منشمائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي تدل على إيجابيته أمره بالمعروف، ونهيه عنالمنكر، وسعيه للتغيير بكل الوسائل المتاحة، ما لم تتعارض مع دينه وعقيدته، ومنمظاهر إيجابيته عدم السكوت عن المشورة، وإن لم يكن مطلوبا منه، فما هي المواقفالأخرى الدالة على إيجابية الفاروق عمر رضي الله عنه؟
الإيجابية بمعناهاالدقيق تعني التفاعل مع الأحداث، والتأثير في سيرها، وعدم السكوت عن الفعل الشاذلأن السكوت عنه إقرار له.
ومنهنا كانت إيجابية سيدنا عمر بن الخطاب .
منشمائل الفاروق التي تدل على إيجابيته أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وسعيهللتغيير بكل الوسائل المتاحة، ما لم تتعارض مع دينه وعقيدته، ومن مظاهر إيجابيتهعدم السكوت عن المشورة، وإن لم يكن مطلوبًا منه،وأيضًا دعوته لغيره من الدلائل القوية على إيجابيته t.
إيجابية عمر تدفعه إلى تعليم غيره من الناس :
ومنمواقف الفاروق التي يتجلى فيها اتباعه للسنة النبوية: موقفه من الحجر الأسود.
فالنبي قَبَّل الحجر الأسود، والعمل على هذا استحباب تقبيل الحجر الأسودلمن تيسر له، فإن لم يمكنه استلمه بيده، فإن لم يمكنه استقبله إذا حاذاه وكَبَّر.
يقولعابس بن ربيعة رحمه الله: رأيت عمر بن الخطاب استقبل الحجر، ثم قال: إني لأعلم أنكحجر، لولا أني رأيت رسول الله يُقَبِّلك ما قَبَّلتك، ثم تقدم فقَبّله.
وفيرواية أخرى: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، رأيت أبا القاسم بك حَفيًّا. يعنى الحجر الأسود.
قالالعلامة الطبري رحمه الله:إنما قال ذلك عمر لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي عمر أن يظنالجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار كما كانت العرب تفعل فيالجاهلية.
فأرادعمر أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله r، لا لأن الحجر ينفع ويضر كما كانت الجاهلية تعتقد في الأوثان.
وفيقول عمر هذا الكلام التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لميكشف عن معانيها، وهي قاعدة عظيمة في اتباع النبي r فيما يفعله، ولو لم يعلم الحكمة فيه.
قالأبو سليمان الخطاب رحمه الله: فيه من العلم أن متابعة السنن واجبة، وإن لم يوقفلها على علل معلومة وأسباب معقولة، وأن أعيانها حجة على من بلغته وإن لم يفقهمعانيها، إلا أنه من المعلوم في الجملة أن تقبيل الحجر إنما هو إكرام له، وقد فضلالله بعض الأحجار على بعض، كما فضل بعض البقاع والبلدان، وكما فضل بعض اللياليوالأيام والشهور، وباب هذا كله التسليم.
فليسلهذا الأمور علّة يرجع إليها وإنما هو حكم الله U ومشيئته:
{لايُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].
{أَلالَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ} [الأعراف: 54].
فعمر شديد المتابعة للسنة النبوية لا يُقَدّم عليها شيئًا من الرأي، بلكان لا يقدم الرأي وأهله معتبرًا بأن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم أن يعوها،وتفلتت منهم أن يرووها فاستبقوها بالرأي.
قالعمرو بن الحريث: قال عمر بن الخطاب t: إياكم وأصحاب الرأي، فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أنيحفظوها، فقالوا بالرأي فضَلُّوا وأضلوا.
قالسحنون: يعني البدع.
وقالأبو بكر بن أبي داود: أهل الرأي هم أهل البدع.
والمقصودبالرأي هنا هو الرأي المخالف للكتاب والسنة، وليس الأمر على إطلاقه فمن المدارسالإسلامية مدرسة أهل الرأي.
وماأروع الفاروق وهو يحدد معالم الاتباع للناس قائلاً: أيها الناس: قد سُنت لكمالسنن، وفُرضت لكم الفرائض، وتُركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينًا وشمالاً،وضرب بإحدى يديه على الأخرى.
فرضيالله عن الفاروق الداعي إلى الاتباع، والناهي عن الابتداع.
ويساعدالفاروق غيره من الصحابة الذين يريدون الهجرة، ويتعرضون للفتنة، والابتلاء فيأنفسهم.
إيجابية عمر t في أحداث الهجرة :
يقفعمر عند هجرته ينصح عياش بن أبي ربيعة بعدم العودة، ويعرفه بما أعد لهمن مكيدة وخدعة ولكنه يستجيب، ويسقط في الفتنة.
وآخريعزم على الخروج مهاجرًا مع عمر ولكنه يحبس ويفتن، فماذا كان موقف الفاروق منه.
بمجردنزول آيات قرآنية داعية للتوبة، وعدم القنوط من رحمة الله تعالى إلا ويكتبهاالفاروق، ويرسل بها إلى هشام بن العاص السهمي فتكون سببًا في توبته، وهجرته بعدحبسه.
ويقصعلينا عمر شيئًا من معاناة الهجرة إلى المدينة،فيقول: اتَّعَدْتُ لما أردنا الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بنالعاص السهمي التناضب من أضاة بني غفار فوق سرف، وقلنا: أينا لم يصبح عندها فقدحبس فليمضي صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عناهشام وفتن فافتتن.
فلماقدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام، والحارث بنهشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما، وأخاهما لأمهما حتى قدما عليناالمدينة، ورسول الله بمكة فكلماه، وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك،ولا تستظل من شمس حتى تراك فرَقّ لها. فقلت له يا عياش: إنه والله إن القوم مايريدوك إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو قد أذى أمك القمل لامتشطت، ولو قداشتد عليها حر مكة لاستظلت.
قال:فقال: أبر قسم أمي، ولي هناك مال فآخذه. قال: فقلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثرقريشًا مالاً، فلك نصف مالي، ولا تذهب معهما.
قال:فأَبَى عليّ إلا أن يخرج معهما، فلما أَبَى إلا ذلك قلت: أما إذ قد فعلت ما فعلت،فخذ ناقتي فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها،فخرج عليها معهما.
حتىإذا كانوا ببعض الطريق، قال أبو جهل: إن ناقتي كلت فاحملني معك. قال عياش: نعمونزل ليوطئ لنفسه ولأبي جهل. فأخذاه وشداه وثاقًا وذهبا به إلى أمه، فقالت له: لاتزال بعذاب حتى ترجع عن دين محمد، وأوثقته عندها. قال: فكنا نقول: ما الله بقابلممن افتتن صرفًا، ولا عدلاً، ولا توبة، قوم عرفوا الله، ثم رجعوا إلى الكفر لبلاءأصابهم.
قال:وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم، فلما قدم رسول الله r المدينة أنزل الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِاللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُالرَّحِيمُ} [الزُّمر: 53].
قالعمر بن الخطاب: فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص. قال: فقالهشام: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه، وأصوب، ولا أفهمها، حتى قلت:اللهم فهمنيها.
قال:فألقى الله تعالى في قلبي أنها أنزلت فينا، وفيما كنا نقول لأنفسنا ويقال فينا. قال:فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه فلحقت برسول الله r بالمدينة.
