قد يلاحظ الواحد منا انه عندما يُخطئ الإمام أثناء قراءته في الصلاة ، فيبدل آية مكان آية ، وربما انتقل من سورة إلى أخرى للتشابه بينهما ، وربما توقف نهائياً عن القراءة لنسيانه يحدث لغطا وتسمع أصوات من يفتحون علي الإمام قد اختلطت وقد تسمع من يقول سبحان الله فأحببت أن نتذاكر أحكام الفتح علي الإمام ( ومن له مزيد بيانا فليتحفنا به )
1 / التعريف
الفتح في اللغة نقيض الإغلاق ، يقال : فتح الباب يفتحه فتحا : أزال غلقه . والإمام كل من يقتدي به . والفتح على الإمام في الاصطلاح هو : تلقين المأموم الإمام الآية عند التوقف فيها
2 / أقسام الفتح
ينقسم الفتح إلى قسمين :
الأول / الفتح الواجب:
وهو الفتح فيما يبطل تعمده الصلاة ، كما لو زاد ركعة في الصلاة ، أو لحن لحناً يحيل المعنى في الفاتحة ونحو ذلك وذلك من باب ( مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب )
الثاني / الفتح المستحب:
وهو ما يفوت كمالاً، كما لو نسي أن يقرأ سورة بعد الفاتحة، أو أخطأ خطئاً في قراءة سورة أو آيات.
وهنا ينبغي التنبيه على من يفتح على الإمام، ليعلم أن الفتح على الإمام مستحب وليس بواجب إلا في الفاتحة فقط، لأنها ركن، لا تتم الصلاة إلا بها.عن المسور بن يزيد الأسدي قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة ، فترك شيئاً لم يقرأه ، فقال له رجل : يا رسول الله ! تركت آية كذا وكذا ، قال : " فهلا أذكرتمونيها " [ أخرجه ابن حبان ، وحسنه الألباني في التعليقات الحسان 4/89 ] .
وفي رواية أخرى : " شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة ، فتعايا في آية ، فقال رجل : يا رسول الله ! إنك تركت آية كذا؟ قال : " فهلا أذكرتنيها ؟ " قال : ظننت أنها نُسخت ، قال : " فإنها لم تُنسخ " [ أخرجه ابن حبان وهو حديث حسن ، المصدر السابق ] .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة ، فالتبس عليه ، فلما فرغ قال لأُبي : " أشهدت معنا ؟ " قال: نعم، قال: " فما منعك أن تفتحها علي ؟ " [ أخرجه أبو داود وابن حبان وصححه الألباني ، المصدر السابق ] .
وورد حديث يدل على عدم الفتح على الإمام ، من حديث على ابن أبي طالب مرفوعاً : " يا علي لا تفتح على الإمام في الصلاة " [ أخرجه أبو داود وهو حديث ضعيف ، لا يناهض الأحاديث الصحيحة ، أنظر هامش صحيح ابن حبان 6/15 ] .
3 /آراء العلماء في حكم الفتح علي الإمام
واختلف العلماء في حكم الفتح على الإمام إلى قولين :
القول الأول / الجواز:
وقال به : عثمان ابن عفان ، وابن عمر رضي الله عنهما ، وكذلك ، هو قول : عطاء والحسن وابن سيرين ، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق .
القول الثاني / الكراهة :
وقال بهذا القول : ابن مسعود رضي الله عنه ، والشعبي وسفيان الثوري ، وأبو حنيفة .
والصحيح أن الفتح على الإمام في الفاتحة واجب ، وفي غيرها مستحب [ حاشية الروض لابن قاسم 2/105 ، حاشية الروض للطيار ومن معه 2/363 ، حاشية ابن حبان 6/15 ، نيل الأوطار 2/328 ، عون المعبود 3/123 ، معالم السنن 1/186 ، المجموع 4/134، 136 ، مصنف عبد الرزاق 2/141 ] .
