الاسلام ليس جماعات اسسها البشر وانما الاسلام جماعة واحدة اسسها سيد البشر
ائتلاف القلوب والمشاعر، واتِّحاد الغايات والمناهج من أوضح تعاليم الإسلام، وألزم خِلال المسلمين المخلصين، ولا ريب أنَّ توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدِّعامة الوطيدة لبقاء الأُمَّة، ودوام دولتها، ونجاح رسالتها، ولئن كانت كلمة التوحيد باب الإسلام؛ فإن توحيد الكلمة سرُّ البقاء فيه، والإبقاء عليه، والضمان الأوَّل للقاء الله بوجه مشرق وصفحة نقيَّة.
ولكي يمتزج المسلم بالمجتمع الذي يحيا فيه شرع الله الجماعة للصلوات اليوميَّة، وكان رسول الله شديد التحذير من عواقب الاعتزال والفرقة، وكان في حلِّه ترحاله يوصي بالتجمُّع والاتحاد، قال-صلى الله عليه وسلم-: "الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ، فَإِذَا كَانُوا ثَلاثَةً لَمْ يَهُمَّ بِهِمْ"
فإن الناس إن لم يجمعهم الحقُّ شعَّبَهم الباطل، وإذا لم توحِّدهم عبادة الرحمن مزَّقتهم عبادة الشيطان، ورُوح الإسلام في علاج الخلاف العلمي تتَّسم بالمثوبة حال الإصابة والخطأ، ما دام القصد طلب الحقِّ، أمَّا أن يُجْعَلَ الخلافُ مصيدة العناد والبغض فهذا ضياع الدين والدنيا؛ فإن الشقاق يُضعِف الأُمم القويَّة، ويميت الأُمم الضعيفة، والإسلام لذلك يُطفِئ بقوة بوادر الخلاف، ويُهِيبُ بالأفراد أن يتكاتفوا على إخراج الأُمَّة من أزمات الشقاق، وأعداءُ الإسلام يودُّون أن يضعوا أيديهم على شخص واحد؛ ليكون طرفًا ناتئًا يستمكنون منه، ويجذبون الأُمَّة كلها عن طريقه، فلا جَرَم أن يستأصل النتوء؛ لتَسْلَمَ الجماعة كلها من أخطاء بقائه؛ لذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ لا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلالَةٍ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ"
وفي الناس طبائع سيِّئة قد تموت وحدها في ظلِّ الوَحدة الكاملة، فإذا نجمت بوادر الفرقة رأيت المتربِّصين والمنتهزين يلتفُّون حول أوَّل ثائر، ظاهر أمرهم التجمُّع حول مبدأ، وباطنه دون ذلك، ولذلك يقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : "مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً..."
وإذا كان من حقِّ الفاضل أن يُقَدَّم، ومن حقِّ ذي الكفاية أن تستفيد منه الأُمَّة وتنتفع؛ إلاَّ أن ذلك لن يكون على يد مَنْ يحبُّون الرياسة ويسعون إليها؛ لأن طلاَّب الزعامة يفوتهم توفيق الله، ومن ثَمَّ كان قرار الإسلام بحرمان طلاب الرياسة من المناصب التي يعشقونها.
لذا فإن الفتوق الشنعاء التي انهدمت لها أركان الإسلام وأُمَّته بدأتْ وتكرَّرتْ، وما زالت تبدأ وتُكَرَّر من الأفراد والأسر المصابة بحب الرياسة؛ فليحذر المسلم هذا الانحراف أينما وجده، ولْيَسْعَ لوَحدة الأمة؛ نجاةً لها من الضياع والتيه.
دعــــــــــــاء مــصــطــــــفـــى عــبــــــادى
شعــــــــــبة العلـــــــــــــــــوم
مجــــمــــوعــــــــــة2