معنى تطوير الذات هو المنهج الذي ينتهجه الإنسان في حياته ويتحصل من خلاله على عدة أمور تجعله يشعر بالقوة والرضا عن نفسه وعن عمله، وتجعله يشعر بالسلام والأمان الداخلي، وتعينه على التركيز على أهدافه في الحياة التي يعيشها، ويكمن هذا المنهج في عدة أمور أبرزها اكتساب المهارات والمعلومات والسلوك الذي يعينه على كل ما ذكرناه سابقًا.
والتطوير الذاتي له عدة مدلولات وهي كثيرة، فالحرص على تربية النفس والسعي إلى جعلها أفضل هو تطوير للذات، والحرص على أن تكون إرادة الإنسان ذاتية لا يتم التأثير عليها خارجيًا وتكون هذه الإرادة إيجابية، فيعدّ ذلك تطوير للذات وارتقاء للإنسان.
وقد تحدث الفيلسوف أفلاطون عن هذا الأمر في فلسفاته فقال: أنّ قيام الإنسان على تربيته لذاته يعد أفضل بكثير من قيام الآخرين على تربيته، وذلك أنّه يربي نفسه على حسب قناعاته الإيجابية الذي يرى فيها السلامة، وذلك فان أفلاطون يؤيد فكرة أن يقوم الإنسان بتطوير ذاته والعمل على اكتساب المهارات والسلوكيات الإيجابية والتقيد بها ونبذ السلوكيات والأمور السلبية والابتعاد عنها حتّى يتمكن من تطوير ذاته والارتقاء بنفسه.
ومن كلّ ما سبق ومن هذا المنطلق يتضّح لنا ويتبين أهمية تطوير الذات التي يجب أن يحرص عليها الإنسان حتّى يرتقي بنفسه يصبح مثقفًا وواعيًا، وقد قام علماء الأخلاق وعلماء الإدارة وعلماء النفس وعلماء الاجتماع في التسابق فيما بينهم من أجل تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات وإعدادها، والتي حرصوا من خلالها على توضح وتبيين أهمية تطوير الذات عند الإنسان وكيفية القيام بذلك سواءً أكان التطوير على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمع، وذلك حرصًا منهم على بناء مجتمع مستقيم ومتطور، فلا يوجد شك أنّ أساس تطور المجتمعات هو تطور الأفراد فيها، وأساس كل ذلك هو العمل على إكساب المهارات التي تؤدي إلى نهوض الأفراد وتطوير ذواتهم، وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع ككل، فيصبح المجتمع متطورًا وفاعلًا.
وقد أودع الله -عز وجل- في ذات الإنسان مهارات عديدة وسلوكيات كثيرة وقدرات جميلة، والتي إذا قام الإنسان باستغلالها جيدًا فإنّها تساهم بشكل كبير في تطوير الإنسان لنفسه ولذاته وإلّا لكان أصبح كالحيوان، فالحيوان لا يمكن أن يطور من ذاته، فهذا أمر غير متاح له كما الإنسان، وذلك أنّ الله -عزّ وجل- قد خصّ الإنسان بصفات عديدة وكثيرة ميزته عن غيره من المخلوقات، ومنها تكريم الله -عز وجل- له، فقد قال -عز وجل- في كتابه الكريم: (ولقد كرّمنا بني آدم)، فسبحان من أكرم الإنسان وميّزه عن غيره من المخلوقات بأن جعله قادرًا على القيام بتطوير ذاته والعمل عليها حتّى يصبح فاعلًا ونشيطًا في المجتمع الذي هوا فيه، ويوجد كثير من صور تطوير الإنسان لذاته كبحثه عن رزقه والعمل من أجل كسب ذلك، فيعدّ ذلك تطوير لحياته المعيشية ونحو ذلك الكثير.
ليكن في علم الإنسان أنّه منذ ولادته وحتى وفاته، سيبقى يطوّر من نفسه للأفضل ويتعلّم المزيد من أراد هو ذلك، إذاً تطوير الذّات يحتاج لقرار من الشخص نفسه، إن استطاع أن يدرك أهميّة الحياة بالنسبة له فعليه باستغلالها على أكمل وجه لصالحه، وكي تسير في طريق تطوير الذات "اعمل على نفسك" ببذل المزيد من الجهد، والقول ليس كافياً حين تعتزم الفعل فافعل فوراً، واسعَ خلف هدفك دون يأس أو استسلام.
فإدارة الإنسان لنفسه هي تطوير للذات، وقد أكد "أفلاطون" أنّ إدارة الشّخص وتربيته لنفسه لها وقعها في النّفس أكثر بكثير من تربية الآخرون له، لذا فهو مؤيّد لتطوير الإنسان وإكساب نفسه سلوكيّات جديدة.
ويبدأ تطوير الذّات برسم خطّة، لما تريد أن تنمّيه في نفسك، فإن كنت ضعيف الشخصيّة، أرصد نقاط ضعفك واعمل على تقويتها، إن كنت ضعيفاً في الإلقاء، خذ دورة في هذا المجال أو تمرّن على التكلّم بصوت عالٍ في غرفة مغلقة، واجعل نفسك تتحدّث بصوت مسموع وراقب نفسك و إن أخطأت فكرّر المحاولة.
إذا كنت لا تجيد الإنجليزيّة، تعلّمها، وابدأ من الصّفر، ستمضي سنةً واحدةً، وسترى نفسك قد أجدتها تماماً أن تعلم أي لغة أخرى لتزيد مهاراتك، من يدري ربّما تسافر مستقبلاً فتنقذ نفسك باللّغة الجديدة التي تعلّمتها.
مارس ما تحب إن كنت جيّداً في الرسم، لما لا تتعلّم أساسياته، وتحترف الرّسم، وتشارك بالمعارض، وتصنع نفسك، إن كنت ذا ملكة أو موهبة، طوّرها واصقلها، ستضيف ميزة أخرى لك.
تطوّع، واختلط بمؤسسات المجتمع المحلّي، الاختلاط سوف يكسبك مهارات، كالإدارة، والقيادة، وتعلّم واكتشاف أشياء جديدة، سوف تتعلّم كيف تتعامل مع النّاس؟ وكيف تجذبهم إليك.
أكمل تعليمك الجامعين او الدّراسات العليا.
اقرأ في كل شهر عشرة كتب متنوّعة المجالات.
ساعد الفقراء وابذل في العطاء إلى ما تستطيع.
تناول الطّعام الصحي و قم بالتّمارين الرياضية، زر الطّبيب للاطمئنان على صحّتك العامّة، وإن شعرت بألم فزره فوراً.
تعاون مع الجميع، الجيران، الأقارب، والأصدقاء، فيد الله مع الجماعة.
لا تنسى الصّلاة والعبادات والذكر اليومي، وحافظ عليهما فهما سر الحياة.
اترك نفسك مع الطبيعة وتأمل في خلق الله، علَّ نفسك تهتدي وتستريح.
صادق النّاس من جميع الأعمار، فمن الأطفال تدرك البراءة، ومن كبار السن تأخذ الحكمة، ومن الشباب تستفيد من التجربة.
احرص على وقتك ونظّمه، فكلّما كان منظماً ومخصّصاً، كلّما اتّسع.
كن متفائلاً، مبتسماً، مشرقاً إذا أقبلت على أحدهم.
لا تجادل بما لا يفيد ولا توقع نفسك بملهيات الحياة، أعطِ نفسك حقّها من الرّاحة ولكن ليس بشكل يطغو عليها بالكامل.
إذا تحدّثت تحدث ببطء، وكن واضحاً، استخدم الإيماءات، وحركات الأيدي، وإذا استمعت أنصت جيداً.
والحياة مدرسة، سوف تقود دفتها أنت، وتحدّد وجهتها المقبلة بنفسك، وبخياراتك، كي ترسو على بر الأمان، فواجه الأمواج بصبر طويل، فبعد الإبحار شاطئ ينتظرك.
يسرا جمال عبادى محمد
شعبة تجارة
مجموعة 4