====== ولد الهـــدى ======
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضــــــــــياءُ
...................وفمُ الزّمان تبسُّــــــــمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملأُ الملائكُ حَـــــــــــولَهُ
..................للدِّين والدنيا به بُشـــــــــراءُ
والعرشُ يزهو والحظيرةُ تزدَهي
.................والمنتهى والسِّدرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحـكةُ الربى
................بالترجمانِ شــذيَّةٌ غــــــــنَّاءُ
والوحيُ يقطرُ سلسلاً من سلسلٍ
...............واللوحُ والقـــــــــــلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أسامي الرُّسلِ فهي صحيفة
في اللوح واسمُ محمدٍ طغراءُ
اسم الجلالة في بديع حروفه
................ألفٌ هـــــنالك ،واسم طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ تحية
............من مُرسلينَ الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقـــي
............إلا الحـــنائف فيه والحـــــــــــــنفاءُ
خيرُ الأبوةِ حــــــازهم لكَ آدمٌ
.............دونَ الأنامِ واحرزتْ حــــــــــــــوَّاءُ
هم أدركوا عزَّ النبوَّةِ وانتهــت
.............فيها إليكَ العزَّةُ القـــعــســـــــــاءُ
خُلقتْ لبيتك وهو مخلوقٌ لها
..............إن العظائِمَ كفؤها العظمــــــــــاءُ
بك بشَّر اللهُ السماء فزُيِّنت
.............وتضوَّعت مسكاً بك الغــــــــــــبراءُ
وبدا مًحيَّاك الذي قسماتُه
..............حــــــــــــــقّ وغرَّتُه هُدىً وحياءُ
وعــــليه من نورِ النبوَّةِ رونقٌ
.............ومن الخليل وهديِه سيمــــــــــــاءُ
أثنى المسيحُ عليه خلف سمائه
.............وتهلَّلت واهتزت العـــــــــــــــــذراءُ
يومٌ يتيهُ على الزمان صباحُه
.............ومســـــــــــــــــــاؤه بمحمدٍ وضَّاءُ
الحقُّ عالي الركن فيه مظفَّر
.............في المــلكِ لا يعــــــــلو عليه لواءُ
ذُعرت عروشُ الظالمين فزلزلت
.............وعلتْ على تيجــــــــــانهم أصداءُ
والنارُ خاوية الجوانب حولهُمْ
............خَمَدَت ذوائبُها وغــــــــــاض الماءُ
والآيُ تترى والخوارق جمةٌ
............جــــــــبريلُ رواح بها غــــــــــــداءُ
نِعمَ اليتيمُ بدت مخايلُ فضله
............واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذكـــــــــــــــــاءُ
في المهد يُستسقى الحيا برجائه
............وبقصده تُستدفعُ البأســـــــــــــاءُ
بسوى الأمانة في الصبا والصدقِ لم
............يعرفه أهـــــــــــلُ الصدقِ والأمناءُ
يا مَنْ له الأخلاقُ ما تهوى العلا
...........منها وما يتعشَّقُ الكـــــــــــــــبراءُ
لو لم تُقم ديناً لقامت وحدَها
...........ديناً تُضــــــــــــــــــيءُ بنوره الآناءُ
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ
...........يُغرى بهنَّ ويولعُ الكرمــــــــــــــــاءُ
أما الجمالُ فأنت شمسُ سمائه
...........وملاحـــــــــــــةُ الصديقِ منك أياءُ
والحسن من كرم الوجوه وخيره
...........ما أوتي القوادُ والزعمـــــــــــــــاءُ
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
...........وفعلت ما لا تفعــــــــــــــل الأنواءُ
وإذا عفوت فقادراً ومقدّراً
............لا يستهين بعفوك الجُهـــــــــلاءُ
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ
...............هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غضبت فإنما هي غضبةٌ
...........في الحــــــقّ لا ضغنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيت فذاك في مرضاته
............ورضى الكـــــــــــثير تحلمٌ ورياءُ
وإذا خطبت فللمنابر هــــــزةٌ
............تعرو النَّديَّ وللقلوب بكـــــــــاءُ
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنّما
.............جاء الخصوم من السماء قضاءُ
