عمرعبدالغفار مشرف سابق
عدد المساهمات : 1326 تاريخ التسجيل : 02/06/2010 العمر : 48
| موضوع: سيرة بن لادن (واعتراف سعودى) (5) السبت 6 نوفمبر 2010 - 23:56 | |
| اعتراف سعودي في تلك الأثناء كانت الحكومة السعودية قد اعترفت بطالبان فيما يعتقد أنه محاولة إحراج لطالبان للتعاون معها في قضية أسامة. ذهبت الحكومة السعودية شوطا أبعد حين أرسلت تدعو كل أعضاء حكومة طالبان والملا عمر شخصيا للحج والعمرة وتستضيفهم كضيوف رسميين. بل إن أحد الشخصيات الرئيسية في حكومة طالبان وهو محمد رباني رئيس الوزراء زار المملكة فعلا لأداء الحج لكن يبدوا أن "حسن الضيافة" لم تغير من مواقفه ولا مواقف حكومته. لم يتغير موقف طالبان من أسامة وردت بأدب عدة وفود أرسلتها الحكومة السعودية تفاوتت بين دبلوماسين ورجال أعمال وأقارب أسامة وشخصيات استخباراتية.
أسامة طرف في الحرب الأفغانية تطور آخر حصل في تلك الأيام أدى إلى رفع أسهم أسامة عند الطالبان وهو تغيره موقف الحياد الذي التزم به في خلافات الفصائل الأفغانية واتخاذه قرارا بالدخول بقوة مع الطالبان ضد دوستم ووجه أوامر لرجاله بالقتال مع الطالبان. وبعد أن أصر شاه مسعود أن يدخل طرفا في الحرب استصدر أسامة فتوى من طلبة العلم المرافقين له فتوى بأن قتال مسعود جهاد شرعي. كان لهذا القرار دور مهم في مساعدة الطالبان حيث إن الطالبان لم يكونوا رتبوا أنفسهم بعد، وكل انتصاراتهم الأولى حصلت تقريبا دون قتال بسبب حرص الناس عليهم وتنازل القواد الميدانيين لهم، أما دوستم ومسعود فقواتهم أكثر تماسكا لأنهم أقنعوا أتباعهم أن الحرب عرقية وليست دينية وساعد على تماسكهم اعتماد دوستم على الأوزبك ومسعود على الطاجك وسعى مسعود ودوستم إلى إقناع أتباعهما أن الطالبان ليسوا إلا بشتون يريدون السيطرة عليهم. أضف إلى ذلك أن العالم الغربي لم يشعر بخطورة طالبان إلا بعد سقوط كابل وحمايتهم لأسامة ودعا ذلك إلى أن يحظى مسعود ودوستم بدعم سخي من روسيا وأمريكا وتركيا وإيران وجهات أخرى. كاد الطالبان أن ينهاروا بعد أن واجهوا هذه القوات المنظمة المدعومة والمتماسكة وفي مرتين على الأقل كانت الكتائب التابعة لأسامة هي التي ردت لتلك القوات عن كابل فحفظها له الطالبان وارتفع سهمه عندهم. قضية أخرى رفعت أسهمه عندهم هو تفريغه عدد من الشباب المتخصصين لمساعدة الطالبان في قضايا التخطيط والإدارة والتنمية للدولة الجديدة، حيث إنه رغم تواضع المجموعة التي مع أسامة إلا أنها بالنسبة لطالبان كانت فريقا من أساتذة الجامعات.
محاولة اختطاف أخرى لم ييأس الأمريكان وحلفاؤهم من محاولة الإمساك بأسامة. وبعد أن تبين أن إقناع الطالبان مستحيل فكر الأمريكان مع الباكستانيين والدولة الثالثة بإعداد خطة لخطف أسامة عن طريق عملية كوماندز منطلقة من الأراضي الباكستانية. بدأ التدريب على العملية في نهاية ربيع عام 1997 على أن يتم التنفيذ في بداية الصيف وتم التكتم على العملية بشكل شديد لكن بسبب دخول الباكستان طرفا فقد كان حفظ السر مستحيلا لأن المخابرات العسكرية الباكستانية فيها تعاطف كبير مع أسامة. تسرب الخبر لأسامة وجهات عربية أخرى فبادرت بتسريبه للصحافة فانفضحت الخطة الأمريكية وألغيت. الأمريكان لم يعترفوا بالقصة ابتداء ولكن اعترفوا بها بعد ذلك وأوعزوا إلغاء الفكرة إلى الخوف من وفيات في صفوف الأمريكان.
علماء طالبان مع بن لادن في نهاية عام 1997 وبداية 1998 قرر أسامة أن يستعيد نشاطه فبدأ أولا مع علماء الطالبان والباكستان. نجح أسامة في استصدار فتوى من حوالي أربعين عالما من علماء أفغانستان وباكستان تؤيد بيانه لإخراج القوات الكافرة من جزيرة العرب. وزعت الفتوى على نطاق واسع في باكستان وأفغانستان وسربت للصحافة حيث نشرت مقاطع منها جريدة القدس العربي. كان أسامة يهدف لشيئين من هذا البيان، الأول مشروع إسلامي شامل لتجييش لعلماء المسلمين ضد الوجود الأمريكي في جزيرة العرب على أساس أن هذه التوقيعات ستجمع من جهات وبلاد أخرى، والثاني الحصول على غطاء أدبي وشرعي له داخل أفغانستان لأنه قرر إعادة التحرك إعلاميا ولا يريد أن يصبح في موقف الضعيف مع ملا عمر.
الجبهة الإسلامية العالمية صادف هذا التطور -أو ربما كان من أسبابه أو من نتائجه والله أعلم- تجمع عدد من قيادات الجماعات الإسلامية وخاصة الجماعة الإسلامية المصرية والجهاد الإسلامي المصرية في أفغانستان وتقاطر عدد كبير من الوفود من باكستان وكشمير على أسامة. أحد هذه القيادات تمكن من إقناع أسامة بتوسيع مفهوم الحرب مع أمريكا إلى قتال لها في كل مكان. وتوسعت القناعة لتشمل بدلا من مقاتلة أمريكا قتل كل أمريكي في سن القتال في كل زمان ومكان ومعهم اليهود. الذين أقنعوا أسامة بالفكرة وضعوا لها مبررين شرعي وسياسي. مبررهم أو المخرج الشرعي هو أن الأمريكان يحتلون بلاد الحرمين ولذلك فإن كل أمريكي يعتبر داعم لاحتلال الجزيرة العربية، وبما أن الأمريكان واليهود يقاتلون المسلمين في كل مكان وزمان ويستبيحون دم المدنيين من المسلمين فإن قتل الأمريكان واليهود مشروع أيا كان الزمان والمكان. المبرر السياسي هو أن أمريكا أصبحت العدو الأول للإسلام وصارت تتربص بالمسلمين والجماعات الإسلامية الدوائر ولم يعد هناك قوة تنافسها ولذا فإن من الضروري أن يشعر المسلمون أنهم أعداء لأمريكا وأن تتحول هذه القضية لقضية إسلامية أولى في كافة أنحاء العالم الإسلامي. تحولت القناعة إلى عمل وذلك من خلال إصدار بيان الجبهة الإسلامية العالمية في فبراير عام 1998 الذي يدعو إلى قتل الأمريكان واليهود في كل مكان وزمان. وقع البيان مع ابن لادن عن جماعة الجهاد المصرية الدكتور أيمن الظواهري وعن الجماعة الإسلامية المصرية رفاعي طه كما وقعه رئيس أحد الفصائل الكشميرية وأحد القيادات الباكستانية المشهورة. وزع البيان ونشرته الصحافة وكان علامة تحول كبيرة بالنسبة لأسامة من عدة نواحي. أولا مثل هذا البيان القفز إلى مشروع عالمي بدلا من التركيز على قضية القوات الأمريكية في جزيرة العرب. ثانيا مثل هذا البيان ما اعتبره البعض تخليا عن الحذر الذي كان يحرص عليه أسامة في الموقف الشرعي والإصرار على توسيع دائرة إباحة الدم. الثالث دخول أسامة لأول مرة كطرف في ما يشبه تحالف إسلامي من الجماعات الجهادية بعد أن كان يعمل مع مجموعته ويرفض التحالفات المعلنة مع إقراره لفكرة التعاون والتنسيق دون حلف معلن.