4 / متى يفتح المأموم على الإمام ؟
يفتح المأموم على إمامه في الحالات التالية :
1- إذا أخطأ في سورة الفاتحة ، لأنها ركن لا تتم الصلاة إلا بها .
2- إذا توقف في القراءة ، ولم يستطع أن يُكمل .
3- إذا غير ترتيب القراءة بحيث يفسد المعنى أو الاعتقاد ، كأن يخلط آية عذاب ، بآية رحمة ، كمن أبدل قول الله تعالى : " والكافرون هم الظالمون " بقوله : " والمؤمنون هم الظالمون " ونحو ذلك .
5 / من آداب الفتح علي الإمام
أ /أن يكون الفتح علي الإمام من الأقرب في الصفوف يقول الشيخ محمد علي فركوس ( ثم اعلم أن أحق الناس بالصف الأول مما يلي الإمام مباشرة أولوا الأحلام والنهي من أهل العقل والدين والعلم والرشاد لقوله صلي الله عليه وسلم (ليليني منكم أولوا الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وإياكم وهيشات الأسواق ) (صححه الألباني ) قال النووي (في هذا الحديث تقديم الأفضل إلي الإمام لأنه أولي بالإكرام ولأنه ربما احتاج الإمام إلي استخلاف فيكون هو أولي ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام علي السهو لما لا يتفطن غيره وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس ويقتدي بأفعالهم من وراءهم ) شرح مسلم للنووي (4/155 ) ) أ.هـ
ب / ويقول الشيخ محمد علي فركوس كذلك ( والأصل في الصلاة الخشوع وتحريم الكلام إلا للحاجة وإذا تحقق صحة الصلاة أو كمالها بالفتح علي الإمام بالواحد فلا يجوز ازدحام أصوات المصلين واجتماعهم عليه بالفتح والتصحيح والتذكير والقريب من الإمام يغني عن البعيد فان لم يفتح القريب علي الإمام في فاتحة الكتاب وجب علي البعيد ولو بمد الصوت أما في غير فاتحة الكتاب فلا يصلح للبعيد الفتح والتصحيح إذا كان الإمام يعسر عليه فهم ما صحح له لما فيه من الكلفة والاضطراب وللإمام في هذه الحالة أن يركع بما قرأه في غير الفاتحة لاستحباب إتمام قرأته وعدم وجوبها
ت / أن تكون نية من يفتح على الإمام تذكيره إذا نسي، أو تصحيح ما أخطأ فيه،ولا ينوي القراءة
ث / عدم المسارعة و المبادرة بالفتح على الإمام إذا سكت إلا إذا علم أن سكوته من أجل نسيان، وأما إذا سكت عند آية رحمة ليدعو، أو آية عذاب ليتعوذ فإنه لا يبادر، لحديث حذيفة قال )صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند
المائة، ثم مضى. فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها. ثم افتتح آل عمران فقرأها. يقرا مسترسلاً. إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ ) رواه مسلم
ج /وينبغي لمن يصحح آية يرى أن الإمام أخطأ فيها أن يتروي ولا يبادر بتصحيحها إلا إذا كان على ثقة من حفظه، ومخالفة الإمام للصواب فإن القرآن معظمه متشابه في اللفظ،
روي البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، وكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها. فقال لي: أرسله، ثم قال له: إقرأ فقرأ: قال: هكذا أنزلت. ثم قال لي: اقرأ. فقرأت. فقال: هكذا أنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فأقرأوا منه ما تيسر) ( متفق عليه)
وفي هذا الحديث من الفقه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر عمر على سكوته وقد سمع قراءة مخالفة لما تعلمه، ولم يرد على حكيم بن حزام حتى انتهى من صلاته، وأن كل حرف من القرآن كان ثابتاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قرئ به، ولا يجوز إنكاره على من قرأ به
د / وهناك من الأئمة من لو فتحت عليه لأصابته رهبة ، وكثر غلطه ، فهذا يُترك ، وبعد الصلاة يُذكر بما غلط فيه