وهنا يكمن مفتاح السر الأول من أسرار تميزك ونجاحك، إنه يكمن في إجابتك الدقيقة
عن هذين السؤالين:
من أنا؟ وماذا أريد؟ فلا سبيل إلى تحقيق النجاح وروم التميز إلا من خلال الإجابة عليهما فكما يقول إبراهام لنكولن: (لو عرفنا أولا أين نحن وماذا نريد؟ نستطيع أن نحكم ماذا نفعل؟ وكيف نحصل عليه؟).
1. اعرف نفسك:
لا تكن كالطرماح:
هل تعرف من هو الطرماح بن حكيم الطائي؟ إنه ذاك الشاعر المشهور الذي قعد للناس وقال : اسألوني عن غريب اللغة، وقد أحكمته كله، وكان في ذلك صادقا، فقال له رجل : ما معنى الطرماح؟ فلم يعرفه.
وهنا يبدأ السر الأول من أسرار التميز في الكشف عن مكنونه، ونعني بذلك إدراك إمكانياتك وقدراتك ومواهبك التي حباك الله عز وجل بها ، ولا تنس تكريمه لك: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (70) سورة الإسراء، وإبداعه في خلقك: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين.
وتكمن أهمية معرفة النفس أنها توضح لنا أي سبيل سنسلك؟ مما يمنح الإنسان الدافع الذي يحفزه إلى تحقيق هذا الهدف، ولنا في ابن عباس رضي الله عنهما المثل والقدوة، فعنه أنه قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير)، فقال: (واعجبا لك يا ابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ترى ؟) فترك ذلك، وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح علي التراب، فيخرج، فيراني، فيقول: (يا ابن عم رسول الله! ألا أرسلت إلي فآتيك؟) فأقول: (أنا أحق أن آتيك، فأسألك)، قال: (فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي)، فقال: (هذا الفتى أعقل مني).
فانظر إلى ابن عباس رضي الله عنهما لما أدرك موطن قوته في العلم والحفظ، فاجتهد في سلوك ذاك السبيل، حتى صار من علماء الأمة الأفذاذ، فأقبل على العلم بينما ترك صاحبه ذلك؛ لأنه لم يؤمن بقدراته على تحصيل ذلك العلم.
2.حدد هدفك:
ونعني بذلك وضوح الهدف, وتسليط كل الأضواء عليه, والدوران في فلكه, حتى تذوب الفوارق بينك وبينه فتصير كل السبل تفضي إليه، وبالتالي يصبح للحياة رونقا جميلا جذابا، ولكن حتى يكون هدفك فعالا لابد أن يتحقق فيه شروط الهدف الفعال وهي:
أ.المشروعية : ونعني بها توافق الهدف مع شرع الله كما قال تعالى في كتابه الكريم : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت.
ب. الدقة والوضوح : ونعني بهما أن يكون الهدف واضحا محددا لا لبس فيه ولا غموض فكما يقول براين ترايسي: (حدد بدقة أهدافك في كل جوانب حياتك، فإنك لن تستطيع أن تصيب هدفا لا تستطيع أن تراه).
ت. القابلية للتقويم والقياس: فالهدف الواضح الذي يمكن قياسه يعطيك القدرة على تحقيقه بنجاح؛ لأن معرفتك بمدى التقدم الذي تحرزه حيال هدفك سوف يشجعك، ويزيد من ثقتك بنفسك.
ث. القابلية للتحقيق: بأن يكون الهدف يتسم بالواقعية والطموح في آن واحد, فلا تأخذك الحماسة فتحدد هدفا تعلم يقينا عدم قدرتك على تحقيقه، وهذا ما يؤكده ستيف ستراسر حين يهمس في أذنك قائلا: (ضع لنفسك أهدافا إيجابية واجعل آمالك معقولة)، ولكن في نفس الوقت لا تسمح للانهزامية والكسل أن يتغلفا بغلاف الواقعية، فتحدد هدفا دون مستوى قدراتك، فكما يقول ستيف جارفي: (يجب عليك أن تضع لنفسك أهدافا بعيدة عن منالك؛ لأنك إذا وضعت أهدافا يمكن تحقيقها بدون قدر كبير من العمل أو التفكير، فستبقى عالقا في مكان أقل مما تؤهلك له موهبتك وإمكانياتك الحقيقية).
ج.مراعاة عامل الزمن :
فالزمن رأس مال كل من ينشد النجاح كما أن الهدف دون إطار زمني محدد البدء والنهاية لا يعدو كونه أمنية, ولا تنس أن يكون الإطار الزمني متسما أيضا بالواقعية بلا إفراط أو تفريط.
الاسم : أسام عبدالغفار حسين
قسم : اللغة العربية
دبلومة تربوية نظام العامين