وهذهالحادثة تظهر لنا كيف أعد عمر خطة الهجرة له، ولصاحبيه عياش بن أبى ربيعة وهشام بن العاص بنوائل السهمي، وكان ثلاثتهم كل واحد من قبيلة، وكان مكان اللقاء الذي اتعدوا فيهبعيدًا عن مكة وخارج الحرم على طريق المدينة، ولقد تحدد الزمان والمكان بالضبطبحيث إنه إذا تخلف أحدهم فليمض صاحباه، ولا ينتظرانه، لأنه قد حبس، وكما توقعوافقد حبس هشام بن العاص ، بينما مضى عمر وعياش بهجرتهما، ونجحت الخطة كاملة ووصلا المدينةسالميْن، إلا أن قريشًا صممت على متابعة المهاجرين، ولذلك أعدت خطة محكمة قامبتنفيذها أبو جهل والحارث وهما أخوا عياش من أمه، الأمر الذي جعل عياشًا يطمئنإليهما، وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بأمه، فاختلق أبو جهل هذه الحيلة لعلمه بمدىشفقة ورحمة عياش بأمه، والذي ظهر جليًّا عندما أظهر موافقته على العودة معهما..
كماتظهر الحادثة الحس الأمني الرفيع الذي كان يتمتع به عمر t، حيث صدقت فراسته في أمر الاختطاف كما يظهر المستوى العظيم منالأخوة التي بناها الإسلام، فعمر يضحى بنصف ماله حرصًا على سلامة أخيه، وخوفًاعليه من أن يفتنه المشركون بعد عودته، ولكن غلبت عياش عاطفته نحو أمه، وبره بها،ولذلك قرر أن يمضي لمكة فيبر قسم أمه ويأتي بماله الذي هناك، وتأبى عليه عفته أنيأخذ مال أخيه عمر وماله قائم في مكة لم يمس، غير أن أفق عمر t كان أبعد، فكأنه يرى رأى العين المصير المشئوم الذي سينزل بعياشلو عاد إلى مكة، وحين عجز من إقناعه أعطاه ناقته الذلول النجيبة، وحدث لعياش ماتوقعه عمر من غدر المشركين.
وسادفي الصف المسلم أن الله تعالى لا يقبل صرفًا ولا عدلاً من هؤلاء الذين فتنوا فافتتنوا،وتعايشوا مع المجتمع الجاهلي، فنَزَل قول الله تعالى: {قُلْيَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْرَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُالرَّحِيمُ *وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُالعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [الزُّمر: 53: 54].
فلمانزلت هذه الآيات، سارع الفاروق بها إلى أخويه الحميمين عياش وهشام، ليجددا محاولاتهما في مغادرةمعسكر الكفر، أي إيجابية من عمر بن الخطاب t وأرضاه.
وهكذاظل عمر بن الخطاب في خدمة دينه وعقيدته بالأقوال والأفعال، لا يخشى في الله لومةلائم، وكان سندًا ومعينًا لمن أراد الهجرة من مسلمي مكة حتى خرج، ومعه هذاالوفد الكبير من أقاربه وحلفائه، وساعد عمر t غيره من أصحابه الذين يريدون الهجرة وخشي عليهم من الفتنةوالابتلاء في أنفسهم.
وكانمن إيجابيته يوم أن هاجر أنه أخذ معه عشرين من ضعفاء المسلمين مهاجرين معه،ولم يخرج وحده.
الجهاد في حياة الفاروق عمر t :
ومنشمائل الفاروق : حب الجهاد في سبيل الله، وهو من إيجابيات الفاروق .
لقدشاهد الناس إمامهم يقدم روحه في سبيل نصرة الإسلام. وعلو راية الإيمان، فتفانواجميعًا في الدفاع عن ديار الإسلام، وتسابقوا في دحر طواغيت الأرض في مملكتي الفرسوالروم قطبي الأرض في ذلك الزمان.
فصارالإسلام عزيزًا في عهد الفاروق، وصار الكفر بشتى صوره ذليلاً، وما ذاك إلا بحبهوحب رعيته للجهاد في سبيل الله تعالى.
ومنذبدء الإسلام كانت صفحات الجهاد العمرية تتوالى غزوة تلو غزوة، ومعركة تلو معركةحتى آخر أيامه وأرضاه.
فشهدعمر بن الخطاب مع النبي بدرًا، وأحدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وخيبر، وفتح مكة،وحنينًا، وغيرها من المشاهد الجسام في العهد النبوي، وكان له في كل موقعة بصماتواضحة
تعدمن أروع مواقف الشجاعة، والفروسية، والاستبسال ما به صار قدوة لكل مجاهد في سبيلالله.
إيجابية الفاروق عمر يوم إسلامه :
ممايظهر لنا بقوة ملامح الإيجابية وتأصلها في نفس هذا الصحابي الجليل ما ظهر منه أوليوم أسلم فيه فمع حداثة إسلامه، وضعف قبيلته -بني عدي- إلا أنه تقدم الصفوف،واقترح الظهور وعدم الاختفاء.
موقف عمر بن الخطاب من صلح الحديبية :
لايقبل الفاروق المجاهد إعطاء الدنية في دينه، لذلك نراه يجادل النبي في شأن صلح الحديبية، فيقول عمر: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ ،فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: "بَلَى".قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: "بَلَى".قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: "إِنِّيرَسُولُ اللَّهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي".قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُبِهِ؟ قَالَ: "بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَأَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ؟" قَالَ: قُلْتُ: لا. قَالَ: "فَإِنَّكَآتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ". قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ،فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ:بَلَى. قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ:بَلَى. قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَاالرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ r وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْبِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ.
فلميكن هذا الموقف من عمر شكًّا أو ريبة فيما آلت إليه الأمور، بل طلبًا لكشف ما خفيعليه، وحثًّا على إذلال الكفار لما عرف من قوته في نصرة الإسلام.
إيجابية عمر في خروج المسلمين عند الكعبة :
لماأسلم عمر بن الخطاب قال لرسول الله r: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ إِنْ مِتْنَاوَإِنْ حَيِينَا؟ قَالَ : "بَلَى يَا عُمَرُ،وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ عَلَى الْحَقِّ، إِنْ مِتُّمْ وَإِنْحَيِيتُمْ". قَالَ: فَفِيمَ الاخْتِفَاءُ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَبِالْحَقِّ لَتَخْرُجَنَّ. وكان رسول الله r رأى على ما يبدو أنه قد آن الآوان للإعلان، وأن الدعوة التي كانتكالوليد الضعيف الذي لا بد له من الرعاية والحفظ، قد غدت قوية تمشي، وتستطيع أنتدافع عن نفسها فأذن بالإعلان.
وخرجالرسول في صفين، عمرفي أحدهما، وحمزة على الآخر، ولهم كديد ككديد الطحين، حتى دخل المسجد فنظرت قريشإلى عمر وحمزة فأصابتهم كآبة لم تصبهم قط، وسماه رسول الله r يومئذ الفاروق.
مراجعة عمر للنبي r :
قالعمر : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَعَشَرَ رَجُلاً، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ r الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ:"اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي،اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَمِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ". فَمَا زَالَيَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَرِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُفَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَانَبِيَّ اللَّهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَاوَعَدَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {إِذْتَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَالمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]. فَأَمَدَّهُ اللَّهُبِالْمَلائِكَةِ.. فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ..فاستشار رسول الله : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "مَاتَرَوْنَ فِي هَؤُلاءِ الأُسَارَى؟", فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْتَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَىاللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :"مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟"قُلْتُ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ،وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَعَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلانٍ -نَسِيبًالِعُمَرَ- فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِوَصَنَادِيدُهَا.
فَهَوِيَرَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّاكَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ r وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَاللَّهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْوَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُلِبُكَائِكُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "أَبْكِي لِلَّذِيعَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّعَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّاللَّهِ ", وَأَنْزَلَ اللَّهُ : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّأَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَالدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآَخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67] إِلَىقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًاوَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 69].فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ.
مراجعة عمر لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما :
منإيجابيات الفاروق مراجعته لأبي بكر الصديق في إقطاع الصديق للأقرع بن حابس وعينيةبن حصن.
وجاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر t فقالا: يا خليفة رسول الله، إن عندنا أرضا سبحة ليس فيها كلأ ولامنفعة، فإن رأيت أن تقطعنا لعلنا نحرثها أو نزرعها، لعل الله أن ينفع بها بعداليوم، فقال أبو بكر لمن حوله: ما تقولون فيما قالا، إن كانت أرضًا سبحة لا يُنتفعبها؟ قالوا: نرى أن تقطعهما إياها، لعل الله ينفع بها بعد اليوم. فأقطعهما إياها،وكتب لهما بذلك كتابًا، وأشهد عمر، وليس في القوم، فانطلقا إلى عمر يشهدانه،فوجداه قائمًا يهنأ بعيرًا له، فقالا: إن أبا بكر أشهدك على ما في الكتاب فنقرأعليك أو تقرأ؟ فقال: أنا على الحال الذي تريان، فإن شئتما فاقرءا وإن شئتمافانتظرا حتى أفرغ، فأقرأ عليكما قالا: بل نقرأ فقرءا فلما سمع ما في الكتاب تناولهمن أيديهما ثم تفل عليه فمحاه، فتذمرا، وقالا مقالة سيئة، فقال: إن رسول الله كانيتألفكما، والإسلام يومئذ ذليل وإن الله قد أعز الإسلام فاذهبا فأجهدا جهدكما، لارعى الله عليكما إن رعيتما.
فأقبلاإلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا: والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: لا، بلهو لو كان شاء؛ فجاء عمر وهو مغضب، فوقف على أبي بكر فقال: أخبرني عن هذه الأرضالتي أقطعتها هذين أرض، هي لك خاصة أم للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامة. قال:فما حملك أن تخص بها هذين دون جماعة المسلمين؟ قال: استشرت هؤلاء الذين حوليفأشاروا علي بذلك.
قال:فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك، فكل المسلمين أوسعتهم مشورة ورضًا. فقال أبو بكر :قد كنتُ قلتُ لك إِنَّك على هذا أقوى مني، ولكن غلبتني.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند عمر بن الخطاب:
إناهتمام الفاروق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظل معه حتى وهو يواجه الموت بكلآلامه وشدائده، ذلك أن شابًّا دخل عليه لما طعن، ليواسيه، وقال: أبشر يا أميرالمؤمنين ببشرى الله لك، من صحبة رسول الله r، وقِدَم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة، قال -أيعمر-: وددت أن ذلك كفاف، لا عليّ ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردواعلَيّ الغلام، قال: يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك.
وهكذالم يمنعه ما هو فيه من سكرات الموت عن الأمر بالمعروف، ولذا قال ابن مسعود فيما رواه عمر بن شبة: يرحم الله عمر لم يمنعه ما كان فيه من قول الحق.
ومنعنايته الفائقة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الحالة أيضًا لما دخلتعليه حفصة رضي الله عنها فقالت: يا صاحب رسول الله r، ويا صهر رسول الله، ويا أمير المؤمنين، فقال عمر لابن عمر رضيالله عنهما: يا عبد الله، أجلسني فلا صبر لي على ما أسمع. فأسنده إلى صدره، فقاللها: إني أُحَرِّج عليك بما لي عليك من الحق أن تندبيني بعد مجلسك هذا، فأما عينكفلن أملكها.
وعَنْأَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ، عَوَّلَتْ عَلَيْهِحَفْصَةُ، فَقَالَ: يَا حَفْصَةُ، أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِيُعَذَّبُ". وَعَوَّلَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، فَقَالَ عُمَرُ: يَاصُهَيْبُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ.
موقف عمر t عام الرمادة :
منإيجابيات الفاروق عمر ، أنه ضرب المثل والقدوة للمسلمين في عام الرمادة.
