المعلق
تعريفه:
في اللغة:
اسم مفعول من علق الشيء بالشيء، ومنه، وعليه بمعنى أناطه به، والعلق: التشبث بالشيء، يقال: علق الصيد في حبالته.
واصطلاحاً:
هو الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر، ولو إلى آخر الإسناد.
صور المعلق:
للحديث المعلق صور كثيرة، منها:
1. أن يحذف جميع السند مع إضافته لقائل.
كقول البخاري: وقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب القبر: "كان لا يستتر من بوله ".
وهذه الصورة لم يذكرها المزي تعليقا في الأطراف.
2. أن يحذف جميع السند مع عدم الإضافة إلى قائل.
كقول البخاري: "كانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل ، وكانت فقهيه ".
3. أن يحذف جميع السند إلا الصحابي.
كقول البخاري وقال أنس: "حسر النبي صلى الله عليه السلام عن فخذه ".
وهذه الصورة كالأولى لم يذكرها المزي في الأطراف تعليقاً.
4. أن يحذف جميع السند إلا الصحابي والتابعي.
كقول البخاري: وقال حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبزق في القبلة ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه ).
5. أن يحذف من حدثه ويضيفه إلى من فوقه.
كقول البخاري بعد أن ذكر حديث أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ).
قال: وقال غندر عن شعبة: "إذا أتى الخلاء ".
وليس من صيغ المعلق ما عزاه المصنف لشيخه بصيغة "قال "، بل حكمها حكم المعنعن، فيشترط للحكم باتصاله شيئان:
1. لقاء الراوي لمن روى عنه.
2. سلامته من التدليس.
ومثال ذلك: قول الإمام البخاري: وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال حدثني أبو عامر، أو أبو مالك الأشعري، والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ..) الحديث.
فلا التفات إلى زعم أبي محمد بن حزم الظاهري أن الحديث منقطع فيما بين البخاري وهشام، وجعل حكمه بانقطاعه جواباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف، وأخطأ في ذلك من وجوه. والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح، لأن البخاري قد لقي هشاماً وحدث عنه بأحاديث، ولم يصف البخاري أحد بالتدليس. بل هو من أبعد خلق الله عن التدليس.
حكم المعلق:
الحديث المعلق ضعيف، لأنه فقد شرطاً من شروط القبول، وهو اتصال السند بحذف راو أو أكثر من أول إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف.
المعلقات التي في صحيح البخاري ومسلم على أحوال:
الحالة الأولى: ما كان معلقا وجاء موصولا في الكتاب نفسه، وهذا هو الكثير الغالب على معلقات الصحيحين.
وحكمها حكم الأحاديث الموصولة في الصححين.
وسبب التعليق: أنه كثيرا ما يحتاج إلى تكرار الحديث لتعدد ما يستفاد منه من أحكام، فمتى احتاج إلى التكرار لجأ إلى الاختصار ، فعلق الإسناد خشية التطويل، ويندر جدا أن يكرر حديثا بسنده ومتنه.
الحالة الثانية: ما لم يوجد إلا معلقا، إذ لم يوصل في موضع آخر من الكتاب، وهذه لا تخلو من صورتين:
الصورة الأولى: أن يصدر الحديث المعلق بصيغة الجزم، مثل: قال، وروى، وأمر، وذكر، وحكى، فهذه الصيغة يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه، لكن يبقى النظر فيمن أبرز من الرجال، فمنهم من هو على شرط الصحيح، ومنهم من قد لا يلتحق بشرطه، أما ما كان على شرطه فلا غبار عليه، وأما ما لا يلتحق بشرطه، فقد يكون صحيحا على شرط غيره، وقد يكون حسناً صالحاً للحجة، وقد يكون ضعيفاً لا من جهة قدح في رجاله، بل من جهة انقطاع يسير في إسناده.
الصورة الثانية: أن يصدر الحديث المعلق بصيغة التمريض، مثل: روي، أو يروى، أو يذكر، أو في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم وما أشبهها، فهذه الصيغة لا يستفاد منها الصحة ولا الضعف، ففيها ما هو صحيح على شرط الصحيح، وفيها ما هو صحيح ليس على شرطه، وفيها ما هو حسن، وفيها ما هو ضعيف، قال ابن الصلاح: "ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه ".
وقال الحافظ ابن حجر: "الضعيف الذي لا عاضد له في الكتاب قليل جداً، وحيث يقع ذلك فيه يتعقبه المصنف بالتضعيف ".
ومثال ذلك: قول البخاري: ويذكر عن أبي هريرة رفعه: "لا يتطوع الإمام في مكانه " ولم يصح ".
وطريق معرفة الصحيح من غيره من هذه المعلقات هو البحث عن إسناد الحديث والحكم عليه بما يليق به، وقد تولى ذلك بالنسبة لصحيح البخاري الحافظ ابن حجر في كتابيه العظيمين: فتح الباري، وتغليق التعليق، فجزاه الله خيرا