للتائبين وثبة قد لا يعيها الكثير.. وثبة عظيمة بها غيَّروا حالهم إلى أحوال مختلفة.. غيَّروا قبلتهم من دور الشياطين إلى دار الرحمن.. صار القرآن هو روحهم بدل الغناء.. لذتهم في دموع توبتهم ووثبتهم لا في مرحهم وطربهم ولهوهم وعبثهم.. غيَّروا وقتهم وحياتهم.. غيَّروا نومهم ويقظتهم..صاروا يقومون لفجرهم لا ينامون في فجرهم.. صارت الصلوات هي حياتهم منها وإليها وحولها يتحركون.. صاروا يحبون لله وفي الله بدل من حب في الشيطان وللشيطان..
وثبة التائبين قد لا يعقلها الكثير.. كيف استطاعوا أن يغيَّروا حالهم إلى أحسن وأحسن.. كيف تخلصوا من عشقهم الذي كاد أن يفتك بهم إلى كون سعادتهم في بُعدهم عنه وجل ألمهم في تذكرهم لهذا العشق..؟! كيف صار حالهم هكذا ؟!.. كيف تخلصوا من دخانه الذي كانوا يشعرون بموته عند بُعده عنه..
نقلة هي عظيمة بكل المقاييس.. وثبة عظيمة.. تغيير شديد.. قوة في الحركة.. قوة في التغيير.. قوة في التجويد.. قوة في التحسين.. قوة بكل ما تحملها الكلمة من قوة..
__________________________________________
عونٌ على الوثبة..
ولا شك أن صاحب هذه الوثبة وجد عوناً من خالقه.. عوناً جعله يثب بكل قوة.. فكَره ما كان يحب.. وأقبل على ما كان يدبر.. وسبحان مغيّر الأحوال.. واسمع لهذه الياقوتة من كلامات الأستاذ عبد الدائم الكحيل:- ( أخي.. أختي... في اللحظة التي تنوي فيها التغيير سوف تجد أن الله معك فهو القائل:- ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) سورة العنكبوت: 69.. تأمل معي هذه الآية كم تعطيك من قوة لتغير نفسك باتجاه الأفضل وبالاتجاه الذي يُرضي الله تعالى عنك، لأن الجهاد المقصود في الآية هو جهاد النفس، وجهاد العلم، وجهاد الدعوة إلى الله، وجهاد الصبر على أذى الآخرين.. لأن هذه الآية نزلت في مكة ولم يكن الجهاد بالسيف قد فُرض، ولذلك هي تتحدث عن تغيير ينبغي عليك أن تقوم به في نفسك أولاً ثم في غيرك )
__________________________________________
احذر المعصية
وهذا كلام العلامة ابن القيم الجوزية في كتابه الجواب الكافي في تحذير من المعصية حتى لا توقف الوثبة:- (... أنها – أي المعصية - تضعف القلب عن إرادته , فتقوّ ي فيه إرادة المعصية , وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً , إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية , فلو مات نصفه لما تاب إلى الله , فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذَّابين باللسان لشيء كثير , وقلبه معقود بالمعصية , مصر عليها , عازم على مواقعتها متى أمكنة , وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك ).
__________________________________________
تنقصك الإرادة أيها الحبيب..
هذا ما قلته لشاب يشكو من سقوطه المتكرر في المعصية ويعجز عن وثبة قوية:- ( ولكن يا حبيب: تنقصك الإرادة.. نعم, الإرادة.. الإرادة.. الإرادة القوية التي تخرجك من الدائرة التي تعيش فيها.. الإرادة التي تأخذ بيدك فتخرج من دائرة الوقوع والتوبة.. السقوط، ثم البكاء، ثم الصلاة، ثم صلاح فترة معينة، ثم وقع مرة ثانية.. نعم الإرادة.. أتشعر بكلماتي أيها الحبيب..
حبيبي في الله, لا أريد أن أتقمص دور القاضي الذي يحكم وفقط، وليس له علاقة بصاحب الخطيئة، ولكن أريد أن أكون روحاً جديدة تأخذ بيدك لكي لا تسقط.. روحاً تجعلك قبل أن ينتصر عليك شيطانك فتنظر للحرام أن تتماسك وتتمالك وتستجمع كل ما أوتيت من قوة لك لا لتقع.. وصدقني التعب بل والعذاب في المرات الأولى.. ولكن بعدها ستجد حلاوة تعلو كل لذة تحس بها في هذا الحرام.. نعم حلاوة الإيمان.. حلاوة المجاهدة.. )..
هذا ما أردت أن أذكر به نفسي وإياكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته