بسم الله الرحمن الرحيم
إن الفقر في الإسلام فردا كان أو دولة، هو من يعيش في مستوى تفصله هوة سحيقة عن المستوى المعيشي السائد في المجتمع المحلى أو العالمي. أي هو من لا يتوافر له المستوى اللائق للمعيشة بحسب الزمان والمكان، وباصطلاح الفكر الاقتصادي الإسلامي هو من لا يتوافر له " حد الكفاية " لا "حد الكفاف".
وإصطلاح " حد الكفاية " أو "حد الغنى" وإن لم يرد صراحة في نص من نصوص القرآن أو السنة، إلا أنه يستفاد من روح هذه النصوص. وقد ورد صراحة في تعبيرات أئمة الإسلام وكذا في مختلف كتب الفقه القديمة، لا سيما بمناسبة بحث الزكاة التي هي بالتعبير الحديث وعل نحو ما سنرى هي مؤسسة الضمان الاجتماعي في الإسلام.
1. فيقول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب " إذا أعطيتم فأغنوا"
2. ويقول الخليفة الرابع على بن أبي طالب " إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم ".
3. ويقول الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية " فيدفع إلى الفقير والمسكين من الزكاة ما يخرج به من اسم الفقير والمسكين إلى أدنى مراتب الغنى"، كما يقول " تقدير العطاء معتبر بالكفاية ".
4. ويقول الإمام السرخسي في كتابه المبسوط " وعلى الإمام أن يتقي الله في صرف الأموال إلى المصارف، فلا يدع فقيرا إلا أعطاه من الصدقات حتى يغنيه وعياله، وإن احتاج بعض السلمين وليس في بيت المال من الصدقات شئ أعطى الإمام ما يحتاجون إليه من بيت المال "
5. ويقول الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات "الكفاية تختلف باختلاف الساعات والأحوال"، وقد جرى المثل" صيانة النفس في كفايتها".
6. ويقول الإمام المناوي في كتابه فيض القدير تعليقا على حديث " وابدأ بمن تعول" : " لا يتناول ترفيه العيال وإطعامهم لذائذ المطاعم بما زاد على كفايتهم، لأن من لم تندفع حاجاته أولى بالصدقة ممن اندفعت حاجته في مقصود الشرع".
7. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية " الفقير الشرعي المذكور في الكتاب والسنة الذي يستحق من الزكاة والمصالح ونحوها ليس هو الفقير الاصطلاحي الذي يتقيد بلبسة معينة وطريقة معينة، بل كل من ليس له كفاية تكفيه وتكفي عياله فهو من الفقراء والمساكين … واتفق العلماء على أن من لا مال له وهو عاجز عن الكسب، فإنه يعطي ما يكفيه سواء كان لبسه لبس الفقير الاصطلاحي أو لبس الجند المقاتلة أو لبس التجار أو الصناع أو الفلاحين، فالزكاة لا يختص بها صنف من هذه الأصناف بل كل من ليس له كفاية تامة من هؤلاء : مثل الصانع الذي لا تقوم صنعته بكفايته، والتاجر الذي لا تقوم تجارته بكفايته، والجندي الذي لا تقوم اقطاعه بكفايته، والفقير والصوفي الذي لا يقوم معلومه من الوقف بكفايته، والفقيه الذي لا يقوم ما يحصل عليه بكفايته، وكذلك من كان في رباط وهو عاجز عن كفايته، فكل هؤلاء مستحقون".
منال حجاج جاد الرب
الفرقة الثالثه
شعبة رياضيات