الابداع في علم النفس النمو
الابداع إنه القدرة على حسن تفهم علاقات قديمة في خبرة الشخص، وتصور أو استنباط علاقات جديدة، والانتهاء من الاختيار والتمييز بين الإمكانات المتعددة إلى حلول مبتكرة وذات معنى لمسألة أو موضوع. ويحتمل في هذا الموضوع أن يكون فكرياً أو أن يكون متصلاً مباشرة بما هو مادي. من هذه الزاوية تبدو هذه القدرة في نوع الانفكاك في منظومات فكرية سابقة أخذت صيغة جديدة تنطوي على الأصالة وتوصف بالإبداع أو الابتكار
نموّ الإبداع:يرى تورانس أن بعض الأطفال يبدون، منذ الولادة، أكثر إبداعاً من بعضهم الآخر. إنهم يبدون فعالين نشيطين ويظهرون كأنهم يلاحظون كل شيء ويستجيبون لكل صوت أو رائحة أو صورة. إنهم يتعلمون بسرعة كيف ينقلون حاجاتهم وطلباتهم إلى من حولهم وكيف يفسرون سلوك هؤلاء الذين يحيطون بهم. إنهم يتفحصون كل شيء ويحشرون أنوفهم في كل شيء، وحينئذ يقال عنهم إنهم فضوليّون. ومن الغريب أن هذه الفروق الفردية في الإبداع التي تبدو ظاهرة منذ الولادة تضعف أو تزول بتأثير الطريقة التي يلجأ إليها الأهل في مواجهتهم لهذه القدرة الإبداعية وهذا الفضول. وبطبيعة الحال فإن الأمر لا يقتصر على الأهل بل يتعداهم إلى كل من يحيط بالطفل وله دور في حياته وخاصة المدرسة.
مراحل النمو الإبداعي:
مراحل النمو الإبداعي
ويرى غوان أنه إذا كان من الممكن النظر إلى النمو الإبداعي على أنه مشابه لأي نمو آخر، أي أنه مستمر وينمو مع نمو الطفل، فإن هذه النظرة ليست دقيقة ولا صحيحة، وذلك لأن النمو، في رأيه، يحدث على مراحل تشبه المراحل التي قال بها فرويد Freud وإريكسون Erickson وبياجيه Piaget عن النمو العقلي والنفسي عامة. ويحدد غوان هذه المراحل بما يلي: ـ مرحلة الكمون latency Period وهي تشمل المراحل (1-4-7) وفيها يتعرف الطفل الأشياء من حوله. ـ مرحلة الهوّية identity period وهي تشمل المراحل (2-5-8) وفيها يقوم الطفل والحدث والراشد بالتساؤل عن هوّيته. ـ مرحلة الإبداع creativity period وهي تشمل المراحل (3-6-9). وفي المرحلة (3) ينمو الإبداع وفي المرحلة (6) يتزايد إبداع المراهقين. ويرى غوان أن الحب أساسي للإبداع. فإذا أراد أحد أن يكون مبدعاً فإن عليه أن يغني حياته بمزيد من الحب. تلك هي أهم أفكار غوان عن مراحل النمو أما تورانس فيقول إنه ومعاونيه وجدوا أن عدم الاستمرار هو ما يميز قدرات التفكير الإبداعي. ولقد وجدوا أن ثمة أطواراً واضحة من التدني في قدرات التفكير الإبداعي تحدث عند الأطفال ولاسيما في الأعمار 3-9-13-17 وأن أسوأها يحدث في التاسعة من العمر، وذلك العمر الذي تحدث فيه أسوأ اضطرابات الشخصية ومشكلات السلوك ومصاعب التعلم. ويوافق كاتينا على ذلك لكونه قد شارك في دراسات تورانس وكان واحداً من معاونيه. وأياً ما كان الأمر، فإن من المهم أن يلاحظ لدى كل من غوان وتورانس أن السن قبل المدرسية الممتدة من الرابعة إلى السادسة سن إبداعية، وأنه حين يدخل الطفل المدرسة الابتدائية لا يتاح للإبداع إلا النمو القليل. لذلك فإن من واجب الأهلين والمتعلمين مساعدة الطفل على أن يكون مبدعاً في المرحلة الثالثة (4-6 سنوات) وفي المرحلة الرابعة (9-10 سنوات). ومن الواجب أن يذكر هنا، أن الانتقال من مرحلة تعليمية إلى مرحلة أخرى، أو من مدرسة إلى أخرى، أمر يسبب حدوث الشدّات والقلق وأن من واجب الأهل والمعلمين أن يساعدوا الطفل على حسن التكيف مع محيطه الجديد مما يتيح له الإبقاء على شعلة إبداعية لاهبة.