بيوتنا الربانية علي أبواب رمضان
جميل أن نصف بيوت المسلمين بالبيوت الربّانية، لكن الأجمل أن نسعى لتحقيق ربّانيتها بتحقيق التميز والرقي في جوانبها؛ لترقى بيوتنا رقياً تصل به ومعه إلى الله خاصة ونحن مقبلون علي شهر رمضان الكريم ، ولتكون في الأرض منارة الطهر والنقاء والعزة والإباء؛
ليتخرج منها ناشئة الخير والفلاح ليحملوا مشاعل النور والخير لدنيا تحتاج اليوم إلى الخير والفلاح، الذي به تنصلح الأحوال ويرضى عنا ربنا الذي أراد أن نكون خير أمة أخرجت للناس
• اصبروا وصابروا:
ليكن أهل البيت السعيد على قدر طيب من الصبر والمصابرة،
فالصبر شطر الإيمان، فإذا ابتلاهم بشيء من الأمراض والابتلاءات والهموم والأحزان فليكونوا مع ذلك صابرين شاكرين مع المحتسبين الذاكرين المؤمنين..
ولينظروا إلى الابتلاءات بأنواعها نظرة المؤمن المتمثلة في النقاط الإيمانية الآتية:
- كم من نعمة لدى الناس ما هي في حقيقتها إلا نقمة.
- الدنيا لا تستحق أبداً أن تكون منتهى أمل المسلم وشاغلة لفكره واهتمامه.
- يجب الاستشعار أن المرض والبلاء وجميع الشدائد ربما تكون في حقيقتها نِعَم كثيرة تأخذ بيد أصحابها إلى طريق الجنة..
اليقين في الله أن أي شدة لابدّ أن تزول وتنتهي أياً كان أجلها ومهما كان عبؤها..
ومن أروع ما قيل في هذا الأمر: "لا يكون الرجل فقيهاً كامل الفقه حتى يُعد البلاء نعمة ويُعد الرفاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلاء ينتظر الرجاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء".
• قوموا من الليل:
إن أهل البيت السعيد هم أهل تميّز..
وهذا التميز هو الذي عرّفهم على العامة..
ومن أجمل ما يجعلهم أهلاً لذلك التميز وتلك السعادة هو تشرفهم بالوقوف بين يدي الله في أوقات يكون الناس فيها بين يدي ربهم نائمين مستريحين..
وهم لأيديهم رافعون وبرؤوسهم ساجدون وبأعينهم راجعون.. وإلى ربهم راغبون، إنها أوقات السحر التي ينزل فيها ربنا إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بمقامه وبجلاله وبعظمته..
ليتدرب أهل البيت السعيد على هذا التمرين الإيماني الروحاني الربّاني فنسمات الليل جميلة.. فيها السكينة.. فيها الصفاء النفسي والروحي والفكري.. فيها يبتعد المرء عن كل ما في الدنيا من نعيم ليقف بين يدي صاحب النعيم الأبدي ربنا- عزّ وجلّ- متمنياً وراجياً بذلك رحمة الرب الكريم..
ما أحلى الوقوف بين يدي الله في السحر..
ما أحلى قطرات الدموع التي تنهمر من خشية الله في السحر..
ما أحلى رفع الأيدي إلى الله في السحر..
ما أحلى الشكوى إلى الله في السحر..
(يَا أيُّها المُزّمّلُ* قُمِ اللّيْلَ إلّا قَليلاً* نّصْفَهُ أو انقُصْ مِنْهُ قَليلاً* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتيلاً) (المزمل/ 1- 4).
• استعدوا ليوم الرحيل:
سئل الإمام علي (ع): ما التقوى يا إمام؟ فقال: "التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".
سيأتي الموت ولن يمنعنا أحد من ذلك.. فقد كتب الله – عزّوجلّ- الفناء على جميع خلقه. (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ) (آل عمران/ 185)، (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فَانٍ) (الرحمن/ 26)، (وَما تَدْري نَفْسٌ مّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أرضٍ تَمُوتُ إنّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان/ 34)، (قُلْ إنّ المَوْتَ الَّذي تَفرُّونَ مِنْهُ فَإِنّهُ مُلاقيكُمْ ثُمّ تُرَدُّونَ إلَى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجمعة/ 8).
• وسائل معينة على الاستعداد ليوم الرحيل:
- المسابقة والمسارعة إلى مغفرة الله... يقول ربنا عزّوجلّ: (سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَة مِّن رّبِّكُم وَجَنّة عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّماءِ والأرْضِ أُعِدّتْ للَّذينَ آمَنُوا بالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فضْلُ اللهِ يُؤْتِيه مَن يَشاءُ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ) (الحديد/ 21).
- كثرة ذكر الله.
- الزيارات المستمرة لقبور المسلمين والوقوف عندها موقف الخشوع والسكينة والدعاء لمن فيها من المسلمين واستشعار هيئة القبر من الخارج ومن الداخل.
- الانطباح على خشبة الموت، من آن لآخر، في مقابر المسلمين من باب التدريب العلي على محاولة التعايش النفسي والروحي مع هذا الحدث الجلل الذي لابدّ للكل من المرور به عاجلاً أم آجلاً، غنياً كان أم فقيراً صغيراً كان أم كبيراً، يقول ربنا عزّوجلّ: (إِنّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مّيّتُونَ* ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتِمُونَ) (الزمر/ 30- 31).
- المسارعة إلى سداد حقوق الناس وردّ المظالم إلى أهلها.
- القراءة في سير الأنبياء والصالحين وكيف كتب الله لهم حسن الخاتمة
(وكل عام وأنتم بخير