رجل كبير وفخيم تسقطد هيبته فوراً عندما يرن تليفونه المحمول فالنغمة تلعلع بلحن " سلامتها أم حسن " ، الآن أنا أعرف الناس من رنة تليفونهم ، قولى ما هى رنتك أقول لك من أنت ؟؟
نغمة التليفون المحمول هى ثقافة كاملة هذه الأيام تنشغل فيها الناس وتذاكر أرقام النغمات وتبحث عن الرنة المناسبة للشخص المناسب ، هذا الهوس يشترك فيه الجميع حتى أن البعض يرن على بعضهم كى يسمعوا الرنة والنغمة ،
لهفة حقيقية على النغمة الجديدة أو الغريبة ، جلوس شخص فى المترو محملقاً فى المحمول وهو ينظم أو يخطط لنغمة ، أو هذا الشخص الذى يذاكر فى كتيب النغمات الذى تصدره شركات التليفون كأنه يستعد للثانوية العامة أو الفتاة التى تشغل التليفون طوال الوقت لاستعراض نغماته ، ما السر ؟؟ أين يكمن السبب ؟ ربما الفراغ والهيافة ، فأنا لا أصدق أن مصركلها أصبحت تملك أذناً موسيقية كأننا صرنا جميعاً ننافس محمد فوزى و بليغ حمدى ، هل السبب جنون الدعاية وشرائح الجمهور صغيرة السن والعقل ، هل الملل والرغبة فى التغيير ، هل الحنين أم ( أيامنا الطين ) ....!!
كنا فى عيادة طبيب مخ وأعصاب ، وكانت العيادة ككل العيادات كئيبة و حزينة والناس مرضى أو مثقلون بهموم مرضاهم والطبيب متعجرف والدنيا حروالممرض بارد والتليفزيون بيذيع نشرة السادسة مساء وهى نشرة يمكن اعتبارها أداة من أدوات التعذيب النفسى ، وإذا فى هذا الوقت العصيب واللحظات النكدة جاءت أحد المرضى مكالمة علي تليفونه المحمول وإذا به ينطلق بنغمة " بحلم بيك أنا بحلم بيك " ، والرجل لا يعرف كيف يغلق النغمة وهى تعلو تدريجياً والناس تنتبه ثم تلتفت ثم تبتسم ثم تضحك ... ههههههههه .
شىء مؤسف ومخزى كيف أصبحنا لا نعرف كيفية اختيار نغمة مناسبة حتى إذا رنت هذه النغمة فى أى مكان لا نشعر بالإحراج أو الكسوف والضيق ، فمثلا إذا جعلت رنة تليفونك دعاء جميل يصدح بذكر الله والتضرع اليه جل جلاله ، وذات مرة نسيت أن تجعل التليفون صامت او مغلق أثناء دخولك المسجد ، ففى هذه الحالة إذا رن تليفونك فسيكون الموقف غير محرج وغير مخجل لأن النغمة أخف بكثير من " العنب العنب العنب " أو " بعيد عنك حياتى عذاب " فقد تحترم شخص ما وتبنى تصورك لتفكيره وشخصيته من خلال نغمة تليفونه ، والعكس أيضا قد تشعر بهيافة وغفلة وضياع شخصية اخر من خلال نغمة تليفونه أيضاً ............