خلاف مع ملا عمر لم يكن ملا عمر راضيا عن هذه النشاطات واعتبرها خرقا للالتزام الأدبي الذي كان بينه وبين أسامة في لقائهما المذكور. أرسل الملا عمر لأسامة يستفسر عن الذي حصل فكان رد أسامة أن الظروف التي كانت سببا للهدوء الإعلامي قد انتهت ولا داعي للاستمرار في الصمت واستخدم أسامة ورقة العلماء لتقوية موقفه وذلك لأن العلماء لدى طالبان لا يرد كلامهم رغم احترامهم جميعا للملا عمر. غضب الملا عمر لكن كظم غيظه وحاول الاستمرار في إقناع أسامة بالصمت. بدلا من الصمت اتخذ أسامة موقفا تصعيديا ودعا إلى مؤتمر صحفي في حدود شهر مايو 1998 رتب له سرا في منطقة قرب الحدود مع باكستان في ضواحي خوست ودعي له عدد محدود من الصحفيين. إضافة لذلك فقد كان أسامة أعطى مقابلة مطولة لمحطة ِABC الأمريكية قبيل المؤتمر بأيام. في المؤتمر وفي المقابلة أشار أسامة إشارة إلى احتمال حصول حوادث ضد الأمريكان خلالا فترة قصيرة ولم يحدد أين. أرسل الملا عمر إلى أسامة مرة أخرى يعترض على ما حصل ويطلب منه تفسيرا. لم يكن لدى أسامة أي أسلوب يقنع به الملا عمر إلا العلماء وفعلا رد عليه إنه يقبل بتحكيم العلماء. رفض الملا عمر الفكرة ليس عدم اعتبار للعلماء لكن منعا لفتح هذا الباب بحيث كل ما بدا لشخص أن يتمرد يقول نحتكم للعلماء. توترت العلاقات بين الرجلين لكن الملا عمر الذي كان يستطيع منع أسامة من النشاط الإعلامي فضل التحمل والاعتماد على الإقناع إلى أجل مسمى.
السفارات الأمريكية تتفجر بعد تصريحات ابن لادن بأنه سيضرب خلال أسابيع بقي الأمريكان في حالة ترقب وقد استعدوا في حالة تأهب قصوى ضد أي هجمات ولكن كل استعداداتهم كانت في المنطقة العربية والخليج وإلى حد ما القرن الأفريقي. وبينما الأمريكان في كامل التأهب أتتهم الضربة في الموقع الذي لم يتحسبوا له، سفاراتهم في كينيا وتنزانيا وذلك حين نسفت السفارتين شاحنتان ممتلئتان بالمتفجرات يوم الثامن عشر من يوليو 1998. ملاحظة ولربما يكون من الأهم التعليق على التناول الغربي للقضية سواء من خلال جهات مسؤولة أو من خلال الإعلام ومراكز البحوث، بدلا من محاولة الغوص في حقيقة الانفجار، لأن آثار هذا الحدث سياسيا وأمنيا واستراتيجيا أهم من نفس الحدث، ويبدو أن انعكاسات مثل هذه الأحداث أهم من ذات الأحداث نفسها لما لها من تأثير خاص وطبيعة خاصة. رغم الحذر الذي ورد على لسان الناطقين الرسميين الأمريكان في وقتها عن اتهام جهات محدودة فإن الجهات الإعلامية والخبراء السياسيين والمصادر الرسمية التي ترفض ذكر اسمها تبرعت بكمية كبيرة من التعليقات والمعلومات والتحليلات التي تساعد في دراسة انعكاسات هذا الحدث. وعند تأمل ما صدر عن تلك الجهات تأملا عميقا يلاحظ الآتي: أولا: كانت الحركات الإسلامية أو ما يسمى في الغرب بالأصولية الإسلامية في مقدمة المتهمين، بل إن كل الجهات الأخرى مثل إيران والعراق وليبيا استبعدت بسهولة وتحدثت جهات كثيرة عن الشيخ ابن لادن وجماعة الجهاد المصرية، وأشير بشكل كثيف إلى تهديدات ابن لادن في مقابلة مع محطة ABC الأمريكية بضربة خلال أسابيع، كما أشير إلى بيان جماعة الجهاد الذي نشر في جريدة الحياة قبل يومين من الانفجار، وربط بين ابن لادن والجهاد المصرية من خلال بيان الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين الذي كانت تلك الجهتين من بين الموقعين عليه. ثانيا: أعادت تلك التفجيرات فتح ملف انفجار الخبر ولم يعلن عن المسؤولين عنه لحد ذلك التاريخ. ولوحظ للمرة الأولى في الصحافة الأمريكية النسبة لمسؤولين أمريكان أن أمريكا تعتبر ابن لادن مسؤولا عن انفجار الخبر بل وحتى عن انفجار الرياض. وكانت المصادر الأمريكية في السابق تكتفي بالتشكيك بالرواية السعودية عن تورط شيعة وإيران، وتشير إلى احتمالية وجود معارضة داخلية مسؤولة عن انفجار الخبر. ثالثا: لوحظ في التعليقات الصحفية والدراسية أن الحادثين ربطا بالوجود الأمريكي في المنطقة عموما وفي المملكة خصوصا وربطا بسياستها مع إسرائيل والعراق ودعمها للحكومات في المنطقة وتعاونها في القبض على مطلوبين من الإسلاميين وتشجيع اعتقال آخرين. من جهة ثانية بدا لهذه القضية أهمية من خلال إحراج الأنظمة العربية المتعاونة مع أمريكا في سياستها ضد الإسلام، حيث ساد شعور لدى تلك الأنظمة أن هؤلاء الجهاديون تجاوزوهم إلى أسيادهم الأمريكان، بمعنى أن لديهم من القدرات اللوجستية أكبر من مجرد مواجهة تلك الأنظمة، وهذا فيه درجة عالية من الإحراج. ومع كثرة القرائن على مسؤولية جهات إسلامية معينة عن الحادث إلا أن الجهات المعروفة لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، ولم يخرج رسميا إلى العلن إلا بيان ما يسمى "بالجيش الإسلامي لتحرير المقدسات"، وهو اسم غير معروف من قبل، لكن محتوى البيان يربط مباشرة بالجماعات التي اجتمعت حولها القرائن. فالبيان هاجم السياسة الأمريكية وطالب بمغادرة القوات الأمريكية لجزيرة العرب وطالب بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن وذهب البيان أبعد من ذلك في تحديد هوية من أصدره بالمطالبة بإطلاق سراح المشايخ المعتقلين في سجون المملكة من أمثال الشيخين آنذاك سلمان وسفر. ولربما تكون الجماعات التي تنفذ مثل هذه الأعمال فهمت آنذاك أن الرسالة يمكن إيصالها دون تبني العمل علنا، فالأمريكان والأنظمة العربية عرفوا من خلال القراءة المخابراتية للبيان من يقف خلف القضية، وأما الجمهور فيكفيه أن يقرأ المطالب في البيان دون معرفة الجهة، وإذا كان هناك ما لا تريد هذه الجماعات أن يربط بها من آثار سلبية للحادث فإنها تكون قد تخلصت منه من خلال عدم تبني الحادث بشكل صريح ومعلن. الاستنتاج الأخير الذي لابد من الإشارة إليه أن الجهات الإسلامية التي يعتقد أنها خلف الحادثين قد أثبتت من خلال الحادثين أن لديها القدرة اللوجستية والفنية والبشرية على تنفيذ الحادث، وأنها استطاعت استغلال عنصر المفاجأة إلى أقصاه، وأنها استطاعت كذلك التنسيق بين الحادثين وبكمية تدمير هائلة.
