الثبات:
كلما ارتفع الانسان درجة فى سلم السيطرة على نفسه ، زادت ثقته بها ، وكلما تأكدت له كفاءته ، أوقدرته على مراقبة حياته النفسية ، ارتفع فوق الوسط وأخذ فى التحليق صعدا.
بيد أن هذه القدرة على مراقبة النفس ، من تلقاء النفس ، لا تحصل الا بالجهد الواعى المدروس ، فالأفعال التى تقوم بها لامتلاك نفسك وأنت وحيد، متحرر من كل عبودية آمره أو ناهية ، بعيد عن الشهود ، تتكاتف كلها فيما بينها وتتآلف معك لتزيد شعورك الداخلى العميق بثباتك ، وثقتك باستعداداتك المبدعة الخلاّقة ، بل ان تلك الأفعال نفسها تولد ضربا من الثبات المطمئن الواعى ، الذى تحس به أنك مرتاح ،مغتبط ، فى أى ظرف ، وفى حضرة أى شخص.
اننا جميعا نتلقى من الحياة الخارجية انطباعات وتأثرات لا مفر لنا عن تسييرها بوضوح ، وادراكها بجلاء ، بحيث لاتسمح لها أبدا أن تؤثر فى كياننا العاطفى ، وأن تخلق الفوضى فى تفكيرنا وفعل نشاطنا ، فتسلط الفكر الهادئ الموزون ، أو عادة تسليطه دوما على الحوادث والأشياء ، والأشخاص ، هى التى تخلق فينا ذلك النوع من الصلابة ، بحيث لانتزعزع ولا نميد ولا نتردد ولا نتأثر.
والى هذه الصلابة يرجع الفضل ، حين نتمرس بها ، فى كل ما نحقق من خبالات ، وننفذ من مناهج ، ونؤدى من مهام ، على الرغم من العقبات والصعوبات والعراقيل ، وعلى الرغم مما يعترضنا من مفاجآت ، فيظل الصلب المتين أصم أعمى أبكم حيال النداءات المثبطة ، والمشاهد المنفرة ، والاستفزازات المتكررة.
غير أنه لابد من تمييز الثقة بالنغس ، مصدر الصلابة، من الدّعاء ، فالأولى نتيجة جهد وتفكير ووعى وارادة ونضال مرير للشهوات والانفعالات والتأثرات ، أمّا االادّعاء فينجم عن خصب فى الأخيلة التى يثيره الولع بالنجاح ويخمدها أول ارتطام بالواقع ، حتى اذا ارتطمت تركت النفس حائرة متخاذلة ، والثقة تنبع من قناعة وافتناع عميقين أوجدتهما الاختبارات والتأملات والتجارب ، والادّعاء يستقى وجوده من أشياء زائفة خارجة عن الوفقائع ، فالمدّعى يقرر ويمضى من غير أناه ورويّة، سواء فى قراراته أو فى مضيه بها .
ان من امتلك نفسه بعد مقاومات مستمرة وامتناعات ذاتية مدروسة ، أصبح واثاقا من حقبقة واحد ، تجر وراءها سائر حقائق سلوكه أوسيرته ، وهى أنه بستطيع أن يرفع مستوى استعداداته ، وأن يقدر من ذاته بذاته ممكناته ووسائله وأهدافه ، بكل هدوء وبروده من غير زيادة أونقصان ، ودون تأثر بعطف بنفقة سدى على نفسه ، وبذلك يثبت ويتثبت من مواقفه فى حياته الخاصة وحياته العامة.
الاسم:أهيلا جمال الدين سليمان
الشعبة:لغة عربية