منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور ياسر عبدالله

إسلامـــــــي - تربـــــــــوي - تعليـــــــمي - إجتماعــــــي- تكنولوجـــــــي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علاءمحمدحسين خلف الله
عضو ملكي
عضو ملكي
علاءمحمدحسين خلف الله


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 16/05/2010
العمر : 43

الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان Empty
مُساهمةموضوع: الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان   الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان Icon_minitimeالجمعة 14 يناير 2011 - 0:28

بقلم فضيلة الشيخ :- عاطف أحمد أبو زيتحار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يتجلى الصدق والوفاء في أبهى مظاهره أثناء بيعة العقبة الكبرى وبعدها مع الأنصار رضي الله عنهم الذين قال الله عز وجل فيهم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يحبون من هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9))الحشر

قال صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الأنصار وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنصار"رواه البخاري عن أنس

أثناء بيعة العقبة الكبرى أخذ العباس للنبي صلى الله عليه وسلم المواثيق والعهود ثم تكلم بعض الأنصار ثم جاء دور النبي في الحديث فتحدث صلى الله عليه وسلم فاشترط لربه ولدينه وبايع إخوانه من الأوس والخزرج على الإسلام.....وقبل نهاية الحديث وذهاب كل فريق إلى مكانه ليبيت فيه قال أحدهم وهو ينظر إلى المستقبل البعيد فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فقال: "بل المحيا محياكم والممات مماتكم...... "، وفي عام الفتح كرر أحدهم مثل هذا الكلام فكان صدقه مع قومه ووفاؤه مع رعيته

عن كعب بن مالك رضي الله عنه قَالَ:...وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ الْحَجِّ وَكَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا فَكَلَّمْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا جَابِرٍ إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ غَدًا ثُمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبَرْتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَنَا الْعَقَبَةَ وَكَانَ نَقِيبًا قَالَ فَنِمْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ الْقَطَا حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمُّ عُمَارَةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ قَالَ فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ وَيَتَوَثَّقُ لَهُ فَلَمَّا جَلَسْنَا كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ قَالَ وَكَانَتْ الْعَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ الْأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا فِيهِ وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ قَالَ فَقُلْنَا قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ قَالَ فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَا وَدَعَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ قَالَ فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ قَالَ فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا وَإِنَّا قَاطِعُوهَا يَعْنِي الْعُهُودَ فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أن ترجع إلى قومك وتدعنا قَالَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: بَلْ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ" رواه أحمد

وفي أخبار مكة للفاكهي.... فأخذ البراء بن معرور رضي الله عنه بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا يا رسول الله فبايعنا، فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابراً عن كابر، فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالاً، وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ قال: فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " بل الدم بالدم والهدم بالهدم، أنا منكم وأنتم مني، دمي مع دمائكم، وهدمي مع هدمكم، أحارب مَن حاربتم، وأسالم مَن سالمتم " أخبار مكة

وتأتي لحظة الوفاء والاختبار الصعب يوم فتح مكة المكرمة، لحظة العيش بين الماضي الجميل في أيام الصبا ومراتع الشباب، بين شعاب مكة وجبالها، وبين الموطن الجديد والصحبة الجديدة التي حمت وضحت ليرفع شعار الصدق والوفاء مع إخوانه الأنصار الذين ضحوا بكل ما يملكون

روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ وَفَدْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَفِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَصْنَعُ طَعَامًا يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ فَكَانَتْ نَوْبَتِي فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ الْيَوْمُ نَوْبَتِي فَجَاءُوا إِلَى الْمَنْزِلِ وَلَمْ يُدْرِكْ طَعَامُنَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لَوْ حَدَّثْتَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُدْرِكَ طَعَامُنَا فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَجَعَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُمْنَى وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُسْرَى وَجَعَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْبَيَاذِقَةِ وَبَطْنِ الْوَادِي فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ادْعُ لِي الْأَنْصَارَ فَدَعَوْتُهُمْ فَجَاءُوا يُهَرْوِلُونَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ انْظُرُوا إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَدًا أَنْ تَحْصُدُوهُمْ حَصْدًا وَأَخْفَى بِيَدِهِ وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ وَقَالَ مَوْعِدُكُمْ الصَّفَا قَالَ فَمَا أَشْرَفَ يَوْمَئِذٍ لَهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ قَالَ وَصَعدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفَا وَجَاءَتْ الْأَنْصَارُ فَأَطَافُوا بِالصَّفَا فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ أَلَا فَمَا اسْمِي إِذًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ فالمحيا محياكم وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ قَالُوا وَاللَّهِ مَا قُلْنَا إِلَّا ضِنًّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ ) رواه مسلم وفي رواية أحمد......" كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ فالمحيا محياكم وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ قَالَ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذُرَانِكُمْ"رواه أحمد عن أبي هريرة