الأمريكان يردون لم يتحدث ابن لادن علنا بل نقل عنه -نقلا- نفي مسؤوليته عن الانفجار. لكن يبدو أن الأمريكان كان لديهم استنتاج آخر توصلوا إليه منذ الأسبوع الأول بعد الانفجار وهو أن ابن لادن مسؤول مائة بالمائة عن الانفجارين سواء اعترف أم لم يعترف. وبناء على تلك المعلومات المزعومة قام الأمريكان بعمليتهم المشهورة في ضرب السودان وأفغانستان. حيث انهالت على السودان وأفغانستان عشرات صواريخ كروز موجهة لضرب هدفين محددين في السودان وأفغانستان. لكن هل كان الرد الأمريكي ذكيا؟ نظرة ثاقبة في القضية تظهر أن أمريكا أصبحت تنفذ دون أن تشعر أجزاء من فقرات برامج الجماعات الجهادية، ولعل من تقدير الله أن تضاعفت فضائح كلينتون في تلك الفترة حتى يتدخل هذا العامل في توقيت الضربة الأمريكية، ومن ثم تتحول الضربة الأمريكية إلى عامل من عوامل تنامي الغضب والعداء ضد أمريكا في العالم الإسلامي، وهو عين ما تريده الجماعات الجهادية. مثل ما استدرجت أمريكا صدام لاحتلال الكويت، وأعطت إشارات سياسية وعسكرية تشجع صدام على دخول الكويت من أجل أن تبرر إنزال وبقاء قواتها وهيمنتها في المنطقة فقد نجحت الجماعات الجهادية في استدراج أمريكا لهذه الضربة لتحقيق ما كانت تتطلع إليه هذه الجماعات من تجييش للرأي العام الإسلامي ضد أمريكا وإثبات ندية هذه الجماعات لتلك القوة العظمى، ومن ثم تبرير صراع طويل المدى مع أمريكا بعد هذا التجييش، بغض النظر عن صحة أو خطأ تلك السياسة. لقد كانت الضربة الأمريكية بكل تفاصيلها من حيث التوقيت ونوعية الهدف والطريقة والكمية دليلا على ارتباك وسوء تقدير من قبل الأمريكان، ولا يمكن استراتيجيا أو سياسيا أو عسكريا تفسير هذه التفاصيل. وإذا لم تكن فضيحة كلينتون مع مونيكا وراء هذا التصرف فلا تفسير آخر إلا غلبة العنجهية والغرور على التخطيط والدراسة والحكمة. بالنسبة للتوقيت لم تعلن أمريكا قبل الضربة اتهاما صريحا لابن لادن ولم تكن لتستطيع ذلك إلا بعد شهور من التحقيقات، وحتى بعد الضربة استمر المحققون من الكينيين والأمريكان يرفضون توجيه أصابع الاتهام لأحد، ولقد دأبت أمريكا دائما قبل حالة كينيا وتنـزانيا على أن لا توجه ضربة إلا بعد أن تحصل على أدلة دامغة ولا تكتفي بالقرائن، ولا يمكن توفير هذه الأدلة الدامغة خلال أسبوعين فقط من حادثي كينيا وتنـزانيا. ثم أن مسألة الوقت هامة كذلك لتهيئة الرأي العام العالمي للقبول بفكرة الضربة ـ على الأقل جزئيا ـ وهذا كله لم يحصل. ولذلك فقد كانت الضربة محرجة جدا لحلفاء أمريكا في المنطقة العربية والإسلامية. قارن مثلا بين هذا الاستعجال في توجيه الضربة وبين رفض أمريكا توجيه ضربة لإيران لحد الآن بحجة عدم وجود أدلة مع إن مزاعم السعودية عن الدور الإيراني في الخبر أقوى من أدلة أمريكا عن دور ابن لادن في كينيا وتنـزانيا. أما بالنسبة للأهداف التي اختارتها أمريكا فقد كانت أهدافا مضحكة بل مخجلة، ولقد تبين بعد الضربة مباشرة أن اختيار هذه الأهداف عاد بالكارثة على أمريكا. فمثلا زعمت أمريكا أن مصنع الأدوية في السودان يستخدمه ابن لادن لإنتاج السلاح الكيميائي أو على الأقل مقدمات للسلاح الكيميائي، وزعمت كذلك أن اختيار الهدف جاء بناء على معلومات استخباراتية مؤكدة. ومن المعلوم أن اتخاذ قرار بمثل هذه الضربة يعني أن الأمريكان يثقون بتقارير الاستخبارات تلك إلى درجة أنهم يتجاوزون كل المحاذير الخطيرة في هذه العملية. وهذا يعني أنه إذا استطاع السودان أن يثبت أن المصنع لا يتجاوز دوره كمصنع أدوية حقيقي-و هو ما حصل- فسوف تضرب مصداقية المخابرات الأمريكية وتضرب كذلك كل التبريرات الأمريكية لأي ضربة قادمة حيث تتابعت التحليلات عن هذا المصنع إلى أن تبين أن لا دخل له بابن لادن. لكن بغض النظر عن دعوى المخابرات فقد كانت الضربة الأمريكية خطأ مركباً. فمن جهة كانت خرقا لدولة ذات سيادة وهذا مناقض لما يسمى بالقانون الدولي والأعراف الدولية وأساليب الأمم المتحضرة كما هي لغة أمريكا نفسها، وهي قيم تزعم أمريكا أنها حريصة جدا على احترامها. من جهة أخرى كانت الضربة الأمريكية مفاجئة للسودان، حيث لم تصدر أي إشارات سابقة من أمريكا بوجود مثل هذا النشاط في المصنع بل أن أمريكا خففت لهجتها كثيرا ضد السودان خلال الفترة السابقة للضربة مما أعطى انطباعا بأن أمريكا أيست من ربط السودان بما تزعمه أمريكا من الإرهاب. وعلى كل حال يعلم كل المتابعين للحركات الجهادية عموما وابن لادن خصوصا أن علاقاتهم مع السودان قطعت تماما وأن هذه الجماعات غير راضية عن الحكومة السودانية وأنها تعتبرها قد تخلت عن واجب ديني لأجل دفع تهمة الإرهاب، بل أن بعض التيارات الجهادية تذهب إلى أبعد من ذلك فتصنف السودان مثل مصر والسعودية. أما الهدف الذي ضرب في أفغانستان فهو كذلك من الأدلة على غباء أمريكي فادح في معرفة الفرق بين الدول والجماعات الإسلامية الجهادية وكذلك الفرق بين أفغانستان والعراق وليبيا. فمن المعلوم أن الجماعات المسلحة لا تعمل مثل الجيوش بمراكز خاصة للقيادة والاتصالات أو مراكز الدعم اللوجستي والذخيرة وهي أهداف تساعد في شل الجيوش إن ضربت بدقة. أما الجماعات الجهادية في أفغانستان فتجدهم أما في خندق أو نفق أو كهف أو خيمة بين الشجر، والعارفون بالوضع في أفغانستان استغرقوا في الضحك على تسمية المسؤولين الأمريكان للهدف المضروب بــ"البنية التحتية لابن لادن". وعلى كل حال فقد كان معظم أتباع ابن لادن في أفغانستان موجودين حينها في شمال أفغانستان يحتفلون مع الطالبان