَحْقِرُهُ0التقوى هاهنا)) ويُشِيرُ إلى صدره ثلاث مراتٍ((بِحَسْبِ امرىءٍ من الشر
أن يَحْقِرَ أخاه المسلم 0 كل المسلم على المسلم حرامٌ:دَمُهُ،وَمَالُهُ،وَعِرْضُهُ))رواه مسلم
ولاشك أن الخلاف في بعض المسائل قد يَرِد بين العلماء وبين مُحَدثي عصر هذه الأمة ولكننا لم نرى منهم
إلا كل أدبٍ وإحترامٍ لبعضهم البعض ورسالتي إلى شباب المسلمين أن لا ينصاعوا
وراء هكذا خلافات عبرالمنتديات التي لا يعلم ماوراؤها من المقاصد والتي
قد تكون سبباً في دخول أعداء المسلمين عليكم من هذا الباب وأُذَكر نفسي وإياكم
بقول الله عز وجل (({وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 43، 44].
وقال تعالى ((وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7].
وعلى الإنسان الحرص كل الحرص فلا يسأل إلا من يثق بعلمه من العلماء
والمُحَدِثين الموثوق فيهم والمعروفين وهم أهل لذلك إن شاء الله وهناك كلامٌ جميل
لأحد الفضلاء حول هذه النقطة ((د0عمر بن عبدالله المقبل)) حيث قال
((قاعدة قرآنية محكمة، لها أثرها البالغ في تصحيح سير الإنسان إلى ربه، وضبط عباداته ومعاملاته وسلوكياته، ومعرفة ما يخفى عليه أو يشكل من أمر دينه، إنها القاعدة التي دل عليها قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]
وهذه القاعدة تكررت بنصها في موضعين من كتاب الله تعالى:
الموضع الأول في سورة النحل، يقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 43، 44].
والموضع الثاني: في سورة الأنبياء، يقول سبحانه وتعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7].
وكلا الآيتين جاء في سياق إرشاد الكفار ـ المعاندين والمكذبين ـ إلى سؤال من سبقهم من أهل الكتاب، وفي هذا الإرشاد إيماء واضح إلى أن أولئك المشركين المعاندين لا يعلمون، وأنهم جهال، وإلا لما كان في إرشادهم إلى السؤال فائدة.
وإذا تأملت ـ أيها القارئ الكريم ـ في هذه القاعدة مع سياقها في الموضعين من سورة النحل والأنبياء، خرجت منها بأمور:
1 ـ عموم هذه القاعدة فيها مدح لأهل العلم.
2 ـ وأن أعلى أنواعه: العلمُ بكتاب الله المنزل، فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث.
3 ـ أنها تضمنت تعديل أهل العلم وتزكيتهم، حيث أمر بسؤالهم.
4 ـ أن السائل والجاهل يخرج من التبعة بمجرد السؤال، وفي ضمن هذا: أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.
5 ـ كما أشارت هذه القاعدة إلى أن أفضل أهل الذكر أهلُ هذا القرآن العظيم، فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم(1).
6 ـ الأمرُ بالتعلم، والسؤالُ لأهل العلم، ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه.
7 ـ وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهي له أن يتصدى لذلك.
8 ـ وفي هذه القاعدة دليل واضح على أن الاجتهاد لا يجب على جميع الناس؛ لأن الأمر بسؤال
العلماء دليل على أن هناك أقواماً فرضهم السؤال لا الاجتهاد، وهذا كما هو دلالة الشرع، فهو منطق العقل ـ أيضاً ـ إذ لا يتصور أحدٌ أن يكون جميع الناس مجتهدين.
والمقصود من هذا البيان الموجز: التنبيه على ضرورة تحري الإنسان في سؤاله، وأن لا يسأل إلا من تبرأ به الذمة، ومن هو أتقى وأعلم وأورع، فهؤلاء هم أهل الذكر حقاً الذين نصت هذه القاعدة على وصفهم بهذا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
والله المستعان،وعليه التكلان، ونعوذ به سبحانه وتعالى أن نقول عليه أو على رسوله صلى الله عليه وسلم ما لا نعلم، والحمد لله رب العالمين))
وختاماً أسأل الله العلي العظيم أن يحفظنا وإياكم من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن
هذا والله أعلم
وإن أصبت فهو من الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأسأل الله الغفران
كتبه أخوكم فالله ف0ق0الغنامي بتاريخ 11/5/1433هـ