إنّ الإنفاق المالي من أهم الركائز التي أكدت عليها الشريعة الإسلامية وجعلت تقدم المجتمع الإسلامي يرتبط بهذا الإنفاق وضاعفت الأجر لمن ينفق في سبيل الله، قال تعالى: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ }. وعندما نرجع إلى روايات أهل البيت عليهم السلام ، نجدها تحض على البذل وتؤكد على جانب السخاء والكرم في الإنفاق في سبيل الله الذي لا يعني البذل للفقراء والمعوزين فقط ،بل يشمل كُل مُفردة من المفردات التي يحتاج إليها المجتمع في تقدمه ونموه المُطّرد، يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: ‹‹ليكن نظركم عِبراً وصمتكم فكراً وقولكم ذكراً وطبيعتكم السخاء فإنه لا يدخل الجنة بخيل ولا يدخل النار سخي››، فالله تعالى حرم النار على الإنسان الكريم السخي، وورد عن الإمام الصادق عليه السلام في التوكيد الشديد على هذا الأمر في قوله: ‹‹شابٌ سخيٌ مُرهقٌ في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل››، ويقول صلى الله عليه وآله: ‹‹ما مَحَقَ الإيمان محق الشح شيء››، أي لا شيء يمحق الإيمان كالبخل والشح، ويقول أيضاً : ‹‹لم نُبعث لجمع المال ولكن بُعثنا لإنفاقه››، وهذا يبين الدقة المتناهية للنظرية الإسلامية تجاه المال التي تتبنى إنفاقه وبذله من خلال التشريعات التي جعلها الله من أجل حض المسلم على العطاء المالي في جميع المجالات الاقتصادية والصحية والثقافية والفكرية والاجتماعية ، وبالتالي يحقق الرقي والتكامل للفرد والمجتمع ، من جهة وينشر الأمن والاطمئنان من جهة أخرى ، وهذا يوصلنا إلى دور الإنفاق في اجتثاث جذور الجريمة التي تنشأ من الفقر والعوز.