بانتصاراتهم على دوستم. هذا مع أن عددا كبيرا من أتباع ابن لادن ومؤيديه خارج أفغانستان حيث يعلن بعضهم عن وجوده في اليمن والصومال وباكستان والآخر لا يعلن عن وجوده. ولذلك فما يسمى بالبنية التحتية تهويش ومحاولة لإقناع الرأي العام الأمريكي الجاهل فقط. من جهة أخرى فإن ضرب أفغانستان من قبل أمريكا أخطر من ضرب السودان لأنه بمثابة إثارة وإغضاب للطالبان وإدخالهم في المعركة ضد أمريكا. ويبدو أن الأمريكان قارنوا أفغانستان بالعراق وليبيا ورأوا أثر الصواريخ هناك فتوقعوا نتيجة مشابهة مع أفغانستان وحصل العكس، حيث أن الأفغان عموما والطالبان خصوصا ينحون إلى التحدي والمواجهة بدلا من الانصياع والخوف، وهذا ما جعل ملا عمر زعيم الطالبان يقسم وقتها بأن يدافع عن ابن لادن ولو اجتمعت على حرب الطالبان دول العالم. ويبدو أن الأمريكان تضرروا ضررا إضافيا وغير متوقع في استهداف أفغانستان حين تبين أن معظم الضحايا من المجاهدين الباكستانيين في كشمير، وهذا ما دفع زعيمهم لأن يعلن على الملأ في مؤتمر صحفي أنه يعلن الحرب على أمريكا إضافة إلى الهند. الطريقة التي عرض بها الأمريكان الضربة إعلاميا ورسميا كانت هي الطريقة التي تستميت من أجلها الجماعات الجهادية، وهي إظهار تلك الجماعات عموما وابن لادن خصوصا كخصم وند حقيقي لأمريكا وكقوة استطاعت أن تجبر أمريكا على التصرف بارتباك وتخبط. ابن لادن لم يعد ذلك الشخص الذي تظهره بعض القنوات الأمريكية والغربية وتجادل من أجل الإقناع بأنه قوة يحسب حسابها، بل أصبح الآن البعبع الأول لأمريكا حسب تصريحات الرئيس الأمريكي والمسؤولين الأمريكان أنفسهم، ولقد شاهد الملايين في العالم الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع ورئيس الأركان يحرصون على ذكر أسامة بن لادن في خطبهم وأجوبتهم للصحافة من أجل تبرير الضربة. هذا التصوير وتلك الطريقة أعطت زخما قويا للمحسوبين على التيار الجهادي وخاصة أتباع ابن لادن ورفعت معنوياتهم وأشعرتهم كما لو كانوا قوة عظمى في مواجهة أمريكا، بل بدت تلك الضربات المستعجلة الخاطئة بمثابة دليل لهم على أنهم أفقدوا أمريكا صوابها فأصبحت تتخبط ولا تدري أين تضرب. أما بالنسبة للرأي العام العربي والإسلامي فالقصة ليست بعيدة، حيث يعيش الناس أزمة بطولة وأزمة تضحيات وهم في انتظار من يشبع الشعور بالانتقام والتحجيم لأمريكا وإرهابها كما أرهبت المسلمين وضايقتهم في فلسطين والعراق والجزيرة وأفريقيا وتركيا وأماكن أخرى، ولذلك فقد كان منظر المسؤولين الأمريكان وهم يعترفون من خلال تلك الضربات بارتباكهم وخوفهم من بن لادن، كان ذلك بمثابة إشباع لهذا الشعور ورفع شعبية بن لادن، خاصة أن ابن لادن ليس ممن يمكن أن يتهم بالعمالة مثل خصوم أمريكا المزعومين من حكام الدول العربية، فهذا الرمز الجديد تاريخه مختلف تماما عن تاريخ أولئك الزعماء أمثال القذافي وصدام، وإذا أعلن مواجهة أمريكا فلا يشك أحد في صدقية هذا الإعلان. وقد لوحظت هذه الآثار عمليا بعد الضربة حيث لم يعد من الحرج الأمني في كثير من البلاد العربية التصريح بالإعجاب بابن لادن وتأييده، أما في باكستان والمشرق الإسلامي فقد تجاوز الناس مجرد الإعجاب إلى اعتباره قائدا ومخلّصا للأمة الإسلامية من هيمنة الأمريكان، وخرجت المظاهرات بصوره المرفوعة هناك. مما ينبغي معرفته كذلك أن الذين عاشوا مع ابن لادن والمجاهدين العرب ومن تمكنوا من مقابلة ابن لادن حتى من غير المسلمين يثبتون حقيقة هامة وهي أن هذا الرجل والمنضوين للجماعات الجهادية يعتبرون الموت في حربهم مع أمريكا من أعظم الأماني، ولذلك فلا يمكن اعتبار هذه الضربات ذات أثر في تخويف أو إرهاب تلك الجماعات، فلقد عاشوا سنين طويلة تحت القصف الروسي والشيوعي وخاضوا معارك كثيرة وشرسة مع الروس وغيرهم إلى درجة أنهم أدمنوا على هذه الأصوات ويجدون صعوبة في النوم بدونها كما يصفهم أحد الذين رافقوهم. خاسر آخر في هذه المعمعة هو الحكومات العربية التي تعيش تحت كنف أمريكا، فلقد بدت هذه الحكومات حقيرة صغيرة بين قوتين عظميين أمريكا وبن لادن. وكأننا بتلك الحكومات عاشت حرجا شديداً أمام هذه الضربات الأمريكية فلا هم الذين أمكنهم تأييدها فيثبتوا العمالة المطلقة، ولا هم الذين أمكنهم استنكارها فيظهروا اعترافا غير مباشر بابن لادن. ولقد تبينت هذه المشاعر في الإعلام السعودي من خلال التجاهل الكامل من قبل التلفزيون والإذاعة والصحافة الداخلية في المملكة حيث أورد خبر الضربات مقتضبا دون أي إشارة لابن لادن. أما الصحافة السعودية في الخارج التي لا يمكن أن تتجاهل ابن لادن، فقد سمح لها بذكر ابن لادن بشرط أن لا يوصف بأنه سعودي. الطالبان من جهتهم شعروا بعد الانفجار الأول وقبل الضربة الأمريكية بحرج شديد ولكن الأمريكان أنقذوهم من الحرج من خلال الضربة الغبية خاصة وأن الضربتين تزامنت مع دخول الأفغان العرب الذين يتبع معظمهم ابن لادن مع الطالبان في معركتهم ضد دوستم في شمال أفغانستان وكان لهم دور كبير في القضاء الكامل على دوستم بعد أن كان الهجوم الأول من قبل الطالبان لوحدهم غير موفق. وخلال تلك الفترة حاول الأمريكان مرة أخرى التفاوض مع طالبان حول ابن لادن ورفض الملا عمر التفاوض معهم، وعندها اكتفوا بإرسال رسالة للملا عمر يشرحون فيها مطلبهم وهو حرص الولايات المتحدة على أمنها وأمن مواطنيها وأن ذلك هو سبب حديثهم مع طالبان، واكتفى ملا عمر بالرد عليهم بأنهم إن كانوا جادين في طلب الأمن لأنفسهم فليخرجوا من العالم الإسلامي وخاصة جزيرة العرب.
