بقلم فضيلة الشيخ:- عاطف أبو زيتحار*
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إن تناءت الديار؛ فبالإمكان تقريبها؛ وإن افترقت الأجساد؛ فبالإمكان تأليفها؛ وإن عُذِّب الضمير؛ فبالإمكان أن يستريح؛ وإن اضطربت الجوارح وأصيبت بالقلق والهم؛ فبالإمكان تسكينها؛ وإن صعب توصيف الحال والمقام؛ فبالإمكان الوقوف على بداياته حتى يسهل الوصول إلى نهاياته؛ وإن صعب فهم الشخص واحتوائه أو السيطرة عليه؛ فبالإمكان الوقوف على ملامح شخصيته حتى نتمكن من الوصول إلى أركان قلبه وزواياه؛ ومن ثم السيطرة عليه؛وإن ارتفع الخلاف؛ وسُدت أبواب الإصلاح وانعدم ريحه؛ وضاع بريقه وتلاشت حروفه؛ فبالإمكان مع هذه الخماسية أن نجد بريقاً من بين نوافذه؛ وريحاً يُشم من داخل غرفه؛ وبريقاً ينبثق من بين ثنايا شرفاته؛ وإن جفَّت الكلمات وخبت العبارات ونضبت المشاعر وخفتت الأحاسيس؛ فبالإمكان تحريكها مع خماسية الخير والنور واللطف واللين.
إن مستقبلنا مع قواعد الأخوة وأصولها؛ وضوابط الحب وقواعده وأركانه؛ أصبح مبهماً كالريشة في مهب الريح تضربها وتقلبها ظهراً لبطن؛ والمستقبل المبهم الذي لم يحد بحدود ولا بزوايا؛ ولم تُرسم له خريطة للسير؛ طريقه مظلم لا نور فيه ولا هداية ولا رشاد معه.
لقد كثرت الشكوى في الآونة الأخيرة من ضعف الحب وقلة الود؛ بين أرباب الصنعة الواحدة؛ والمحراب الواحد؛ وبين شريكي الحياة؛ والأسرة الواحدة؛ بسبب نضوب المشاعر وكثرة المشاغل واختلاف الأمزجة والطباع؛ وغياب أو ضعف الدور التربوي؛ ووجود جو يساعد على ذلك في العمل والشارع وبين الأصدقاء...
لقد فكَّرت كثيراً في رسم خريطة نسير عليها؛ وكم أرقتني وأقلقتني أثناء كتابتها؛ لقد كتبتها مرة ملتُ فيها إلى الشراكة في الحياة الاقتصادية ثم قمتُ بحذفها؛ ثم كتبتها أخرى؛ ملت فيها إلى التوافق في الحياة السياسية؛ ثم قمت بحذفها؛ وكلما حذفت ألهمت أرشد منها وأقوم وأبقى..وأخيراً استقر بي المقام على صفحات ورقتي بعد أن هدأ قلمي من كثرة الحركة وكاد أن يجف من كثرة العمل؛ استقر بي المقام على كتابة خطة رشد أراها تقرِّب الديار وتؤلف بين القلوب والأجساد وتهدأ وتسكن من اضطراب الجوارح وعذاب الضمير؛ وتوصف حالنا وتقف بنا على بدايات طريق الحب تدعونا للسير والانطلاق؛ وترسم لنا جو الحب والصفاء بين شخصين؛ وتثبت ريشة كادت أن تطيش ولا يراها أحد بسبب كثرة الرياح والأنواء من حولها؛ تمنيت أثناء كتابتي لها أن تلقى قبولاً عندكم كما لقيت قبولاً عندي.
وقبل الانطلاق في قراءة تفاصيلها؛ لابد من طرح سؤالٍ يوقظ من الغفلة ويحرك من ثبات: تروا معي كم حفظ الصحابة الكرام - عليهم الرضوان- من القرآن الكريم وهدي النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم- وتعليماته على يد مصعب بن عمير - رضي الله عنه - قبل بيعة العقبة الكبرى؟ قبل الإجابة لابد من عرض حديث جابر رضي الله عنه الذي يقول فيه: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ وَفِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى يَقُولُ مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مُضَرَ كَذَا قَالَ فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فَيَقُولُونَ احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ وَيَمْشِي بَيْنَ رِجَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ يَثْرِبَ فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ ثُمَّ ائْتَمَرُوا جَمِيعًا فَقُلْنَا حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعُكَ قَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمْ الْجَنَّةُ قَالَ فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ فَقَالَ رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنَّ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ قَالُوا أَمِطْ عَنَّا يَا أَسْعَدُ فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا وَلَا نَسْلُبُهَا أَبَدًا قَالَ فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ فَأَخَذَ عَلَيْنَا وَشَرَطَ وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ "رواه أحمد
- حمل مصعب معه أقل من ربع القرآن الكريم وبعض التعليمات التي أخذها من النبي -صلى الله عليه وسلم- وبالرغم من قلتها؛ إلا أنه صاغ بها قلوباً محت وحطمت السدود والحدود بينها وبين مكة رغم طول المسافة وكثرة الجبال والأودية؛ فرأوا جبال مكة وهم بالمدينة؛ وبصروا إخوانهم وهم تُكال لهم الضربات على أرض مكة فرقوا لهم وتحركوا من أجلهم.
- حالهم قبل لُقْيا النبي صلى الله عليه وسلم ونزول مصعب بديارهم يرسفون في أغلال الجاهلية الجهلاء في كل نواحي الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية؛ من أجل ذلك كانت الحروب تُقام بينهم لأتفه الأسباب فتأكل الأخضر واليابس؛ولكنهم بعد أن أشرق نور الوحي والإيمان وباشر شغاف قلوبهم؛ رقوا ولانوا بعد غلظة وشدة؛بل صاغ منهم نماذج تنساب التضحية على أعضائها من أجل الحفاظ على أركان ودعائم الأخوة في مظهرها العام والخاص.
- مع زيادة الإيمان ورسوخه في قلوبهم - بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إليهم- أورقت أشجارها وتعمَّقت جذورها ونضجت ثمارها وكثر ظلها وارتفعت أغصانها؛ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-ُ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ فَمَا سُقْتَ فِيهَا فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"رواه البخاري؛ لقد انسابت الأخوة على جوارحهم انسياب الماء في الوادي وجرت جريان الدم في العروق؛ بلا كلفة ولا تعب؛ لأن الأرض خصبة؛ ونحن إن أردنا غرس جذورها فعلينا أن نستغل الأوقات الفاضلة لسقيها.
1- لنقرأ وردنا من القرآن يومياً مع إشراقة الصباح؛ وتفتح أنواره؛ وبدُوِّ خيراته؛ بالطريقة التالية:
أ- نقرأ ربعاً واحداً كل يوم عشر مرات؛ حتى يعتدل اللسان ويقوم ثم نقرأ تفسيره؛ وهذا لن يكلفنا كثيراً؛ ولنبدأ على بركة الله في القراءة من اليوم؛ لنختم القرآن مفسراً كل ثمانية أشهر مرة؛ وبعد القراءة يدعوا كل منا للآخر بما طاب له.
ب- لنقرأ كل يوم جزءاً من القرآن قراءة عادية؛ حتى نختم القرآن كل شهر هجري مرة؛ ولنبدأ من اليوم على بركة الله؛ ثم يدعوا كل منا للآخر بما طاب له؛ لتأتلف الأرواح وتقترب الأجساد وتستنير القلوب وتسعد.
2- نستيقظ كل يوم قبل الفجر بنصف ساعة -على الأقل- لنصلي لله؛ كل حسب طاقته؛ وقدرته؛ وقبل الانصراف من المحراب ومع اختلاط الدمع ورقة القلب؛ ندعوا بهذا الدعاء (اللهم كما جمعتنا في الدنيا اجمع بيننا في الفردوس الأعلى في الجنة مع حبيبك ومصطفاك. اللهم ألف بين قلوبنا؛ ومتِّن حبنا؛ ولا تفرق بيننا؛ واجمع شملنا؛ واملأ قلوبنا حباً وسكينة )
3 - بعد الفجر؛ نختم الصلاة ثم نقرأ سوياً أذكار الصباح؛ وقبل ختام وردنا والخروج من هذه السياحة الربانية؛ أرسم صورتك أمام عيني وترسم صورتي أمام عينيك؛ وعلى قدر اجتهادك في الرسم والتوضيح واجتهادي تلتصق الصورة على صفحات القلب الطاهر؛ ولابد من التأكيد على لصقها وربط عقدها بدعوة طيبة تقف بجوار أخواتها.
4- مع كل أذان نهرول سوياً لأداء الفريضة؛ في بيته إن استطعنا مالم يكن هناك عذر؛ وبعد ختامها وقبل الخروج والانصراف أو الالتفات نؤكد سوياً على لصق الصورة ونمسح ما علق بها من أتربة؛ ولا ننسى سنناً هي سر الروابط وتمتين العلاقات وجبر النقص؛ فقبل الفجر ركعتين وقبل الظهر أربعاً وبعده اثنان وبعد المغرب اثنان وبعد العشاء اثنان؛ وإن زدنا فصلينا بين كل آذنين ركعتين وقبل العصر أربعاً وبعد المغرب ستاً؛ ضمنا قصوراً في الجنة؛ نسأل الله أن يجعل قصري بجوار قصرك في الفردوس الأعلى.