جيءلعمر بن الخطاب في عام الرمادة بخبز مفتوت بسمن فدعا رجلاً بدويًّا ليأكل معه،فجعل البدوي يتبع باللقمة الودك في جانب الصفحة، فقال له عمر: كأنك مقفر من الودك،فقال البدوي: أجل، ما أكلت سمنًا ولا زيتًا، ولا رأيت أكلاً له منذ كذا وكذا إلىاليوم، فحلف عمر لا يذوق لحمًا ولا سمنًا حتى يحيا الناس، ولقد أجمع الرواة جميعًاأن عمر كان صارمًا في الوفاء بهذا القسم، ومن ذلك، أنه لما قدمت إلى السوق عكة سمنووطب من لبن، فاشتراهما غلام لعمر بأربعين درهمًا ثم أتى عمر فقال: يا أميرالمؤمنين قد أبر الله يمينك وعظم أجرك، وقدم السوق وطب من لبن وعكة من سمنابتعتهما بأربعين درهمًا، فقال عمر: أغليت فتصدق بهما، فإني أكره أن آكل إسرافًا.
ثمأردف قائلاً: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم. فهذه جملة واحدة فيكلمات مضيئة، يوضح فيها الفاروق مبدأ من أروع المبادئ الكبرى التي يمكن أن تعرفهاالإنسانية في فن الحكم: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم. وقد تأثر عمرفي عام الرمادة حتى تغير لونه فعن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر عام الرمادة وهو أسود اللون،ولقد كان رجلاً عربيًّا يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرمهما، فأكل الزيت حتىغير لونه وجاع فأكثر، وعن أسلم قال: كنا نقول: لو لم يرفع الله تعالى المحل عامالرمادة لظننا أن عمر يموت همًّا بأمر المسلمين، وكان t يصوم الدهر، فكان عام الرمادة، إذا أمسى أتى بخبز قد ثرد بالزيتإلى أن نحر يومًا من الأيام جزورًا، فأطعمها الناس، وعرفوا له طيبها، فأتي به،فإذا قدر من سنام ومن كبد، فقال: أنى هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين من الجزور التينحرنا اليوم. قال: بخ بخ بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها،ارفع هذه الصحفة هات لنا غير هذا الطعام. فأتي بخبز وزيت، فجعل يكسر بيده ويثردذلك بالزيت، ثم قال: ويحك يا يرفأ، احمل هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ -اسممكان- فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام وأحسبهم مقفرين، فضعها بين أيديهم.
هذاهو الفاروق وهذا هو فن الحكم في الإسلام يؤثر الرعية على نفسه، فيأكلون خيرًا ممايأكل، وهو الذي يحمل من أعباء الحكم والحياة أضعاف ما يحملون، ويعاني من ذلك أضعافما يعانون، وهو في ذلك لا يضع القيود على نفسه وحدها، بل يسير بها ليقيد أفرادأسرته، فهم أيضًا يجب أن يعانوا أكثر مما يعاني الناس، وقد نظر ذات يوم في عامالرمادة فرأى بطيخة في يد ولد من أولاده, فقال له على الفور: بخ بخ يا ابن أميرالمؤمنين، تأكل الفاكهة وأمة محمد هَزْلى؟ فخرج الصبي هاربًا يبكي، ولم يسكت عمرإلا بعد أن سأل عن ذلك وعلم أن ابنه اشتراها بكف من نوى.
لقدكان إحساسه بمسئولية الحكم أمام الله U يملك عليه شعاب نفسه، فلم يترك وسيلة في الدين، والدنيا يواجه بهاالجدب وانقطاع المطر إلا لجأ إليها، فكان دائم الصلاة، دائم الاستغفار، دائم الحرصعلى توفير الأقوات للمسلمين، يفكر في رعيته، من زحف منهم إلى المدينة، ومن بقيمنهم في البادية، ويواجه العبء كله في كفاءة واقتدار. ثم بعد ذلك قسوة على النفسما أروعها من قسوة، حتى قال من أحاط به في تلك الأزمة: لو لم يرفع الله المحل عامالرمادة لظننا أن عمر يموت همّا بأمر المسلمين.
معسكرات اللاجئين عام الرمادة :
عنأسلم قال: لما كان عام الرمادة جاءت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة، فكان عمرقد أمر رجالاً يقومون بمعالجتهم، فسمعته يقول ليلة: أحصوا من يتعشى عندنا. فأحصوهممن القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل، وأجمعوا الرجال المرضى والعيالات فكانوا أربعينألفًا. ثم بعد أيام بلغ الرجال والعيال ستين ألفًا فما برحوا حتى أرسل اللهالسماء، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل بهم من يخرجونهم إلى البادية ويعطونهم قوتًاوحملانًا إلى باديتهم، وكان قد وقع فيهم الموت فأراه مات ثلثاهم، وكانت قدور عمرتقوم إليها العمال من السحر يعملون الكركور ويعملون العصائد، وهنا نرى الفاروق يقسم وظائف العمل على العاملين، وينشئ مؤسسة اللاجئين بحيث يكون كل موظف عالمًابالعمل الذي كلفه به دون تقصير فيه، ولا يتجاوز إلى عمل آخر مسند إلى غيره..
فقدعيّن أمراء على نواحي المدينة لتفقد أحوال الناس الذين اجتمعوا حولها طلبًا للرزقلشدة ما أصابهم من القحط والجوع، فكانوا يشرفون على تقسيم الطعام والإدام علىالناس وإذا أمسوا اجتمعوا عنده فيخبرونه بكل ما كانوا فيه، وهو يوجههم، وكان عمر يُطْعمالأعراب من دار الدقيق وهي من المؤسسات الاقتصادية التي كانت أيام عمر توزع علىالوافدين على المدينة الدقيق والسويق، والتمر، والزبيب من مخزون الدار قبل أن يأتيالمدد من مصر والشام والعراق، وقد توسعت دار الدقيق لتصبح قادرة على إطعام عشراتالألوف الذين وفدوا على المدينة مدة تسعة أشهر، قبل أن يحيا الناس بالمطر، وهذايدل على عقلية عمر في تطوير مؤسسات الدولة سواء كانت مالية، أو غيرها، وكان يعمل بنفسه في تلك المعسكرات.
قالأبو هريرة: يرحم الله ابن حنتمة، لقد رأيته عام الرمادة وإنه ليحمل على ظهرهجرابين، وعكة زيت في يده وإنه ليعتقب -أي يتناوب- هو وأسلم فلما رآني قال: من أينيا أبا هريرة؟ قلت: قريبًا. قال: فأخذت أعقبه -أعاونه- فحملناه حتى انتهينا إلىضرار فإذا صرم -جماعة- نحو من عشرين بيتًا من محارب فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا:الجهد. قال: وأخرجوا لنا جلد ميتة مشوية كانوا يأكلونها، ورمة العظام مسحوقة كانوايسفونها قال: فرأيت عمر طرح رداءه ثم نزل يطبخ لهم ويطعمهم حتى شبعوا، ثم أرسلأسلم إلى المدينة، فجاء بأبعرة فحملهم عليها حتى أنزلهم الجبانة، ثم كساهم، ثم لميزل يختلف إليهم وإلى غيرهم حتى رفع الله ذلك.
وكانيصلي بالناس العشاء ثم يخرج إلى بيته فلا يزال يصلي حتى يكون آخرالليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب، فيطوف عليها وقد ذكر عبد الله بن عمربأنه قال: وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد علىيدي. ويقول: اللهم لا تهلكنا بالسنين وارفع عنا البلاء. يردد هذه الكلمات.
وقالمالك بن أوس -من بني نصر-: لما كان عام الرمادة قدم على عمر قومي وهم مائة بيتفنزلوا الجبانة، فكان عمر يطعم الناس, من جاءه، ومن لم يأت أرسل إليه الدقيقوالتمر والأدم إلى منزله، فكان يرسل إلى قومي بما يصلحهم شهرًا بشهر؟ وكان يتعهدمرضاهم وأكفان من مات منهم، ولقد رأيت الموت وقع فيهم حتى أكلوا الثفل وكان عمر يأتي بنفسه فيصلي عليهم، لقد رأيته صلى على عشرة جميعً