الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ e:«إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللهم أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ؛ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرًا، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».
قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ e، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: «لا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» ([1]).
ندب النبي e في هذا الحديث إلى النوم على طهارة، ومن فوائد ذلك:
- أن من نام على طهارة ثم مات مات طاهراً، قال مجاهد رحمه الله: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما:"لا تبيتن إلا على وضوء؛ فان الأرواح تبعث على ما قبضت عليه"([2]).
- إجابة الدعاء؛ لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول: «من أوى إلى فراشه طاهرا لم ينقلب ساعة من الليل يسأل الله شيئا من خير الدنيا و الآخرة إلا أعطاه إياه»([3]).
- أنه أصدق للرؤيا.
- وأبعد عن تلاعب الشيطان به.
وأما حديث : «من بات على طهارة ثم مات من ليلته مات شهيدا» فموضوع.
قوله e: «أسلمت نفسي إليك»
أي : جعلت نفسي منقادة لحكمك،والنفس هنا الذات.
«ووجهت وجهي إليك»:
المراد الإخلاص، فكل عملي إنما أريد به وجهك الكريم، ولا يقبل عمل إلا إذا أخلص فيه صاحبه.
«وفوضت أمري إليك»
اعتمدت وتوكلت عليك، ومن فوض أمره إلى الله كفاه، قال تعالى :}ومن يتوكل على الله فهو حسبه{([4])، وقال عن مؤمن آل فرعون: } وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{، فقال الله :} فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ{([5]).
«وألجأت ظهري إليك»
استعنت بك، وذكر الظهر لأن الاعتماد يكون عليه، قال e: «وإذا استعنت فاستعن بالله»([6]).
«رغبة ورهبة إليك»
رغبة أي في رِفدك ([7])، ورهبة من عذابك، وفيه رد على من يقول: لا أعبد الله طمعا في جنته ولا خوفا من ناره، والله قال: }وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا{([8]).، وقال في ذكره لصفات المؤمنين: }تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ{([9])، وقال عن أنبيائه :}إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{([10]).
«لا ملجأ ولا منجا»
الأصل لا ملجأ ولا منجا، ويجوز : لا ملجأ ولا منجأ بالهمز، أو لا ملجا ولا منجا بتركه فيهما.
والكتاب المشار إليه القرآن، أو الكتب.
والفطرة: الدين القويم .
وأعظم فائدة نستفيدها من هذا الحديث أن الأذكار توقيفية، فليس لأحد أن يستبدل لفظا مكان آخر، أو أن يأتي بجديد، فكل هذا محدث لا يقبله الله تعالى.
اختكم فى الله // نجلاء صبحى