هل كان لدى الأمريكان خيار آخر؟ نعم كان لديهم خيار أحكم بكثير، لكن الله سبحانه لم يحرفهم عنه فحسب بل أراد لهم أن يضخموا قضية ابن لادن تغطية لفضائح كلينتون. هذا الخيار الآخر الذي كان من الممكن أن يحاصر به ابن لادن والجماعات الجهادية ولم يهتد إليه الأمريكان هو الصبر والتحمل وتضخيم صورة الأبرياء الذين قتلوا في انفجاري كينيا وتنزانيا وخاصة المسلمون منهم وإظهار ابن لادن والجهاديين على شكل متعطشين للدماء نشاز بين المسلمين أنفسهم لا يهمهم حتى قتل أبناء جلدتهم من أبرياء المسلمين. ولربما كان هناك لدى الأمريكان فرصة للاستفادة القصوى من المؤسسات الدينية في مصر والمملكة لتشويه صورة هذه الجماعات من خلال ربطها بقتل العشرات من المسلمين الأبرياء فقط لأجل قتل بضعة أمريكان وإظهار تلك الجماعات كآخر من يلتزم الشرع. ولو صبر الأمريكان وتحملوا وقع الضربة ومضوا في ذلك الاتجاه لأصبح ابن لادن والجماعات الجهادية في وضع حرج مع الشعوب ومع الطالبان لأن ذلك العمل الذي يستطيع الأمريكان التشكيك في شرعيته إسلاميا من خلال المؤسسات المذكورة يقضي على جزء كبير من شعبية تلك الجماعات ويظهر أمريكا على أنها مظلومة ومتحامل عليها بغير وجه حق. لكن الذي حصل أن هذا الخيار قد حرم منه الأمريكان إلى درجة لا يمكنهم التراجع واستعادته لأنهم مضوا بعيدا في تضخيم رد الفعل وتضخيم حجم ابن لادن وإثبات أنه أوجعهم وآذاهم.
أمريكا تشن حملة على "أعوان بن لادن" في الأسابيع التي تلت حادثتي التفجير والرد الأمريكي شرعت أمريكا في حملة اعتقالات لبعض العرب والمسلمين بحجة علاقتهم بابن لادن. وكانت طريقة الإعلان التي صارت تستخدمها أمريكا تشبه طريقة بعض الدول العربية التي ما إن تعتقل أو تقتل "أمير جماعة" حتى يظهر "أمير جماعة" آخر وتعتقله أو تقتله ويتبين أن الأمراء في تلك الجماعات أكثر من الأفراد!!. هذا هو الأسلوب الذي استخدمته أمريكا في تحسين صورتها في تتبع شبكة ابن لادن المزعومة، فكل يوم يظهر علينا سكرتير خاص، ومدير أعمال، و"شخصية مركزية" في عمليات ابن لادن. وقد استثمرت الحكومة الأمريكية جهل الشعب الأمريكي، وضخمت القضية من أجل التعويض عن عجزها في حرب "الإرهاب" ومتابعة بن لادن.أما ابن لادن نفسه فقد بقي تلك الفترة تحت حماية الطالبان خوفا من عملية اغتيال أو خطف مفاجئة، وقد نفى الناطق الرسمي باسم الحركة وقتها إشاعة أن يكون ابن لادن تحت الإقامة الجبرية وأكد أنه يتمتع بحرية التنقل في كافة أنحاء أفغانستان.
السعودية لم تيأس لم تتوقف محاولات الحكومة السعودية في الضغط على طالبان بتسليم ابن لادن ومن أجل ذلك لجأت الحكومة السعودية إلى آخر سهم في كنانتها وهو إرسال أكثر الأمراء السعوديين خبرة بأفغانستان تركي الفيصل. توجه تركي الفيصل بصحبة عبد الله التركي وزير الشؤون الإسلامية وسلمان العمري القائم بالأعمال السعودي في كابل. في قندهار قابل الوفد الملا عمر وطلب تسليم ابن لادن لأمريكا ودارت بين الوفد السعودي وبين الطالبان ملاسنة حادة قال فيها الملا عمر أنهم إذا كانوا يتحدثون باسم أمريكا فلا يلومونه إذا قال إنه يتحدث باسم بن لادن. وكانت عبارة ملا عمر هذه من باب الإحراج للوفد الذي طلب تسليم ابن لادن لأمريكا وإلا فإنه لم يكن موافقا مع ابن لادن في توجهاته الأخيرة. وفي اللقاء ادعى تركي الفيصل أنه قَدِمَ بناء على طلب من الملا عمر من أجل استلام بن لادن، فأنكر ملا عمر وجود هذا الوعد، بل انتقد شرعية مثل هذا الطلب أصلا، فاشتد النقاش بين الطرفين إلى درجة أن الملا عمر وجه كلاما خشنا للوفد السعودي تردد المترجم في ترجمته فنهره الملا عمر وأصر على ترجمته حرفيا. وقبل أن ينصرف تركي الفيصل طلب منه الملا عمر أن يصطحب معه القائم بالأعمال السعودي لأنه كذا وكذا! وبعد عودة تركي الفيصل إلى الرياض أرسل بطلب اعتذار من الملا عمر فرفض الملا عمر ورفض إعادة القائم بالأعمال السعودي فقرر السعوديون إبعاد القائم بالأعمال الأفغاني في الرياض.
