تعريف الإرشاد النفسي الديني
ظهرت عدة تعريفات للإرشاد النفسي الديني في البيئة العربية وخاصة بعد التفاف عدد كبير من الباحثين والعلماء في مجال الصحة النفسية والإرشاد والعلاج النفسيين نحو القرآن الكريم والسنة المطهرة وكتابات علماء المسلمين.
فيعرف حامد عبد السلام زهران ( 1995 ، 377 ) الإرشاد النفسي الديني بأنه أسلوب توجيه وإرشاد وتربية وتعليم ، يقوم على معرفة الفرد لنفسه ولدينه ولربه والقيم الروحية والأخلاقية ، وقد بنى محمود إبراهيم عبد العزيز فرج ( 1998 ، 26) تعريفه على هذا التعريف، فأشار إلى أن الإرشاد النفسي الديني بأنه عملية توجيه وإرشاد وعلاج وتربية وتعليم ، تتضمن تصحيح وتغيير تعلم سابق خطأ ، وهو إرشاد تدعيمي يقوم على استخدام القيم والمفاهيم الدينية والخلقية ، ويتناول فيه المرشد مع العميل موضوع الاعتراف والتوبة والاستبصار ، وتعلم مهارات وقيم جديدة تعمل على وقاية وعلاج الفرد من الاضطرابات السلوكية والنفسية.
بهذا المعنى يكون تعريف محمود إبراهيم عبد العزيز فرج 1998 قد أضاف إلى تعريف حامد عبد السلام زهران 1995 وصفاً لعملية الإرشاد النفسي الديني من حيث : كيف تتم ؟ وأهميتها في وقاية الفرد من الاضطرابات السلوكية والنفسية.
ويتفق محمود إبراهيم عبد العزيز فرج 1998 جزئياً مع جـابر عبد الحميد جـابر ، وعلاء الدين كفــافي ( 1995 ، 3243 ) حيث عرفا العلاج النفسي الديني بأنه عـلاج نفسي تدعيمي ، يوفـر نوعاً من الإرشـاد الدعوي Pastrorl Counseling .
أما تعريف مصطفى فهمى ( 1987 ، 366 ) فيضيف إلى تعريف حامد عبد السلام زهران 1995، ومحمود إبراهيم عبد العزيز 1998 عمليات الاستبصار ، حيث يعرف الإرشاد النفسي الديني على أنه أسلوب توجيه واستبصار يعتمد على معرفة الفرد لنفسه ولربه ولدينه والقيم والمبادئ الروحية والخلقية ، وهذه المعرفة غير الدنيوية المتعددة الجوانب والأركان تعتبر مشعلاً يوجه الفرد في دنياه ويزيده استبصاراً بنفسه وبأعماله وذنوبه وآثامه وطرائق توافقه
في حاضره ومستقبله.
وعرف عبد الباسط متولي خضر (2000 ، 220) الإرشاد النفسي الديني بأنه محاولة مساعدة الفرد لاستخدام المعطيات الدينية للوصول إلى حالة من التوافق تسمح له بالقدرة على ضبط انفعالاته إلى الحد الذي يساعده على النجاح في الحياة ، بينما عرف أحمد على الأميري ( 2004 ، 363 ) الإرشاد النفسي الديني بأنه مجموعة من الأساليب والمعارف والخدمات يقدمها أخصائيون في الإرشاد معتمدين على القرآن والسنة ؛ بهدف تحقيق الصحة النفسية.
فالإرشاد النفسي الديني هو أحد المساعدات الإرشادية التي تستخدم كأداة للتغلب على العقبات التي تقف في سبيل التوافق النفسي وتحقيق الحاجات النفسية والفسيولوجية لدى الأفراد بصفة عامة ، والشباب بصفة خاصة ، وذلك عن طريق الإفادة بمحتوى القرآن الكريم والسنة المطهرة كأحد المساهمات في تصحيح الأفكار والتصورات الخطأ ( سيد صبحي ، 1980 ، 220 ) ، وهذا ما أجملته عفاف عبد اللطيف ( 2005 ، 12 ) في تعريفها للإرشاد النفسي الديني بأنه طريقة من الطرق الإرشادية التي تستخدم فنيات الدين وقيمه ومفاهيمه في إصلاح عيوب النفس وإرجاعها إلى فطرتها السليمة التي فطرها الله عليها.
ويتفق راشد على السهل (2001 ، 39 ) مع سيد صبحي 1980 ، وعفاف عبد اللطيف 2005 في تعريف الإرشاد النفسي الديني ، حيث يرى أنه مجموعة من الخدمات التخصصية التي يقدمها مختصون ( مرشدون ) في علم النفس الإرشادي إلى أشخاص ( مسترشدون ) يعانون من سوء توافق نفسي أو شخصي أو اجتماعي بهدف مساعدتهم على تجنب الوقوع في مشكلات أو محن نفسية أو اجتماعية أو أسرية ، وتقليل آثارها إذا وقعت ، وتزويدهم بالمعارف الدينية والعلمية والمهارات الفنية لتحسين توافقهم النفس – شخصي مع هذه الظروف استرشاداً بالعبادات والقيم الدينية ، مثل : التقوى ، والتوكل ، والصبر ، والإيمان بالقضاء والقدر ، والدعاء ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى استغلال فنيات وأساليب نظريات الإرشاد النفسي بأنواعها كوسائل معينة من مساعدة المسترشد على تحقيق النمو الذاتي وتحمل المسئولية الاجتماعية وتحقيق أهدافه المشروعة من الناحية الدينية في نطاق قدراته وإمكانياته .
وتبين موزه المالكي ( 2003 ، 156 ) في تعريفها للإرشاد النفسي الديني خطواته ، حيث ترى أن الإرشاد النفسي الديني هو استخدام مبادئ وأحكام الدين من توجيه سلوك الأفراد بحيث يتفق مع هذه المبادئ والأحكام ، في حين يظهر عبد الستار أبو غده ( 2005 ) الهدف منه ، فيرى أن الإرشاد النفسي الديني هو إرشاد روحي بمعناه الغيبي غير المحسوس بالإضافة إلى الاهتمام
الملحوظ بالعلاج النفسي الذي أخضع للدراسة على صعيد العلم والتجربة أحياناً ، وبذلك يجمع بين الأخذ بالأسباب واللجوء إلى خالقها ، لقوله تعالى : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء ، 80) ، بينما
توضح زينب شقير ( 1991 ، 197) المرحلة النهائية من عملية الإرشاد النفسي الديني " إنهاء عملية الإرشاد النفسي الديني " في تعريفها للإرشاد النفسي الديني، حيث ترى أنه محاولة استعادة صفات وخصائص النفس المطمئنة والمتمتعة بالصحة النفسية ، تلك الصفات التي أقرها الدين الإسلامي الحنيف من قبل ، والتي فقدها الفرد بسبب إغوائه وانزوائه وراء أهوائه ونزعاته.
ويجمل محمد عبد التواب معوض ( 1996 ، 8 ) ذلك كله حيث يوضح تعريفه للإرشاد النفسي الديني خطواته ومبادئه والهدف منه ، ويضيف إلى ذلك فنياته ، حيث يرى أنه : شكل من أشكال العلاج النفسي الحديث يقوم على أساليب ومفاهيم ومبادئ دينية وروحية وأخلاقية بغية تصحيح وتغيير الأفكار المشوهة والتصورات المختلة وظيفياً لدى الفرد في أمور الحياة كلها، ومساعدته على تحمل مشاق الحياة ، ويبعث الأمن والطمأنينة في النفس وراحة
البال ويغمره الشعور بالسعادة .
كل هذه التعريفات عرضت الإرشاد النفسي الديني كعملية لها أهدافها وفنياتها ومبادئها ومراحلها ، ولكن لم تحدد أي الأديان ، ولذلك يقصد الباحـث بالإرشـاد النفسي الديني الإرشاد النفسي الديني الإسلامي؛ لأن الإرشاد النفسي الديني يشتمل على كل الرسالات السماوية، حيث أعطى الدين الإسلامي تصوراً كاملاً عن النفس الإنسانيـة في صحتها ومرضـها ، كما أنه الرسالة الخاتمة ، التي جاءت لتناسب كل زمـان ومكان وللإنسانية عامـة.
ويعرف كمال إبراهيم مرسي ، وبشير الرشيدي (1988) ، وراشد القصبي (1995) الإرشاد النفسي الديني الإسلامي بأنه عمليات تعلم وتعليم نفسي اجتماعي ، تتم في مواجهة Face to Face بين شخص متخصص في علم النفس الإرشادي ( مرشد )Counselor ، وشخص أخر يقع عليه التوجيه والإرشاد (المسترشد ) Counselor ويستخدم فيه فنيات وتقنيات وأساليب فنية ومهنية ، ويهدف إلى مساعدة المسترشد على حل مشكلاته ومواجهتها بأساليب توافقية مباشرة ، ومعاونته على فهم نفسه ، ومعرفة قدراته وميوله وتشجيعه على الرضا بما قسم الله له ، وتدريبه على اتخاذ قراراته بهدي من شرع الله حتى ينشأ عنده طلب الحلال بإرادته ، وترك الحرام بإرادته ، ويضع لنفسه أهدافاً واقعية مشروعة ، ويفيد من قدرته بأقصى وسعها في عمل ما ينفعه وينفع الآخرين ، ويجد تحقيق ذاته من فعل ما يرضي الله فينعم بالسعادة في الدنيا والآخرة.
يعرف محمد عبد الفتاح المهدي (1990 ، 126 ) الإرشاد النفسي الديني من منظور إسلامي على أنه وسيلة من وسائل الإرشاد النفسي تهدف إلى مساعدة المريض على التغير فكرياً وشعورياً وسلوكياً وروحياً ، بشكل يساعده علىالتصالح العام مع نفسه ، ومجتمعه والكون ، والله - )- ، ويضـع أسامه الراضي (2001) تصور شامل للإنسان والمجتمع والكـون والله، ويتجنب النظرة المادية للإنسان والمجتمع ، ويضع في الاعتبار المستوى الأفقي (علاقة الفرد بنفسه وبمجتمعه) ، بالإضافـة إلى المستوى الرأسي ( العلاقة بين الفرد وربه ) ، وبهذا تكون الصورة أشمل وأوضح ، وهو بهذه الطريقة يملأ الفراغ الروحي في الإنسان في الوقت الذي يعمل فيه على ملء الجانب الاجتماعي أيضا في سبيل الاتزان الروحي والاجتماعي والاستقرار النفسي في نهاية المطاف .
يتضح من العرض السابق لمفهوم الإرشاد النفسي الديني من المنظور الإسلامي أنه ركز على أنه شكل من أشكال الإرشاد النفسي الحديث يستمد أساسياته ومبادئه وفنياته من القرآن الكريم والسنة النبوية ، وأنه ذو فعالية في تخفيف الاضطرابات النفسية ، الأمر الذي يسهم في تحقيق الاتزان الروحي والاستقرار النفسي في نهاية المطاف
م ن ق و ل