دفع الله ما كان أعظم
كان في سالف العصر والزمان سلطان يحكم إمارة وله ولدان ابن وابنة
وحوله الخدم والوزراء والمستشارين يستشيرهم ويستعين بهم على تسيير إمارته
وكان من بين مستشاريه ومقربيه وزير مستشار حكيم وقصير القامة ,
يقدم له النصح في أمور الإمارة وقليل التزلف
يعمل دوما بحكمة وتدبر إلا أنه قليل الاحتكاك بالسلطان على غير عادة باقي الوزراء
وكان إذا حدث مكروه للسلطان يسارع الوزراء إلى مواساة السلطان بمختلف عبارات
التنميق والتزلف إلا أن الوزير المستشار كلما أتى لمواساة السلطان يكتفي
بعبارة واحدة وهي ( دفع الله ما كان أعظم )
توالت الأيام والشهور والسنين
كبر أبن السلطان فامتطى حصانه وخرج برفقة الحرس في جولة صيد
وأثناء مطاردته لأحدى الطرائد تعثر به جواده فسقط الأمير من على جذوة حصانه
فارتطم رأسه بحجر فمات لتوه فحملوه الحراس مسرعين إلى القصـــــر
فلما انتهى الخبر إلى السلطان سقط مغشيا عليه من شدة الصدمة
وانتهى الخبر إلى كامل الإمارة فجاءه الوزراء والمقربين يقدمون التعازي
ويتباكون وأكثروا من اللوم على الحراس ويقولون له لو ولو ..
وفتحوا عليه أبواب الشيطان ,
لكن الوزير المستشار جاء متأخرا عن باقي الوزراء وعندما تقدم إلى تعزيته
قال له ( دفع الله ما كان أعظم )
فحز ذلك في نفس السلطان واغتاظ منه أيما اغتياظ لكنه أظهر له ما لم يضمر
وعزم في نفسه على التخلص منه ظنا منه أنه يكرهه ويتمنى زوال ملكه
ومرت الأيام فحضر السلطان سلة بها أنواع من الفاكهة ووضع بداخلها
أفعى خطيرة ثم وضعها على رف عالي وانتظر قدوم الوزير المستشار
فلما جاء قابله السلطان بالترحيب وأجلسه بجانبه وأخذا يتعاطيان الحديث
حول شؤون الإمارة والرعية
وبعد أن فرغا من حديثهما قال السلطان لوزيره المستشار لنتناول
قليل من الفاكهة فأشار لهذا الأخير بأن يأتي بتلك السلة إلا أن الوزير
لا يدركها لقصر قامته فأشار له بأن يستعين بكرسي ليصل إلى السلة
فأخذ الوزير الكرسي واستعان به وما أن هم بمد يده إلى السلة
حتى انكسرت إحدى أرجل الكرسي فسقط الوزير على الأرض
وانكسرت رجله فأسرع إليه السلطان وحمله وأخذ يواسيه
نظر إليه الوزير وتطلع في وجهه مبتسما ثم قال له
( دفع الله ما كان أعظم )
عندها فقط أدرك السلطان مدى عظمة تلك الكلمة فقربه منه أكثر
وصار لا يفارقه وأصبح يسير معه شؤون الرعية
توكل على عالم الغيب وقل ( دفع الله ما كان أعظم)