لا إله إلا الله ) مفتاح الجنة ، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ، وإلا لم يفتح لك.
وأسنان هذا المفتاح هي شروط (لا إله إلا الله) الآتية1 :
1
- العلم بمعناها :
وهو نفي المعبود بحق عن غير الله ، وإثباته لله وحده .
قال الله تعالى (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلا اللّهُ 2) أي لا معبود في السموات والأرض بحق إلا الله .
وقال صلى الله عليه وسلم : (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه مسلم
2
- اليقين المنافي للشك :
وذلك أن يكون القلب مستيقناً بها بلا شك .
قال تعالى : (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ لَمْ يَرْتَابُواْ)3
وقال صلى الله عليه وسلم ( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك ، فيحجب عن الجنة) رواه مسلم
3 - القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه:
قال تعالى حكاية عن المشركين : (إِنّهُمْ كَانُوَاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنّا لَتَارِكُوَ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مّجْنُونٍ)4 . أي
يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون5 .
وقال صلى الله عليه وسلم : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحق الإسلام
وحسابه على الله عز وجل ) متفق عليه
4 - الانقياد والاستسلام لما دلت عليه:
قال الله تعالى
وَأَنِـيبُوَاْ إِلَىَ رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ)6
5
- الصدق المنافي للكذب :
وهو أن يقولها صدقاً من قلبه .
قال الله تعالى : ( آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا ، وليعلمن
الكاذبين)7
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار) متفق عليه
6 - الإخلاص :
وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك . قال الله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) 8
وقال صلى الله عليه وسلم
أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه،أو نفسه) رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم : (إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل ) رواه مسلم
7
- المحبة لهذه الكلمة الطيبة :
ولما اقتضت ودلت عليه ، ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها ، وبغض ما ناقض ذلك .
قال الله تعالى : (وَمِنَ النّاسِ مَن يَتّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبّونَهُمْ كَحُبّ اللّهِ وَالّذِينَ آمَنُواْ أَشَدّ حُبّاً للّهِ) 9
وقال صلى الله عليه وسلم
ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه
إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يقذف في النار ) متفق عليه
8
- أن يكفر بالطواغيت:
وهي المعبودات من دون الله ، ويؤمن بالله رباً ومعبوداً بحق
قال الله تعالى : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ)10
قال صلى الله عليه وسلم
ومن قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه) رواه مسلم
وقد جمع الشاعر هذه الشروط في الأبيات التالية:
وبشـروط سبعـة قد قيـدت وفي نصوص الوحي حقــاً وردت
فإنه لم ينتفع قـائـلهــــا بالنطـق حتـى يستكملـهـــا
العـلـم واليقيــن والقبـول والانقيـاد فـادري مـا أقــول
والصدق والإخلاص و المحبــة وفـقــك اللـه لمــا أحـبـه
محمد رسول الله
الإيمان بأنه مرسل من عند الله ، فنصدقه فيما أخبر ، ونطيعه فيما أمر ، ونترك ما نهى عنه وزجر ، ونعبد الله بما شرع . وأنه خاتم النبيين وأن
رسالته عامة لجميع الثقلين.
إن تعظيم أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه ولزوم شرعه هو العبير الصادق عن المعنى الحقيقي لهذه الشهادة .
وهذا إنما امتثال لأمر الحق تبارك وتعالى الذي أرسله للناس كافة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا .
واجبنا نحو نبي الله صلى الله عليه وسلم :
1
- تصديقه صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىَ) 11
2
- اتباعه صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) 12 ،
وقال الله تعالى : ( لّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )13 ، وقال تعالى (قُلْ يَأَيّهَا النّاسُ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الّذِي لَهُ مُلْكُ
السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النّبِيّ الاُمّيّ الّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتّبِعُوهُ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ )14
3
- فرض محبته صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبّ
إِلَيْكُمْ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبّصُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )15
وقال النبي صلى الله عليه وسلم
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )16.
4
- عبادة الله بما شرع صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىَ )17 ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)18 وقال تعالى (مّنْ يُطِعِ
الرّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ )19
5
- البعد عن إيذائه صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى: (وَمِنْهُمُ الّذِينَ يُؤْذُونَ النّبِيّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لّلّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالّذِينَ يُؤْذُونَ
رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )20.
والأذى المقصود هو ما تشمله هذه الكلمة من معنى سواء وجه الأذى لشخصه الكريم ، أو ما جاء به من رب العالمين ، أو لسنته ، أو لأهل بيته
أو لزوجاته أمهات المؤمنين أو لصحابته الأخيار .
6
- الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : (إِنّ اللّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ صَلّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً )21 ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنّ
رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَلّى عَلَيّ وَاحِدَةً, صَلّى الله عَلَيْهِ عَشْراً»22.
صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :
لحديث كعب بن عجرة (قولوا اللّهمّ صل على محمدٍ وعَلَى آلِ محمدٍ كما صليتَ على إِبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنكَ حَميدٌ مَجيد, اللّهمّ بارك على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما باركتَ على إِبراهيم وعلى آلِ إبراهيمَ إِنّكَ حَميدٌ مَجيد)23.