الشخصية المسلمة والشخصية الإيجابية وجهان لعملة واحدة , وما زال المسلمون قديما وحديثا يقولون : "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" فالشخصية المتدينة لا تنفصل أبدا عن الإيجابية , بمعني أنه لا يمكن أن يكون الإنسان متعبِّدا وفي الوقت نفسه مُخلا بحياته العملية الطيبة
1- الشخصية الإيجابية لا تنظر إلى المواقف والأحداث على تنوعها بأنها حروب ومعارك
يجب الانتصار فيها دائما مهما كان المقابل والطرف الآخر أو الند والضد..
بل هي التي تكون كالقائد في السفينة حريص على سلامة جميع من فيها ،
ونجاحه يتأتى باستثمار كل إمكانياتها ليحقق هدف الوصول بنتاج مميز
يحسب للجميع وليس لأشخاص بعينهم ..
2- الشخصية الإيجابية تتعامل مع الحق على أنه وسيلة رائعة
لتعامل أفضل في إبراز الحقيقة ودفع الظلم ،
لا أن تجعله سلاحا سلبيا يلحق الضرر بالآخرين حتى وإن كانوا ظلمة ،
فحسن الخلق مقدم في كل حال .. وللأسف فبعض الناس تجد الحق معه
ويسلمه لغيره بأساليبه السلبية في التعامل ،
بل أن بعضهم يتفاخر باستخدام أساليب كرفع الصوت وغياب الحياء
أو استخدام الإعلام أو قوة القلم أو المنطق والخطابة وغيرها
كعناصر رئيسة في الإساءة للآخرين ويتم اللجوء إلى التزييف
وإخفاء جزء من الحقيقة بحجة إظهارها .. فيحيدون بهدفهم من مناصرين
للعدالة ودفع الظلم إلى ممارسته والإضرار بالغير ..
فيسعدون بأن الغير يخاف بطشهم ولسانهم والتعامل معهم ..
ويكفي هؤلاء أن نذكرهم بما ورد عن الحبيب المصطفى
في الصحيحين عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها :
أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه و سلم فلما رآه قال
( بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة ) .
فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه و سلم في وجهه وانبسط إليه
فلما انطلق الرجل قالت عائشة يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا
ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يا عائشة متى عهدتني فحاشا
إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره)
البخاري رقم الحديث 6032 ومسلم رقم الحديث 2591
3- النصر الحقيقي الذي تسعى إليه الشخصية الإيجابية الصلاح والإصلاح
نموذجها وقدوتها الرسول صلى الله عليه وسلم ويكفي هذا الموقف
للإشارة إلى دورها وأهدافها في الحياة ، فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ ( أَسْلِمْ )
فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ يَقُولُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) البخاري رقم الحديث 1356
4- الشخصية الإيجابية تركز على استبيان الحقائق وتجليتها والاستفادة منها ،
ولا تجعل جل همها إصدار الأحكام أو تصيد الأخطاء ، بل تستثمر كل موقف لبناء خبري
يساعد في انطلاقة جديدة مضيئة .. تتجنب الغوص في الأمور التي لا تعنيها
وقد تنقصها ولا تزيدها مستحضرة قول الحق سبحانه وتعالى :
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} سورة الإسراء (36) .
إنها شخصية توازن معادلتها بدقة فلا تأخذها في الله لومة لائم ..
تسعى لنشر الحق والأمر بالمعروف و إنكار المنكر وتغييره
بكافة الوسائل التي تكون بوسعها بحكمة بأساليب مقبولة
غير منفرة فهي تداري ولكنها أبدا لا تجامل ..
5- الشخصية الإيجابية لا تستند إلى النظام الجاهلي
ألا لا يجهلن أحد علينا ** فنجهل فوق جهل الجاهلينَ
تتعامل بأخلاقها ولا يكون تعاملها مع الآخرين بنظام الفعل وردة الفعل ..
نظام شعاره حسب تعاملك أعاملك ..
تتجاوز ذلك إلى تعامل بحسن الخلق تبتغي الأجر والجائزة من رب العبيد لا منهم .
عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة
لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه .)
سنن أبي داود رقم الحديث 4800 ( حسنه الألبانى ).
هذه بعض سمات الشخصية الإيجابية التي نرغبها ونسعى
لتبنيها فكرا وسلوكا ونمط حياة لتعامل مجتمعي أفضل
سحر عبد الرحمن محمود يوسف