لنتغافر ............شعار الأسرة فى رمضان

بقلم: ميرفت محمد

﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)﴾
إن عصرنا الحالي خلت منه جميل الصفات والخلق؛ نظرًا لاهتمامنا الجمِّ بأنفسنا، وأصبحت (أنا) هي الصوت المدوي عاليًا، ولكن الإنسانية لن تعدم الخير إلى يوم القيامة، وخاصةً أمة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.



فكما قال المصدوق: "لا يزال الخير في أمتي إلى يوم القيامة".. وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (من الآية 110)، ومهما طغت الماديات على الحياة وانشغل الناس بأنفسهم فيتنفَّس المؤمنون من آن إلى آخر ريح وعبق الخير بقدوم مواسم الخير.



وقد طرق أبوابنا ضيف عزيز يحمل لنا أجمل الهدايا.. رمضان الرحمة.. رمضان المغفرة.. رمضان العتق من النار.



وتعالوا معًا لنرى صورًا من التغافر والتسامح التي تزيِّن حياتنا اليومية، والتي رأيتها في رمضان، وأرجو أن نأخذ منها العبر، وتكون لنا قدوةً، ليس في رمضان بل للعام كله، لا بل للعمر كله.



فهذه هبة وقد ذهبت إلى المسجد متأخرةً قليلاً في صلاة التراويح، وكانت في غاية الحزن؛ لأنها لن تجد مكانًا في المسجد، وكان بصحبتها ابنها عبد الرحمن، البالغ من العمر ثلاث سنوات.



وما كان من أحد المصليات إلا أن قالت لا يوجد مكان، فمن أراد الصلاة في المسجد فعليه المجيء مبكرًا، كما لا يجب أن يصحب معه الصغار؛ حتى لا يشتِّت انتباه المصلين، وعلى الرغم من أن هذه السيدة يوجد بجانبها مسافة تكفي للصلاة، ولكنها تضع بها متعلقاتها.. فشعرت هبة بغصة في قلبها ولم ترد على السيدة.



وعلى الفور همَّت هبة بالذهاب للصلاة بالقرب من باب المسجد، ولكنها وجدت من تمدُّ يدها إليها، وتفسح لها للصلاة بجانبها، وكذلك تدعوها لأن تترك ابنها مع ابنتها التي لن تصلي؛ حتى لا يشغلها ولا يشغل غيرها عن الصلاة، وكادت هبة أن تبكي فرحًا من سماحة ورفق هذه السيدة، وكان هذا الموقف بداية التعارف بينهما، وقد أصبحت علاقتهما أكثر توطدًا.



وقالت في نفسها: لقد تعلمت اليوم درسًا لن أنساه؛ أن التسامح والرفق يزين المرء ويجعله جميلاً، فقد قال رسولنا الكريم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه".
وأصبح شعاري من اليوم: فلنتغافر.

***********



وهذا محمد، وقد أخذ يسرع وهو في طريقه ليركب سيارة أجرة، وإذا بجمع من الناس تزاحمه أمام باب السيارة، ويحاول أن يركب ويقول للناس مهلاً ينبغي أن يركب من حضر أولاً ثم الذي يليه، ولكن لم يعبأ به أحد، وكادوا أن يطؤوه بأقدامهم، فتراجع إلى الخلف وانتظر السيارة التي تليها، وركبها، وحمد الله أنها لم تتأخر، وسارت السيارة، ولكنه فوجئ في الطريق أن السيارة التي كان من المفترض أن يركبها قبل التي يقلُّها الآن قد تعطَّلت، ونزل منها جميع الركاب (الذين كانوا يتزاحمون) في انتظار أخرى ليركبوها فوقف السائق ليساعد زميله في عطل السيارة، ونزل محمد ليساعد أيضًا في الإصلاح، وتمَّ إصلاح السيارة، ودعاهم السائق ليركبوا فرفضوا لخوفهم من حدوث عطل آخر وهم في عجلة من أمرهم، وركب محمد ووصل بيته وتناول الإفطار مع أسرته وهو في طريقه للمسجد لصلاة التروايح وجد أحد ركاب السيارة التي تعطَّلت ما زال في طريقه إلى منزله الذي يقرب من منزل محمد، فناداه الرجل وقال له إني أعتذر إليك، سامحني على أنانيتي، فلا يليق أن أفعل ما فعلته معك خاصةً ونحن في رمضان، ولكن الله عز وجل عاقبني على فعلي، فأنا لم أتناول الإفطار؛ بسبب إساءتي لك
فاعتذر له فسلَّم عليه وقال: لا، فلنتغافر، وأنا في انتظارك في المسجد لصلاة التراويح.

**********



وهذه الدكتورة هناء إنسانة، جميلة الخلق، ولكنها غالبًا ما تقوم بعمل أشياء فوق طاقتها لأولادها ولأهلها وأهل زوجها ولزوجها، وتحمد الله دائمًا على أن يسَّر الله لها القيام بتلك الأعباء دون ملل، ولكنها في أول يوم في رمضان حدث خلاف بسيط مع زوجها، ولم تحتوِ الموقف، بل كانت في قمة ثورتها، وشكت لزوجها ما تعاني منه وأشعرته أنه لا يشعر بها وأن هذا يؤلمها كثيرًا، كما أخبرته أنه لا يشكر لها صنيع ما تفعل، وبالتالي فقد قرَّرت أنها لن تقوم بالكثير من واجباتها، وسوف تهتم بشؤنها الخاصة بشكل أكبر، ما دام لا يقدر جهدها أحد، فشعر زوجها بالألم لما قالت، وحاول وهو والأولاد إرضاءها وعبَّروا لها عن مدى حبهم لها وتقدير جهدها، ولكنهم لن يستطيعوا أن يوفوها حقَّها، ووعدوها بأنهم سوف يعاونونها في إنجاز شئون المنزل؛ حتى تشعر ببعض الراحة فشكرتهم، وقال الزوج لها: تعالي حبيبة نضع خطةً للشهر الكريم وتنظيم الوقت؛ حيث نستطيع التمتع بالعبادة، فقال الأولاد: ونحن موافقون.



أولاً: الطعام الخفيف البسيط غير المكلف، وخاصةً مع ارتفاع الأسعار، كما أننا بذلك نخفف الضغط، فلن نستعمل أواني كثيرة في إعداده، فنوفر وقتًا وجهدًا ومالاً ننفقه على غسل الأواني المستخدمة، وبالفعل أعدوا قائمةً تحتوي على العديد من الواجبات السريعة والمغذية وأقل تكلفة وضعوها في المطبخ.



1- شاورمة فراخ أو لحمة ½ ك من اللحم يكفي 10 أفراد.

2- 2علبة تونة.

3- مسقعة.

4- عجة قرنبيط في الفرن.

5- أرز بالكبد والقوانص "1/2" ك كبد.

6- سمك مشوي 2 ك يكفي 10 أفراد مع الأرز.

7- فطائر الجبن واللحم والخضر.

8- العجينة مكونة من ¼ كوب زيت- كوب ماء- قطعة خميرة- دقيق.

9- تقطع قطع صغيرة، وتُحشى بملعقة صغيرة جبن أو لحم أو خضار، ثم تقلى في الزيت، وتقدم مع السلطة وتحلى على طبق كبير.

10- طاجن الخضار باللحم المفروم ¼ ك لحم مع الخضار المتوفر.

11- طبق طعمية مع السلطة والبذنجان المشوي والطحينة.

12- بيتزا نفس العجينة السابقة وتفرد في صنية، وتزين بالخضر والجبن والزيتون والقليل من اللحم أو التونة.

13- طاجن الفول بالطماطم والبصل والفلفل.

14- حواوشي ¼ ك لحم يقطع عليه 2بصلة كبيرة، 3 طماطم و3 فلفل و2 جزرة ومبشورة ملح وفلفل أسود وبهارات لحم وتخلط جميع المكونات جيدًا ثم يُفتح الرغيف البلدي ويوضع بداخله القليل من السمن أو الزيت ويُحشى بالخليط السابق؛ حتى تنتهي الكمية وتلف في ورق وترصّ على صاج وتدخل الفرن حتى النضج ويقدم مع السلطة الخضرة.

15- محشي 1 ك بذنجان أبيض ك½ فلفل رومي ويحشى بخلطة المحشي المعروفة مع القليل من اللحم المفروم.

16- طاجن المكرونة بالخضار، تسلق المكرونة وتوضع في الصلصة، ويوضع نصف الكمية في طاجن، ويوضع عليها الخضار السابق نضجه بمعلقة زيت وبصلة وفص ثوم، ثم تغطى بباقي الكمية من المكرونة ويرش عليها القليل من الجبن الرومي.

17- ½ ك صدور فراخ وتتبل جيدًا، ثم تحشى كل قطعة بمعلقة أرز كبيرة ناضجة ( أرز بالخضار أو البهارات)- حسب الرغبة- ثم تلف كل قطعة جيدًا في ورق فويل وترص في طاجن مدهون بالزيت ثم تدخل الفرن.

18- كبد اسكندراني ½ ك كبدة ويقطع عليها طماطم وبصل وفلفل وبهارات، وتوضع على النار حتى النضج وتقدم مع الخبز.

19- طاجن البطاطس المحشو باللحم والخضار، نختار البطاطس الصغيرة، ثم نعدها لتحشى بالخضار الناضج والقليل من اللحم المفروم.

20- كفتة البطاطس باللحم المفروم 1ك بطاطس مسلوق ثم يهرس جيد، ويتبل بالملح والفلفل و1/4ك لحم مفروم وتكور في قليل من البيض والبقسماط، وتقلى في الزيت، ويمكن أن نتناول لحم الجمال فهو أخف وأكثر أمنًا من اللحوم الأخرى وأقل سعرًا، كما نرجو ألا ننسى نصيب الفقير من طعامنا
شكرت الأم الأولاد: أرجو دائمًا أن نكون أسرة سعيدة متاحبة متعاونة

لنتغافر في أيام الغفران، عسى الله عز وجل أن يغفر لنا

فقال الأولاد: فليكن شعارنا هذه الأيام: لنتغافر

وذهب أفراد الأسرة جميعًا لمساعدة الأم في تجهيز الإفطار

************



وهذه الحاجة خديجة التي توفي زوجها منذ عام وهي ما زالت تسعى للحصول على معاش زوجها حتى تستطيع الإنفاق على أولادها.



وهي في مكتب المعاشات وللمرة المائة تذهب لتسأل عن المعاش، وقد أجابتها المسئولة لا تتعبي نفسك يا حاجة ولا تأتي تسألي عن أي حاجة إلا بعد رمضان؛ لأنه كما ترين، الموظفون معظمهم في إجازة، والباقي لا يستطيعون أداء العمل؛ لأن الجو حر، ووقت رمضان ضيق، فبكت الحاجة خديجة، وقالت: والله حرام، وربنا سوف يحاسب كل مقصر في عمله أشد العذاب، ولن يقبل صومكم؛ لأن الله اختصكم بقضاء حوائج الناس، وأنتم لا تقومون بواجبكم، ولكن الموظفة قد ردت بإساءة إلى الحاجة خديجة، وهي في طرقها للخروج من المكتب، وقد قررت ألا تسال عن المعاش، وتحاول أن تزيد من دخلها بعمل إضافي غير الذي تقوم به، وفي هذه اللحظة خرج المدير ووجدها تبكي، فسألها عن مسألتها، ويسَّر لها صرف معاش زوجها للعام السابق كله، كما عاقب المسئولة بالخصم، كما أوضح لها أننا كلنا نتعرض لهذه المواقف، فيجب أن ييسِّر كلنا على بعض حتى يرحمنا الله ويغفر لنا.



فشكرت الحاجة ذلك الرجل، فقال لها: لا شكر على واجب، فمن واجبنا قضاء حوائج الناس دون ملل، ولأننا نتقاضى عنه أجرًا، سامحينا يا حاجة، وادعي الله لنا أن يغفر تقصيرنا في حق العباد، فأرجو منك يا حاجة أن تدعي الله لنا بالغفران.

************



وتعالوا نرى أحمد ومهاب جلسا يفكران كيف يزينان البيت لاستقبال رمضان، وسألا الأم، وقالت لهما إذا صنعتما بأنفسكم هذا أفضل، ولكنهما قرَّرا شراءها وبدءا في تعليقها، وسمعت الأم لا لا يا غبي لا لا تضعها هنا، والآخر يقول: هو انت أعمى، مش شايف انها متنفعش، ثم اختلفوا وتركوا الزينة ملقاةً على الأرض فأسرعت الأم إليهما وهما يتشاجران، وأخذت تهدئهما، ثم اعتذر كلاهما للآخر وقالا: نستغفر الله



فلنتغافر

وقالا من الأحسن لو كنا صنعناها بأنفسنا كما قالت أمنا لمعرفة الذي نحتاجه، وكنا سوف نستخدم أشياء موجودة في المنزل، وكنا سنبذل مجهودًا في إعدادها، وبالتالي نشعر بقيمتها قالت الأم: الحمد أنكما وصلتما لهذه النتيجة، ولكن أيضًا هذه الزينة جميلة، ولكن نحتاج أن نضعها بشكل مناسب حتى تظهر أكثر جمالاً.



فبدأ الأولاد في تعليق الزينة، وفكروا أن يشركوا أبناء الجيران في تزيين العمارة كلها وتنظيفها؛ لتكون عنوانًا للمسلمين في شهر البر والخير والجمال.

******************



وأخيرًا تعالوا نرى كيف تصرفت الحاجة زكية، والتي تسكن مع ابنها الأوسط، والذي أقنعها بأن تخصَّه بشيء من الميراث، وفعلاً فعلت، لقد خصَّته بالبيت الذي يسكن فيه، والذي يشاركه فيه إخوته، ولكن كان حفيدها في زيارة لها وأخبرته بما تمَّ، ولكنه أعلمها بأن ذلك مخالفٌ للشرع، فإن المنزل لجميع الورثة، ولا يحق له وحده وعلى الفور أحضرت ابنها وألغت ما قامت به، وقالت أنا بذلك يا بني أنجيك قبل أن أنجي نفسي من عذاب الله، فالله عز وجل لا يرضى الظلم لعباده وأنت يا بني لا ترضى أن تكون أمك ظالمةً، وبكى الابن، وقال: أستغفر الله، والحمد لله يا أمي أن بصَّرتني بالحق، فقال الولد وهو يقبل يد أمه:

فلنتغافر

ونظرت الجدة لحفيدها وهي تقبله: الحمد لله يا حبيب قلبي أنك رجعتني للحق



أحبابي في الله.. هذه بعض الصور القليلة، وهناك الكثير منها في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية التي تتجلى فيها بوضوح صور التغافر والتراحم.



ونحن مقبلون على الهدية الثانية في رمضان نسأل أن يجعلنا من المغفور لنا



وكل عام والأمة الإسلامية بخير ويمن وبركات، وتقبل الله منا صيامنا وصلاتنا، وغفر لنا وجعلنا من المرحومين.