السعودية تطرد ممثل طالبان في نهاية سبتمبر من نفس العام قررت الحكومة السعودية طرد ممثل طالبان دون تبرير رسمي ولكن هذه الأسباب تبينت فيما بعد من خلال الطالبان أنفسهم وهو باختصار ما ذكر أعلاه من رفض الحركة كل المطالب السعودية بتسليم أسامة بن لادن أو تحجيم نشاطه أو تسليم غيره من "الأفغان العرب" الموجودين عند طالبان. من الناحية الرسمية لم يصدر شيء إلا تصريح يتيم خجول من مصدر مسؤول رفض ذكر اسمه حسب رواية وكالة الأنباء الفرنسية في حينها.
فلتة لسان سعودية: انفجار الخبر من عمل بن لادن كان تصريح المسؤول سعودي المذكور لوكالة فرانس برس قد كان بمثابة زلة لسان بلعها المسؤول السعودي وعلم بعد ذلك أن ذلك المسؤول تعرض لتأديب على التسريب. كان التصريح يقول أن سبب طرد ممثل الطالبان هو عدم تعاونهم مع الحكومة السعودية في تسليم مطلوبين من بعض أتباع ابن لادن من المقيمين عند طالبان رغم وجود أدلة على تورطهم في حادث انفجار الخبر. وكانت هذه الزلة أول مرة تشير فيها جهة سعودية إلى أن المسؤولين عن انفجار الخبر من أتباع ابن لادن بينما كانت واستمرت تدعي أن المسؤولين عن الحادث شيعة.
طرد سفير الطالبان هو الوضع الطبيعي ولم يكن قرار الحكومة السعودية طرد ممثل طالبان غريبا بقدر ما كان اعترافهم السريع بطالبان مثيرا. ولربما كان الاعتراف الأول بالطالبان قائما على تقديرات خاطئة مفادها أن هذا الكيان الجديد يجب أن يُحتضن في النظام العالمي الجديد ويدخل كنف أمريكا، وليس هناك أفضل من المملكة لإدخاله بسبب ثقلها الروحي في العالم الإسلامي، وبسبب خبرتها ونفوذها في الجهاد الأفغاني في السابق. ولقد قررت الحكومة السعودية التعامل مع الطالبان بطريقة هي نسخة عن التعامل مع زعماء الأحزاب السابقين اعتقادا منهم أن الطالبان أفغان مثل الأحزاب السابقة والأسلوب الذي نجح مع الأحزاب سينجح معهم. ولذلك حاول حكام المملكة تجاهل قضية ابن لادن في البداية وتبرعوا بلا مقابل بالاعتراف كتفضل على الأفغان الذين سيحرصون على رد هذا الفضل "الكبير". ولقد تجاوزت الحكومة السعودية تلك الخطوة إلى دعوة زعماء الطالبان للحج والعمرة كضيوف رسميين على الدولة السعودية، وعرض على عدد من قيادييهم بعض المغريات التي تستهوي البشر، كما حاولت الحكومة السعودية استخدام النفوذ الديني بإرسال بعض العلماء أو رسائل من المشايخ للتأثير على مواقف طالبان. وكان كل أمل الحكومة السعودية أن يقبل الطالبان التعامل مع بقية العالم على أساس "باكستاني ـ سعودي"، أو على الأقل يقبلون بالمطالب الدنيا للحكومة السعودية بتسليم أو تحجيم بن لادن. أيا من ذلك لم يتحقق رغم تكرار المحاولات السعودية، لم ينقطع الأمل عند الحكومة السعودية وحاولوا التأثير من خلال بعض الشخصيات التي اعتبروها أجنحة مرنة في الطالبان لكن كانت النتيجة سلبية. ولذلك فقد تورط السعوديون فلا هم الذين احتووا طالبان ولا هم الذين سلموا من تهمة التعاون أو التعامل معهم بعد مواجهتهم لأمريكا، وكان لا بد من التخلص من هذه التهمة بعد أن أصبحت العلاقة مع الطالبان عديمة الجدوى فكان قرار الطرد، وعلى الأرجح فإن التوقيت كان له علاقة بزيارة الأمير عبد الله لواشنطن حيث صدر القرار قبل وصول الأمير عبد الله لواشنطن بيوم واحد، وكان القرار بمثابة تبرئة لساحة الحكومة السعودية من العلاقة مع طالبان الذين يؤوون العدو الأول لأمريكا: ابن لادن، ولم يكن من اللائق أن يحل الأمير عبد الله ضيفا على الأمريكان بينما تبقى بلاده راضية عن طالبان مصدر "الإرهاب".
ابن لادن ينقذ كابل مرة أخرى على مستوى ابن لادن و"الأفغان العرب" حصل تطور ظريف تزامن مع تلك الأحداث أدى إلى تقوية موقفهم عند الطالبان حيث تمكنوا من حماية إحدى جبهات كابل أمام أحمد شاه مسعود عند انشغال الطالبان بجبهات باميان حيث الشيعة والشمال حيث دوستم. وكان أحمد شاه مسعود الذي يعتبر قائدا ميدانيا محنكا قد لعب لعبة عسكرية ناجحة في استثمار خلو الجبهة من جنود طالبان. المجاهدون العرب كانوا خفيفي الحركة وكان لهم تجمع قريب من شمال كابل حيث الجبهة المواجهة لأحمد شاه مسعود. ولقد كان بلاء العرب في تلك المعركة لا يكاد يصدق حيث صمد في وجه مسعود ومنعه من دخول كابل حوالي خمسين من العرب فقط ولعل المتابعين للشأن الأفغاني لاحظوا أن مسعود منذ ذلك الحين بدأ يطلق التصريحات ضد ابن لادن بينما كان يتجاهله في الماضي. وحصل تطور آخر على مستوى المجاهدين العرب هو انضمام جنسيات أخرى غير عربية من الباكستانيين وبنجلاديش وطاجيكستان وأوزبكستان ودول أخرى ومعظمهم أو كلهم تقريبا يشعر بتبعية لابن لادن.
الصحافة السعودية تقلب مع الحكومة ما إن صدر القرار السعودي بقطع العلاقة الدبلوماسية مع طالبان حتى انقلبت الصحافة السعودية على الطالبان وفتحت قاموسها على طريقة الإعلام العربي الثوري في الستينات. وبقدرة قادر تحول من كانوا يوصفون من قبل نفس الصحافة في فترة الرضا بأنهم طلبة علم يطبقون الشريعة، تحولوا إلى مرتزقة وقطاع طرق وتجار مخدرات ومراكز للإرهاب الدولي والتخلف الحضاري. صحف أخرى لم تهتم بهذا الجانب بقدر ما اهتمت بقضية ابن لادن وأبرزت طالبان كجماعة نفعية تحمي ابن لادن اليوم لمصالح مؤقتة وتبيعه غدا، وزعمت جريدة الشرق الأوسط حينها أن ملا عمر قد حنث بيمينه وسوف يسلم ابن لادن والقضية قضية وقت.
الطالبان يعدمون جاسوسا من قبل السعودية توقعات جريدة الشرق الأوسط كانت خائبة إلى درجة أن طالبان فاجأوا العالم بإعدام شخص محسوب على السعودية جاء مكلفا من أحد الأمراء كما تقول مصادر طالبان لقتل بن لادن. قبضت طالبان بالتعاون مع مجموعة ابن لادن على عدد من المرتزقة بينهم أشخاص من بلد ابن لادن يخططون لعمليات تخريب في أفغانستان ويخططون كذلك لاغتيال ابن لادن حسب رواية الطالبان. ومن بين المعتقلين أفغان وباكستانيين وعرب إضافة إلى أشخاص من بلد بن لادن. وتبين من خلال التحقيق معهم أنهم أرسلوا من قبل الأمير الذي يحمل ملف أفغانستان وباكستان.
والدة ابن لادن تُحشر في اللعبة رغم فشل زيارة تركي الفيصل لم ييأس السعوديون وقرروا استخدام وسيلة أخرى ليس لها علاقة بالطالبان وهي الضغط مباشرة على بن لادن. كانت والدة ابن لادن ممنوعة من السفر وحرمت من زيارته عندما كان في السودان وكانت الحكومة السعودية تعلم أنه في أشد الشوق إليها فعمدت إلى ترتيب زيارة خاصة لوالدته بطيارة خاصة تقلها إلى قندهار من أجل الضغط عليه وابتزازه بها. وفعلا نقلت والدة أسامة مع زوجها الذي كان من عائلة العطاس وهي عائلة حضرمية معروفة. وصلت الأم وقابل أسامة والدته فعلا بعد أن لم يرها سنين ولا غرابة أن كان اللقاء عاطفيا رقيقا لكن ابن لادن كان واضحا تماما أن قضاياه ليست مطروحة للنقاش رغم الابتزاز. وعادت الوالدة المكلومة بعد أن كحلت عينها برؤية ابنها أسامة لكن لم تحقق لمن أرسلها مع زوجها أي مطلب.
الغيبة!! ظهر ابن لادن مرة أخرى فجأة في بداية عام 1999 في بعض الجرائد الأمريكية ومحطتي تلفاز مما تسبب في إعادة الحرج على الطالبان. وكانت أجوبة وتعليقات بن لادن تدل على أن لا تغيير في الموقف. بعد ذلك وبعد أن أيس الأمريكان والسعوديون من استجابة الطالبان للضغوط الدبلوماسية تقرر استخدام كل الوسائل الممكنة مما حدا بالطالبان إلى اتخاذ قرار بعزل ابن لادن عن العالم وذلك لتحقيق هدفين الأول حمايته والثاني منعه من إدخالهم في حرج جديد هم في غنى عنه خاصة أنهم غير متفقين مع ابن لادن بخصوص الفتوى الأخيرة. وبقي ابن لادن معزولا للحماية إلى هذه اللحظة. وخلال هذه الفترة ترددت أنباء عن مغادرته أفغانستان لم تثبت. أما برنامج قناة الجزيرة الوثائقي عن ابن لادن الذي عرض في بدايات صيف 1999 فقد تم تصوير المقابلة مع ابن لادن التي كانت جزءا من البرنامج في نفس الفترة السابقة وهي نهاية 1998.
إعلان الحصار على الطالبان كما اشتهر وأعلن قررت أمريكا استثمار نفوذها على مجلس الأمن لفرض حصار على طالبان إلى أن تسلم بن لادن. كانت إجازة مجلس الأمن للقرار دليلا على أن كيان المجلس مستعد لتنفيذ أوامر أمريكية بطريقة مخجلة ولا نريد أن نعلق كثيرا لأن مجرد انصياع العالم لأمريكا في قضية مثل هذه هو تجسيد لوضع العالم في الوقت الحاضر. المهم أن أمريكا وغيرها لم تفهم أن طالبان لا ينفع معهم هذا الأسلوب وأنهم ليس من الوارد أن يسلموا بن لادن.
الوضع الحالي لا يزال أسامة بن لادن في مكان خاص لحمايته مع عدد لا بأس به من الاخوة العرب ولم يحصل تطور ذو بال يغير وضعه ولا تزال علاقته مع طالبان على حالها من جهة احترام وتقدير وحماية ومن جهة أخرى تحفظ على أعماله الأخيرة. كذلك لم يطرأ أي تغير على علاقاته مع الجهات الأخرى.
أسئلة وأجوبة: المحور الأول: لماذا تبنت أمريكا مواجهة ابن لادن رسميا ومن قبل أكبر رأس فيها وهو كلينتون؟ المحور الثاني: لماذا حظي ابن لادن بكل تلك الشعبية العارمة بين عامة المسلمين ؟ المحور الثالث: لماذا يعلق آل سعود على ابن لادن بهذا الأسلوب؟ قضية ما أسميته بالإجماع العالمي على وصف ابن لادن بالإرهاب -ولعلك تقصد الحكومات والأطراف السياسية- هذه فرع عن الموقف الأمريكي ولا تحتاج إلى تحليل خاص بها. بالنسبة للمحور الأول هناك ملاحظة هامة جدا وهي أن الأمريكان رغم اهتمامهم القديم بابن لادن من جهة المخابرات ألا أن الاهتمام السياسي والإعلامي لم يظهر إلا بعد إعلان الجبهة الإسلامية العالمية. فابن لادن لم يطرأ عليه جديد بخصوص التضحية والجهاد خلال السنتين الماضيتين فالرجل كان ذا تضحية وبذل منذ أن عرف أفغانستان. لاحظ كذلك أنه لم يبدأ بمعاداة أمريكا علنا بعد إعلان الجبهة الإسلامية العالمية سنة 1998 حين أبدت الإدارة الأمريكية ومن ثم الإعلام الأمريكي اهتماما غير عادي به، بل انه سبق أن أصدر بيان الجهاد لإخراج القوات الأمريكية وغيرها من القوات غير المسلمة من جزيرة العرب سنة 1996 ولم يحظ ذلك إلا باهتمام محدود جدا بل يؤكد بعض المتابعين لقضية ابن لادن أن الأمريكان ربما حاولوا تفادي الرد على ذلك الإعلان تجنبا لإعطائه الضجة الإعلامية التي كانت ستشهره. لاحظ كذلك أنه رغم ربط اسمه بانفجار الرياض والخبر فإنه لم تبد السلطات الأمريكية أي حرص يذكر لإثبات ذلك مقارنة بمحاولتها ربطه بانفجاري كينيا وتنزانيا، ونفس الملاحظة السابقة تنطبق هنا حيث حرص الأمريكان في تلك المرحلة التقليل من شأن أي دور لابن لادن في انفجاري الرياض والخبر مقابل التأكيد والقطع والتضخيم لدور ابن لادن في انفجاري كينيا وتنـزانيا. يبدو لي أن سبب التحول في الموقف الأمريكي من التجاهل التام لبيان سنة 1996 إلى الاهتمام الانفجاري سنة 1998 يعود إلى إدراك الأمريكان للفرق بين الدعوة إلى إخراج قوات محتلة كافرة من جزيرة العرب المحرمة على الكفار وبين الدعوة إلى قتل الأمريكان في كل مكان وزمان. فالأمريكان يدركون أن الدعوة الأولى دعوة مليئة بالحجة والإقناع وهي فضلا عن كونها مرتكزة على تعاليم شرعية وتلاقي قبولا عظيما عند المسلمين لمن يدعوا إلى إخراج الكفار الغزاة من أقدس بلاد المسلمين، فضلا عن ذلك فهي دعوة مقبولة تماما من قبل غير المسلمين بما فيهم الرأي العام الأمريكي، ذلك لأن مطلب إخراج قوات محتلة من بلد محتل مطلب مشروع ومبرر ويلقى صدى عند قوى التحرر والمطالبة بإعطاء الشعوب حقوقها وهي قضية محرجة جدا للحكومة الأمريكية التي تزعم أنها تدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها. ويوازي ذلك عمليتي الرياض والخبر ففي تلك العمليتين -اللتان لدى الأمريكان معلومات عن دور لابن لادن فيها- كان الهدف هو القوات الأمريكية داخل جزيرة العرب، فالمستهدف هو قوات عسكرية والمبرر هو وجودها على شكل قوات محتلة في أراض مقدسة. أما الدعوة الثانية أو الإعلان الثاني المتمثل في إعلان الجبهة الإسلامية العالمية فقد كان مختلفا، لأنه دعوة إلى قتل الأمريكان مدنيين كانوا أو عسكريين، ليس في جزيرة العرب فحسب بل في كل مكان. والأمريكان يدركون أن هذا الكلام من الصعب أن يحظى بأي تعاطف في الرأي العام الأمريكي فضلا عن أنه لن يحظ بنفس القبول الذي لقيه البيان الأول لدى المسلمين وذلك لأنه لا يستند إلى حجة شرعية مقنعة توازي الحجة الشرعية في البيان الأول. ثم جاء انفجاري كينيا وتنزانيا ليثبتا محتوى بيان الجبهة -أو هكذا وضعه الأمريكان- فالمستهدف هنا ليس قوات أمريكية بل بضعة أمريكان وليمت معهم من يمت من الضحايا حتى لو كانوا أبرياء بل حتى لو كانوا مسلمين ولا مانع أن يقتل المئات مادام هناك ضحايا أمريكان. والميدان هنا ليس الأراضي المقدسة ولا حتى أمريكا نفسها وبذلك يمكن تجريد ابن لادن من التعاطف الإسلامي والعالمي من خلال إظهاره كشخص متعطش للدماء بلا مبرر ديني ولا منطق سياسي مقبول. من هنا جاء الحماس الأمريكي لمواجهة ابن لادن بعد قضية إعلان الجبهة والانفجارين لكن هذا الحماس الأمريكي تزامن بقدر الله مع قضية فضيحة كلينتون مع لوينسكي مما أدى إلى تخبط مضحك في السياسة الأمريكية تبعه رد الفعل الإسلامي وهو ما نناقشه في المحور الثاني. المحور الثاني: وهو لماذا حظي ابن لادن بكل تلك الشعبية العارمة بين عامة المسلمين؟ هذه القضية فرع عن الأولى. في نظري فإن أهم عامل في ذلك لم يكن بيانات ابن لادن ولا تفجيري كينيا وتنـزانيا ولا تفجيرات الرياض والخبر. العامل الرئيسي -والله أعلم- هو ردة الفعل الأمريكية المتمثلة في ضرب أفغانستان والسودان وتصريح كلينتون بأنه اتخذ قرار الضرب ردا على ابن لادن. من أجل تصور هذه النتيجة ينبغي فهم العقلية الإسلامية الحالية التي تشعر بعداء أمريكا بسبب مواقفها ضد المسلمين وفي المقابل ترى انبطاح حكام المسلمين لأمريكا واستعدادهم لتنفيذ خططها وبرامجها، ولهذا فهم متعطشون ومتلهفون وبقوة لمن يقف بوجه أمريكا ويثبت أنه أوجعها، وأي إثبات بأن ابن لادن أوجع أمريكا وشفى صدور المسلمين أكثر من أن يقف كلينتون بنفسه ويردد اسم ابن لادن ثلاث مرات وهو يعلن عن ضرب السودان وأفغانستان كرد على ابن لادن وينفجر بعدها الإعلام الأمريكي وتبعا له الإعلام العالمي والعربي بوصف الحرب الدائرة بين ابن لادن وأمريكا. وأنني أعتقد -وأرجو أن لا يساء فهمي- أنه لو لم تعمد أمريكا إلى الرد بهذه الصورة لربما لم يتحول ابن لادن إلى ذلك البطل الأسطوري، بل إنه لو تمهلت أمريكا وحاولت استغلال الثغرات الشرعية في بيان الجبهة العالمية مستعينة بمن ترشحهم الحكومة السعودية والمصرية من علماء السلطة وركزت على الدماء والأشلاء في كينيا وتنزانيا حيث قتل عدد كبير من المسلمين، لو عملت ذلك لم يحصل ما حصل من الشعبية لابن لادن والله أعلم، ولعل الله أراد أن يربك الأمريكان حين قدر أن يتورط رئيسهم بتلك الفضيحة فانقلبت المعادلة بالكامل. المحور الثالث: وهو لماذا يعلق آل سعود على ابن لادن بهذا الأسلوب؟ وكما قلنا فهو فرع عن المحور الأول كذلك، آل سعود لم يتبرأوا من ابن لادن لأنه "إرهابي"، بل تبرأوا منه لأنه اشتهر وأصبح أعظم منهم شأنا، فالإرهابيون "السعوديون" كثيرون ومع ذلك لم يتبرأ آل سعود إلا من ابن لادن. والسبب له علاقة بتركيبة آل سعود النفسية أكثر من علاقته بابن لادن فآل سعود لا يريدون لأحد ينتمي للبلد المسمى باسمهم أن يكون أعظم شأنا منهم. وعادة ما يتعامل آل سعود مع هذه المشكلة بتحجيم الشخص الذي كبر حجمه مثل ما عملوا مع القصيبي وعايض القرني وسلمان العودة وسفر الحوالي، أما ابن لادن فليس لهم سبيل لتحجيمه لأنه بعيد عن نفوذهم وكان الحل الوحيد هو نزع صفة الانتماء للمملكة، ولذلك كانت رائحة الانزعاج من شهرة ابن لادن والتألق من علو شأنه تفوح من التعبير والأسلوب الذي استخدمه الأمير نايف والأمير سلطان في التعليق على قضية ابن لادن. وقياسا على هذه القاعدة لن أستغرب إذا صدر أمر بسحب جنسية الخطاب الذي يجاهد في الشيشان إذا استمرت شهرته في التنامي وانتظروا تصريحات لنايف عن الخطاب تشبه بتصريحاته عن ابن لادن.
-------------------------------------------------------------------------------- كتبه الأخ مجتهد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] -------------------------------------------------------------------------------- المصادر هي إما معلومات مباشرة شخصية بمعنى معايشة مباشرة. أو رواية من عدد كبير ممن عايش ابن لادن مباشرة من علماء أو مرافقين أو أتباع أو حتى من عائلة بن لان. أو بيانات الشيخ باسمه أو باسم الهيئات أو الجهات التي ارتبط بها. أو المقالات التي صدرت عنه بالصحافة باللغتين العربية والإنجليزية. أو تسجيلات لمقابلات تلفيزيونية لعدة محطات مثل CNN وABC وغيرهما. -------------------------------------------------------------------------------- نقلا عن | |
|