5- ليكن لنا زاد من الذكر يرطِّب اللسان؛ ويملأ ساحات القلب والعقل والوجدان؛ نجدده أسبوعياً؛ نتفق عليه فيما بيننا؛ عن صورته؛ وعدد مرات تكراره؛ ولنبدأ على بركة الله بالصلاة على المختار - صلى الله عليه وسلم- كل يوم مائة مرة؛ مع تكرار (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)؛ ليتساوق الذكر مع سائر العبادات؛ فنركب سوياً في سفينة النجاة...وأخيراً وليس آخراً لنعلم أن تقصيرنا في الوفاء بهذه الوثيقة سيكون سراً من أسرار جفاء قلوبنا وقسوتها وغلظتها؛ إن لم يكن سراً من أسرار فرقتها وتنافرها؛ وإن المحافظة عليها يؤلف بين القلوب والأرواح؛ ويجمع بينها في الآخرة كما جمع بينها على الحب والخير في الدنيا؛ إن الاستفادة من صفاء هذه الأوقات ورقتها يزكي الحب ويبعد الكدر ويرفع الهموم والأحزان؛ ويقلل الخلاف؛ ويجمع الشمل والشتات..إننا نقرأ عن الصالحين والمصلحين في العصور الغابرة مواقف أغرب من الخيال؛ لم يتكلفوا في صناعتها وصياغتها؛ ولم يجملوا من صورتها أمام العوام من الناس؛ وإنما ظهرت وبدت لنا بهذه الصورة الخيالية؛ لأنها نتاج تربية إيمانية في بيئة صالحة؛ لأن البيئات الخسيسة لا تنبت مثل هذه الثمار المباركة؛ صلى عمر - رضي الله عنه - بالناس الفجر ثم التفت فقال: أين معاذ ؟قال: ها أنذا يا أمير المؤمنين قال: لقد تذكرتك البارحة فبقيت أتقلب على فراشي حبا ً وشوقا ً إليك فقاما ..فتعانقا وتباكيا .. فبكي كل مَن بالمسجد لبكائهما .. لله درها من مشاعر - صادقة وفياضة وجياشة- ..؛ وهذا الحسين بن علي قيل له: ادخل فاصطلح مع أخيك الحسن ؟ فتبسم الحسين وقال: الحسن أخي أكبر مني سناً ومقاماً، ولكني بلغني عن جدي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الأخوان المتخاصمان أسرعهما صلحاً لأخيه أسرعهما دخولاً إلى الجنة" وأنا أتباطأ حتى يسرع أخي الحسن إلى الصلح معي؛ فيدخل قبلي الجنة.إنها درر تربوية ما وصلت إليهم إلا بعد أن عمَّقوا روح الحب بينهم وبين سيدهم وخالقهم؛ الذي يقول في محكم النزيل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)﴾ في يقيني أننا بعد أن نقوم بهذه الخماسية ومَن استطاع أن يكثر فليكثر؛ سنرفع شعار الحب الخالص ونهتف في الصباح وفي المساء بقول القائل:
أحبك يا أخي في الله حباً يحتوى قلبي لأن الله مولانا يجازى الحب بالحب
أحبك يا أخي في الله حباً مثلما نفسي أذل إليك كي ترضي وأرفع من رضا رأسي
لأن رضاك من ديني وسعدك جالباً أنسي فتلك شريعة المولي إله العرش والكرسي
إن رايات الحب والألفة والتقارب لن تُرفع إلا بعد إروائها من ماء الإيمان والطاعة لله والقرب منه سبحانه وتعالى؛إذا ما حدث ذلك؛ فإن اللين سيحكم ويتحكم؛ والحب سيرتفع وينتشر؛ وخيمة الود ستشرع وتبسط؛ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمنون هينون لينون مثل الجمل الأنف، إن قدته انقاد، وإن أنخته استناخ ) رواه البيهقي في شعب الإيمان. لن يلين الجمل في يد إخوانه وبين أهله وعشيرته إلا بعد أخذ جرعات الدواء الإيمانية التي تهدأ من ثورته وتلطف وتسكن من روعته. ساعتها يصل إلى سمعه ويطرق أبواب قلبه كلام سيده وحبيبه صلى الله عليه وسلم "وَلِينُوا فِي أَيْدِي إِخْوَانِكُمْ"
أخي الكريم: مد يديك وابسط كفيك وبايع على هذه الخماسية أو مثلها أو أفضل منها مع زوجتك؛ وعلقها في مكان بارز وانتظر النتيجة بعد أسبوع واحد فقط سترى اللين بعد الشدة والحب والألفة والمشاعر الفياضة بعد نضوبها وقلتها والهدوء والأنس بعد الضجيج والصخب... مد يديك وابسط كفيك وبايع عليها أو على مثلها أو أكثر منها مع أولادك ترى السمع والطاعة والبر والصلة بعد القطيعة والعقوق؛ مد يديك وابسط كفيك وبايع عليها مع أصدقائك وإخوانك وتابعهم بعد التوقيع عليها تجد الصفاء والود والاحترام وتبادل الدعوات والهدايا والزيارات عن عثمان بن طلحة رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه » رواه الحاكم؛ هذه الثلاث نتاج خماسيات إيمانية ارتفعت بصاحبها حتى جعلته يؤثر بالحب إخوانه وأهله وأحبابه.
نسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا في الدنيا وأن يجمع بينا في الفردوس الأعلى.آمين والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية