حين ظهر الإسلام في قلب الجزيرة العربية، لتقوم معه أول دولة إسلامية على يد النبي والرسول الأكرم محمد بن عبد الله (ص) ودستورها كتاب الله المنزل (القرآن الكريم)، فإن ذلك كان بمثابة بداية خير ورحمة حقيقية للبشرية، (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)وبالفعل كانت الجولة الإسلامية بحق أول دولة قانونية يخضع فيه الحاكم للقانون، ويمارس سلطاته وفقاً لقواعد عليا تقيده ولا يستطيع الخروج عليها وهي أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وواجباته كانت حماية حقوق أو حريات المواطنين (أبناء الأمة المسلمة، وكذلك من يعيش في كنف دولة الإسلام من أتباع بقية الأديان والملل –أهل الذمة-)، التي نص عليها الإسلام، وقرر الضمانات التي تكفل حمايتها من اعتداء الحكام أو المحكومين على السواء.
كما عرفت الدولة الإسلامية بدايات المجتمع المدني الذي يوسع من حقوق المواطنين ويقر حرياتهم المشروعة والمتمثلة بتشكيل وتأسيس المؤسسات الدينية والعبادية والعلمية وغيرها. كما عرف الإسلام فكرة الحقوق الفردية بعشرة قرون قبل أن يبشر بها فلاسفة العقد الاجتماعي أمثال هوبز، ولوك، وروسو، كحق الملكية وحرية العقيدة والرأي وحرية المسكن والحرية الشخصية وغيرها.لإيمان الصحيح حصيلة يقظة عقلية واقتناع قلبي ورؤية سليمة لمنطق الحق، وقد عرض الإسلام نفسه على الناس في دائرة هذا المعنى، (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ، (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) ، القرآن الكريم تناول المعارضين له والكافرين له بأسالبيب شتى، ليس بينها قط إرغام أحد على قبول الإسلام وهو عنه صاد، كل ما ينشده الإسلام أن يعامل في حدود الإنصاف والقسط، وألا تدخل عوامل الاستبداد والضغوط والإرهاب في صرف أمر انشرح صدره به، ولم يكن على الإسلام بأس، ولن يكون عليه بأس أبداً لو أصر الكثير ممن ينتسبون إلى الأديان الأخرى على البقاء في معتقداتهم، (لكم دينكم ولي ديني)
كن مسيحياً أو يهودياً أو منتمياً لأي عقيدة دينية، ولكن لا تكن محارباً للإسلام ونبيه وأتباعه.
الإسلام أقر حرية العقيدة، وخطة رسول الله محمد (ص) كانت هي إبلاع مبادئ الرسالة إلى المجتمع دون أي فرض قسري، (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) الخلاصة أن محمد القرآني أو الإلهي أسس الإسلام الدين، الذي ورثه فيما بعد المتكلمون (موضوعهم الله وصفاته). أما محمد اليومي، محمد "السنة"، فقد أسس الأمة الإسلامية انطلاقاً من النواة الصحابية، وورثته هم الفقهاء و"العلماء" ورجال الدين الإسلامي في عمومهم. وأما محمد باني الدولة والقائد العسكري فقد ورثه الملأ القرشي والخلفاء والسلاطين. وبينما مات محمد القرآني (كان القرآن/ الدين اكتمل)، استمر محمد القائد حيا، فيما سيمر وقت قبل أن يولد محمد الحديث، وسيستمر "تنزيل" الحديث فوق قرنين. ومعظم الالتباسات في النقاش حول "الإسلام" تتولد عن تعدد دلالاته التي تتفرع أصلا عن تعدد في شخصية وأدوار محمد بن عبد الله.
الاسم :زينب سيد حسيب حسن
شعبة اجتماع
دبلومة عامة تربوية نظام العام الواحد