دخل أبو مسلم الخَوْلاَنِيُّ على معاوية بن أبي سفيان، فقال: السلام عليك أيها الأجير.
فقالوا: قُلِ السلام عليك أيها الأمير.
فقال: السلام عليك أيها الأجير.
فقالوا: قُلْ أيها الأمير.
فقال: السلام عليك أيها الأجير.
فقالوا: قُلِ الأمير.
فقال معاوية: دعوا أبا مسلم، فإنه أعلم بما يقول.
فقال: إنما أنت أجير استأجرك ربُّ هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هَنَأْتَ جرباها، وداويتَ مرضاها، وحبست أُولاها على أُخراها، وفَّاك سيِّدُها أجرها، وإن أنت لم تهنأ جرباها، ولم تداوِ مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها، عاقبك سيِّدُها[1].
- قام أعرابيٌّ إلى سليمان بن عبد الملك، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني مكلِّمك بكلامٍ فاحتَمْلُه إنْ كرهته، فإنَّ من وراءه ما تحبُّه إنْ قَبلْتَه.
قال: هات يا أعرابي.
قال: فإني سأطلق لساني بما خَرِسَتْ عنه الألسن من عظتك بحق الله عز وجل، وحقِّ إمامتك، إنه قد اكتنفك رجالٌ أساءوا الاختيار لأنفسهم فابتاعوا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله عز وجل ولم يخافوا الله عز وجل فيك، فهم حربُ الآخرة سِلْمُ الدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عز وجل عليه؛ فإنهم لم يألوا الأمانة إلاَّ تضييعًا، والأُمَّة إلاَّ عسفًا، والقرى إلا خسفًا، وأنت مسئول عمَّا اجترحوا، وليسوا مسئولين عمَّا اجترحتَ، فلا تُصْلح دنياهم بفساد آخرتك، فأعظم الناس غبنًا يوم القيامة مَنْ باع آخرته بدنيا غيره.
فقال له سليمان: أمَّا أنت يا أعرابي فقد نصحت، وأرجو أن الله عز وجل يُعِينُ على ما تقلَّدْنَا[2].