وإذا حميتَ الماء لم يورد ولو
............أنّ القياصر والملوك ظمـــــــــاءُ
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم
...............يدخل عليه المستجير عداءُ
وإذا ملكت النفس قُمْتَ ببرِّها
..........ولو أن ما ملكت يداك الشــــــاءُ
وإذا بنيت فخير زوجٍ عشرةً
..........وإذا ابتنيت فـــــــــــــدونك الآباءُ
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما
..........في بردك الأصحــــابُ والخلطاءُ
وأذا أخذت العهد أو أعطيته
..........فجميع عهدك ذمةٌ ووفـــــــــاءُ
وإذا مشيت الى العدا فغضنفرٌ
..........وإذا جـــــــــريت فإنكَ النكـــباءُ
وتمدُّ حلمكَ للسفيهِ مُدارياً
...........حتى يضيق بعرضك السفهاءُ
في كل نفسٍِ من سطاك مهابةٌ
...........ولكل نفسٍ في نداك رجــــاءُ
والرأي لم ينضَ المهَّندُ دونه
.............كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يأيها الأمِّي حسبكَ رتبةً
.........في العلم أن دانت بك العلماءُ
الذكرُ آية ربكَ الكبرى التي
............فيها لباغي المعجزات غناءُ
صدرُ البيانِ له إذا التقت اللُّغى
.........وتقدّم البلغاءُ والفصحــــــــــاءُ
نُسخـتْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ
........وتخلف الإنجيلُ وهو ذكــــــــاءُ
لما تمشى في الحجاز حكيمهُ
........فضَّت عُكاظُ به وقام حِــــــراءُ
أزرى بمنطق أهله وبيانهم
..........وحــــــيٌ يقصرُ دونه البلغاءُ
حسدوا فقالواشاعرٌ أو ساحرٌ
........ومن الحسود يكون الاستهزاءُ
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى
.........ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمةٌ
..............وكأنه من أنســـه بيداءُ
يوحي إليك الفوز في ظلماته
.............متتابعاً تجلى به الظلماءُ
دينٌ يشيد آيةً في آية
.........لبنائه الســــــوراتُ والأضواءُ
الحق فيه هو الأساس وكيف لا
.............والله جــــلَّ جلاله البناءُ؟
أما حديثُكَ في العقول فمشرعٌ
........والعلم والحكمُ الغوالي الماءُ
هو صبغةُ الفرقان نفحة قدسه
..........والسين من سوراته والراءُ
جرتِ الفصاحةُ من ينابيع النُّهى
.........من دوحه وتفجى الإنشاء
في بحره للسابحين به على
..........أدب الحياة وعلمها إرساءُ
أنت الدهورُ على سُلافته ولم
......تَفْنَ السلافُ ولا سلا الندماءُ
بك يا ابن عبد الله قامتْ سَمْحَةٌ
.........بالحقِّ من مللِ الهدى غراءُ
بنيتْ على التوحيد وهي حقيقةٌ
..........نادى بها سقراطُ والقدماءُ
وجد الزعافَ من السموم لأجلها
........كالشهد ثم تتابعَ الشهداءُ
ومشى على وجه الزمان بنورها
..........كهانُ وادي النيل والعرفاءُ
إيزيسُ ذاتُ الملك حين توحَّدَتْ
.......أخذت قوام أمورها الأشياءُ
لما دعوتَ الناسَ لبىَ عاقلٌ
.........وأصمَّ منك الجاهلين نداءُ
أبوا الخروج إليك من أوهامهم
....والناسُ في أوهامهم سجناءُ
ومن العقول جداولٌ وجلامدٌ
.........ومن النفوس حرائرٌ وإماءُ
داءُ الجماعة من ارسطاليس لم
..........يوصف له حتى أتيتَ دواءُ
فرسمتَ بعدَك للعبادِ حكومةً
............لا سوقةٌ فيها ولا أمراءُ
الله فوق الخلق فيها وحده
........والناسُ تحت لوائها أكفاءُ
والدِّينُ يسرٌ والخلافةُ بيعةٌ
...والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ
الاشتراكيون أنتَ إمامهم
......لولا دعاوى القوم والغلواءُ
داويت متئداً وداووا طفرةً
....وأخفُّ من بعض الدواءِ الداءُ
الحربُ في حقٍّ لديك شريعةٌ
......ومن السُّمومِ الناقعاتِ دواءُ
والبِرُّ عندك ذمةٌ وفريضةٌ
.........لا منَّةٌ ممنونةٌ وجــــــباءُ
جاءت فوحدت الزكاةٌ سبيله
.....حتى التقى الكرماءُ والبخلاءُ
أنصفتَ أهلَ الفقر من أهل الغنى
..........فالكلُّ في حقِّ الحياة سواءُ
فلو أنَّ إنســــــاناً تخير ملةً
............ما اختار إلا دينكَ الفقراءُ
يأيها المسرى به شرفاً الى
........ما لا تنالُ الشمسُ والجوزاءُ
يتساءلون وأنتَ أطهرُ هيكل
..........بالروح أو بالهيكل الإسراءُ ؟
بهما سموتُ مطهرين كلاهما
.............نورٌ وريحانيَّة وبهــــــــاءُ
فضلٌ عليك لذي الجلال ومنةٌ
...........والله يفعل ما يرى ويشاءُ
تغشى الغيوب من العوالم كلما
..........طويتْ سماءُ قلدتْكَ سماءُ
في كل منطقةٍ حواشي نورها
............نونٌ وأنت النقطةُ الزهراءُ
أنت الجمالُ بهاوأنت المجتلي
..........والكفُّ والمرآةُ والحسناءُ
الله هيأ من حظيرة قدسه
...........نزلاً لذاتك لم يجزه علاءُ
العرشُ تحتكَ سُدَّةً وقوائماً
........ومناكبُ الروح الأمين وطاءُ
والرسلُ دون العرش لم يؤذن لهم
................حاشا لغيرك موعدٌ ولقاءُ
الخيلُ تأبى غير أحمد حامياً
.............وبها إذا ذكر اسمه خيلاءُ
شيخُ الفوارس يعلمون مكانه
..........إن هيجت آسادها الهيجاءُ
وإذا تصدى للظبي فمهندٌ
............أو للرّماح فصعدةٌ سمراءُ
وإذا رمى عن قوسه فيمينه
..........قدرٌ وما ترمي اليمينُ قضاءُ
من كل داعي الحق همَّةُ سيفه
........فلسيفه في الراسيات مضــاءُ
ساقي الجريح ومطعمُ الأسرى ومن
.............أمنت سنابكَ خيلهِ الأشلاءُ
إن الشجاعة في الرجال غلاظة
................ما لم تزنها رأفةٌ وسخاءُ
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا
...............فالمجــــــد مما يدعون براءُ
والحربُ يبعثها القويُّ تجبُّراً
................وينوءُ تحت بلائها الضعفاءُ
كم من غزاةٍ للرسول كريمةٍ
...............فيها رضىً للحقِّ أو إعلاءُ
كانت لجند الله فيها شدةٌ
...............في إثرها للعالمين رخاءُ
ضربوا الضلالة ضربةً ذهبت بها
............فعلى الجهالة والضلال عفاءُ
دعموا على الحرب السلام وطالما
............حقنت دماءً في الزمان دماءُ
الحقُّ عرضُ الله كلُّ أبيةٍ
............بين النفوس حمىً له ووقاءُ
هل كان حول محمدٍ من قومه
.............إلا صبيٌّ واحـــــــــد ونساءُ؟
فدعا فلبى في القبائل عصبةٌ
...............مستضعفون قلائلٌ أنضاءُ
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى
............ما لا تردُّ الصخــــرةُ الصمّاءُ
والحقُّ والإيمان إن صبَّا على
...........برد ففيه كتيبةٌ خرســــــاءُ
نسفوا بناء الشرك، فهو خرائبٌ
.......واستأصلوا الأصنام فهي هباءُ
يمشون تغضي الأرضُ منهم هيبةً
..........وبهــــــم حيالَ نعيمها إغضاءُ
حتى إذا فتحت لهم أطرافها
...........لم يطغـــهم ترفٌ ولا نعماءُ
يا من له عزُّ الشفاعة وحدهُ
.........وهو المنزهُ ما له شــــفعاءُ
عرش القيامة أنت تحت لوائه
..........والحوضُ أنتَ حيالهُ السَّقاءُ
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم
............والصـالحات ذخائرٌ وجـــزاءُ
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى
.........وانشقَّ من خلقٍ عليك رداءُ؟
لي في مديحك يا رسولُ عرائسٌ
........تيمنَ فيك وشاقهنَّ جـــــلاءُ
هنَّ الحسانُ فإن قبلت تكرماً
...........فمهورهنَّ شفاعةٌ حسناءُ
أنت الذي نظمَ البريَّةَ دينُهُ
...........ماذا يقول وينظم الشعراءُ؟
المصلحون أصابعٌ جمعت يداً
.......هي أنت بل أنت اليدُ البيضاءُ
ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً
............ومن المديح تضرُّعٌ ودعاءُ
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمةٍ
.........في مثلها يلقى عليك رجاءُ
أدرى رسول الله أن نفوسهم
.........ثقةٌ ولا جمع القلوب صفاءُ
رقدوا، وغرهم نعيمٌ باطلٌ
..........ونعيمُ قومٍ في القُيود بلاءُ
ظلمُوا شريعتك التي نلنا بها
.........ما لم ينل في رومة الفقهاءُ
مشتِ الحضارة في سناهاواهتدى
........في الدِّين والدُّنيا بها السعداءُ
صلى عليك الله ما صحب الدُّجى
............حــــادٍ وحنَّت بالفلا وجناءُ
واستقبل الرضوان في غرفاتهم
.............بجنان عدنٍ آلك السُّمحاءُ
خيرُ الوسائل منْ يقع منهُم على
..........سبب إليك فحسبي الزهراءُ