عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : أشهد على رسولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم قال : " الغسل يوم الجمعةِ واجب على كل محتلمٍ و أن يَستنَّ و أن يمسَّ طِيباً ٳن وجد " .
كان الناسُ زمان النبى صلى الله عليه و سلم فى جهدٍ شديد , يلبسون الصوف فيعرقون و قد لا يكونون يملكون غير الثوب الواحد فاذا كانت الجمعة اجتمعوا فتنبعث مِن أجسادهِم رائحة العرق فشكا بعضهم ذلك لرسولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم فرغب فى الاغتسالِ يوم الجمعةِ لحضورِ الصلاةِ و أكد على المسلمين أن يقيموا هذه السُّنةُ فعبر عنها بصيغةِ الوجوبِ و اللزومِ لأنها مِن الشريعةِ بمكانةٍ عظمى حتى لا تنبعثَ منهم الروائح الكريهة فيؤذى بعضهم بعضاً و تتأذى منهم الملائكة و هكذا يتأكد ما تقرر مِن أن اﻹسلامَ دينُ النظافةِ و دينُ الألفةِ و المودةِ و دينُ الحسِّ المرهفِ و الأخلاق و السلوكياتُ العالية .
" أشهد على رسولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم قال " أى أقر و أثبت و عبر بلفظ " أشهد " للتأكيد و أنه مثبت مما يقول و التقدير : أشهد على رسولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم بأنه قال أى بقوله " الغسل يوم الجمعةِ واجب ... " .
" على كل محتلم " أى بالغ و عبر عن البلوغِ بالاحتلامِ و ٳن كان يحصل بغيرهِ كاﻹنزالِ دون احتلامِ أو بالسنِ لأنه الغالب و هذا الوصف يشمل الرجال و النساء و يُخرج الصبيان .
" أن يَستَن " أى يُدلِّك أسنانه بالسواكِ و التقدير : الغسل و الاستنان يوم الجمعةِ واجبان على كل محتلم .
" و أن يمس طِيباً " : المس أخف حالات اللمس و الطيب كل ذى رائحة عطرة .
" ٳن وجد " : ٳن وجد الطيب مسه و التقدير : ٳن وجد السواك و الطيب فعل و رواية مسلم " و يمس مِن الطيبِ ما يقدر عليه " تؤكد هذا المعنى .
مذهب الشافعى و مالك و أبى حنيفة أن هذا الغسل حق لصلاةِ الجمعةِ لمزيدِ فضلها و اختصاصِ الطهارةِ بها و يُصرح بهذا ما رواه مسلم " ٳذا أراد أحدكم أن يأتىَ الجمعة فليغتسل " و ما رواه البخارى " ٳذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " و المقصود ٳذا أراد المجئ فلو اغتسل بعد الصلاةِ لم يُعتبر غسلاً للجمعة و لو اغتسل بعد الفجرِ أجزأه عند الشافعيةِ و الحنفيةِ خلافاً للمالكية .. مَن أتَى الجمعة مِن الرجالِ و النساءِ فليغتسل و الأمر فى هذه الأحاديث للندب لا للوجوب .. ذهب مالك ٳلى ٳيجاب الغسل و ذهب أكثر الفقهاء ٳلى أنه غير واجب و تأولوا الحديثِ على معنى الترغيبِ أو واجب فى الاختيارِ و كرم الأخلاقِ و النظافة و على ذلك فالغسل للجمعة سُنة مؤكدة عند الشافعيةِ و الحنفيةِ و جمهورِ المالكيةِ و عند أحمد .
يؤخذ من الحديث :
1 – استحباب السواكِ و الطِيب يوم الجمعة .
2 – أن الجمعةَ غير واجبةِ على الصِبيان .
3 – ٳن ليومِ الجمعةِ غسلاً مخصوصاً فلا يجزئ عن غسلِ الجمعةِ غسل الجنابةِ ٳلا بالنيةِ و قد أخذ بذلك أبو قتادة ٳذ قال لابنهِ و قد رآه يغتسل يوم الجمعة " ٳن كان غسلك عن جنابةٍ فأعد غسلاً آخر للجمعة " .