إن الإسلام قد انتشر وثاب الناس إليه وكثر أصحابه وبإمكانه أن يمكث في أرضه التي ولد فيها وعاش أيام النشأة الأولى على ترابها، ولكن الوفاء ليوم البيعة لم يغب عن عقله وخاطره أبداً، فهو هنا بمكة وقلبه وعقله أصبح يهفو إلى المدينة، هذا هو الوفاء في أتم صوره وأجل معانيه، فلقد وفى مع أهله في ساعة لم يتخيلوا فيها الوفاء، لم يقف عند هذا الحد بل يكرر الموقف يوم حنين ليجدد العهد مع الأنصار، في صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:لَمَّا كَانَ يوم حنين أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِذَرَارِيِّهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ قَالَ فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا قَالَ فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَزَلَ فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَتْ الشِّدَّةُ فَنَحْنُ نُدْعَى وَتُعْطَى الْغَنَائِمُ غَيْرَنَا فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ فَسَكَتُوا فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِينَا قَالَ فَقَالَ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَأَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ" رواه مسلم

وروى مسلم أيضا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ قَالَ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ قَالَ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ"

وعَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَأَعْطَى قُرَيْشًا وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا الْأَنْصَارَ قَالَ فَقَالَ مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ فَقَالُوا هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ قَالَ أَوَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ لَوْ سَلَكَتْ الْأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ" رواه البخاري

لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا بل أفاض على الأنصار بفيض هاطل من الأحاديث ليرد إليهم الجميل وليتمم لهم الوفاء والعهد والصدق في البيعة، ولينبت في قلوبهم وفي قلوب الأجيال من بعدهم المودة والحب

* عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:مَرَّ أَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأنصار ِ وَهُمْ يَبْكُونَ فَقَالَ مَا يُبْكِيكُمْ قَالُوا ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ قَالَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي وَقَدْ قَضَوْا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ "رواه البخاري

* عن البراء رضي الله عنه قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ" رواه البخاري

* عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ عُرُسٍ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْثِلًا فَقَالَ:" اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ" رواه البخاري

من خلال هذه المواقف بعد بيعة العقبة الكبرى نجد الوفاء في أتم صوره وأجل معانيه، قد تحقق وأصبح واقعاً يراه الناس بأم أعينهم، فلقد وفى النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنصار أتم وفاء وأصدق وعد، وليت الناس اليوم في ذكرى الهجرة يتعلمون من صدق النبي ووفائه، فيصدق الداعية مع جمهوره ويفي لهم، ويصدق السياسي والحزبي مع أتباعه ويفي لهم، ويصدق ويفي حامل الدعوة مع دعوته وبيعته، ويصدق الرجل ويفي لأهله بالرعاية والتربية، ويصدق الزوج مع زوجته ويفي لها بوعده، ويصدق الوالد مع أبويه ويفي ببره لهما، ويصدق العامل في عمله ويفي بوعده وينجز ما طلب منه حتى يبارك له في راتبه، ويصدق الرئيس مع رعيته، والمسئول مع مَن تحت يده ويفي بوعده، ويصدق التاجر في تجارته ويفي بوعده مع بائعيه، ويصدق الإعلامي في حديثه ويفي بوعده مع مستمعيه،..... وهكذا كل الشرائح والفئات.

-1-

لقد انتشرت في مجتمعاتنا ظاهرة سيئة بين شرائح المجتمع المختلفة وهي ظاهرة الكذب الجماعي أو الكذب على جماعة أو مجموعة وخيانتهم، وأصبح الكذب حرفة يأكل ويشرب بها البعض، روى البخاري عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"خيركم قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ"رواه البخاري

إن الفجور في الكذب أن تكذب على جماعة أوتضلل أمة من الناس، فتميل بهم عن الاستقامة، وتنحرف بهم عن الطريق وفي دنيا المادة أصبح الكذب الجماعي المحفوف بالخيانة وسيلة من الوسائل التي يصل بها البعض إلى أهدافهم ومبتغاهم، ولقد حذَّر الإسلام من الكذب والخيانة ونفى أن يجتمعا مع الإيمان، لأن بين الإيمان والكذب تنافراً وسوء فهم فلا يجتمعان في قلب مؤمن أبداً، إن حضر الإيمان ورويت شجرته وارتفعت أغصانه وأثمرت أزهاره، فإنه ينفي الكذب والخيانة عن هذه الشجرة وينقيها من الداخل، ومثل الكذب الجماعي المحفوف بالخيانة كمثل السوس الذي ينخر الساق ويذبل الأوراق ويقهر الثمار ويحطِّم الأشجار فتقع مع أول هزة ريح ونفخة هواء، ويكثر هذا النوع في وسط المحافل العامة، وأثناء الاحتكاك بجمهور الناس؛ والكذب المحفوف بالخيانة من الجراثيم الفتاكة التي إذا نزلت بخلق عبد أفسدت عليه حياته العامة والخاصة

* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الكذب يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا" رواه البخاري

* روى مالك في الموطأ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيكون المؤمن جَبَانًا ؟ فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ: أيكون المؤمن بَخِيلًا ؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أيكون المؤمن كَذَّابًا ؟ فَقَالَ: لَا " البيهقي في شعب الإيمان

* عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ قَالَ فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ" مسلم

-2-

ومن الأمور المخيفة في دنيانا، كذب بعض أئمة الدين على جمهورهم من المستمعين بمخالفة أقوالهم لأفعالهم، يأمرون ولا يأتمرون وينهون ولا ينتهون، وهذا النوع من الكذب هو أخطر الأنواع على الإطلاق لأن الإمام أو الداعية الذي لا يفي بما قال مع سيده ومولاه فإن كلامه لن يسمع وحديثه لن يؤثر وسيظل وئيد الخطى بطيء السير برواده في سيرهم إلى الله، والله عز وجل شبه هذا الذي يحدث الناس ويحمل العلم ولا ينتفع به كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا ولا يستفيد منها "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كمثل الحمار يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) " (الجمعة)؛ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قِيلَ لَهُ أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلَا أَقُولُ لِأَحَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:"يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أقتاب بطنه فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيه"رواه أحمد ومسلم

إن الإمام أو الداعية يوقِّع بحديثه عن الله وعن رسوله وإذا لم يطبق على نفسه فقد كذب على مَن يوقع عنه، وخان جمهوره الذين يستمعون إليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ بِهِ" سنن أبو داود

أي وقاية لمن خلفه ولمن يستمع إليه، فإذا لم يطبق ما يقوله في حياته وخالفت أفعاله أقواله فهو بذلك يقي غيره ويهلك نفسه

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ ثُمَّ سَاقَ نَحْوَهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ قَالَ وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَلَا يَخْتَصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فقد خانهم " رواه أبو داود

وفي رواية الطبراني عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:"لا يَأْتِي أَحَدُكُمُ الصَّلاةَ، وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يُخَفِّفَ، وَمَنْ أَدْخَلَ عَيْنَيْهِ فِي بَيْتٍ بِغَيْرِ إِذَنِ أَهْلِهِ فَقَدْ دَمَّرَ، وَمَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ، فَخَصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فقد خانهم"

هذه دعوة يؤثر بها نفسه أثناء السجود أو الركوع أو قبل التسليم أو بعد القراءة فما بالكم إذا خان جمهوره بفعل المنهيات والمحرمات ؟ نسأل الله العفو والعافية

عن أبي عامر عبد الله بن لُحَيٍّ قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ أهْلَ الْكَتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ عَلَى ثنتيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وإنَّ هذِهِ الأمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً -يعني الأهواء-كُلُّهَا فِي النَّار إلا وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تُجَارى بِهِمْ تِلْكَ الأهْواء، كَمَا يَتَجَارى الكَلبُ بصَاحِبِهِ، لا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إلا دَخَلَهُ. واللهِ -يَا مَعْشَر العَربِ-لَئِنْ لَمْ تَقُومُوا بِمَا جاء بِهِ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم لغيركم من الناس أحرى ألا يقوم به" رواه أبو داود

ليت الدعاة يتعلمون الصدق والوفاء في دعوتهم من قدوتهم صلى الله عليه وسلم مع الأنصار بعد بيعة العقبة الكبرى، فمن يصدق ويفي إن لم يف ويصدق الدعاة ؟

- 3-

ومن الأمور المخيفة في دنيانا أيضاً ما نجده من بعض الساسة من إدمان للكذب المحفوف بالخيانة، فبعضهم يجعل الصغير كبيراً والكبير صغيراً، والقليل كثيراً والكثير قليلاً، والحقير عظيماً والعظيم حقيراً، والعزيز ذليلاً والذليل عزيزاً، والضعيف قوياً والقوي ضعيفاً، والشريف وضيعاً والوضيع شريفاً،....يتنكبون الطريق ويقلبون الحقائق ويكذبون على جمهورهم ويخونونهم وينسون أيماناً أقسموا بها قبل أن يصلوا إلى ماهم فيه من نعمة، تحولت عليهم إلى نقمة بسبب خيانتهم وكذبهم، وهؤلاء يعيشون في غفلة عن المصير المفزع الذي ينتظرهم

عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم وما ظهرت فاحشة في قوم قط إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر" السنن الكبرى للبيهقي

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ِإنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ" أبو داود

وليت الأمر يتوقف عند إدمان الكذب بل يتحول إلى خيانة ونقض للعهود وغدر وتضليل لجمهور المسلمين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لتؤدن الحقوق إلى أهلها يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ"مسلم

عن عبد الله بن مسعود قال: إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة وإن كان قد قتل في سبيل الله فيقال: أد أمانتك. فيقول وأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم، فيهوي إليها فيحملها على عاتقه. قال: فتنزل عن عاتقه، فيهوي على أثرها أبد الآبدين. قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته فقال: صدق أخي: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).تفسير بن كثير

إن ما نراه قبل إجراء العمليات الانتخابية على كل المستويات، من وعود كاذبة وعهود محفوفة بالغموض، ويعلوها الكذب والخيانة في كثير من الأحيان؛ هذا يعلن برنامجاً انتخابياً مخالفاً لغيره فيه من الوعود ما تنوء بحمله الجبال، وبعد الانتخابات مباشرة ينتهي كل شيء، بل إن بعضهم يدخل لمآرب ما أنزل الله بها من سلطان وينسى هذا المسكين أن الله سبحانه وتعالى سيحاسبه ويسأله عن هذه العهود التي قطعها على نفسه ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا )

إن الكذب على فرد واحد جريمة وهو أمر مرفوض في الإسلام وشنيع في العرف وعند الناس وفي السنة والقرآن فكيف بمن يكذب على أمة أو بلدة أو جماعة من أجل أن يحقق مكسباً أو يكسب جولة أو ينجو من مأزق؟ كيف بمن يعد أمة بشيء ثم يخون ولا يفي بوعده ولا ينجز عهده؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كذاب وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ" رواه مسلم

إن بعض الساسة يتلونون ويتشكلون كالحرباء لها في كل مكان لون؛ وللأسف الشديد فإن بعض السذج والبسطاء من الناس ينخدع بهذا الكذب الجماعي أو الكذب على الجماعة وينقاد خلف وسائل الإعلام مؤيداً ومصدقاً لكذب هؤلاء الذين يكذبون ويصدقون كذبهم، وتغريهم ألوان الحرباء ويبهرهم منظرها القبيح وهم لا يعرفون أنها تنصب لهم شبكة للصيد؛وهؤلاء الذي خدعوا بالكذب والتضليل يصدق فيهم قول القائل:

يا شعب لا تشكو الشقاء ولا تطل فيه نواحك

لو لم تكن بيديك مجروحا لضمدنا جراحك

أنت انتقيت رجال أمرك وارتقيت بهم صلاحك

فإذا بهم يرخون فوق خسيس دنياهم وشاحك

أيسيل صدرك من جراحتهم وتعطيهم سلاحك

لهفي عليك أهكذا تطوي على الذل جناحك

ومع انخداع البسطاء من الناس بزيف هؤلاء وتصديقهم لهم وجريهم خلفهم؛ فإن الآخرين من الكذَّابين والخونة لم يرحموهم عند هذا الحد ولم يكتفوا بذلك وإنما فعلوا بهم الكثير: فبدلاً من شكرهم والثناء عليهم، سرقوا أموالهم، وضربوا ظهورهم بالسياط، وبطونهم وأجسادهم بالأمراض، وفعلوا بهم كما فعلت أم عامر بمن أجارها

عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: سئل يونس بن حبيب النحوي عن المثل المشهور: كمجير أم عامر. قال: ( خرج فتيان من العرب للصيد، وأثاروا ضبعا ففلتت من أيديهم ودخلت خباء لبعض العرب، فخرج إليهم فقال: والله لا تصلون إليها وقد استجارت بي فخلوه وإياها، فلما انصرفوا عمد الرجل إلى خبز وسمن فثرده وقربه إليها فأكلت حتى شبعت وتمددت في جانب الخباء، وغلب الأعرابي النوم، فلما استثقل وثبت إليه فقرضت حلقه، وبقرت بطنه، وأكلت حشوته، وخرجت تسعى، وجاء أخو المقتول فلما نظر إليه أنشأ يقول:

ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامر

أعد لها لما استجارت ببيته قراها من ألبان اللقاح الغرائر

فأشبعها حتى إذا ما تملأت فرته بأنياب لها وأظافر

فقل لذوي المعروف هذا جزاء مَن يجود بمعروف إلى غير شاكر. البيهقي في شعب الإيمان

أعرابي أصيل ولكنه للأسف تعامل مع لئيم خائن

إن طباع بعض الناس نزلت وتدنت فأصبحوا بسبب ضعف عهودهم وقلة أيمانهم أقل من الحيوانات

عن أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للأمراء وويل للعرفاء وويل للأمناء ليتمنين أقوام يوم القيامة أن نواصيهم معلقة بالثريا يتخلخلون بين السماء والأرض وأنهم لم يلوا عملا" السنن الكبرى للبيهقي

- 4 -

وأيضاً الإنسان في عائلته وبين أهله ينبغي عليه أن يتحرى الصدق والوفاء دائماً، وإلا نزعت منه الخيرية "خيركم خيركم لأهله" والمرء إن كان حاله سيئاً مع أقرب الناس إليه فإن حاله سيتحول إلى الأسوأ مع غير أهله، ولذلك يبدأ النظام من الأهل حتى لا ينظم الإنسان الكون من حوله ويدع ويترك الفوضى في داخله، ومن الوفاء للأهل رعايتهم تربوياً ومادياً...لأن الراعي في أهله كالقاضي الذي يقضي بين الناس؛ عن عبد الله ربما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من حكم يحكم بين الناس إلا وكل به ملك آخذ بقفاه حتى يقف به على شفير جهنم فيرفع رأسه إلى الله فإن أمره أن يقذفه قذفه في مهوى أربعين خريفاً" السنن الكبرى للبيهقي؛ وعن عمران بن حطان قال سمعت عائشة رضي الله عنها وذكر عندها القضاة فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة " رواه البيهقي؛ هذا العادل فما بالكم بالجائر الظالم الكذاب الخائن ؟

نسأل الله أن ينجينا من الخيانة والكذب وأن يكتبنا في ديوان الصادقين الأمناء الأوفياء والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عمرعبدالغفار
مشرف سابق
مشرف سابق
عمرعبدالغفار


عدد المساهمات : 1326
تاريخ التسجيل : 02/06/2010
العمر : 48

الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان   الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان Icon_minitimeالسبت 15 يناير 2011 - 10:38

فعلا لا تجتمع الخيانه والكذب فى قلب مع الايمان جزاك الله كل خير اخى علاء على الطرح القيم وجعله بميزان حسناتك اللهم امين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://abotisht.arabstar.biz/
 
الكذب والخيانة لايجتمعان فى قلب مع الايمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  " أجمل أبيات الشعر العربي "
» عاقبة الكذب
» :::::::الرد على الكذب على التاريخ الإسلامي::::::
» إذا كنت تريد الهروب فلما الكذب ؟
» الصرامة مع الطفل تعلمه الكذب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور ياسر عبدالله :: ملتقى أهل الإيمان والمكتبة الإسلامية :: ملتقي أهل الإيمان ومكتبة المعارف الإسلامية :: ملتقى العلماء والدعاة وطلبة العلم-
انتقل الى: